رأى الرحالة الأوربيون قبل قرون الشرق عالم من الغرابة و التشويق و المفارقات و يبدو انه ما يزال كما رأوه قبل قرون رغم ادعاءات المدافعين عن صورته ضد الرحالة الغربيين، و إحدى المفارقات الغريبة ان يشارك بالتصويت عبر المحمول و الانترنيت من اجل اختيار سوبر ستار العرب ما لا يقل عن مليونين و ثمانمائة ألف مشارك و تفوز المرشحة الأردنية بنسبة 52 0/0 من الأصوات ما يعني حصولها على ما لا يقل عن مليون و أربعمائة ألف صوت و باعتبار أنها أردنية فلا بد أن أكثرية الأصوات كانت من الأردن أي ما لا يقل عن مليون صوت و منطقيا ان نصف هؤلاء من النساء أي نصف مليون امرأة أردنية شاركت بهذا الجنون الهستيري الذي اجتاح البلاد العربية من أجل رفع اسم الوطن عاليا في عالم الطرب و الغناء، و شاهدنا بعض تلك المشجعات الأردنيات على شاشات التلفزة و هنّ يغنين و يصفقن و يهتفن باسم المرشحة و كانت بعضهن محجبات و أُخريات غير محجبات و لكن بكل تأكيد فإنهن جميعا محجوبات روحيا و نفسيا و فكريا حتى يقل عدد النساء اللواتي تجمعن أمام البرلمان عن المائة مُشاركة من أجل التعبير عن رفضن معاملة المجتمع لهن معاملة البهائم بوقوف البرلمان الأردني ضد إصدار عقوبة حقيقية على جرائم الشرف عقوبة على احتقار حياة المرأة بهذه الدرجة و من اجل قانون الطلاق المجحف الذي يجعل المراة أشبه بأمة يمكن صرفها حسب إرادة الرجل، هذا البرلمان الذي يسيطر عليه أعضاء منظمات التأسلم السياسي الذين يدَّعون أنهم الأمناء على الدين و الأمة و هؤلاء يعرفون جيدا أن حكم القرآن الكريم القاتل يقتل، و إن اتهام امرأة بالزنا يتطلب وجود أربعة شهود يرون ذلك بأعينهم و تتفق شهادتهم اتفاقا دقيقا ثم تَبت في شهادتهم جهة قضائية و على ضوء ذلك يتقرر فيما إذا كانت المرأة مذنبة أم لا و تنال عقابها على يد القضاء الذي هو مؤسسة مدنية و ليس على يد أفراد، أما قتل امرأة بهذة الطريقة فيستوجب أن يطبق على القاتل حكم القرآن الكريم (القاتل يقتل).و هؤلاء يعرفون جيدا ان هذه الجرائم القذرة لا علاقة لها بالشرف فقد سبق ان اهتمت أبحاث عديدة بهذا الموضوع و منها ما قامت به السيدة توجان الفيصل و أثبتت أنّ السبب وراء هذه الجرائم هو اغتصاب الأب أو الأخ للفتاة و بعد حملها يتم إخفاء جريمة الأب او الأخ بالتواطىء مع الأم،أو تجري من اجل حرمان المرأة من حقها في الميراث.و مع معرفة هؤلاء الأكيدة بهذه الحقائق فإنهم ضد سن قانون إلهي يحفظ حياة المرأة و هم بهذا يطلقون يد الرجال في قتل النساء و تخويفهن و استعبادهن مدى الحياة تحت طائلة التهديد بقتلهن بهذه التهمة القذرة و يتجاوز هؤلاء حدود الله التي حددها في قرآنه الكريم من اجل اكتساب شعبية في الأوساط المتخلفة و الفقيرة و المعدمة ويفضلون الوصول للبرلمان و التمتع بخيراته و سلطته على طاعة الله و الوصول لجنته ثم يدَّعون بكل وقاحة و صفاقة أنهم الأمناء على الدين و الأمة، و ينسون أن دماء كل الفتيات اللواتي يقتلن ظلما هي في رقابهم إلى يوم الدين.
نصف مليون امرأة أردنية تشارك من أجل اختيار سوبر ستار العربان، و مئة امرأة فقط تحتججن على احتقار المجتمع و برلمانه المزعوم لحياتهن و تحويلهن إلى إماء.
طبعا ليس عارا و لا تفاهة المشاركة بالسوبر ستار و لكن في هذه الظروف تصبح تفاهة و خواء و انقياد نفسي و روحي و إنساني،في ظروف الهدنة بين إسرائيل و السلطة الفلسطينية ثم تفجير حماس لباص في إسرائيل ثم اغتيال أبو شنب و تفجير مقر الأمم المتحدة في بغداد و ما تزال نصف مليون أردنية و نصف مليون أردني يرقصون فرحا لاختيار السوبر ستار،نعم انه انقياد لا مثيل له و مفارقة عجيبة لم يتطرق لها الرحالة الغربيون حين لا يهتم الإنسان بشؤون حياته و رفاهة عيشه و كرامته و مستقبله و يتفاعل و يكرس وقته من اجل ما لا يؤثر كثيرا او قليلا في حياته، كالمصريين الذين كانوا يخرجون بالآلاف في مظاهرات تضامن مع ياسر عرفات بزمن الحصار و يواجهون قسوة شرطة مكافحة الشغب باعتراضهم العنيف و العدواني على الحرب ضد صدام الحسين بينما لا يحركون ساكنا تجاه ما يتعلق بحياتهم اليومية و المعيشية التي ترتبط بشكل أساسي بقصص الفضائح و الفساد المتكررة في بلد يصيغ ثقافته العامة و مفاهيمه الاجتماعية و قيمه الإنسانية المشعوذون و الدجالون.
خاص بأصداء