|
ضيوف خريفية
شيركو بيكه س
الحوار المتمدن-العدد: 2802 - 2009 / 10 / 17 - 22:21
المحور:
الادب والفن
في الخريف
رأيتُ الضوء في النهر
وقد تدثّر بالأوراق الذابلة من البرد.
في الخريف
رأيت أشجاراً هائمة
تنتظر ليلة مقمرة
مرتجفة في الماء.
**
جعل الخريف من لياليه الطويلة
سجلاً للحكايات
ثمّ.. حين كان يجلس متقرفصاً في الضباب ليلاً
يفتح السجّل
ويختار لكل ليلة حكاية من حكايات الرحيل و الغدر
و يقرأها لأطفال "انفال" ذلك السهل!
**
ثمة زوبعة خريفية في سهل ما
وغبار
تدخل قشة في عين الباز
لحظة يريد أن يحطّ
كي يمسك دُرّاجاً ما
تشل القشة من قدرة الباز
و ينجو الدُرّاج من الموت!
**
الريح تنحني للخريف
باحترام
الخريف ينحني للعاشق
باحترام
العاشق للعشق
العشق للخيال
والخيال لي
وأنا للشعر!
**
ذات يوم في الخريف
جعلت من رأسي غربالاً
وغربلت الحقّ
أتيت بألوان المرأة
و ألوان الرجل
و مزجتها معاً بالتساوي
وغربلتها
دارت رأسي ودارت
ثمّ ما تساقط منه
أخذه الرجل و أكله الرجل
وما بقي من الرأس وفي الغربال
كان من نصيب المرأة!
** هذا الخريف روائي عبثي
كل مرة حين ينهي فصلاً أو فصلين أو ثلاثة
من روايته
ينفعل فجأة في منتصف ليلة ما
ويرمي بها بعيداً
ثمّ يمزقها صفحة بصفحة
و يطلقها للريح
انظر الى ذاك السهل
إلى الخيال المنثال
و اوراق الكلمات المرتشعة
و صفحات الانفاس الممزقة
ومقاطع الظلّ
وعبارات مجمَّدة
كلها مذوية و و متساقطة
انظر إلى ذاك السهل
-29-
أنا شخص واحد بظلّين
لي جسد واحد وظلّين
إن غيمّت السماء و تساقطت الأمطار..
ولاذت أشعة الشمس بالفرار
ونام الشوق و الفانوس
و أفِل القمر
غادرنى أحد الظلين
كأفراحي
بخطى حثيثة!
لكن ثانيهما
لايتركني أبداً
لا في ظُلمة غرفتي
ولا تحت الثلوج و الأمطار
لا في الأيوان و امام المرآة
ولا في أي مكان آخر
إنه ظل ملتصق بجلدي، بشعري
بصوتي ولونى
إنه ظل يراقب ظلي الأول
وجسدي دائماً
أنا الخريف الأزلي لهذا الوطن
أنا إمرأة واحدة بظلّين
لي جسد واحد و ظلين
أحدهما يغيب بين فينة و أُخرى
ولكن ثانيهما لايتركني ابداً
لا يتخلّى عن صوتي
لا يتخلّى عن لوني و رأسي
لا يتخلّى عن وجودي
هذا الظّل الرجل! **
هذه قصة قصيرة
القبعة الموجودة على رأس القبّرة
ليست لها!
ماحدث كان منذ زمن بعيد..
في يوم خريفي قارس..
كانت القبّرة تطير و تطير متخدّرة الرأس
وريح حثيثة متربّصة تطاردها
فسارعت لنجدتها شجرة بلوط
ودانتها قبعّة لأيام
فلبستها
ولكنها لم تنزعها
ولم تفي بدينها للبلوط أبداً.
**
ذوت ورقة.. فذوت ورائها إصبع
ذوت إصبع.. فذوت ورائها قصيدة
ولمّا ذوت القصيدة.. ذوى ورائها عشق
حينما جفّ عشق ما
جفّ معه موسم
عامَ جفّ أحدُ مواسمي
جفت معه مدينة.
وفي مأتم المدينة
بكى بلد معها
وفي فاجعة البلد
كان صدى العالم ورائها
وحين حلّق صدى العالم عالياً
سقط وابل كون ورائها
فبكى الربّ أيضاّ
**
كنت جالساً على أحد كراسي الخريف
حرّك الجدول الصافي
المتلفع بأشعة الشمس
مشاعر عدّة أوراق
بطرف عينه خلسةً
فخطف قلوبهن
و جعلهن يرقصن
رأيتهُن:
سقطن فيه واحدة تلو الأخرى.
ترجمة: آزاد برزنجي
#شيركو_بيكه_س (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
بورتريه دموي لـ تشارلز الثالث يثير جدلا عاما
-
-الحرب أولها الكلام-.. اللغة السودانية في ظلامية الخطاب الشع
...
-
الجائزة الكبرى في مهرجان كان السينمائي.. ما حكايتها؟
-
-موسكو الشرقية-.. كيف أصبحت هاربن الروسية صينية؟
-
-جَنين جِنين- يفتتح فعاليات -النكبة سرديةٌ سينمائية-
-
السفارة الروسية في بكين تشهد إزاحة الستار عن تمثالي الكاتبين
...
-
الخارجية الروسية: القوات المسلحة الأوكرانية تستخدم المنشآت ا
...
-
تولى التأليف والإخراج والإنتاج والتصوير.. هل نجح زاك سنايدر
...
-
كيف تحمي أعمالك الفنية من الذكاء الاصطناعي
-
المخرج الأمريكي كوبولا يطمح إلى الظفر بسعفة ذهبية ثالثة عبر
...
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|