أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سليم بن حيولة - الكولونيالية وخطاب التقزيم















المزيد.....

الكولونيالية وخطاب التقزيم


سليم بن حيولة

الحوار المتمدن-العدد: 1932 - 2007 / 5 / 31 - 06:40
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بعد تصاعد موجة الحركات التحررية التي قامت بها الشعوب المستعمَرة، وخاصة الشرقية منها كان الغرب قد بلغ أوج أزمته الفكرية والحضارية التي أشار إليها العديد من الفلاسفة والمفكرين من أمثال الفيلسوف رونيه غينون في كتابه أزمة العالم المعاصر الصادر عام 1946، بالإضافة إلى مقالة المفكر المصري المفرنس أنور عبد الملك على صفحات مجلة ديوجين عام 1963 والمعنونة بـ أزمة الاستشراق ، وكان قبل هذا قد نشر الفيلسوف الألماني أوزوالد سبينغلر في العام 1918 كتابا بعنوان "انحطاط الغرب" عالج فيه اجتياز أوروبا من مرحلة الثقافة المتميزة بالنشاط العفوي ،كما يقول، إلى مرحلة الحضارة المسيطر عليها بالثقافة العقلية والآلات والتقنية، وهو ما يعني أن الغرب في عصرنا هذا يسير في طريق انحطاطه، والانحطاط يعني أنه لم أضاع الطريق للوصول إلى حقيقة الحياة وأسرار الكون الغيبية، كما أن العديد من هؤلاء وغيرهم قد تحدث عن نهاية الغرب على الأقل فكريا.
استتبع حركات التحرر المشار إليها حركات نقدية حثيثة مسَّت كل الأفكار الموروثة عن الحقبة الاستعمارية مثل: الكولونيالية والاستشراق وصورة الآخر، إيمانا من أولئك النقاد بأن بداية التحرُّر تكمن في التخلص من عبودية الفكر المسيطر، فظهرت أعداد كبيرة من المؤلفات القيمة في هذا الباب مثل سلسلة كتب التونسي ألبير ميمي كـ" صورة المستعمِر والمستعمَر" و"محاكمة الكولونيالية" وإيمي سيزار"المعذبون في الأرض" و" بشرة سوداء وأقنعة بيضاء" وريمون أرون في " المأساة الجزائرية"، وكذلك كتب "فرانز فانون" وكتابات الفيلسوف "جان بول سارتر"، بالإضافة إلى كتاب "مارك فيرو" مدير مركز الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية بباريس والمسمى" الكتاب الأسود للكولونيالية"الصادر عام 2004 ، وهو عمل جماعي يتناول فيه بداية الاستعمار في القرن السادس عشر حتى أفوله في القرن الواحد والعشرين، وإن كان لم يأفل فعلا كما يرى هو، ويعني بالاستعمارلديه أيضا نفي أكثر من عشرة إلى أربعة عشر مليون شخص بعيدا عن أوطانهم وكذلك السيطرة التي تعني سلب الهوية الوطنية للشعوب المستعمَرة، وغيرها من الأصوات التي دعت إلى كشف مجازر الكولونيالية، إلا أن مسيرة التطلع المشار إليها شابها العديد من التحديات من مثل مصادقة البرلمان الفرنسي في الـ 23 فيفري 2005 على قانون يقتضي الاعتراف بالدور الإيجابي للتواجد الفرنسي في المستعمرات السابقة، وخصوصا المغرب العربي وبالأخص في الجزائر، وهي تمثل محاولة لرد الاعتبار للاستعمار وتمجيده والادعاء بأنه ساهم في تحضير تلك الشعوب ومساعدتها على تجاوز الحالة البدائية التي وجدها عليها، ويرى أن بعض مظاهرها ما تزال إلى اليوم، ولعل هذا الأمر يبدو نابعا مما يمكن تسميته بـ مركب نيرون أي اعتبار الفعل الاستعماري شرطا إيجابياوموضوعيا.

القوة تُحالف الجهل:

مع بداية مرحلة الاستعمار الحديث خلال القرن التاسع عشر الذي عُرف بقرن الاستعمار، كان هناك معرفة تراكمت لدى الساسة الغربيين عن طريق الخبراء والعلماء الذين تنقلوا إلى آسيا وإفريقيا وعاينوا شعوبها وكتبوا عن كل شيء يخص مجتمعاتها، وأبرز مثال على هذا هو الترجمة التي قام بها المستشرق الفرنسي كواترمير لمقدمة ابن خلدون والتي نُشرت على نطاق واسع في الدوائر الاستشراقية بأوروبا وساهمت في فهم عقلية الشعوب المغاربية، فتولدت عن هذه المعرفة الثقافية قوة ومحاولة سيطرة ، استطاعت أوروبا بموجبها أن تبسط هيمنتها على مناطق واسعة من العالم، وبانتهاء الحرب العالمية الأولى كان الأوروبيون قد احتلوا حوالى ثمانين بالمئة من الكرة الأرضية.
كانت النظم الإدارية الاستعمارية ترفض مطالب الشعوب بالتحرر وتصف القومية والوطنية بأنها ضرب من ضيق الأفق ونوع من أنواع الانغلاق والميل إلى الانعزال، ولذلك يجابِه الفرنسيون الجزائريين الخارجين للمطالبة بالاستقلال في الثامن من شهر ماي عام 1945 بالقتل وارتكاب المجازر في حقهم لأنهم يرون أنهم لا يعرفون ما يصلح بهم، وسياسة كرومر في مصر تصلح لأن تكون أبرز مثال على هذا الأمر فهو لم يعترف بشرعية مطالب المصريين بالاستقلال لأنهم، ببساطة، لا يعرفون، لقصورهم وعدم معرفتهم البصيرة بالأمور، ما يصلح بهم، والغربي فقط هو من يعرف ما هو الأصوب فعله ، وبهذا فاستعمار أراضيهم وإدارة شؤونهم يقوم به، بطريقة أفضل الرجل الأوروبي الأبيض الذي أشار إليه الشاعر الإنكليزي المولود في الهند روديارد كيبلنغ والذي ظل من خلال شعره يمجد المسيرة الاستعمارية لذلك الرجل الأبيض في الشرق.



