أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صفاء عبد العظيم خلف - لا أومن إلا بالشياطين التي تسكن أرواحنا!!















المزيد.....

لا أومن إلا بالشياطين التي تسكن أرواحنا!!


صفاء عبد العظيم خلف

الحوار المتمدن-العدد: 1931 - 2007 / 5 / 30 - 09:47
المحور: الادب والفن
    


إعتراف مبكر جداً...
[ بقدر ما تكون الكلمة في الحلم طريقاً إلى الحرية ، نجدها في الواقع طريقاً إلى السجن ]
الشاعرة سنية صالح

1

ترصف على ظهورنا الصغيرة كل خطايا تاريخ مفخخ لم نختره لنا تراثاً او حتى خيرنا بالانتماء اليه ، فليس من المعقول ان ننتمي الى اسلاف أساؤا لمستقبلنا كثيراً ، لذا كان من الصعب جدا ان ابصر النور من قعر نهر ضحل ، دون ان يكلفني ذلك ثمن باهض ، في ان أولد غريباً وربما ارحل بغربة اكبر ، فعندما بدأت ارصف الكلمات واحدة تلو اخرى ، شعرت بأن للضياع معنى اكبر من غربة ، لذا فأنا ضائع / لا تهتدي بوصلتي الا للشوارع الخاوية و الوجوه المتسائلة والريح الطليقة ، ولا اجد ذاتي الحقيقية ووجهي البريء الا عند ارصفة الفقراء والعتالين و صباغي الاحذية المشردين.

ان تكون شاعراً قبل ان تفقه ما معنى ان تكون كذلك ، جريمة بحق ذاتك قبل الاخرين ، فمن اين لنا عالمٌ يتحمل كل نزقنا و عبثنا و برائتنا ؟! ، ومن أي لنا براءة ساحرة و ارواح بيضاء كأشرعة سفن النجاة النادرة ، العالم يا صديقي اللدود ، لاينتظر شاعراً يغتال قبحه بقدر ما ينتظر شاعراً يتبول عليه فيظهر جماله.

تتفرس في وجهي بحثاً عن ملامح الأسلاف ، ستجدني انتمي لكل الذكورات التي فضت بكارة حضارتي ، فأنا كلهم ، دون استثناء ، احمل خبث سرائرهم ، و نقاء امانيهم ، وصفوة ثقافاتهم ، وجمال صباياهم ، لكني لن احمل معولاً لاحفر به قبر شعبٍ مـا ، او افض بكارة حضارة دون استئذان.

الهجين / المتمرد الهادئ الصانع للقيم الجديدة ، الذي ينزوي خلف الاف الجدران ليعلن انقلابه الصغير على ذاته ، ويكفر بكل الحبيبات ، ويلعن كل البساطيل والتماثيل ، و يسخر من كل الالهة ، ويتغرب اكثر فأكثر و يخنق جسده بطهرانية مجانية ، فقط ...!! ، لينتمي للشعر و ربما يموت من أجله.

منذ الخليقة
اهرب دمي
رصاصة .. رصاصة
قبلة .. قبلة
علني اجد
من يغتالني دون رحمة
او من يحبني دون ثمن.

حينما كانت تهتز الارض تحت اقدام أبي في جبهات النحر المجاني ، عندما خامر العالم نشوة وحشية في التقاتل ، كانت الارض تهتز تحت جسد أمي وهي تحتضر لتطلقني الى العالم ذاته ، لم يكن الخيط السري بينها وبين بطلها المنهك في الحرب سواي !! ، فما صورة من يولد في ساعة موت خاسئة ، سوى ان تبرز لعنات حروب الكون كلها فيه ، ولدت بوشم محبب لا ازال احاول اغتياله حتى النهاية.


2

الشعر بلا عقيدة أو وطن أو قبيلة ، وحين تتماهى كينونة الشعر مع كينونة الشاعر ، تتداخل المشاهد في الجوهر خالقة كينونة رافضة لكل العلب الساذجة التي أجد ذاتي مكبلة بها ، قطعت مسير صحراء الانتماء بتيه موسوي جديد ، فقطعت كل الحبال الموصولة ، وعمدت ذاتي بماء الإنسان الأول حين خرج من النبع طاهراً كقطن الحلاج ، لا تؤشر بوصلته إلا باتجاه الإنسان وحده.

الوشم الذي طبع مخيلتي دائماً ، البحث عن الجوهر والانتماء له انتماءاً حراً لا مشروط ، فالحضارة النائية و المستحدثة ، معمار عقل ، وبالضرورة إنها نتاج عقل حيوي ، تماهى مع الرغبة الإنسانية العظيمة في السلام فأنتج استقراراً صنع كل هذه التكنولوجيا التي لم نفقه يوماً أسرارها ، سوى ترهات فاشلين في إن حضارتنا علمت العولميين!!.

