|
قراءة في رواية رجال وكلاب لمصطفى لغتيري
زينب سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 2899 - 2010 / 1 / 26 - 23:34
المحور:
الادب والفن
كتاب الأسبوع: رجال وكلاب زينب سعيد إنها كتابة التجريب في حدودها القصوى، التي تلغي المسافة بين الكاتب والمتلقي
الكتابة بوح وسفر عبر محطات الذات لتعرية اللاشعور . هي اعتراف ضمني أمام البياض وتشييع لمكبوتات الذات لابدائها أمام الملأ، ألم يقول فرويد كل مبدع مريض بالعصاب لأنه يخطط إبداعه بحبر اللاشعور المترسب في اللاوعي، والذي لا يستطيع الاعتراف به أو مزاولته للضوابط الاجتماعية والقوانين الأخلاقية ،التي تحكم الذات، لذا فهو ينفلت من الرقابة ومن الأنا الأعلى إلى البياض ليمارس اعترافه الناصع وليحرره ابداعا، هذا ما تبديه رواية " رجال وكلاب" لكاتبها مصطفى لغتيري، الصادرة عن دار افريقيا الشرق لسنة 2007. التي تلغي المسافة الفاصلة بين الكاتب والقارئ وتدمج القارئ في الحكاية وسير المتن السردي، فالراوي هو البطل الذي يعاني من مرض نفساني جعل الناس يتجنبونه والفتيات ،لكنه وجد نفسه ، إنها لعنة البوح الصافي ولعنة الإبداع المتفوق على الرضى . حيث قرر الراوي البوح والكتابة والاعتراف للقارئ بكل ما مر به، وما عاشه من هزات اليقظة التي تقض مضجع نومه الهنيئ ،لتعيده أمه ، إلى سكينته وتتركه لوحدته وكوابيسه، إلى المعلم الفظ الذي يهز كيانه، إلى تفاصيل حياته وحبه للأنثى والكلب والانكباب على القراءة. وفي سير الحكاية يتوقف الكاتب بين الفينة والأخرى ليحث القارئ أو المتتبع لمسار الحكي، المتتبع لخطو الراوي لمشاركته وللسبر في أغوار الكلم ، حتى تتوطد علاقة الأخير بقارئه يعري عن اسراره وخباياه ويدعوه دعوة خاصة للاحتفاء بهمومه.ويعاود عودته للحكي، هذا مع العودة إلى علم النفس الذي يستخلص منه زاده، وكأن الكاتب يكرر تاريخ جده الذي كانت علاقته بكلبه علاقة جد خاصة، الكلب الذي أصيب بالسعار ولشدة ارتباط الأخير به قرر عدم تركه ومواصلة العناية به، وبهروب الكلب انهار الجد وتدهورت حالته لينكمش على نفسه ويختار الموت نافذة للراحة، بعدما وجدته ابنته جثة هامده مكان الكلب وحول عنقه حبل. المشهد يتكرر مع الراوي الذي أحب جروا وكان يطيل البقاء معه. الى يوم أخذه منه الأب ورماه بعيدا. ورغم هذا عاود الراوي العودة الىالجرو الذي أصبح كلبا ناضجا، والذي بدأت تبدو عليه قسمات السعار. الا أن الراوي وعى مشاهد تاريخه وبيت نية قتله، واعترف لقارئه بنواياه المبيتة تجاه كلبه. إنها كتابة التجريب في حدودها القصوى، التي تلغي المسافة بين الكاتب والمتلقي وتشابك بين الأمكنة والأزمنة وتثقل مسير الحكي بالتوقف وجنون إقحام الأخر من العالم الخارجي، إقحام المتلقي بين ثقوب التفاصيل. يقول الكاتب : اسمح لي- قارئي المفترض- أن إليك، لنفكر سويا فيما يحدث. فكما تلاحظ إن طفولتي تميزت بأنواع من الأحداث، فما يمكن استنتاجه من خلال تتبعها، أن هذا الطفل الذي كنته، لم ينعم بالاستقرار في حياته، وهذا يحول دون تحقيق توازنه النفسي، لكن هل نستطيع الجزم بأن ما وقع لي في بداية الحكاية يمكن تفسيره على ضوء هذه الاحداث؟
#زينب_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
RT العربية توقع اتفاقات تعاون مع وكالتي -بترا- و-عمون- في ال
...
-
جامع دجينغاربير.. تحفة تمبكتو ذات السبعة قرون
-
حملة ترامب تطالب بوقف عرض فيلم -ذي أبرنتيس- وتتهم صانعيه بال
...
-
ذكريات يسرا في مهرجان كان السينمائي
-
فنانو مسرح ماريوبول يتلقون دورات تدريبية في موسكو
-
محاكمة ترامب.. -الجلسة سرية- في قضية شراء صمت الممثلة الإباح
...
-
دائرة الثقافة والإعلام الحزبي تعقد ندوة سياسية في ذكرى النكب
...
-
كراسنويارسك الروسية تستضيف مهرجان -البطل- الدولي لأفلام الأط
...
-
كيت بلانشيت تدعو السينمائيين للاهتمام بقصص اللاجئين -المذهلة
...
-
المتسابقة الإسرائيلية في مسابقة -يوروفيجن- ترفض عرضا من وزار
...
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|