أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شاكر الشيخ سلامه - الأسلمة ... والنصرانية / الجزء الأول















المزيد.....



الأسلمة ... والنصرانية / الجزء الأول


شاكر الشيخ سلامه

الحوار المتمدن-العدد: 2631 - 2009 / 4 / 29 - 07:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نحاول في مبحثنا هذا البحث عن حقيقة – رغم ليس هناك من يمتلك الحقيقة المطلقة – العلاقة بين الأسلمة المحمدية والنصرانية النوفلية ، رغم أن أسلمة محمد (ص) هي ليست اليوم الأسلمة التي دعا إليها محمد (ص) في بداية دعوته ، ولا نصرانية ورقة بن نوفل هي مسيحية اليوم المنتشرة بين الكثير من شعوب العالم ، حيث يوجد فرق شاسع بين أسلمة محمد (ص) في بداية دعوته وأسلمة اليوم التي انشطرت إلى العديد من الفرق والطوائف وأخذ التصارع الدموي بينها الصفة الغالبة عليها ، ومن جانب آخر بين نصرانية ورقة ومسيحية اليوم التي هي الأخرى انشطرت إلى العديد من الفرق والطوائف لتتصارع دمويا بينها كما حدث في ايرلندا وغيرها ، وهذه الفروقات الواسعة ما بين الأمس واليوم قد أظلت الكثير من الباحثين ومؤرخي الأديان ، لذا تلاحظ أن مؤرخوا الأسلمة اعتمدوا أساسا على ما جاء في كتب السير المحمدية وأخبارها المتناقلة من خلال العدد الكبير من الرواة ، والرواة منهم من صدق القول ومنهم ما أكذب ، أكذب أما لعدم درايته الكافية بحقيقة الحدث أو أكذب لأغراض سياسية وغيرها ، و مؤرخوا الأسلمة لم يتحققوا من مقصود الرواة وأهل الأخبار وما يرمون له من هدف ، ثم دققوا في النص المقدس والذي لم يتفق على تفسيره المفسرون ليومنا هذا ، ومنهم من يقول له تفسير ظاهري وآخر باطني وآخر يدعي أنه حمال أوجه عديدة ، وهم ليومنا هذا لم يتفقوا على الظاهري ، فكيف سيكون الحال مع الباطني ؟ وكذا الحال مع الحديث المحمدي ، وهو الأشد خلافا بينهم ، علما أن النص المقدس والحديث المحمدي ما يعنيه بالأمس لا ما يعنيه اليوم من مقصود ، وكذا الحال مع مؤرخوا النصرانية ، حيث تحققوا في النصرانية في كل أماكنها ما عدا المكان الذي احتجزت به في جزيرة العربان ، ولكي لا تختلط علينا الأمور لابد من تحديد فترة البحث والدراسة في العلاقة بين الأسلمة والنصرانية ، وهي الفترة التي أوشكت فيها النصرانية العربانية على الزوال والانقراض في أخر معقل لها وهي جزيرة العربان ، حين كان قسها العام المطلق عليها ورقة بن نوفل ، وظهور البوادر الأولى للأسلمة المحمدية ، سنحاول بتواضع البحث في شؤون هذه العلاقة والتي لم تأخذ ما تسحقه من بحث ودراسة من قبل الباحثين في شؤون الأديان ، من النادر أن تجد بحثا علميا يتناول هذه العلاقة وأسرارها وأهدافها ، ربما في يومنا هذا هناك من يتنكر لوجود مثل هذه العلاقة ، لكنه لا نعتقد يستطيع أن يتنكر لحقيقتها التاريخية ، وتجد مثل هذه التنكر متجذر في أدمغة الكثير من مفكروا الأسلمة المتطرفين بأفكارهم ، أن ما يسعون إليه الكثير من مفكروا الأسلمة والنصرانية من تقارب في يومنا هذا وفشلوا فيه ، كان قد تحقق بين محمد (ص) وورقة بن نوفل في الأمس ، وكان هذا التقارب من أهم أسباب نجاح الدعوة المحمدية ، من خلال إذابة الجزء الأهم من النصرانية واليهودية في أساس الأسلمة ، بحيث وظف محمد (ص) بذكاء كل الأديان السماوية وأنبيائها على إنها أسلمية المنشأ وما جاء بها الله إلا ليمهد لظهور الأسلمة المحمدية وليختم بها كل الأديان والرسل والأنبياء .