السيادة للعقل ، لكن للعبث عالماً لا تسعه حدود ، وما بينهما بينت ذاتين ، أتعايش بهما ، فالذات المنطقية العاقلة ، ذات الناقد ، والذات الفوضوية العابثة / ذات الشاعر ، شيزوفرينيا مكبوتة خشية لا مهابة ، ومن الممكن القول إن ذاتي تناقضات تمشي على الأرض ، فالتناقضات تلك ، لم يلدها فجور ، بل ولدت من رحم ثورات و تحولات و حلولات ، أشتعل الرأس منها شيباً على صغر ، أتذكر في ربيعي الخمسة عشر ، قرأت كفاح هتلر ، كنت منبهراً جداً به إلى الحد الذي ما عدت أرى هتلراً سوى ذلك الفاشي الجميل ، وطبع في ذهني مقولة (( إذا كنت قبل الثلاثين لا تقرب السياسة ، فلن يصيبك منها سوى الوحل )) ، استنكرت ذلك وقتئذ على هتلري الجميل ،فاعترف ... الساعة ، إن هتلر وهبني فرصة تأمل عميقة بعد هزات انتماء سياسي عنيفة مررت بها – سأكشفها ذات جنون في خريف العمر ، إذا ما ربطت وثاق ضميري جيداً حتى ذاك الوقت - ، فأكتشفت إن الشاعر متبوع ، و ممنوع ، هاتان الخصيصتان كافيتين أن أواجه بهما أي سلطة ، إن كان النضال يعني أن أتجلبب بخاكي الثورات أو بعمائم الحوزات وبصلبان القديسين ، فاني أتبرأ من كل الثورات ، وحدها الذات الإنسانية المحبة للسلام من تصنع ثورة للفقراء.

والكثير يتساءل إن كان هذا الأخرق " الجنوبي المسلول " ، يرفض كل السلطات والمهيمنات سماوية وأرضية ، فبأي سلطة يعترف ، ولأي جنس أدبي ينتمي ، ولأي حبيبة يقطع العهد و الولاء ؟.

الجنوبي المسلول ، يبحث عن ارض لا تذره امة بعد امة ، ويستبدل أبويه بحرس الحدود ، و يشنق في أرضه دون رحمة فقط لأنه يكره الغرباء ، فقط يمكنه العيش تحت قانون تجريدي خالص يضعه الإنسان ذو الحركة الوجودية الباهرة ، بلا مرجعيات فاشية وغلائلية ، ولا أجد ذاتي المبدعة إلا في التجريب العابر للحداثات و مرجعياتها العاقلة ، قلب الجنوبي المسلول أطفأت جذوة عشقه الخيانات.

الكرةُ بقعةٌ سارحةٌ في فراغٍ متماه ْ..
نشوةُ الارتجالِ :
قميصُ ترحالٍ إزارهُ صولجانٌ لاينتمي سوى لشهوتهِ الوجوديةِ الدافقةِ
هنا... العالمُ
يتكورُ عِند رأسي..
تتكورُ المدائنُ في ضيعتي ..
تشتهي الاسماءُ قلبي ..
يحتضنُ جسدي الخمريُّ الدافئُ كلَّ النساءِ عقيقاً
من نرجسٍ وإحتراقٍ...
بضةٌ ساقُكِ أيتُها الغانيةُ...
فأمنحيني شيئاً من الترفِ الغَجَريِّ ، أكسو به عالمي .


3
احتضار النشوة لا يؤرق المتماهين بالخديعة ، فرؤى المعزم الطليق يضيق بها الأفق ، فننفلت من إزار العلب البلاستيكية إلى فضاءات لايستبيحها رفض ، دون إن نعي خطورة أن نجد ذواتنا الغريبة اصلاً في جغرافية أكثر غرابة ، وليس ثمة جامح ، فنحن كائنات لا تؤمن الا بالشياطين التي تسكن أرواحنا ، لكنها شياطين ترفرف بأجنحة ملائكية ، تعلو فتعلو حتى تماجن عري السماء الفسيح ، لتدون هناك حيث اللارقيب اعترافاتها الخجولة.

في محاولاتي الكتابية التي بدأت منذ ربيعي الثاني عشر ، لم احترف التدوين إلا بعد أن شرعن القانون بلوغي ، احتضنني القلم في الرابعة من العمر ، لأبدأ حواري الخجول مع العالم الذي لم يتقبل للحظة وجودي ، ولم أتقبله وعاءاً لروح عانق المتنبي ذاتها فأحل بها عنجهية رفض قاتلة ، ومازلت ابحث عن نقطة تستقر بها ذاتي القلقة ، عن فرصة اصنع بها معجزة ، عن قلب لا أقف على شباكه لأقطع تذاكر الحلول به بثمن. الكتابة فرصتي الوحيدة لأكون أو لا أكون ،فأنا مسلوب الخيار كما ولدت.



#صفاء_عبد_العظيم_خلف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل حافظت التقاليد على الهوية الجنسية للمرأة ، أم الكبت دفعها ...
- هل نجحت بريطانيا في تحسين اوضاع البصرة ؟!
- لعبة الانسحاب المفاجيء وسحب الثقة من حكومة المالكي
- مسيحيو العراق يطالبون ببرلمان وحكم ذاتي في سهل نينوى
- .!!حينما يثأر الشاعر لعوالمه .
- قصيدة النثر إستئثارات مبكرة بألاشياء*قراءة في قصيدة (من لات ...
- مفهوم الديمقراطية في العقيدة الاسلامية - مراجعة نقدية


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صفاء عبد العظيم خلف - لا أومن إلا بالشياطين التي تسكن أرواحنا!!