أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مريم جمعة فرج - جوناثان كنت..مسرح الميدا.. في ظل هيمنة النموذج الامريكي















المزيد.....

جوناثان كنت..مسرح الميدا.. في ظل هيمنة النموذج الامريكي


مريم جمعة فرج

الحوار المتمدن-العدد: 68 - 2002 / 2 / 18 - 17:19
المحور: الادب والفن
    




قبل اعتزاله يقول المخرج المسرحي البريطاني جوناثان كنت «لا اريد لمسرح الميدا ان يتحول الى مؤسسة» فهل تتحول مثل هذه التجربة الجادة الى مؤسسة ثقافية رأسمالية؟ لدى قراءة بعض التجارب المسرحية العالمية يتبادر الى ذهنك هذا السؤال والسؤال عن المستوى الذي آلت اليه تجارب طليعية كانت تشتمل على الكثير من الاصالة والفهم لوظيفة المسرح بعيدا عن المقاييس الاخرى،


إلا ان تجربة مسرح الميدا احد اشهر مسارح العاصمة البريطانية لندن التي يقودها المخرج المعروف جوناثان كيث هي احدى التجارب التي تستحق التوقف عندها خاصة بعد اعلان كيت عن رغبته في الاعتزال بعد 12 عاما من العمل كثنائي متميز هو وزميله الممثل ايان مكديارميد.


الكاتب المسرحي والممثل البريطاني المعروف ديفيد هير وأوليفر فورد ديفز وغيرهم ربما استفزهم اعلان الانسحاب المفاجيء الذي ازاح كنت الستار عنه مؤخراً ولعل ما يقوله هير في احد تعليقاته هو الاكثر اهمية رداً على ذلك اعتقد انه عندما يتوقف الآخرون عن تسيير اعمالهم على خشبة المسرح فإن هذا الشيء يشبه الانسحاب المربك لهرمون الادرينالين.


لكن بغض النظر عن كونه انسجاما مفاجئا وبغض النظر عن تصريحات كيت المضادة لفكرة تحويل المسرح الى مؤسسة ربحية وفقا للمقاييس العالمية السائدة فإن ما تؤكده مصادر اخرى يدعم الكثير من التكهنات بأن كيت من جهة اخرى يخطط لمشروعه المسرحي خارج اطار التقليدية المعروف عن المسارح الامريكية والبريطانية الحديثة،


وثمة ما يمكن قوله عما يرى المراقبون انه ينتظره من اعمال في عدد من العواصم العالمية مثل طوكيو وباريس وهي في الغالب اعمال مسرحية بالاضافة الى ما تقول بعض المصادر من انه اكثر من فكرة لاخراج فيلم سينمائي.


الواقع ان الاثنين جوناثان كنت وايان مكديارميد هما المسئولان في الحقيقة عن انجاز استثنائي رائع في تاريخ المسرح البريطاني اذ يرجع لهما الفضل في تحويل مسرح الميدا من مسرح صغير متواضع الى مسرح جاد تتناقل اخباره وسائل الاعلام على اختلافها وعلى الرغم من ذلك فقد اعلن الاثنان مؤخرا عن ان رغبتهما في الاعتزال ستكون مرتبطة جداً باللحظة التي يشعر فيها احدهما بأنه يكرر نفسه.


يجمع الكثيرون لاسيما في الاوساط النقدية المسرحية على ان مسرح الميدا قد اكتسب شهرته الواسعة بفعل عوامل كثيرة لعل اهمها تطعيمه بالكفاءات المسرحية المتميزة المتمثلة في المع نجوم المسرح البريطاني من امثال «رالف فينيس وجولييت بينوشيه وكيفين سبيسي وكيت بلانشيت» وغيرهم من العناصر التي ابدت اقتناعاً شديداً بالمشاركة في تجربة مسرح الميدا على الرغم من تواضع مردودها المادي.


بالاضافة الى ذلك فإن تجربة الميدا قد افرزت باسلوبها غير المتكلف الشديد الانسجام مع نفسه حالة استثنائية بينت ملامحها على المدى البعيد وهي كما يعبر عنها الكاتب والمخرج البريطاني الساخر ديفيد هير اعادت اكتشاف التراث المسرحي الاوروبي ونجحت في تقديمه لجمهور المسرح اللندني كما نجحت في ايصال المسرح البريطاني الى طور العالمية.