كان لمحمد (ص) وورقة بن نوفل لكل منهما دورا متميزا في إظهار الأسلمة المحمدية في جزيرة العربان ، حيث كما ورد في البعض من المصادر التاريخية أن ورقة كان قد علم ودرب ودرس علوم وتاريخية الأديان لمحمد (ص) بالإضافة إلى تثبيت وإرساء الركائز الأساسية للأسلمة ، فقد درس وسمع وتعلم محمد (ص) بجد ومثابرة وشيد البناء الجديد على ذلك الأساس كما تشهد به كتب التاريخ ومصادره ، كان ورقة قس جزيرة العربان كلها وهو ملكوت في علوم النصرانية والأديان الأخرى ، كان أستاذا بارع في تفاصيلها وأسرارها ، علم ودرب ودرس فتى ذكي ذو موهبة في الاستيعاب والحفظ ، من أصل عشائري لا عيب فيه ، بل كان من أصل هاشمي يفتخر به ، كان اختياره من قبل خديجة وورقة اختيار ذكي تطلب منهما التمعن والتحمص والتروي الدقيق منذ أن حملت به أمه .
بدأ ورقة أولا بترجمة كاملة وسهلة الفهم للكتب المقدسة للأديان السماوية إلى اللغة العربية وكتب تاريخية هذه الأديان ، ثم بدأ بتدريسها للفتى الهاشمي اليعربي المتميز بشدة ذكاءه وقدرته على الاستيعاب والحفظ ، ثم قام محمد (ص) بتبليغ هذه الكلمة العربانية وتلاها أولا على المجتمع المكي ، ثم على كل عربان الجزيرة ، فكلاهما قاما بعمل خالص لوجه الله سبحانه وتعالى من أجل أن يكون للأميين – العربان – إله واحد يعبدونه ونبي واحد يتبعونه وكتاب واحد يقرؤونه .
وكان محمد (ص) متميز بقدرة من الذكاء الوقاد بحيث يبدو لنا وكما أثبتت الحوادث إنه الأكثر ذكاء وفطنة من أستاذه ورقة بن نوفل ، فتفوق علية واستقل عنه بعدما اطمأن لثوابت ركائز دعوته ، شأنه شأن إي تلميذ يتفوق على أستاذه ، وشأن ورقة كشأن أي مربي فاضل وحكيم يفسح لتلميذه المبدع المجال والفرصة لإظهار عبقريته وحكمته في إدارة الأمور والقضايا كشخصية مستقلة لها كيانها المؤثر في المجتمع ، فكان ورقة لعمق خبرته وحكمته كان يتخفى وراء الستار المحمدي أمام نشاط وعنفوان محمد (ص) البارع في إداء الدور المكلف به ، وبقى يجاهد ويناضل على مسرح الحياة حتى كتب له التاريخ أجمل وأعظم الصفحات منذ ولادته إلى مماته ، ومن خلال دراسته عرف كيف يتصرف بحكمة بحيث تكون رسالته متلائمة ومنسجمة تماما مع عقلية المجتمع ألعرباني ومفاهيمه السائدة آنذاك .
إن الإيمان بقدرة الله العظيمة وبأنبيائه ورسله وكتبه السماوية ، وبقدرته على التحكم بملكه وخلقه بما يشاء ، لا يستدعي بالضرورة التنكر على أحد من البشر حريته في التفكير والبحث والدراسة عما يشاء ، أن الله سبحانه وتعالى لا يسلب كرامة الإنسان من أجل أن يحافظ على كرامته ، لذا نجده يترك التاريخ يسير بحريته ويترك الإنسان أن يتدبر أمره في التاريخ بحرية ليكتشف ما يتوافق مع عقله ، وهناك الكثير من النصوص المقدسة والأحاديث المحمدية تعترف بحق التفكير وخصوصية الرأي ، منها : لكم دينكم ولي ديني ، ولا إكراه في الدين ... الخ .
سنحاول التفصيل في دور وأثر النصرانية في التأسيس للأسلمة المحمدية ، وكيف لعبت دورا أساسيا ومهما في تقديم محمد بن عبد الله (ص) إلى المجتمع ألعرباني على إنه القادم الجديد والنبي المنتظر الذي طال انتظاره بشوق عظيم .
