بديع الآلوسي
الحوار المتمدن-العدد: 2818 - 2009 / 11 / 2 - 11:06
المحور:
الادب والفن
الشمس الهاجعة تغفو معانقة ً تلال النرجس / ورود الزينه كانت نائمة ً بخدر تحت ظلال الزيتونة الهرمه /القديسه الغارقة بالورع تذكرت ان كلبها لم يأكل اليوم أيضآ / نسائم الحزن تحف المكان بفاجعه الاسى والموت / خاطبت كلبها بوداعه حزينه مذكره اياه بالقول : الزمن يمر ، نريد ذلك أم لانريد , ها نحن في اليوم الثالث على رحيل ( ذات القلب الذهبي )/ عبر الكلب عن انزعاجه بالنباح / بادرت بالقول :أطمأن سينتهي أضرابنا عن الطعام غدا ً/ بقيت تنظر الى التلال التي بدت حزينه رغم الاصيل الذي يتسربلها / مرق من امام شباك دارها شبح طفلة ارادت الحديث معها / لكن مزاج القديسه لم يكن متحفزا ً للثرثره وخاصةً في يوم كهذا / رغم كل ذلك ظلت تتعاطف مع كلبها الذي عضه الجوع وطبعت روحه بالعداء / كاد أن يعضها / انحرفت عنه صارخةً: ألا تعلم كم احب صديقتي ؟ / ....
بروده وغروب الشمس دفعها ان تقرر الذهاب الى المقبرة / لتاخذ عصا التوكأ وتترك كل شيء / مرددهً :عليُ ان ابوح لها بالسر/ راحت تطوي الارض بعجاله أول ألأمر ...
. طوال الطريق وهي تتعثر بالأحجار والافكارالمتعكرة / هل يمكن ان ننسى اصدقاءنا لأنهم ماتوا ؟ / قالت لكلبها : انت لا تعلم أني و( ذات القلب الذهبي) اخترنا طريق الخلاص والتقوى سويهً / كانت بصعوبه تجمع افكارها / تذكرت امها التي هددتها يوما بعدم اعطائها حقها في الميراث ان لم تتزوج وتنجب كباقي خلق الله /آه يا أمي اني على قناعه كامله ان الله الذي في الاعالي اختار لي الطريق ألأمثل / اخذت قسطآ من الراحه لتتنفس الصعداء / مرق امام عينيها صوره اخيها الذي ابتلعته حروب السنين العشره / فجأة ً اخذتها العبرات / ربي انت أعلم كم كان أنسانآ شفافا ً / لماذا اذن كان الموت حظه في مقتبل العمر / هذة المرة الاؤلى التي تعترض القديسه على قضاء الله /الطريق مملل حتى مقبره(الأرمن ) / أنصرفت القديسه بجمع الورود التي تناثرت على محاذات الطريق / الكلب الجائع لم يرفع رأسه من أرض / بدى التعب عليها لكنها اثرت ألمواصله / كانت غارقه في تساؤلات كثيرة منها: ما الذي يدفعني ان اقوم بهذة الرحلة ؟ , اليس افضل لو اجلت كل ذلك الى الغد؟ /هدوء موحش يقرض المكان/ راحت تهمهم بصوت خفيض ما ستنوي قوله لصديقتها / حين أصل القبر عليَ أن لا أنسىأن أقول لها : أني شملت بالرعاية كل ورودها النادرة / ستفرح حتما لأني لم أهمل أعز شيء لديها / / منذ ثلاث ايام والقديسة لم يبارحها التساؤل التالي : هل ألأيام الاولى موحشة في القبر ؟ / لتخاطب كلبها بنبرة التردد : الموتى الأنقياء يتكلمون , ستصلني كلماتها حتما ً / راحت تجمع الورود البيضاء التي انتشرت على حافات الطريق / كان يبدوا ان كلبها اكثر نشاطا منها / كانت تجر خطواتها بتثاقل واضح / مشاعرها تزداد اضطرابا كلما اقتربت من القبر / بصوت واهن قالت : اكلني الحزن يا صاحبتي وطعنني الخوف بالارق , فراقك ترك فراغا اكثر مما تتوقعي , / بدا النسيم اكثر علالةً ولون السماء غطيً بشفق دامي / دخلت المقبرة الجرداء , كانت القبور كالحة متناثرة / اختلط دماء الأطهار والاشرار ها هنا / تسللت برويه الى هدفها / لتعاود امها استفزازها , حتما يا أمي ستقولين : سوف لن تجدي من يزور قبرك / لا تحزني يا امي : أن (( الأب ذو العينين البلوريتين)) سوف لم ينسَ الحساء الذي افعله له , تقولين ينسى؟, اذن اعلمي انه لم ينسى الليالي الشتائية ونحن نثرثر سويآ امام الموقد . .
الليل بدأ ياكل أطراف النهار / آه كم انا غبيه , كيف نسيت ان اجلب معي الانجيل لأقرأ لك بعض المقاطع التي تحبينها / لتستدرك القول : لاتهتمي يا عزيزتي ساقرأ لك بصوتي ماتحبين / رسمت بالورد الأبيض شكل الصليب على القبر / رددت صلاتها بخشوع / ورمت رأسها المثقل بالمواجع والأكتآب على دكة أ لضريح / أحست بان رأسها ألمَ به الخد ر , وان سائلآ له رائحة الدم بدأ يسيل من انفها / لم تعر لكل ذلك اهتماما ً , لم تفتح عينيها / وأجهشت ببكاء فيه تباريح الشوق / حاولت ان تركز , رات أولآ نقطة بيضاء متحولة الى ضوء ينبعث من القبر أشبه بالحلم الغامض المعالم / لترى طريقا ً وعرا ً ودربا ً عثرا ً / ليتلاشى الزمن وينفرط / لتغرق في طنين الذكرى / لتدخل مرحلة الهذيان اللذيذ / غمرها شعور شفاف انها التحمت بصديقتها بصورة أكثر حميمية / لتفتح عيناها لترى النجوم قد غطت قبة السماء / لتأخذها الدهشه : آه ربي , لماذا الزمن ينفرط حين نكون مع الأحبه ؟ / حين عادت الى كامل وعيها , أخذها الهلع متسائلة: يا للهول كيف ساعود الى البيت ؟ / وحين عادت نفسها الى قرار الطمأنينه , تساءلت : ولماذا العودة الى البيت ؟, سأقضي الليل ها هنا , اثرثر معكِ ( يا ذات القلب الذهبي ) عن أمور كثيرة كنت أخاف البوح بها حين كنا سعداء معا ً.
#بديع_الآلوسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