أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح سرميني - تمردّ لمخرجه السعوديّ عبد العزيز ناصر النجيم. فيلمٌ شعريّ, تجريبيّ يتماهى مع عنوانه















المزيد.....

تمردّ لمخرجه السعوديّ عبد العزيز ناصر النجيم. فيلمٌ شعريّ, تجريبيّ يتماهى مع عنوانه


صلاح سرميني

الحوار المتمدن-العدد: 1934 - 2007 / 6 / 2 - 05:32
المحور: الادب والفن
    


..... الجوّ جميلٌ هذا الصباح, وشمسُنا مختبئة, وكأنها تتحضر للقاء قادم, انطلق الرحالة, ورغم تلك الأجواء, أبى إلاّ أن يمضي, لستُ أدري إلى أين يتجه,... كثيراً ما أسافر بذهني نحوه,.. أتأمل وجهه, قسماته, خطواته,..هل هو الفتى الحالم, أم المتشائم, هل هو الطموح الوقاد, أم الفقير الذي لم يجد مأوى, هل هو السعيد الشادي, أم التعيس الباكي, أم العبقري المتشرد,.. هو الفتى, هو الطفل, وكفى.
إنه في مكان ما, في زمان ما, وأطفال ليسوا ببعيدين عنه يلعبون, لستُ أدري لماذا يرمي الحصى, أو ماذا يرمي خلف الحصى, حيث كانت هناك اللعبة تتكلم, والصورة تفصح, وتخبرنا المزيد, أحد عشر عموداً, أحد عشر عاماً, طفلٌ بلغ في الجنون مبلغ الرجل.
مرت الأيام, استعادت السماء رونقها الوضّاء, لقد عادت الشمس, وألوان الحياة, ولازالت الأحد عشر عموداً حيّةً كمعالم شامخة نحو السماء, كدليل, وبرهان, لأن الزمان يخبرنا بالمزيد عن طفل مرّ من هنا, وشيّد للتاريخ ما لم يشيّده الكبار, كان ولداً منعزلاً, غريب الأطوار, كثيراً ما يسرح, والبسمة لا تفارقه, يضحك كثيراً, وعلى ماذا تراه يضحك, على أعمدة قتلته, أم لقول لا نفهمه, لكنه في النهاية طفلٌ بنى الحياة, .. ولقد وجدتُ في صحرائنا القشيبة من أمثاله الكثير, أراهم في كل مكان, وزاوية, يستعيرون العقل, كما العقال, يأثرون الصمت لكي لا يُوصف بأنه صوتٌ متمرد...(1)
******
في الفندق الذي يُقيم فيه عادةً ضيوف(مسابقة أفلام من الإمارات) التي تنعقد فعاليّاتها بداية شهر مارس من كلّ عام في (أبو ظبي ـ الإمارات العربية المتحدة), تعوّد المخرجون الخليجيّون على تنظيم جلسات غير رسمية, تبدأ بعد منتصف الليل, وتنتهي في الساعات الأولى من الصباح, وبدوري, حرصتُ على الانضمام إليهم, أستمع إلى مناقشات أفلامهم التي عُرضت في نفس اليوم, وفي إحدى جلسات الدورة السادسة 2007, جاء دور السعوديّ (عبد العزيز ناصر النجيم) الذي انتفض بقامته القصيرة, يهزُّ جسده المُكتنز يميناً, وشمالاً, ووقف وسط الجالسين, وكأنه واعظٌ, أو خطيب جامع, وبدأ يتحدث عن فيلمه القصير( تمرد), يشرحه, ويفسّره شكلاً, ومضموناً, وبعدها أصغى بانتباه إلى ملاحظات, وانتقادات الآخرين.
وقتذاكَ, لم أكن قد شاهدتُ الفيلم بعد, وما كان لي الدخول في نقاش معه, ولكن وقفته الواثقة, وخطابه الذي يبدو أكبر من عمره, ووجهه الطفوليّ المُدوّر, ولحيته السوداء المُتداخلة مع لون بشرته السمراء القاتمة, جعلتني أردد في داخلي :
ـ يا ربيّ, كيف يكون هذا الصبيّ المُلتحي مخرجاً... متمرداً ؟.
ولكنني في باريس, سارعتُ لمُشاهدة فيلمه قبل تلك التي أعطاني إياها زملاؤه.
يكثف الحدث الجوهريّ فيه هيامَ صبيّ, وتجواله في طرق ممتدة, وزرع أوتادّ في الصحراء, وهو بذلك يقترب من فيلم قصير آخر بعنوان (الهائم) لمخرجه المغربي (محمد مفتاح).
ولا يتضمن (تمرد) أيّ حكايةً, أو شخصيات تتطور, إنه يرتكز بشكل أساسيّ على خواطر نثرية, وبدونها لن يكتمل المعنى, وربما لن يتحقق الفيلم أصلاً.
وفي (تمرد) نعثر على (شعرية) سينمائية نجدها في معظم الأفلام الخليجية المُتميزة, ولا غرابة في ذلك من مخرجين يكتبون القصص القصيرة, والشعر, ولم يدرسوا السينما, فجاءت أفلامهم أقلّ أكاديميةً, وأكثر جرأةً.
كما يتجسّد (التجريب) في(تمرد) بهروبه من التصنيفات المُتعارف عليها, روائية, أو تسجيلية, ما يمنحه خصوصيةً لم نجدها في دزينة الأفلام السعودية المُنتجة خلال عاميّ 2006/2007, ومكانةً متميزةً في عموم الأعمال القصيرة المُنتجة في الخليج خلال السنوات الست الماضية (هي العمر الحالي لمُسابقة أفلام من الإمارات) .
ما هو مفاجئٌ حقاً, أن يأتي هذا التجريب من السعودية, وبالتحديد من شابّ صغير, ربما لم يقرأ بعد أيّ كلمة عن (السينما التجريبية), ولم يشاهد أيّ فيلم تجريبيّ, فجاء (تمردّ) من وحيّ موهبته الفطرية .
وقد لاحظ المُتابع لمُسابقة أفلام من الإمارات, بأنّ معظم الأفلام التي أنجزها الشباب الخليجيون العاشقين للسينما, كانت تقلدُ مخرجاً, أو فيلماً ما.
بينما لم يقلد ( تمرد) أحداً, ولا أتوقع بأنّ مخرجه قد شاهد فيلم (في هذا البيت)/2005 لمخرجه اللبناني (أكرم زعتري) كي يستوحي منه بعض شكله السينمائي : صورةٌ/لقطةٌُ مركونةٌ في يمين, وأعلى الكادر, تحتل ثلثيّ شاشة سوداء, وفي اليسار نقرأ تباعاً نصّاً نثرياً, هو بمثابة مونولوغ داخلي, بينما تتناوب اللقطات بين الألوان, والأبيض, والأسود, وفي مرة واحدة فقط صغر حجم الصورة/اللقطة في المساحة السوداء(الشاشة), وظهرت 9 صور/لقطات أخرى.
وبالتوازي مع الجوانب الإيجابية للفيلم, من المفيد الإشارة إلى فهم مغلوط في توظيف الموسيقى التصويرية, إذّ يبدو بأنّ (تمرد) ينقسم إلى أجزاء بعدد المقطوعات الموسيقية العالمية المُرافقة له, وقد افتقدت الوحدة فيما بينها, فمع كل جزء نسمع مقطوعةً مختلفة, وكأنها اصطفت الواحدة خلف الأخرى, مما أفقد الفيلم بعض تماسك بنائه السينمائي.
كما يعاني أحد الأجزاء من خطأ تقنيّ هامّ(عدم وضوح الصورة), وكان بالإمكان حذفه, خاصةً, وأن الفيلم يتضمّن لقطات لم يصحبها النصّ المكتوب, فكان هذا الجزء غريباً عما سبقه, ولحقه.
وجاءت كلمة (تمرد) المكتوبةً على إسفلت شارع طويل ممتد نحو الأفق كي تعلن بطريقة مدرسية مُباشرة, وفاقعة عما تمّ التعبير عنه سابقاً .
ولكن,.... بالتغاضي عن تلك الأخطاء التقنية المُرافقة لبدايات مخرج لا يمتلك خبرةً سابقة, يُعتبر (تمرد) مفاجأةً حقيقية, إنه باختصار فيلمٌ شعريّ, وتجريبيّ يتماهى مع عنوانه.
وبافتراض استمرارية جرأة أعماله القادمة, وخروجها عن المألوف, النمطي, والاعتيادي, يمكن أن ينضم (عبد العزيز ناصر النجيم) إلى قائمة مخرجين ساروا قبله على نفس درب (التمرد) السينمائي/التجريب .