كان العربان في جزيرتهم الصحراوية وبالأخص في منطقة الحجاز وخلال الثلث الأخير من القرن السادس الميلادي ينتظرون القادم الجديد ومصريين على قدومه ، وخير من وصف هذا المخيال البشري ألذي كان سائدا في جزيرة العربان هو أبن هشام في سيرته المعروفة ، حيث قال : ( قال ابن إسحاق : وكانت الأحبار من يهود والرهبان من النصارى والكهان من العرب قد تحدثوا بأمر رسول الله (ص) قبل مبعثه لما تقارب زمانه ، أما الأحبار من يهود والرهبان من النصارى فعندما وجدوا في كتبهم من وصفة زمانه وما كان من عهد أنبيائهم إليهم فيه ، وأما الكهان من العرب فأتتهم به الشياطين من الجن فيما تسترق من السمع ، إذ كانت هي لا تحجب عن ذلك بالقذف بالنجوم ، وكان الكاهن والكاهنة لا يزال يقع منهما ذكر بعض أموره لا تلقى العرب لذلك فيه بالا حتى بعثه الله تعالى ووقعت تلك الأمور التي كانوا يذكرون فعرفوها ..... أبن هشام /ج1/ ص 211 ) .
وكان في المجتمع المكي آنذاك فئة أو مجموعة لها قدر من المعلوماتية وأكثرهم تعمقا ودراية في الفكر وأصول وتاريخ الأديان ( نخبة مثقفي المجتمع - الأنتلجنتسيا ) وكانت أكثرهم تشوقا وتلهف إلى ظهور هلال القادم الجديد وكان من أهمهم القس الداهية ورقة بن نوفل وسيدة قريش أو سيدة نساء قريش الطاهرة خديجة بنت خويلد ابنة عم القس الداهية ، وقتيلة أو أم قتال وهي أخت خديجة الطاهرة بالإضافة إلى البطريك عثمان ابن الحويرث وهو الآخر ابن عمهم ، بالإضافة إلى آخرين ممن كانت لهم اهتمامات ثقافية وتاريخية بأصول الأديان .
والطاهرة خديجة رضي الله عنها وعن ما كان معها من العباقرة والدواهي من الأقارب والصحابة ، كانت تمتاز بمعرفتها لفنون القراءة والكتابة ، وكانت من بني أسد بن عبد العزى القرشية ، وكان أغلب بني أسد على دين النصرانية ، ومنهم من تعمق في علومها ودراستها حتى حاز على رتبة متميزة مثل ورقة بن نوفل ألذي كان برتبة قس ، وعثمان بن الحويرث برتبة بطرك ، وقتيلة أو أم قتال برتبة كاهنة ، وسيدة نساء قريش خديجة برتبة الطاهرة ، هم من أبناء عمومة الطاهرة خديجة والعلاقة بينهم حميمة وصميمة والأكثر مبدأيه واللقاءات بينهم تكاد أن تكون يومية .
الملاحظ من دون كل نساء قريش بل من كل نساء جزيرة العربان حضيت الطاهرة خديجة بألقاب متميزة ذو نكهة دينية ، فـــهي سيدة نساء قريش أو سيدة قريش وهذا ما يذكرنا بما حضيت به مريم العذراء من ألقاب جاءتها من الدين الأسلمي من خلال نصوص الوحي مثل سيدة نساء العالمين ، وكان محمد النبي غالبا ما يقرن بين سيدة نساء العالمين وسيدة نساء قريش أو سيدة قريش . حيث كان يقرن بينهما في المقام والدرجة وفي منازل جنة عدن ، وأعتقد إن ذلك لم يأتي عفويا ، بل شيء مدروسا ومخطط له كما سيتبين لنا ، ومن ألألقاب ألتي حظيت بها خديجة لقب الطاهرة ، وهو لقب ديني واضح لا لبس فيه ، أو لقب لاهوتي ويذكرنا بلقب تتصف به مريم أم المسيح لدى النصارى وهو : معدن الطهر والجود والبركات ، وكذلك وصفها القراّن : ( إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين - الآية 42 من سورة إل عمران ) . وليس من باب الصدفة إطلاق لقب الطاهرة على خديجة وإلا لماذا لم تلقب بالشريفة أو الكريمة أو العفيفة مع أنها تستحقها بجـدارة ؟ ثم لماذا مــن دون النساء الأخريات هي فقط حازت على هذا اللقب ؟ إن لقب الطاهرة مرتبط بشدة مع المناخ الديني أو ألاهوتي ولا يمكن إضافته إلى أسم خديجة بأي شكل كان على اعتباره مصادفة أو عفوية ، إن اللقبين سيدة نساء قريش و الطاهرة لهما دلالات لا أعتقد تغيب عن ذهن القارئ الذكي أو ذلك الذي يقرأ سيرة محمد (ص) بعقل يقظ وعين مفتوحة بعيدا عن ألميثولوجيا الأسلمية ، المهم إن بني أسد كان لهم النصيب الأوفر والأكبر من بين فروع قريش بالتطلع والدراسة والتثقيف - الأنتلجنتسيا - فكان من بينهم القس ورقة بن نوفل والبطريك عثمان بن الحويرث والكاهنة قتيلة أو أم قتال والطاهرة وسيدة نساء قريش خديجة بنت خويلد ، إلا أن خديجة كانت أوفرهم حظا بما امتازت به عليهم بخصال وملكات نفسية افتقروا إليها الثلاث الآخرين من أبناء عمومتها ، يأتي في مقدمتها استشراف المستقبل والفراسة والحدس ألتي لا تخيب وكذلك موهبة الإلهام الصادق وغريزة اختيار المتميز أو الفائز والرهان عليه والصبر عن الضروب والمناحي الذي لا مثيل له ولا حتى شبيه له للوصول إلى الهدف وتحقيق الغاية ، هذا ما كان معروف عنها في صفاتها ومميزاتها عند أهل جزيرة العربان ، فالطاهرة من دونهم لم تنتظر القادم الجديد فحسب ، إنما كانت تدقق في مجتمع مكة وخاصتا شبابه ، وكذلك دققت النظر في قوادمه وخوافيه وحناياه ، ولم تكن في عجلة من أمرها وصبرت سنوات طويلة قاربت الربع قرن حتى اهتدت إلى القادم الجديد أو بمعنى أدق إلى من يصلح لذلك ، وهنا بعد فرزه من شباب مكة خرقت قوانين الضبط الاجتماعي وضربت التقاليد الاجتماعية السائدة والراسخة في المجتمع المكي كرسوخ الجبال ، كلها حطمتها من خلال تقديم نفسها إليه كزوجة ومدت هي يدها إليه ولا خطر في بالها فارق السّن والمال والموقع الاجتماعي ، حيث انتقلت من مرحلة الفرز والاختبار إلى مرحلة الإعداد والتخطيط والتأسيس والتهيئة واستغرقت هذه المرحلة من عمرها المبارك خمس عشر سنة قدمت فيها الكثير من ألتضحيات حتى أثمرت جهودها أن أعلنت إلى أهل مكة عن القادم الجديد الذي طال انتظاره والشوق إليه .
أما القس الداهية ورقة بن نوفل لم يكن يوم ما دوره هامشيا ، صحيح أن ابنة عمه قد وظفته ووظفها كأحد الأدوات الفعالة في الوصول إلى الهدف ، إلا إن هذا لا يعني إنه كان ألعوبة بيدها إذ من المستحيل تصور ذلك لأنه هو الأستاذ والمرشد والمستشار والمرجعية ألأثنية لهم جميعا ، فكان الأب الروحي لبني أسد وقس نصرانية كل جزيرة العربان ، وكان يخطو خطوة وراء خطوة ومرحلة بعد مرحلة معا سويا مع الطاهرة لتحقيق الهدف ، لكنه كان على نقيضها حيث كان متسرعا عجولا وقليل الصبر وكثيرا ما كان يسأل الطاهرة بإلحاح ... متى يا خديجة يظهر .... ؟ ... لقد طال انتظاري ...... لقد طال صبري .... الخ ، بينما كانت الطاهرة ولرجاحة عقلها أدركت إن مثل هذا العمل يحتاج إلى وقت طويل وممدود لا محدد ، وأن العجلة والتسرع تفسد مثل هذا العمل ، ولو كانت مطاوعة لأستاذها ومرشدها لأخفقت في هذا العمل الجبار ولما نجحت ذلك النجاح الباهر ألذي لم يكن يخطر ببال أحد ، وربما نعطي بعض الحق للقس الداهية في عجلته ، فقد أصبح في أواخر فترة التأسيس والإعداد شيخا كبيرا فقد بصره لذا كان في عجلة من أمره ، وهذا من حقه إن من يزرع يريد أن يحصد . حيث توفى بعد ثلاث سنوات من قدوم القادم الجديد والإعلان عن نجاح التجربة الجديدة ، وكان يتمنى لو كان شابا آنذاك لينصر الله نصرا لا يعلمه إلا هو .