النظرة التقزيمية والمنتقِصة :

وقد وَجدت هذه النظرة التقزيمية للشرقي موضعا لها لدى المفكرين والفلاسفة والمنظرين والاقتصاديين الأوروبيين، فإنجلز رد ثورة الأمير عبد القادر الجزائري ضد القوات الفرنسية المستعمِرة إلى كونها تمثل الصراع اليائس للحالة البربرية للمجتمع الجزائري الذي لم يستطع فهم حقيقة الأمر، فرحب إنجلز بالغزو لأنه كان، في رأيه، حقيقة هامة وسعيدة في تقدم الحضارة•، والأمر ذاته بالنسبة لكارل ماركس الذي قال عن الشرقيين: إنهم عاجزون عن تمثيل أنفسهم، لذا يجب أن يُمثَّلوا ، فالشرق ، بهذا المفهوم، دوني ومتخلّف وبعيد عن التفكير الغربي الحر ولذلك فهو يستحق الاستعمار أو بعبارة جنسية الإخصاب الذكوري الأوروبي ، وماركس لم يعلن معارضته لتحطيم البنية الاجتماعية في الهند من قبل الإنكليز، بل إنه ثمَّنها لأنها، حسب رأيه، قضاء على مخلفات الفترة البدائية لذلك المجتمع، فهذا التحطيم كان ترسيخا لقيم العدالة والاشتراكية، ولا يعبر مصطلح نمط الإنتاج الآسيوي سوى عن خاصية اختلف بها الشرق عن الغرب ، كما أن الشاعر الفرنسي لامارتين رأى أنه لا بد من استعمار بلدان الشرق ؛ فرغم أن أسلوبه في الكتابة كان مغلَّفا بالإعجاب والدهشة لما يثيره الجو الشرقي، ومع أنه مدح الطبع العربي على أساس أنه يمتاز بالشاعرية والدفاع عن الشرف وروح التسامح، إلا أنه ظل يقدم المبررات والمسوغات التي تدعو لضرورة حكم شعوب الشرق من قبل الأوروبيين بسبب التمزق والتخلف وكذلك الضعف الذي يسم شعوب تلك الدول.


المثقف الأوروبي نموذجا:

وفي ميدان آخر هناك مثالان على درجة كبيرة من الأهمية هما جون ستيوارت ميل الذي عمل طول حياته في مكتب الهند وعارض دوما استقلالها ولم ير قيمة لها دون إنكلترا، وكذلك دوتوكفيل الذي انتقد معاملة الأمريكيين للعبيد والهنود غير أنه من جهة ثانية أيد المذابح التي ارتكبتها فرنسا في الجزائر باسم التحضير والتمدين، كما لم يفلت الكاتب ألبير كامو من إسار هذا الخطاب عندما قال: لو خُيرت بين العدالة وأمي لاخترت أمي ؛ ويقصد فرنسا، وقال كلمته المشهورة "بأن الثورة تدمر المبادئ والرجال كليهما"، فعقلية كامو الاستعمارية ومفهومه للإنسان الشرقي هيمنا على رأيه في الأمر، وقد نتج عن كل هذا تلك النظرة السياسية المعاصرة القائلة بأن الانتفاضات القومية والاحتجاجات الشعبية والمقاومات رجعية بالضرورة، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، إذ ظهرت الطبعة الأخيرة للمنجد الفرنسي لو بوتي روبير وفي ثناياها شرح لكلمة كولونياليزم على أساس أنه تحضير واستغلال أراضي الدول تلك، دون أن يشير إلى ما ارتكب في حق الشعوب من جرائم، ومع الغزو الأمريكي الأخير للعراق فإنه يمكن القول بأن العنف الممارس في حق الشعوب الشرقية قد جاوز كل مجازر الكولونياليات الأوروبية القديمة.



#سليم_بن_حيولة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بيني غانتس يمنح حكومة نتنياهو مهلة حتى 8 يونيو لوضع خطة للحر ...
- -مسرح الهرم-.. المكلف باغتيال عادل إمام يكشف تفاصيل لأول مرة ...
- مصر.. مقتل الطفلة -عبير عادل إمام- وإصابة شاب في إطلاق نار ب ...
- شاهد: مناورات عسكرية مشتركة بين الصين ومنغوليا بالذخيرة الحي ...
- روسيا تصادر أصول بنكين ألمانيين وزيلينسكي يخشى هجوما أوسع
- قرد أخضر هارب يعض ثلاثة أشخاص في إقليم خاباروفسك (فيديو)
- بولندا .. قوات الأمن تعتدي بالضرب على 5 مهاجرين وتطردهم نحو ...
- ضابط أمريكي متقاعد يهاجم بلينكن بعد تصريحاته عن قدرة الغرب و ...
- وساطة عراقية.. نزع فتيل صدام طهران بواشنطن
- شركة أمريكية تسحب منتجاتها من -رقائق البطاطا الحارة- من الأس ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سليم بن حيولة - الكولونيالية وخطاب التقزيم