تمرد
فكرة, سيناريو, تصوير, وإخراج : عبد العزيز ناصر النجيم
موسيقى : طلال بن عايّ
مونتاج, صوت : طلال الحربي
جهة الإنتاج : مجموعة الحلم السابع, 20 دقيقة,2007, ملون, وأبيض, وأسود, ميني د.ف
تمثيل : محمد القاسم, فيصل العسيري, عبدالمجيد النجيم, عبد الرحمن العسيري

عبد العزيز ناصر النجيم : مواليد الرياض، 5 يونيو 1986, كتب, وأخرج بعض المسرحيات, والعديد من الأفلام القصيرة, عمل لمدة عامين مساعداً للإنتاج في مؤسسة "همم" الإعلاميّة, شارك في العديد من الأعمال (الصوتية, والمرئية) شاعراً, ومُعداً, وكاتباً للسيناريو, يدرس حالياً في جامعة الإمام محمد بن سعود .

(1) : مقتطفات من النصّ النثري لفيلم (تمرد)



#صلاح_سرميني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلة البدر لمخرجه السعوديّ (ممدوح سالم),رصدٌ متعجلٌ لمظاهر ا ...
- في (قطط بلدي) لمخرجه (تامر البستاني), روح الماضي, وحنينٌ إلى ...
- طفلةُ السماء بين رواية الكاتبة السورية سمر يزبك وفيلم المخرج ...
- طفلة السماء لمخرجه السعوديّ علي الأمير, صياغةٌ سينمائيةٌ متم ...
- طفلةُ السماء : أوجه التقارب, والاختلاف بين رواية الكاتبة الس ...


المزيد.....




- سلطنة عمان تستضيف الدورة الـ15 لمهرجان المسرح العربي
- “لولو بتعيط الحرامي سرقها” .. تردد قناة وناسة الجديد لمشاهدة ...
- معرض -بث حي-.. لوحات فنية تجسد -كل أنواع الموت- في حرب إسرائ ...
- فرقة بريطانية تجعل المسرح منبرا للاجئين يتيح لهم التعبير عن ...
- أول حكم على ترامب في قضية -الممثلة الإباحية-
- الموت يفجع بطل الفنون القتالية المختلطة فرانسيس نغانو
- وينك يا لولو! تردد قناة وناسة أطفال الجديد 2024 لمشاهدة لولو ...
- فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن ...
- مغن كندي يتبرع بـ18 مليون رغيف لسكان غزة
- الغاوون ,قصيدة عامية بعنوان (العقدالمفروط) بقلم أخميس بوادى. ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح سرميني - تمردّ لمخرجه السعوديّ عبد العزيز ناصر النجيم. فيلمٌ شعريّ, تجريبيّ يتماهى مع عنوانه