ما هو دور القس الداهية الذي نفينا عنه الهامشية في التجربة الجديدة والإعداد لها ؟ من المعروف كان ورقة بن نوفل واحدا من أهم شخصيات تيار الحنفية الذين رفضوا التعددية الآلهية وآمنوا بالتوحيد أو بوحدانية الله ، إلا إنه أختار النصرانية وقرأ التوراة والإنجيل وتبحر في علوم الكتب المقدسة ولم يكتفي بهذا الحد من العلوم الدينية - ألأثنية و الميثية - بل كان الأخطر هو تصميمه على تعلم اللغة العبرية ، ألذي كان الهدف الخطر من وراءه هو نقل ألتوراة والإنجيل إلى لغة العربان ، وفعلا قد حقق ما كان يبغي من وراء هذا التعليم ، حيث نقل أجزاء عديدة من التوراة والإنجـيل إلــى اللغة العربـية ألأمـر ألـذي أتاح للكـثـيـر مـــن العـربان مـمـن يقرؤن ويكتبون أن يطلعوا على ما جاء بهما ، وبالتالي أدى إلى ظهور وانتشار هــذه الكتب المقدسة بين عربان الجزيرة وبلغتهم فأخذوا يقرؤها ويدققون بها ، في اعتقادنا هي مرحلة التهيئة النفسية والذهنية لعربان الجزيرة لاستقبال ألتجربة ألجديدة ألقادمة ، ومن المعروف بأن ألذاكرة ألتي كانت مميزة بين أفراد ألمجتمع ألعرباني وما تمتاز به من حفظ واستذكار لأمد طويل كانت ذاكرة قوية جدا ، وقد طالعنا في كتب التاريخ أخبار عجيبة عنها ، منها أن عبدالله بن عباس بن عبد المطلب كان يحفظ القصيدة الطويلة عندما تلقى عليه مرة واحدة ، وهكذا كان الأسلميون الأوائل يحفظون سور القرآن وآياته المقدسة بعد سماعها من محمد النبي (ص) على الفور وبسرعة عجيبة ومدهشة ، ربما لكونها مقدسة والله أعلم ، وهناك حديث ذو دلالة عميقة يصف به ألرسول (ص) ألنصارى ( أناجيلهم في صدورهم) فإذا كان النصارى هكذا دونوا إنجيلهم فأن محمد النبي (ص) وأصحابه أيضا استودعوا القرآن في صدورهم .
أن كتب السير المحمدية قد اعترفت بنصرانية فرع عبد العزى بن قصي بن كلاب ، وهو الفرع الذي ينتمي إليه ورقة بن نوفل وخديجة بنت خويلد وأختها قتيلة أم قتال وعثمان بن الحويرث ، لكن حين التدقيق بكتب السير المحمدية نلاحظ إنها لزمت جانب الصمت حيال فرع عبد مناف الذي ينتسب إليه محمد (ص) من موضوع النصرانية ، هل كان هذا الصمت مقصودا أم جهلا بالموضوع ؟ وكلا الحالتين مرفوضة ولا تجوز ، فالجهل بحقائق الأمور مردوده على أصحابه لأن معرفتهم بها كانت صريحة وواضحة بفرع عبد العزى وهو فرع لا أهمية له مقارنة بفرع عبد مناف الذي ينتسب له محمد (ص) ، فكيف كانوا ذو معرفة واسعة وتفصيلية بفرع عبد العزى ويجهلون فرع عبد مناف وهو الأهم في السيرة المحمدية ؟ أما معرفة الحقائق والتنكر لها هو طعن صارخ في حقائق التاريخ ، النصرانية انتشرت في فرع عبد مناف كما هو الحال مع فرع عبد العزى .
في موضوع نصرانية ورقة وفرعه عبد العزى يخبرنا الأصفهاني في كتابه الأغاني ، فيقول : ( أما نصرانية القس ورقة فكانت تقوم على ما كانت تقوم عليه النصرانية في تاريخ الكنيسة ، قيل عن ذلك أن القس ورقة كان أحد من اعتزل عبادة الأوثان في الجاهلية ، وطلب الدين ، وقرأ الكتب ، وأمتنع عن أكل الذبائح .... الأصفهاني / كتاب الأغاني / ج3/ ص 113 ) .
أما سعد في طبقاته يقول عن ورقة : ( كان رابع أربعة تركوا الأوثان والميتة وما يذبح للأوثان .... طبقات بن سعد / ج1/ ص 162 وكذلك في السيرة المكية / ج1/ ص 115 ) .
