أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - سمير اليوسف - أمل اليسار البعيد في فضاءات... العولمة















المزيد.....

أمل اليسار البعيد في فضاءات... العولمة


سمير اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 593 - 2003 / 9 / 16 - 02:04
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


   الحياة     2003/09/14
كان العامان الماضيان، وتحديداً منذ إعتداء 11/9، بمثابة إمتحان لليسار الغربي والعالمي حول ما إذا كان في وسعه تجاوز حالة التقاعد شبه الطوعي التي انتهى إليها غداة انهيار الإتحاد السوفياتي والنُظم الإشتراكية. وقد سارع بعض اليساريين، عشية الإعتداء المذكور، الى تبرير ما حصل، لا تأييداً للمعتدين وإنما أملاً في إحياء شعاراتهم المتقادمة في صيغة جديدة، زاعمين أن الإرهاب مقاومة للعولمة، او لقوى الهيمنة الرأسمالية المعولمة. ولئن وعى بعضهم الآخر خطورة السياسة التي يمثلها المعتدون، فقد آثروا بدورهم الجلوس على السور، معتبرين أن كلا من الإرهاب والحرب على الإرهاب هو بمثابة صراع ما بين عدوين لليسار، او "أصوليتين"، على حد تعبير الكاتب البريطاني، الباكستاني الأصل، طارق علي، واحد ديني والآخر إقتصادي يحاول فرض سياسة السوق الحرة على العالم أجمع.

على أن أياً من موقفي الإنحياز "التكتيكي"، أو الحياد السلبي، لم يسفر عن نجاح في امتحان إحكام الصلة بما يجري في السياسة الدولية والوطنية. وهذا بالتحديد ما يبرهن عليه تحليل نقدي، ويساري ايضاً، يحاول وبقسط من النجاح غير مضمون، أن يتجاوز حالتي انعدام الصلة وعدمية وانتهازية موقف تأييد الارهاب أو تبريره. وبحسب سوزان بك-مورس، الكاتبة اليسارية والباحثة الأميركية المعنية بشؤون النظرية النقدية، فإن العنف الإرهابي، خاصة ما ظهر منه في 11/9، ليس مقاومة للعولمة، او لقوى الهيمنة المعولمة، وإنما تكريس لحقيقة حلول العولمة، ومن ثم حصر الصراع مع قواها على صورة إرهاب وحرب على الإرهاب، وهو ما انفك يجري منذ الإعتداء المذكور.

وعلى ما تجادل الكاتبة فإن العولمة حالة ملازمة، بل حلولية على وجه لا يبقى معها، او بعدها، وجود خارجي أو منطقة متحررة من مدار نفوذها. والإرهاب الذي وقع في 11/9، سواء في ما خص مكان وكيفية حصوله أم الردود التي أثارها، على مستوى الإعلام والاقتصاد والسياسة والأمن والقانون، دلّ على حقيقة ملازمة، او حلولية العولمة، وايضاً، وإن على وجه إيجابي، دل الى أن الصراع على الهيمنة والتسلط في العالم المعولم لم يُحسم بعد رغم التسليم السابق لأوانه، على ما بتنا نعي الآن، بانتصار قوى السوق الحرة والليبرالية.

وتبعاً لفرضية المؤلفة، فإن ملازمة العولمة يدل على وجود، بالإمكان وإن ليس بالفعل، لفضاء عولميّ يُملي بدوره حضور جمهور معولم يختلف تماماً عن تلك الجماعات والقوى التي تقول بالإرهاب او الحرب على الإرهاب. فهذا الجمهور ينبثق من الكافة المتعددة لعصر العولمة، اي تلك الكافة التي دانت الإعتداء على نيويورك، لكنها رفضت تبرير الحرب على أفغانستان والعراق. وهذا الجمهور لهو الأدنى الى تبني سياسة معولمة في سبيل العدل الإقتصادي والسلام العالمي والمساواة القانونية والمشاركة الديموقراطية والحرية الفردية والإحترام المتبادل. ومشروع اليسار، النقدي والعولمي، ينبغي ان يتجسد في حضور هذا الجمهور والدور المناط به في الفضاء العام المعولم.

لكن لا ينبغي لهذا المشروع، اليساري النقدي، أن يستبعد كافة القوى الأخرى المعنية بتشكل فضاء عام معولم من سبيل خطاب نقديّ، أياً كان مصدره او مرجعيته. فلئن دانت الكاتبة التعويل على العنف الإرهابي الذي اقترفته منظمة القاعدة، فليس لأن المنظمة المذكورة دينية وإسلامية، أي غير علمانية وغربية، وإنما لأن ضحاياها المباشرين، وغير المباشرين، ينتمون الى الكافة المتعددة، ومثل هذا الإرهاب سوّغ عنفاً إضافياً ضد هذه الكافة، يصدر هذه المرة عن دولة "الأمن القومية" الأميركية، بحسب نعت المؤلفة للإدارة الأميركية. والأهم من ذلك، أن الكاتبة في مراهنتها على نشوء فضاء وجمهور معولمين، لا تستثني أو تستبعد الإسلام. فهي تنطلق في هذا الكتاب من الحض على اعتبار الإسلام، او "الإسلامية"، على غرار الليبرالية والقومية والماركسية، خطاباً سياسياً حديثاً وليس دينياً، وحتماً ليس متقادماً ورجعياً. ومن خلال تناولها لأعمال عدد من المثقفين والأكاديميين الإسلاميين تجادل بأن "الإسلامية" بما هي خطاب نقديّ، لا تتصدى فقط لقوى الهيمنة الغربية ولمشروع الحداثة التنويرية، القاصر عن إستيفاء شروط الكونية التي يزعم، وإنما ايضاً تتصدى للدولة القومية في العالم الإسلامي والخطاب الأصولي بما هو خطاب تسلّط دوغمائي.

