أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناصر أبو عون - سيف الرحبي وشعر الحساسية الجديدة














المزيد.....

سيف الرحبي وشعر الحساسية الجديدة


ناصر أبو عون

الحوار المتمدن-العدد: 1947 - 2007 / 6 / 15 - 06:40
المحور: الادب والفن
    


يعد سيف الرحبي أحد الشعراء الحداثويين الرواد في الوطن العربي عامة وفي منطقة الخليج بخاصة وكتابته تنتمي تصنيفا إلى شعرية الحساسية الجديدة ومجايلة على حقبة السبعينيات ومن أهم إصداراته التي لاقت إعجابا نقديا : (نورسة الجنون) و (الجبل الأخضر) و (أجراس القطيعة) و (رأس المسافر) وعمله النثري : (ذاكرة الشتات).
صوته الشعري مملوء بغصة ومرارة يؤلمه واقعنا العربي المتشظي ومن بعيد يرى شعوبنا العربية تتاقطر عبر الصحراءبحثا عن كسرة خبز ويرى أمه ممدة على سرير أبيض ، وطحالب سوداء ، ومايشبه نباح الكلاب.
حداثوية سيف الرحبي تنبع من انتمائه إلى شعرية الحساسية الجديدة التي تقوم على ( تنوع الرؤى واختلافها وتقاطعها مع شعرية جيل الخمسينيات والستينيات) .. ومع تحول في مفهوم الذات والنظر إلى العالم مع تغير التقنيات الفنية للقصيدة تبعا للتطور الاجتماعي والتاريخي بكل مظاهره وليست فكرة شكلية فحسب.
وقال عنها يوسف الخال : ( إنها انفجار الوعي والحساسية الجديدة في تعبيرهما عن شقاء الإنسان في غربته ومنفاه وليست حداثة افتعال ، ونقرأ ذلك في لغة شعرية متميزة وسط فوضى الهويّات الشعرية السائدة).
تتبدى هذه الحساسية الجديدة طاغية في ديوانه ( مدية واحدة لا تكفي لذبح عصفور) الذي يقول فيه : ( أيها الأصدقاء الموزعون / في الجهات الخمس / في هذا ليوم عليّ أن أفرغ رأسي / من شمسكم اللاهبة / أن أُوقف هذا الهجوم البربري / على حديقتي / لكن أية فائدة ) فالقارئ لتلك المقاطع البسيطة من قصيدة (صباح مخطوف منذ البداية) يرى أن هذه الحساسية الجديدة عند سيف الرحبي انقلابية على قواعد الإحالة إلى الواقع وبتعبير ادوارد الخراط : هي تكسير للنمط السردي المتسلسل التقليدي وتحطيم للترتيب العقلي المنطقي للعمل الفني حيث الولوج إلى عالم الحلم والاستفادة بالتداخل الزمني إضافة إلى الاعتماد على الحوار / المنولوج الداخلي ( لكن أية فائدة ؟ صباح مخطوف منذ البداية / عُمر مُصادر / أصواتكم تحرق خرائب المدن / بعبث الدوار اليومي / وتحرث أرخبيل السنين / عليّ أن أبدأ / أبدأ ماذا ؟ ) إنها حساسية جديدة ديدنها تفجير طاقات اللغة والاستغناء عن السياق التقليدي في التعبير مما دفع المحرر الأدبي لمجلة (اليوم السابع) للإشادة بها فذكر أن سيف الرحبي يأتي الشعر من مناطق الغرابة ويوقع صوره وتخيلاته كما النيازك توقع حضورها الملغى سلفا كل كلمة عنده كأنها فالتة من أسر النسيان تضئ فجأة ثم تختفي لتتركك تتعقب أثرها 00هكذا بخاتم الشعر السحري يحوّل ما لا يتحوّل ليعيد ابتكاره من جديد ( تمشي خطوتين ،متعثرا بأحلامك/ أحلام أنيقة عن مذابح /عن نساء بعيدات/ السرير وحيد ومأهول بالريح ).
والواقع أن حداثوية سيف الرحبي وحساسيته الشعرية لم تأت من فراغ أو مُخلّقة ومهندسة وراثيا إنها ممتدة بجذورها إلى القدماء ومقتطفة من حدائقهم وظهرت في امتزاج وعيه الحسي بما يتجاوزه لتتحول شعريته إلى تساؤل لا إجابة له وليست تحطيما للنسق التقليدي .