أما ابن هشام في سيرته يقول عن هؤلاء الأربعة : ( وهم عبيد الله بن جحش بن أميمه بنت عبد المطلب عمة النبي وقد مات نصرانيا في أرض الحبشة تاركا امرأته أم حبيبة التي تزوجها الرسول محمد (ص) من بعده ..... وعثمان بن الحويرث ابن عم ورقة بن نوفل وخديجة بنت خويلد زوجة محمد (ص) ، تنصر – أي عثمان – بأرض الروم وحسنت منزلته عند القيصر وكان يقال له البطريق ، لا عقب له ، مات في أرض الشام مسموما ..... وزيد بن عمرو بن نفيل الذي قال فيه النبي : إنه يبعث أمة وحده ، وهو ابن أخي الخطاب ، وأشتهر عنه أنه نهى قتل الموؤدة ........ أبن هشام ص/ 206 / 207 / 208 ) .
هؤلاء الأربعة هم من فرعي عبد مناف وعبد العزى على السواء ، عرفهم المجتمع القرشي بتنصرهم وفق المبادئ والفروض النصرانية المتبعة آن ذاك ، وهي فروض تم عقدها عام 49 م في أورشليم القدس ، لذا تسمى مقررات مجمع أورشليم ألرسولي ، و تنص على الامتناع عن نجاسات الأصنام والفحشاء والمخنوق والدم – راجع سفر أعمال الرسل 15/20 ، 29 ، 21/25 – كما تقوم على الأخذ بناموس موسى وإنجيل عيسى على السواء وعلى الختان والمعمودية معا ، إلا أن نصرانية ورقة وجماعته الأربعة كانت تختلف تماما عن نصرانية مقررات مجمع أورشليم المنسوبة إلى النبي يعقوب ، حيث نصرانية يعقوب تعترف وتؤمن بآلوهية المسيح وببنوّته لله – ابن الله – وتحتكم بأحكام الإنجيل وتعاليمه وتؤمن بصلب عيسى ثم قيامه بعد ذلك من بين الأموات ، في حين نصرانية ورقة وجماعته تتنكر تماما لآلوهية المسيح وبنوته لله إنكارا صريحا وواضحا ، ولا تعترف بهذا المبدأ على الإطلاق ، وترفض فكرة قيامه من بين الأموات ، كما ترفض صلبه وموته – راجع كتاب قس ونبي / أبو موسى الحريري – وهي مجموعة من الأفكار تتبناها فئة معينة من النصرانيين في جزيرة العربان وعلى رأسهم القس ورقة بن نوفل ، وهذه الفئة يطلق عليها مصطلح – الأبيونيّة – وقد انتمى لها وآمن بها معظم قبائل العربان وبالأخص منهم قبيلة قريش وفروعها .
و الأبيونيّة هي فرقة من فرق اليهود المتنصرين ، آمنوا بالمسيح واعتبروه نبيا عظيما من أنبياء الله ، لكنهم لا يعترفون بآلوهيته ولا ببنوته لله ، بل يقولون إنه رجل كسائر الرجال جاءه الوحي بعد معموديته على يد يوحنا المعمدان ، ويعترفون بإنجيل متي وحده ويرفضون بقية الأناجيل ، أما أهم فروضهم هي الاغتسال الدائم بالماء للتطهر والوضوء ، وعلى تحريم الذبائح ويشددون على أعمال البر والخير والاهتمام باليتامى والعناية بالفقراء والمساكين وأبناء السبيل ، ويوصون بإعالة المحتاجين وإطعام الجياع وإكرام الضيف والغريب ، انتمى إلى مذهبهم أغلب رهبان قمران بعد خراب هيكل أورشليم وهاجروا إلى جزيرة العربان وانتمت إليهم الكثير من قبائل الجزيرة .... راجع نفس المصدر السابق .
أغلب كتب السير المحمدية قد ذكرت ما قام به ورقة من ترجمة للكتب المقدسة من العبرانية إلى لغة العربان ، ( كان – أي ورقة – يكتب العبراني ، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء أن يكتب .... صحيح البخاري / بشرح الكرماني / ج1/ ص 38 ، 39 ) ، أما مسلم في صحيحه يقول : ( كان يكتب الكتاب العربي ويكتب من الإنجيل بالعربية ما شاء أن يكتب .... صحيح مسلم / ج1 / ص 78 ، 79 ) . أما أبو فرج الأصفهاني فيقول : ( كان امرأ – أي ورقة - تنصر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العبراني ، فيكتب بالعبرانية من الإنجيل ما شاء أن يكتب .... الأغاني لأبو فرج الأصفهاني / ج3/ ص 114 ) .
