دمقراطية أُغرِقت بالدماء - حول الانقلاب 1973 الفاشي في تشيلي،

يورام غوجانسكي

الحوار المتمدن-العدد: 587 - 2003 / 9 / 10 - 01:30
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    

 
ان الانقلاب الفاشي في تشيلي، الذي جرى تنظيمه والتحضير له وتمويله، من قبل وكالة التجسس الامريكية، بدأ في (11/9/1973) الانقلاب الذي قاده الجنرال بينوشيت، سحق بكل قوة وظلم الحكومة المنتخبة من ائتلاف قوى اليسار برئاسة الرئيس سيلفادور الليندي، وقاد قادة الانقلاب على مدى (15) سنة البلاد الى الهاوية وبحكم دموي.

ولحكومة الوحدة الشعبية بقيادة الليندي، شركاء (4) أحزاب وهي: الحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي وحزب الفلاحين والحزب الراديكالي. والحزب الراديكالي كان محافظًا، شارك ايضًا في حكومات سابقة. والحزب الشيوعي الذي نال (37%) من الاصوات في انتخابات (1970)، التي جرت قبل اقامة الحكومة، دعم الليندي مرشح الاشتراكيين، الذين عرفوا انفسهم كماركسيين.

ولقد أممت حكومة الليندي، التي استندت الى القانون، كل الصناعات التجارية وفي مركزها الصناعات النحاسية وغالبية مصانع الصناعات الثقيلة والتجارة الخارجية. ووضعت هذه الحكومة تحت الرقابة جميع مؤسسات الثروات المالية وأممت نصف المصانع، وخطوات التأميم والرقابة الرسمية مست بعشرين عائلة من العائلات الأوليفاركية التي تسلطت على اقتصاد وثروات البلاد.
وأجرت حكومة الليندي اصلاحات واسعة في مجال الطاقة ورفعت اجور العمال بنسبة (50%) وحسنت الشروط لهم. وحولت التعليم الى مجاني حتى الصف الثامن الابتدائي، وذلك في دولة فيها (400) الف ولد لم يعرفوا المدارس اطلاقًا.

ان التغييرات الاقتصادية الاجتماعية الهامة خلقت سابقة من تغييرات اجتماعية معمقة وهامة كان لها تأثيرات على كل دول امريكا اللاتينية، سابقة تجسدت في حكومة يسار وصلت الى تسلم مقاليد الحكم من خلال الانتخابات دون استعمال القوة ونفذت وعودها.

ان التغييرات التي نفذتها الحكومة وبمجرد قيام هذه الحكومة دب الرعب في الحكم الامريكي، الذي تعامل دائمًا مع امريكا اللاتينية كالساحة الخلفية له، ولقد عمل النظام الامريكي بمثابرة وقوة للقضاء على حكومة فيدل كاسترو في كوبا، رأى في التطورات الاشتراكية في تشيلي تهديدًا اضافيًا على تسلطه الامبريالي على نصف الكرة الارضية الغربي.
ولقد استثمرت قوات التجسس الامريكية "سي.آي.ايه" بالتنسيق التام مع وزير الخارجية في حينه هنري كيسنجر، مليارات الدولارات لهدم واسقاط حكومة الليندي المنتخبة. وقد مول النظام الامريكي الرجعية التشيلية وقدم الرشاوى لضباط كبار في الجيش الذي لم تتغير تركيبته بعد الانتخابات التي جرت في (1970) وهكذا نجحت المخابرات الامريكية في اجراء الانقلاب الفاشي الذي كان برئاسة بينوشيت، قائد جيش تشيلي.
وبقيادة بينوشيت صعدت الدبابات الى العاصمة سانتياغو وقصفت قصر الرئاسة، وبدم بارد قتل الجنود الرئيس المنتخب سيلفادور الليندي في مكتبه. ولقد دهور الانقلاب تشيلي الى فترة ظلامية، قتل فيها اكثر من (50) الف مواطن تشيلي برصاص قوات بينوشيت وجرى تعذيب الآلاف والآلاف اختفوا. وفي عام (1988) فشل بينوشيت في استفتاء عام، وفي اعقاب ذلك استقال من منصبه في 12/1989. وفي السنوات الماضية جرت عدة محاولات لتقديمه الى المحاكمة، لكنه نجح في التهرب والتملص من الحكم، لكن لم تجر محاولات لتقديم كيسنجر وقادة السي.آي.ايه للمحاكمة، الذين لهم مساهمة كبيرة وموثقة في الانقلاب.

ان التجربة من ايام حكم الليندي والمعركة لسحق النظام الفاشي برئاسة بينوشيت، هما بمثابة مرحلة هامة في تاريخ ثورات شعوب العالم.

نقلا عن موقع الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
http://www.aljabha.org/

#يورام_غوجانسكي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل