أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد عبد الفتاح عليوة - إذا صلحت العين صلحت سواقيها














المزيد.....

إذا صلحت العين صلحت سواقيها


محمد عبد الفتاح عليوة

الحوار المتمدن-العدد: 2733 - 2009 / 8 / 9 - 00:43
المحور: حقوق الانسان
    


لقد استشرى الفساد في كل نواحي الحياة في وطننا العربي على اختلاف في الدرجات والمظاهر بين دولة وأخرى، وهذا مما يكمد النفوس ويملأها بالحسرة والغيظ ، إلا أن الأكثر كمدا وغيظا خاصة للمنشغلين بالهم العام، هو عملية التغييب العقلي للشعوب؛ حتى غفلوا عن الأسباب الحقيقية للفساد، وباتوا يلعن بعضهم بعضا، في سلبية مقيتة وبلاهة لا يحسدون عليها .

وإذا حثثتهم على الحركة والعمل والوقوف في وجه المفسدين الكبار قبل الصغار، قالوا لك: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وكأن هذه الآية أصبحت تكأة عندهم للسلبية والجمود، والتنصل من تبعة التغيير وضريبة الإصلاح، ونسوا أو تناسوا أن تغيير النفوس يبدأ بتطهيرها من الجبن والخور والذل والمهانة، ومواجهة الحقيقة التي نتعامى عنها ..الحقيقة هي أن أصل الفساد هم الحكام، وأصل البلاء هو الاستبداد السياسي، وأساس الإصلاح هو الإصلاح السياسي، وتغيير الأنظمة قبل كل شيء.

يقولون لك: وهل يستطيع الحاكم أن يراقب كل مواطن؟ أو يجعل خلف كل موظف حارس يمنعه من الفساد والرشوة واستغلال النفوذ والمحسوبية والتربح الغير مشروع .
أقول لهم: هو حقا لا يستطيع ذلك لاستحالته، ولكن يستطيع أن يمنع نفسه، فإذا امتنعت، امتنع الناس.
وقديما قالت الحكماء: الناس تبع لإمامهم في الخير والشر.
ومن أمثالهم في هذا قولهم: إذا صلحت العين صلحت سواقيها.

ولما أوتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بتاج كسرى وسواريه قال: إن الذي أدى هذا لأمين، قال له رجل: يا أمير المؤمنين أنت أمين الله، يؤدن إليك ما أديت إلى الله تعالى، فإذا رتعت رتعوا .
واطلع مروان بن الحكم على ضيعة له بالغوطة، فأنكر منها شيئا، فقال لوكيله: ويحك إني لأظنك تخونني، قال : أفتظن ذلك ولا تستيقنه؟ قال: وتفعله؟ قال: نعم، والله إني لأخونك، وإنك لتخون أمير المؤمنين، وإن أمير المؤمنين ليخون الله ،فلعن الله شر الثلاثة.

وهذا ابن الأثير، يسجل في موسوعته التاريخية (الكامل): كان الوليد بن عبد الملك -الخليفة الأموي- صاحب بناء، واتخاذ المصانع والضياع، فكان الناس يلتقون في زمانه فيسأل بعضهم بعضا عن البناء. وكان سليمان بن عبد الملك صاحب طعام ونكاح، فكان الناس يسأل بعضهم بعضا عن النكاح والطعام. وكان عمر بن عبد العزيز صاحب عبادة، فكان الناس يسأل بعضهم بعضها عن الخير: ما وِردُك الليلة؟ وكم تحفظ من القرآن؟ وكم تصوم من الشهر؟

وأنا أقول: الأنظمة الحاكمة في بلاد العرب تتربح من المال العام، وتقدم أهل الثقة لا الكفاءة، وتبيع الأوطان بأبخس الأثمان، وتسعى لتوريث الحكم لأبنائها، وتكدس الأموال والثروات في بنوك أوربا؛ فلا غرابة إذا أن تجد الرشوة، والفساد، والمحسوبية، وتوريث الوظائف لأبناء العاملين، ونهب المال العام، من القيم التي المعتادة في حياتنا اليومية.

يقول الأستاذ فهمي هويدى في كتابه (التدين المنقوص) :" إن ممارسات السلطة قد تبدو في ظاهرها جولات سياسية أو حسابات اقتصادية أو أهدافا تنموية تتعجل بلوغها بشكل أو آخر، وهذا حق، غير أن ذلك يظل فقط الوجه المرئي منها والمحسوس.
الوجه الآخر هو أن تلك الممارسات تشكل منهجا في تربية الجماهير من ناحية، ومدرسة تتخرج فيها كوادر السلطة المبثوثة في كل مكان من ناحية ثانية.
فإن وجدت بين الناس فضائل شاعت، أو رذائل ومعايب تفشت وذاعت ففتش عن الحكومة، ودقق فيما تقول وتفعل؛ حتما ستجد ذلك الحبل السري الذي يربط فيما بين الاثنين؛ حتى ليخيل إليك أنك بإزاء نهر واحد، السلطة منبعه والناس مصبه".
وقد صدق المثل " إذا صلحت العين صلحت سواقيها "



#محمد_عبد_الفتاح_عليوة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلمانيون المغفلون
- مصيبة موت العلماء بين الموت الحقيقي والموت المعنوي
- هل الدولة الإسلامية دولة مدنية؟
- الاستبداد وجريمة القتل العمد


المزيد.....




- الأونروا: تقييد وصول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مسألة حيا ...
- شهد زيادة بـ60 ألف شخص.. -الأونروا- تُقدر عدد الفارين من رفح ...
- -ارتكب جريمة تهدد الأمن الوطني-.. داخلية السعودية تعلن إعدام ...
- المملكة المتحدة.. اعتقال 3 أشخاص بتهمة -التعاون مع الاستخبار ...
- حصيلة المعتقلين الفلسطينيين بمناطق الضفة منذ 7 أكتوبر ترتفع ...
- شاهد: ترامب يصم المهاجرين الصينيين إلى الولايات المتحدة بـ-ا ...
- -الأونروا-: 360 ألف نازح من رفح خلال الأسبوع الماضي
- الجيش الإسرائيلي يشن حملة اقتحامات واعتقالات في عدة مناطق با ...
- يريفان.. اعتقال 113 متظاهرا طالبوا باستقالة باشينيان (فيديو) ...
- جورجيا.. اعتقال 20 متظاهرا احتجوا على -قانون العملاء الأجانب ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد عبد الفتاح عليوة - إذا صلحت العين صلحت سواقيها