قبل حزمه امتعته ومغادرته سئل جوناثان كيت عن دوره في النجاح الذي حققه مسرح الميدا خاصة وانه لم يغادر هذا المكان إلا بعد تحقيقه الكثير من الانجاز الذي كان آخره النجاح الذي حققه على مدى 14 شهراً متواصلة من العمل مع مكديارميد واخراجه لعدد من الاعمال المسرحية لتشيكوف «بلاتونوف» وبرين فريل «المداوي» وشكسبير «الملك لير».


تمتد جذور كنت الى عائلة متخصصة في فنون العمارة وربما كان لذلك تأثير على ذوقه المتميز على الرغم من مظهره الفضي قليلاً، وطوال سنوات عمله الاثنتي عشرة كان مسرح الميدا هو مكان اقامته الدائمة «14 ساعة يومياً» وضمن الاشياء التي يقول بأنها تحمله على التفكير في الاعتزال الى جانب شعوره بالاستنزاف وبتكرار نفسه احساسه بأنه لم يعش حياة اخرى غير حياته العملية وبأنه يفتقد الكثير من العلاقات الحميمية خارج اطارها العملي الرسمي.


من الشعارات التي ظل كنت يرددها انه لابد من الخوف حتى يصير العمل جيداً ومع ذلك فهو كما يعترف ميال الى حب المغامرة وامور اخرى كثيرة تأسست عليها ايديولوجيا مسرح الميدا القائمة على التحدي في اي وقت ومثال على ذلك تورط نجميه كنت ومكديارميد في عمل مسرحي مثل «ريتشارد الثاني وكوريولانوس» بلغت تكاليفه مليون جنيه استرليني خلال اسبوع واحد.


ولعل آخر ما يتبقى لدى كنت هو القراءة السريعة لخياله وبالاحرى لاحد اعماله الاخيرة كما تقول كيث كلوي من صحيفة الاوبزيرفر التي يباشر العمل فيها على طراز المهندس المعماري الذي يمكنه ان يبني لعمل مسرحي مثل «الملك لير» يوما يمكن لهذا العمل ان يقيم بداخله بيتاً خاصاً بمواصفات غريبة شاذة، غرفة منفصلة وأريكة من الطراز الارستقراطي وغيرها من التصورات التي لا تطرأ إلا في حالة من الجنون او من التداعيات الذهنية الشديدة التطرف التي لا يمكن إلا لاشخاص مثل بطله مكديارميد التجاوب معها على خشبة المسرح.


جزرء من تكوينه المسرحي يعود الى نشأته في جنوب افريقيا في كيب تاون احدى الايجابيات التي اتمتع بها هي كوني غريبا عن بريطانيا الى حد ما، هذا الامر لا يبدو بغيضاً فأنا استمتع به.


«وبشيء من الرومانسية يجيب على سؤالك عما اذا كان لافريقيا اي تأثير على ذوقه الموسيقي» افريقيا هي الضوء وهي المكان، يخيل الي ان افريقيا قد امدتني بالطاقة اللازمة لتفجر موهبتي في مجال الاخراج بالاضافة الى ان اعظم منحة جعلتني انالها هي عدم الشعور بالتحيز لكل ما هو بريطاني.


بالنسبة للكثيرين من النقاد فإن حالة عدم الشعور بالتحيز ربما كان لها الاثر الكبير في محاولة كنت عرض الاعمال الخاصة بمسرح الميدا خارج لندن فقد تم عرض اعماله مسرحية لتشيكوف في موسكو واوسكار وايلد في الولايات المتحدة وشكسبير في منطقة هكني البريطانية المتواضعة والعديد من الاعمال غير التقليدية الغريبة في اماكن غير متوقعة من لندن مثل وست اند.


بشيء من الاحساس بالزهو والبهجة تجاه تجربته المسرحية يعترف كنت بأن المسرح هو المدرسة التي تخرج منها على يد مخرجين كبار من امثال جليس هفرجال وفيليب بروز من مسرح جلاسجو شيفرنز اللذين تعرف اليهما في فترة عمله ممثلا بعد تخرجه من كلية «سنترال سكول اوف سبيتش آند دراما»، اما ديفيد هير فيدعم في رأيه ما يعتقده بأن الشيء الذي ورثه عن هؤلاء رؤيته المتوهجة التي لا يعوزها الاحساس بالمسئولية والتي لا يبدو ان بريطانيا قد تعودت عليها.


يقول كنت: ان اعظم تجربة مسرحية مررت بها تتلخص في الاعمال التي اخذتها من مؤلفات شكسبير وقمت باخراجها ولعل اقربها الى قلبي هي مسرحية «حلم ليلة صيفية» ان شكسبير كله يجسده هذا العمل المسرحي بكل ما يتضمنه من غموض ولاشك في انه عمل يتسم بالفوضى والهزل والخطورة وكل ما يعبر عن حالة الوقوع في الحب ولكن هل يمكن القول بأن مسرحنا المعاصر لا يزال في حالة جيدة بالمقارنة بهذا المسرح العظيم، المسرح البريطاني متوعك وعاجز باستمرار.