كل هذه المصادر تؤكد لنا بأن ورقة كان يترجم من الإنجيل العبراني – إنجيل متي – إلى العربية ، وكذلك تؤكد على إنه كان ضليع في اللغة العبرانية والعربية ، والإنجيل العبراني – متي – هو الإنجيل الواسع الانتشار في النصرانية والوحيد المعترف به من قبل ورقة ورفاقه الأبيونيين والوحيد الذي كان يتملكه ورقة ، وهو إنجيل قريب الصلة والشبه في تعاليمه للقرآن الكريم الذي ظهر في نفس فترة ترجمة ورقة للإنجيل العبراني للغة العربان ، أضف إلى ذلك الاعتراف الواضح والصريح من قبل القرآن الكريم بالإنجيل على إنه كتاب مقدس ومنزل من الله سبحانه وتعالى إلى نبيه عيسى بن مريم ، لذا نجد هناك تشابه في الكثير من النصوص بين قرآن محمد (ص) وإنجيل ورقة ، وسنتطرق إلى هذا التشابه بعد حين ، لهذا كنا قد نجد بعض الصعوبة في فهم ما جاء في قرآن محمد (ص) من تعاليم وقصص لولا الترجمة العربية لإنجيل العبرانيون والتي قام بها مشكورا ورقة بن نوفل ، لا نستطيع أن نفهم بعمق قصص الكثير من الأنبياء القدماء لولا أن نردها إلى أصلها ومصدرها في التوراة والإنجيل ، مثل قصة يحيى و زكريا وولادة عيسى العذراوية وغيرها ، وكان يصعب علينا أيضا أن نفهم أسرار استمرارية الوحي على الأنبياء وأخذ بعضهم من بعض تعاليمهم وقصصهم وشرائعهم إن لم يكن هناك من يضمن هذه الاستمرارية وهذه التعاليم والشرائع ويكون بالتالي الواسطة بين الوحي السابق والوحي اللاحق ، أي الترابط بين التوراة والإنجيل والقرآن .
وبعد هذا نعود للطاهرة خديجة ابنة عم القس الداهية ورقة والتي كانت على صلة متميزة به حيث كانت هناك زيارات متبادلة واختلاط ومودة واحترام متبادل وعميق ، ويكنون بني أسد لهما كل التقدير والإعجاب .
وكما ذكرنا كانت الطاهرة تقرأ وتكتب لذا فهي استوعبت بدقة ومهارة كل الأسفار ألتي نقلها القس الداهية من العبرية إلى العربية من التوراة والإنجيل وحفظتها في ذاكرتها ألعجيبة ألمميزة بالإضافة إلى تدوينها ، وكانت تعقد جلسات ليلية طويلة في ليالي مكة كان القس الداهية سيدها ومحاضرها وخطيبها ، وفيها كان يطرح ما ورد في التوراة والإنجيل وقصص الخلق والتكوين للكون وآدم وحواء وقصة التفاحة التي سرقتها ، والشياطين والجن والطوفان ..... الخ مرورا بقصص مؤسسة الأنبياء الإسرائيلية وطبعا في مقدمتهم موسى وحكاية الفرعون وبني إسرائيل ، وكذلك ما جاء في الإنجيل عن عيسى وولادته العذراوية ألعجيبة ألفريدة ومعجزاته ألمدهشه ، ونعتقد إن تلك ألجلسات ألدراسية ألطويلة كانت من أهم مكونات فترة التأسيس والتهيئة والإعداد ألنفسي والذهني للتجربة الجديدة بعد القيام بترجمة الكثير من أسفار التوراة والإنجيل ، وإنها أفادت كثيرا بفوائد لا تقدر بعد إعلان نجاح التجربة .
إن ألظهور ألمبكر للقس الداهية ورقة في مسيرة التجربة الجديدة يدعوا للعجب والدهشة ، ما إن عزمت الطاهرة خديجة على الزواج من محمد (ص) حتى بارك هذا الزواج فورا وكأن مباركته متفق عليها مسبقا ، وهذا واضح لنا من خلال ما نقلته لنا كتب السيرة المحمدية بأن ورقة كان حريص حرصا شديدا على حضور مجلس عقد النكاح المبارك هذا ، وما أن انتهى أبو طالب عم النبي القادم من إلقاء خطبته في المجلس ألتي أبدى فيها الرغبة في مصاهرة بني أسد في الطاهرة خديجة زوجا لمحمد (ص) ، حتى أنبرى ورقة في المجلس المبارك وتكلم مبديا ألموافقة والمباركة على هذا الزواج رغم وجود عمها عمرو بن أسد ألذي كان يعتبر ولي ألعروسة الطاهرة لكون أبيها كان في حالة من السكر حتى الثمالة بحيث كان لا يدري ما جرى وما يجري من حوله ، الأمر ألذي لفت انتباه أبي طالب وأفصح عن ضرورة وأهمية رأي عم وولي ألعروسة بدلا من سماع ورقة أبن عم ألعروسة .
