|
ذهب مع الريح
محمد سنجر
الحوار المتمدن-العدد: 2854 - 2009 / 12 / 10 - 21:43
المحور:
الادب والفن
تك ، تك ، تك ،
الثالثة بعد منتصف إحدى ليال الشتاء الطويلة ، قشعريرة تتسرب بجسدي الهزيل ، أصوات قطرات المطر تنقر زجاج نافذتي الوحيدة ، تناديني ، أحاول العودة إلى سباتي العميق ، تزداد النقرات حدة ، تتوغل إلى أبواب قلبي التي أوصدتها منذ سنين ، تنتشل حنين الذكرى الغارق تحت صخور النسيان ، أنظر إلى الساعة المصلوبة فوق جدار الأحزان ، أتطلع إلى عقاربها ، ما زالت تسير بنفس الاتجاه ، تلدغني بغتة ، أفيق من غفلتي ، أزيح طبقات الأغطية الصوفية التي تراكمت فوقي ، استجمع ما تبقى من إقدام شباب ولى ، أذهب إليها ، أنزلها من مكانها ، أليس في الإمكان استعادة ما فات ؟ أنتزع غطاءها الزجاجي ، أهم بتحريك عقاربها في الاتجاه المعاكس ، تأبى التحرك ، أدفعها عنوة بإصبعي ، تتجاوب أخيرا لرغبتي ، أدور بها و أدور ، و أدور ، أسمع أنات الألم بداخلها ، أبقى في غيي القديم ، تتزايد الأنات ، تتحول إلى صرخات ، لا فائدة ، لا بد من طريقة ما ، تأخذني دوامة الإصرار ، تتداعي الصرخات بداخلي تحاول الإفلات ، تنطلق ) ـ ألم يحن بعد وقت عودتكم للوراء ؟ ( تتردد صرخاتي بين طرقات الصمت ، تتلاشى رويدا رويدا ، فجأة ، تنخلع العقارب من مكانها ، تتأوه الساعة متحشرجة بين كفي ، تتوقف دقات قلبها ، استصرخها ) ـ لا ، لا ..... ( أعود محاولا تثبيتها مرة أخرى ، لعلي أصلح ما أفسدت ) ـ بالله عليك عودي مرة أخرى للحياة ، استيقظي ، أرجوك لا تتركيني أنت أيضا .... ( تتساقط دموعي الدافئة ، تغرقها ) ـ أرجوك ، أرجوك ، أنت آخر ما تبقى من هدايا ، لم يبق لي غيرك ، ( أهزها بين كفي ، و أهزها ، أقربها لأذني ، تتوالى موجات الصمت ، أضعها جانبا ، أذهب للنافذة التي أسدلت عليها الأحزان ستائرها ، أفضها ، تتساقط أمطار دموع الأسى ، أتطلع إلى السماء ، استبين وجهها القمري ، وحيد خلف هذه التراكمات من السحب الرمادية الكثيفة ، أرتد خائب الرجاء ، أرى المصابيح الشاحبة مشنوقة فوق الأعمدة في صمت ، ضوءها يصبغ الشوارع باصفرار حزن عميق ، البيوت الثكلى تصطف على الجانبين في سكون مهيب ، تنتظر عودة من رحلوا دون وداع ، لملموا ما تبقى من ابتسامات فوق الشفاه و ذهبوا ، أخذت براءة ضحكاتهم تتوارى خلف الجبال العالية ، و بقينا في انتظار عودتهم كل مساء ، نخرج إلى الطرقات ، آملين إشراق الأزاهير بقلوبنا ، نبحث عن بقايا الفرحة التي غرسوها بضفافنا ، ننتظر و ننتظر ، ساعات مرت و ساعات ، تنسج الأيام بانتظارنا السنوات ، تتوالى زخات المطر لإزاحة هذا الألم المتراكم فوق الجدران ، علها تطفئ حرقة الأشواق ، تتراقص الصورة بعيني ، اغرورقت البيوت و الطرقات ، تفور التأوهات بصدري ، أبخرة أنفاسي الحارة أسدلت الضباب على المشهد ، أسمع صوت يقول ) ـ كفاك ، بالله عليك كفى ، فالرياح التي مرت مرة من هنا ، لن تعــــــود ، و من ذهب هناك ، أبدا لن يعــــــود ، لن يعـــــــــــود ، لن يعـــــــــــــــــــــود ..................
#محمد_سنجر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرقص على إيقاع كلمات سبارتكوس الأخيرة
-
جيفارا الذي لا يعرفه أحد ( دقات بقلم : محمد سنجر )
المزيد.....
-
بعد أنباء -إصابته بالسرطان-.. مدير أعمال الفنان محمد عبده يك
...
-
شارك بـ-تيتانيك- و-سيد الخواتم-.. رحيل الممثل البريطاني برنا
...
-
برنامج -عن السينما- يعود إلى منصة الجزيرة 360
-
مسلسل المتوحش الحلقه 32 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
-الكتابة البصرية في الفن المعاصر-كتاب جديد للمغربي شرف الدين
...
-
معرض الرباط للنشر والكتاب ينطلق الخميس و-يونيسكو-ضيف شرف
-
865 ألف جنيه في 24 ساعة.. فيلم شقو يحقق أعلى إيرادات بطولة ع
...
-
-شفرة الموحدين- سر صمود بنايات تاريخية في وجه زلزال الحوز
-
من هو الشاعر والأمير السعودي بدر بن عبد المحسن؟
-
الحلقة 23 من مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة الثالثة والعشرو
...
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|