وربما حدث ذلك بوعي الشاعر المتقد والمتحرر والمتجاهل لخرافة الشكل والمضمون ولايزال يرى نفسه داخل الزمن وليس خارج إطاره ؛ فعله الشعريّ لا يُؤرخ أو يقول الثورة وإنما يساهم في (تثوير) الفن الشعري داخل حركة الواقع ( كلما أطلق جمُال حداءه في نزوى / أو سعل حقل في دمياط / يرتجّ لهما قلب المسافر في طنجة / أين أنت يانجمة أعضائي الواهنة / غوايتي الأخيرة / في هذه الدجنة الباكية ) .
إنها حداثوية تسعى غالبا إلى تحقيق نظام للقيم لا يتحقق قط ولا يتخذ شكلا نظاميا قط وبتعبير ادوارد الخراط حداثة تتجاوز التاريخ وليست نسقا مستقرا يمكنت الخروج عليه تخترق حصار النمط وتكسر القالب المتعارف عليه.
واللغة في هذه الحداثوية ذات الحساسية الجديدة عند الشاعر ليست غير أداة ذات طبيعة نوعية تؤدي إلى استقامة مفهوم الشعر الذي لايخضع لقانون المعمار الخارجي المفروض بحيث تصبح القصيدة – كما في رأي سوزان برنار – شكل شعري لفوضوية محررة في صراع مع القيود الشكلية ونتيجة لإرادة تنظيم فني يسمح لها أن تتخذ شكلا وتصبح كائنا .
وتظل اللغة – في نظر البعض – رغبة لدى الشاعر في استدراج فضاء الوحشية إلى مجال التخييل للتخفيف من حدته مع ركون إلى صوفية حديثة تعيد التأمل في العناصر الأولى للكينونة الضائعة بين الترحال والترحال ( في الصباح عندما أستيقظ / يستيقظ العالم في رأسي / بكائناته وزعيقه الذي يهرس العظام / أغادر غرفتي التي تشبه كهفا مليئا / بالقتلى ).
ولذلك سيظل شعر الرحبي وحداثويته وحساسيته (نصا) ينفتح على (الكلام) ليعزز ضرورة الإصغاء ويوفر للعين ألبوما من صور غابويّة كما قال المحرر الأدبي لصحيفة (أنوال المغربية).
(نصا واحدا) يسير من الاستيقاظ إلى النوم جارفا معه انهيارات كثيرة تأخذ لها بين اللحظة والأخرى اسما وإشارة جديدة لكن مع ذلك يبقى فحيحا واحدا لنفس الكوابيس ( أمشي أحس أن تحت قدميّ / سماء تضطرب بكامل ضحاياها / وفوق رأسي أرض توقفت عن الدوران ).
ومازال الرحبي يعيش في المنطقة الوسطى بين المنطق والخرافة وكلماته طيور أسطورية تحترق في عين اللغة ثم تولد من جديد لتحلق فوق ذواتنا الأسيرة في جحيم الحرف والطامحة إلى جنة المعنى وفردوس الصورة تعبر فوق انكساراتنا لتعيد تشكيل العالم وفق رؤيتها رغبة في فضحه ومحو قبحه الذي ارتسم في عيوننا العربية وانطبع على صفحة وجوه أطفالنا يوميا على شاشات التلفاز التي يأست من سباتنا الطويل !!!!






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- موعد ظهور نتيجة الدبلومات الفنية 2025.. استعلم عن نتيجتك
- عرفان أحمد: رحلتي الأكاديمية تحولت لنقد معرفي -للاستشراق اله ...
- “متوفر هنا” الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور ا ...
- “سريعة” بوابة التعليم الفني نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدو ...
- عرفان أحمد: رحلتي الأكاديمية تحولت لنقد معرفي -للاستشراق اله ...
- جداريات موسم أصيلة.. تقليد فني متواصل منذ 1978
- من عمّان إلى القدس.. كيف تصنع -جدي كنعان- وعيا مقدسيا لدى ال ...
- رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس nategafany.emis ...
- “رابط مباشر” نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول برقم ال ...
- امتحان الرياضيات.. تباين الآراء في الفروع العلمي والأدبي وال ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناصر أبو عون - سيف الرحبي وشعر الحساسية الجديدة