هل كان القس الداهية يخشى أن يرفض العم هذا الزواج ؟ علما إن المقياس الاجتماعي في ذلك الوقت كان من حق الولي (العم) أن يرفض ، حيث لم تذكر لنا كتب السير المحمدية مثل هذا الرفض من قبل عمها عمرو بن أسد ، بل هناك من المصادر ما ألمحت وأخرى أكدت إنه كان جزءا من اللعبة ، لكن هناك روايات من خلال كتب السيرة المحمدية تنص على رفض أبيها المطلق خويلد ابن أسد لهذا الزواج وتفوهه بعبارات بذيئة ( قبل سقيه الخمر حتى الثمالة من قبل الطاهرة وقبل قدوم أبي طالب للمجلس ) الأمــر ألـذي كـــان سيثير حفيظة بنــي هاشم ويثــورون لكرامتهم وينصرفون عن الموضوع لو إنهم سمعوها ، وهذا من ألمؤكد يؤدي إلى إفساد ألمخطط ألذي نسجت خيوطه بكل دقة الطاهرة وأبن عمها القس ألداهية ورقة بن نوفل ، وسنتطرق لهذا الزواج بإسهاب لاحقا ، نحن هنا لا نستطيع أن نصدر حكما قاطعا في هذه الخصوصية ، لكن المؤكد لنا إن القس الداهية كان شديد ألحماسة لإتمام هذا ألزواج ومباركته ، بعدما أقتنع باختيار الطاهرة خديجة بأن يكون محمد (ص) زوجا لها من بين كل شباب ورجال قريش .
وأستمر ورقة في تقديم ألعون والإرشاد بشكل مكثف ومستمر للسيدة الطاهرة خديجة في اجتياز مرحلة التأسيس والإعداد والتهيئة للتجربة الجديدة ، حيث هيأ لها ما تريد من الإطلاعات والدراسات للأسفار المترجمة إلى العربية ولا أستبعد أيضا السماح لها بأخذها إلى دارها للتدقيق والدراسة بتروي ، كل هذا بعد أن تم تثقيفها وتوعيتها بتاريخ الأديان و أوصولها القديم منها والحديث ، لذا نعتقد وبخلاف ما يعتقده الكثير من الباحثين بأن دور القس الداهية كان أخطر من دور خديجة في المرحلة ألمؤسسه للتجربة الجديدة ، حيث كان ورقة يمثل السلطة المخططة والمرجعية الدينية والمرشد والأستاذ ، بينما الطاهرة أخذت جانب السلطة التنفيذية لهذا المخطط لإنجاح التجربة الجديدة ، وكان ورقة حريصا على حضور الطاهرة جلسات المذاكرة والمدارسة والمحاورة الليلية ، ومؤكدا على استيعابها الكامل الفهم من قبل خديجة ، لماذا هذا التأكيد على الطاهرة بالذات دون سواها ؟ .
==========================================





#شاكر_الشيخ_سلامه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- أغاني البيبي تفرح وتسعد طفلك..حدث تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- رأي.. بشار جرار يكتب عن مستقبل -الإخوان- في الكويت والأردن: ...
- 3 أحفاد يهود.. هل تؤثر روابط بايدن العائلية على دعمه لإسرائي ...
- الشرطة الفرنسية تقتل جزائريا أضرم النار في كنيس يهودي
- أبو عبيدة: التحية لأخوتنا في المقاومة الإسلامية في العراق
- دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا
- جدل وسخط بين الأوساط الدينية في مصر ضد انطلاق -مركز تكوين ال ...
- قلوب ولادك فرحانة.. تحديث جديد لـ تردد قنوات الأطفال نايل سا ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف موقعي ‏بياض بليدا و‏البغد ...
- -جزائري الأصل-.. وزير الداخلية الفرنسية يكشف معلومات حول الم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شاكر الشيخ سلامه - الأسلمة ... والنصرانية / الجزء الأول