بيد أن ما تبشر به الكاتبة ليبدو، من زاوية عمليّة، محض تعبير عن أمل بعيد في تجاوز موقفي التبرير المتهوّر للإرهاب والحياد السلبيّ اللذين ما انفك جلّ اليساريين يأخذ بهما. فما تعولّ عليه الكاتبة لتحقُّق كافة متعددة أو لنشوء فضاء عام معولم او جمهور عولمي إنما هو مراهنة على كيانات مفترضة وبعيدة، على الأرجح، عن التحقق كقوى فعليّة. وتعلم الكاتبة بأن لا موطن، جغرافيا او رمزيا، للفضاء العولمي او لجمهور هذا الفضاء طالما أن العولمة محكومة بشركات عابرة للحدود وإعلام تجاري وشعبوي التوجه وسياسات دول لا مكان عندها لاستضافة الجمهور العولمي المفترض.

الى ذلك فإنها إذ تحض اليسار على المساهمة في تكوين الفضاء والجمهور المعولمين، او على الأقل دفعهما الى مدار الوجود الفعليّ، فإنها تحضّ على أمر كهذا في ظل سياسة دولية هي رهينة عنفي الإرهاب والإرهاب المضاد، أي في ظل صراع قوى هيمنة عولمية، لن تُظهر تسامحاً كبيراً، أو حتى صبراً، تجاه المعاني المتعددة والمعقدة التي لا بد وأن تتولد عن الفضاء المعولم نظراً الى انتماء جمهوره الى ثقافات مختلفة. وهذا عائق كبير أمام تحقق الفضاء المنشود في حالة السلم، فما بالك في ظل حالة الحرب حيث يسود التمييز التبسيطي، على ما شهدنا في غضون العامين الأخيرين، الى حدّ تُختزل معه البشرية الى من هم "معنا" او "ضدنا"، او إلى "دعاة الخير" و"أتباع الشرّ".

والكاتبة في حرصها على الإلتزام بالمنهجية النقدية لأمثال أدورنو ووالتر بنيامين ومدرسة فرانكفورت عموماً، تعرّض مشروعها الموعود الى ما تعرّض له أصحاب هذه المنهجية من اتهام بالنزوع الى النخبويّة والتشاؤم، وبما يكشف الحدود العملية الضيقة لما يُسمى بمشروع اليسار المعولم. صحيح أنها تسوّق مشروع معارضة جذريّ، وأنها في تشديدها على مفهوم "النقد الملازم" او "الجدل السالب" تحول دون جنوح هذا المشروع الى معارضة شعبوية متطرفة تتخذ العنف الإرهابي وسيلة، او الى انزلاقه الى مشروع توفيقي مهادن في سبيل الحصول على بعض المطالب. غير أن هذا بالذات ما يجعله أسير المؤسسات الأكاديمية والحلقات الفكرية الضيقة، والأهم من ذلك، المعزولة عن مجرى الحياة السياسية.

وقد نسلّم بأن ما تقترحه الكاتبة لهو محض بداية لمشروع عولميّ فعليّ، لكن من الصعب أن نرى كيف يمكن تجاوز بداية كهذه طالما أن السُبل العمليّة المقترحة تمضي نحو تعزيز سُبل التعبير والإنتاج الثقافيين الهامشيين. فلغة التواصل المقترحة، في إطار فضاء متعدد المرجعيات واللغات، هي لغة الفن المتمسك بأولوية المعنى، وهو فن هامشي اليوم. أما الخطاب الإسلامي النقدي، الذي تُنيط به الكاتبة دوراً أساسياً في الفضاء المعولم، فيبدو من خلال الأعمال التي تتناولها، محصوراً بزملائها الأكاديميين الذين، وإن كانوا من أصول إسلامية، فإنهم يدرّسون في الجامعات الغربية ويكتبون، على العموم، بالإنكليزية. بل ان جلهم يقيم كمواطنين أميركيين وأوروبيين، وفي فضاء أقصى ما تبلغ عولمته تشكيل صدى بعيد لما يحدث في مجرى السياسة الدولية.

Susan Buck-Morss.

Thinking Past Terror.

(إعمال النظر بعد الإرهاب).

Verso, London.

2003.

148 pages.

 



#سمير_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا أدباء العالم . . . هل أنتم مع اميركا أو ضدها ?
- ادوارد سعيد: السيرة الذاتية والسياسية اخفاق في تمثيل الهوية ...
- إيران الخمينية هل هي حقاً مزاج تعددي ما بعد حداثي؟


المزيد.....




- منظمة المطبخ المركزي العالمي تستأنف عملها في غزة بعد مقتل سب ...
- استمرار الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأميركية ...
- بلينكن ناقش محادثات السلام مع زعيمي أرمينيا وأذربيجان
- الجيش الأميركي -يشتبك- مع 5 طائرات مسيرة فوق البحر الأحمر
- ضرب الأميركيات ودعم الإيرانيات.. بايدن في نسختين وظهور نبوءة ...
- وفد من حماس إلى القاهرة وترقب لنتائج المحادثات بشأن صفقة الت ...
- السعودية.. مطار الملك خالد الدولي يصدر بيانا بشأن حادث طائرة ...
- سيجورنيه: تقدم في المباحثات لتخفيف التوتر بين -حزب الله- وإس ...
- أعاصير قوية تجتاح مناطق بالولايات المتحدة وتسفر عن مقتل خمسة ...
- الحرس الثوري يكشف عن مسيرة جديدة


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - سمير اليوسف - أمل اليسار البعيد في فضاءات... العولمة