وهنا فإن كل ما يتذكره كنت عن ديفيد هيرس هو تعليقه على الطريقة التي تظهر فيها الصحافة وكأنها تنعي كل شيء بما في ذلك المسرح دون ان تتنبه الى نفسها ومع ذلك فثمة ما يمكن قوله هنا وهو ان كل هذه الآراء تبدو صحيحة فبعدما شهده المسرح البريطاني من ازدهار لظهور طاقات مسرحية من امثال ستيفن والدري وريتشارد اير يأتي تهميشه الآن.


وهو ما يعتقد كنت بأنه جزء من الحالة العامة التي يمكن له ان يسميها ازمة الثقة «اننا نهاجم كل المؤسسات الاخرى الدولة الكنسية ورويال اوبرا هاوس وها نحن نبدو كما لو اننا حيوانات محبوسة تنحت تحت اقدامها.


اذا كان جوناثان كنت قد تخرج من مدرسة المسرح كما يسميها فإن فن التمثيل قد علمه ايضا ما يعتقد بأنه مدى الصعوبة التي ينطوي عليها عمل كالتمثيل، ان التمثيل عمل بطولي هنا يشير هير الى ان شهرة كنت الواسعة في اوساط الممثلين تعود الى تعاطفه الشديد الامر الذي يمثل جانبا من الضعف ربما في شخصيته كمخرج وعلى الرغم من ذلك فإن هذا التعاطف يجعله مختلفاً عن غيره من ابناء الجيل الجديد من المخرجين الذين يحملون مؤهلات علمية اعلى ويتعاملون مع النص على نحو اكثر عقلانية.


علاقة كنت بممثليه كما يرى بعض هؤلاء ومنهم زميله اوليفر فورد تحتل جانباً كبيراً من الاهمية لدى اقترابها باشياء مثل عدم استسلامه لليأس او الضجر ونشاطه غير العادي الشيء الذي يمكن التأكيد على انه العامل المحرض المحرر الذي يحملك على تحقيق اشياء لم تكن تفكر في الاساس بتحقيقها على الرغم من وفرة مواهبك لاسيما وانه يتركك تنطلق بعيداً ان تضرب برأسك الجدار بعنف بمجرد ان تطلب منه السماح لك بأن تفعل ذلك ليتضمن العرض هذه اللقطة الهسيتيرية.


يعتقد فورد ان مخرجا كوجاناثان كنت يملك ايضا ايضا موهبة تجاوز اخفاقاته العملية وهو ما كان يتكرر في بعض عروض المسرحية «مسرحية الوفرة» التي وجهت اليها الانتقادات بسبب تكلفها الشديد على الرغم من ذلك فقد تم له تجاوزها لكن اشكالية جوناثان كنت مع مسرح الميدا تبرز في النهاية كما يعبر عنها بوضوح «ان اعظم ما في هذا المسرح ان تجربته لا يمكن لها ان تلغى انها كالخدعة الضوئية، كالحرية التي لا يمكن لها ان تصدق ولذا فإنه لا يمكن لها ان تتحول الى مؤسسة.

البيان



#مريم_جمعة_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- إعلان 2 مترجم.. مسلسل المتوحش الحلقة 36 على mbc وشاهد vip مد ...
- أحداث مثيرة… المؤسس عثمان 162 الموعد والقنوات الناقلة مترجم ...
- محمد رمضان: -مكسوف لنفسي ولكل عربي- (فيديو)
- سينما الإنسان المسلم في لندن: مهرجان يتحدى الصورة النمطية
- تابع الحلقة 162 قيامة عثمان.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 162 ...
- شاهد.. الرئيس الايراني الشهيد بريشة فنان فلسطيني
- أقوى أفلام الكرتون.. تردد قناة توم وجيري عبر أقمار العرب سات ...
- بخطىً ثابتة.. -جائزة سليماني- تكرّس حضورها في قلب المشهد الأ ...
- 300 صالة سينما فرنسية تعيد عرض -إنقاذ الجندي رايان- في ذكرى ...
- تفاعل كبير مع ظهور الشيف بوراك في مهرجان -كان-: ماعلاقة الكب ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مريم جمعة فرج - جوناثان كنت..مسرح الميدا.. في ظل هيمنة النموذج الامريكي