النوم على سطح بغدادي!!!!

كاظم مرشد السلوم

الحوار المتمدن-العدد: 1928 - 2007 / 5 / 27 - 10:35
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

انام على سطح المنزل ليس كعادة بغدادية قديمة كان يمارسها سكان بغداد حين كان جوهها يتحول ليلاً حتى في اشد شهور الصيف حراً الى جواً ندي وطري وهذه النداوة والطراوة تاتيه من نهر دجلة ليحيل مساءات بغداد الى ليال جميلة للصفو والسهر .
بل انام على السطح حيث لاكهرباء ولا ليل اليوم هنا ينتهي عند الثالثة بعد الظهر وبما ان دجلة الخير قد شح ماءوه وبات باستطاعة الصبية عبوره مشياً على الاقدام لذا لم يعد يمد هوى بغداد بأي طراوة اونسيم عليل .
فقد تامروا على النهر ... ولم يلتفت الى دنو اجل النهر وبالتالي الى موت سواد ارض العراق
انام على السطح لانني في بلد فيه اكبر احتياطي للنفط وتلك لعنة انزلها الله على العراقيين ونعمة لبقية البلدان
انام على السطح لان ابناء العم سام جاءوا ليحافظوا على ثروة الاجيال القادمة التي كان الدكتاتور يسيطر عليها حتى لو كلفهم الامر القضاء على الجيل الحالي كله .
انام على السطح لانني من الجيل الذي خاض معارك الشرف دفاعاً عن ارض السواد وعندما انتهت الحرب لم يكن للارض والشرف علاقة بها .
انام على السطح لانني انتميت الى جهة سياسية لم تسقني سوى الثقافة هماً ونكدا ولو انني كنت زيتوني المبداً لوفرت لنفسي وانا على مشارف الخمسين مايكفي لشراء مولدة تعمل طيلة الليل تجنبني النوم على السطح .
انام على السطح لانني لم اكن متديناً كفاية لاحصل على بعض خمساً اوزكاة او فيئاً من ارض حكومية اوعقار.
انام على السطح برفقة البعوض الذي لم ينقرض مع كل السموم التي يطلقها الجميع في سبيل القضاء على اوكسجين المدينة .
انام على السطح مفكراً اين اختفت الخفافيش التي كنا نراها كل مساء تملأ السماء بطيران غير مستقيم مقتربة من رؤوسنا ترى هل غادرت بسبب تلوث الجو ... ايمكن ان يكون البعوض اقوى من الخفافيش .
انام على السطح متذكراً ان امي كانت تضع اشياف الرقي في صينية على السطح نتناولها بعد العشاء ولكن الرقي العراقي لم يعد عراقياً ليتحمل حر العراق فهو الان اما سورياً اومصرياً او ايرانياً يأتي بشاحنات ولايحمل ابداً طعم رقي العراق .
انام على السطح حيث الاباتشي تمر كل ساعة من فوق رأسي لتسرقني "من عز النوم" .
انام على السطح حيث اصوات الرصاص البعيد تحذرني من النوم هكذا وعندما يقترب الصوت اكثر فأكثر اضع الوسادة فوق راسي تاركاً جسدي عرضة لقضاء الرصاص وقدره .
هكذا كل يوم وعندما استيقض فجراً مع اول الزائرين لوجهي "الذباب" افكر ها قد مرت ليلة من عمر عراقي خارج التاريخ .
وها قد بزغ فجر نهار جديد ....استيقض متسائلاً اين ستكون الانفجارات اليوم من سيموت بعد ساعات ترى هل هو الان في الطريق الى عمله حيث لايعرف انه سيموت .
ان الموت هو الضريبة التي يدفعها العراقيون وحدهم دون سائر شعوب الارض كل يوم ليس لشيء فقط لانهم"عراقيون" مختلفون عن كل البشر .. ارادو الحرية فصبت عليهم لعنة دول الجوار المحصنة بدكتاتوريات الاهيَة يباركها المتدينون ويساندها المتملقون .
سأنام الليلة على سطح منزلي تاركاً قومي في قبة البرلمان يتفقون على اي اريكة سينامون واي غنيمة يقتسمون وعلى اي اصلاح سيختلفون.....

#كاظم_مرشد_السلوم (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل