أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عباس الشطري - موسم الهجرة الى الجنوب














المزيد.....

موسم الهجرة الى الجنوب


عباس الشطري

الحوار المتمدن-العدد: 1929 - 2007 / 5 / 28 - 06:58
المحور: حقوق الانسان
    


عذرا للكاتب العربي الكبير الطيب صالح وروايته الرائعة لكن هذا ما يحصل الان..
طلب والدي من والدتي إن تعد طعاما وامرنا إن نحمله إلى جيراننا الجدد القاطنين حديثا على أعتاب حينا السكني، هؤلاء الضيوف كانوا مجموعة من العوائل الكردية المهجرة قسراً إلى وسط وجنوبي العراق بعد الثورة الكردية عام 1975، أعدت لذلك التهجير بدقة، وأشرفت عليه، الحكومة، فقامت ببناء البيوت الطينية بمساعدة الجيش والشرطة وساهمنا نحن طلاب المدارس فيه.

كان والدي يأمل إن يطول عمره ليرى ما يحصل بعد ذلك. وبعد ذلك عاد الكرد إلى ديارهم بعد رحلة معاناة استمرت سنة ونصف السنة وفي عام 1980 اندلعت الحرب العراقية الإيرانية ونزحت العوائل القاطنة في المدن الحدودية بعيدا.. إلى داخل البلاد إذ بدأ سيناريو التهجير يدخل قاموس الذاكرة العراقية من جديد فالقصف المدفعي طال المناطق المدنية في البصرة وضواحيها مما دفع سكانها إلى الهجرة إلى مدن الناصرية وواسط وكربلاء... لازال والدي على قيد الحياة ووالدتي تستطيع الطبخ. هاجم جيش الطاغية الكويت وقصفت بغداد من قبل الحلفاء فهاجر سكانها قسرا إلى ديالى والفلوجة والجنوب وكان علينا إن نوفر المأوى والطعام لعدد كبير من الأقارب المهجرين.. أخذ الحزن يرتسم بعمق على وجه والدي هذه المرة وتمنى إن لا يطول عمره كي لا يرى معاناة أبناء جلدته تطول!، استمرت مواسم التهجير السنوية بعد كل حالة إعدام وقطع الأذان والألسن، وكم أحزننا الموقف المؤلم لذلك الرجل القادم من مدينة العمارة مع عائلته وأغنامه والذي هجر قسراً إلى مدينتنا حيث شاهدنا مظاهر ابتزاز رجال الأمن له. واستمرت الحال هكذا، فبعد كل موسم تهجير هناك استراحة قصيرة يمنحها النظام لمواطنيه. الحرب الاخيرة، افرزت تداعيات جديدة، إذ قصفت الفلوجة وهجر سكانها من قبل قوات الاحتلال ثم ابتدعت طريقة جديدة للتهجير القسري تمارسها قوى معينة، وأصبحت سمة يومية تصطبغ بها حياة سكان المناطق المحيطة ببغداد؛ إذ خلت مناطق في شمال المدينة من بعض ساكنيها وأحياء أخرى في جنوبها وأصبح الأمر يهدد سكان الكرخ والرصافة واغلب المناطق المتاخمة.

(أبو سمير) معلم متقاعد تحدث بحرقة وألم عن مواسم الهجرة الحالية قائلا.. لم يعرف العراقيون مثل هذه الممارسات من قبل، سوى استثناءات بسيطة شملت مواضيع تهجير اليهود في نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينيات، وأسبابها ودواعيها باتت معروفة، ويضيف: الان وفي ظل تعقيدات الاحتلال والفلتان الأمني أصبح الأمر خطيراً وينذر بتمزق النسيج الاجتماعي للمجتمع في حين تقف الحكومة عاجزة عن ضبط الأمور. وعن الجانب الإنساني لتداعيات هذه ألازمة يقول السيد (علي الشمري) عضو في أحدى منظمات المساعدة الإنسانية:

- ما يتوافر من مساعدات عاجلة لا تكفي؛ فأعداد النازحين تتزايد وخاصة في هذه الفترة التي تشهد فراغاً حكومياً، الأمر الذي يدعو إلى الإسراع بتشكيل حكومة فاعلة بعيدة عن المحاصصات لما للمحاصصة من دور سلبي في ترسيخ ثقافة سياسية غير صحيحة. صبية وشيوخ ونسوة ملتفعات بالسواد يبحثن عن مأوى في ظل ارتفاع أسعار السكن وتدهور الخدمات.. إحداهن تقول: تركنا ديارنا بسبب التهديد من أشخاص لا نعرفهم وليسوا من سكان المنطقة، حملنا إغراضنا وجيراننا يذرفون الدموع. السيدة (أم علي) مهندسة تحدثت بأسى ولوعة:

- تعايشنا لسنوات طويلة ولم يكن احد منا يعير أدنى اهتمام للتفاصيل الشخصية للآخر، وتضيف: هذه ثقافتنا ولسنا على استعداد لتغييرها مهما حصل وألقت اللوم على النظام الديكتاتوري وإجراءاته التعسفية بحق المواطنين وعلى السياسيين أصحاب القرار الان والذين فشلوا في حل مشاكل البلاد بسبب سياساتهم غير الصحيحة.

مواطنون آخرون تجد علامات الحيرة والوجوم ترتسم على وجوههم بسبب معاناة لم تكن في يوم من الأيام في الحسبان؛ فبين فراق أحبة وأصدقاء وسنوات طويلة من الجيرة الحسنة والتمازح الأخوي، إلى السكن في خيم وبيوت تفتقر إلى ابسط مقومات العيش ونقل أبنائهم من الطلبة إلى مدارس أخرى.

تأملنا في معاناة هؤلاء المواطنين وشعرنا بعمق ماساتنا هذه المرة وحاجتنا إلى ترسيخ قيم المحبة والتسامح فالطاغية يقبع في سجنه ووالدي أصبح مشلولا ينطق بصعوبة، ووالدتي لا تستطيع الطبخ بسبب أزمة الوقود، والحكومة عاجزة عن حل هذه القضية.. إما نحن -جميعنا- فتمنينا أن نعيش بسلام ويرحل والدنا مطمئنا قرير العين



#عباس_الشطري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عباس الشطري - موسم الهجرة الى الجنوب