أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حيدر عوض الله - انتحار معلن














المزيد.....

انتحار معلن


حيدر عوض الله

الحوار المتمدن-العدد: 1923 - 2007 / 5 / 22 - 10:41
المحور: القضية الفلسطينية
    


إذا تجاوزنا المعايير والتوصيفات الأخلاقية لما يحدث في قطاع غزة وانتقلنا من باب التقييم العاطفي لظاهرة إقتتال " الأخوة " وسفك الدماء الفلسطينية بأيدي فلسطينية في صلب المعركة الفلسطينية ضد الاحتلال ومتطلباتها، وانتقلنا إلى إعمال علم السياسة والاجتماع في فهم ما يحدث، عندئذ سينزل هذا الصراع من يوتوبيا الأخلاق إلى ديناميات السياسة و آليات الصراع على السيطرة الاجتماعية ثم على السلطة باعتبارها هدف النزاع السياسي والاجتماعي. ولا يفيد الصراع السياسي على " السلطة " التوقف كثيراً عند مستوى هذه السلطة وصلاحياتها ومحدودية قدرتها على السيطرة في ظل الاحتلال فهذه الأسئلة مقتصرة على الشرائح التي تدور مصالحها المباشرة خارج فلك تلك السلطة والسيطرة عليها. إن السلطة، الملموسة والعينية بما لها وعليها هي غاية الصراع السياسي الضاري الآن، وأية محاولة لإخراج الصراع عن هدفه الرئيسي لا يفعل في الحقيقة سوى ذر الرماد في العيون وتحييد كتل وقوى اجتماعية كبيرة ومؤثره من هذا الصراع ونتائجه. وهو مكر القوتين الرئيستين المتنازعتين على السلطة لكسب التعاطف أو تحييد القوى المناوئة أو على الأقل تشويه الصراع وإخفائه ومنع الفرز والاصطفاف النهائي وراء القوى المتصارعة أو على نقيضها.
ومن المؤسف أن تتخفى معظم القوى السياسية الأخرى، أي الموجودة خارج دائرة الصدام المباشر بين القوتين الرئيسيتين تحت شعارات " الحيادية " والحفاظ على مسافة واحدة بين القوتين وكأن هذا الصراع لا يعنيها إلا من زاوية " أخلاقية " فقط أو من زاوية مفهوم " الوحدة الوطنية " الضروري لانجاز مرحلة التحرر الوطني. وإذا كانت الزاوية الأخلاقية للحياد هي سلوك ضميري ومثالي إلا أنه في هذه الحالة يتدرج في إطار ما يسمى بالانتهازية السياسية التي تقنع بالعيش على فتات السلطة أو القوى المتصارعة عليها، وهي بالتأكيد قوى غير طامحة للتحول إلى قوة بديلة. وعندما نطالبها بأن تحدد موقعها في هذه المعركة السياسية التي من المفروض ولو نظرياً أن تطال هدف وجودها كقوة سياسية أي الوصول إلى السلطة فإننا نفترض نشاطاً ملموساً في هذا النزاع يحدد نفسه بطريقتين، الأولى دعم احد القوتين في هذا الصراع لاقترابها أو بعدها من برنامج هذه القوى أو التحول إلى قوة ثالثة بديلة للقوتين. ومثل هذا الطموح لا تغذيه الحيادية التي جاءت تاريخياً بقوى فاشية ومهلكة إلى السلطة. وحتى لا نفهم خطأ فان الاشتراك في الصراع لا يعني استخدام ذات الأدوات العنيفة والقاتلة بل باستنفار قواعدها الاجتماعية ورصيدها الشعبي ومواردها الكفاحية الأخرى وتوجيهها في هذا الصراع تبعاً للموقف الذي تتخذه من هذا الصراع.
أما الحيادية من زاوية مفهوم " الوحدة الوطنية " فقد كان هذا متأتياً وقابلاً للحياة في إطار وجود قوة سياسية مركزية تفرض إطارها ومفهومها وبرنامجها للوحدة الوطنية، ولو وجدت قوتين مركزيتين متعادلتين في الحجم والتأثير لما كان لشعار " الوحدة الوطنية " أن يكون جزءاً من الأدب السياسي الفلسطيني، أما اليوم وقد لحقت بحركة فتح قوة منافسة في الحجم والطموح لقيادة الشعب الفلسطيني . فان الحديث عن " الوحدة الوطنية " هو حديث شاعري إن لم يكن جزءاً من ديماغوجيا "الحياد "، وهو حديث شلل، ولنأخذ تجربة الثورة الجزائرية وتجارب حركات التحرر الوطني العالمية والتي لم يكن لها أن تتطور وتتنصر بدون حسم ازدواجية السلطة وازدواجية البرنامج السياسي.
ومن المؤسف أن آليات الحسم في معركة التحرر الوطني، أي في ظل غياب الدولة ومؤسستها وهشاشة النظام السياسي الدولاتي وحداثته وغياب الثقافة الديمقراطية وركيزتها المجتمع المدني لا يأخذ طابعاً سلمياً في الكثير من الأحيان.
ومع ذلك وفي ظل الوضع الفلسطيني السياسي بينهما، واستحالة حسم الصراع بالوسائل العسكرية والعنيفة للتعادل النسبي بين القوتين، فان الصراع سيبقى مفتوحاً ومتواصلاً وينتقل من وتيرة إلى أخرى تبعاً لحسابات القوتين الرئيسيتين. ومن المؤسف، ولكن الطبيعي في نفس الوقت، إن استمرار هذا الصراع مدة طويلة سيؤدي إلى تفكك مضطرد للنظام السياسي ومؤسساته، وسيرتد المجتمع الفلسطيني السائر نحو التفكك والتشظي إلى البحث عن آليات جديدة وبدائية للحماية وستضطر كل وحدة اجتماعية على اختلاف حجمها ووظيفتها الاجتماعية للبحث عن سبل الحماية والبقاء خارج إطار النظام السياسي والاجتماعي الذي سيتداعى بالضرورة تحت وقع الصدام والشلل العام، وفي هذه الأجواء من انهيار المناعة الاجتماعية والسياسية والأخلاقية للمجتمع ستنتعش حثالة المجتمع وتزدهر العصابات المتنوعة الأهداف والوظائف، وكل هذا لا يحدث بمعزل عن اللاعب الإسرائيلي الأساسي الذي بدأت استراتيجية تؤتي ثمارها وتأتي بنتائج تتجاوز حتى أحسن توقعاته!
عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب الفلسطيني



#حيدر_عوض_الله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فتح- استنفذت قدرتها على هضم تناقضاتها الداخلية على مفترق طرق ...
- الدمقراطية المتوحشة


المزيد.....




- مقتل 5 أشخاص على الأقل وإصابة 33 جراء إعصار في الصين
- مشاهد لعملية بناء ميناء عائم لاستقبال المساعدات في سواحل غزة ...
- -السداسية العربية- تعقد اجتماعا في السعودية وتحذر من أي هجوم ...
- ماكرون يأمل بتأثير المساعدات العسكرية الغربية على الوضع في أ ...
- خبير بريطاني يتحدث عن غضب قائد القوات الأوكرانية عقب استسلام ...
- الدفاعات الجوية الروسية تتصدى لمسيرات أوكرانية في سماء بريان ...
- مقتدى الصدر يعلق على الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريك ...
- ماكرون يدعو لمناقشة عناصر الدفاع الأوروبي بما في ذلك الأسلحة ...
- اللحظات الأخيرة من حياة فلسطيني قتل خنقا بغاز سام أطلقه الجي ...
- بيسكوف: مصير زيلينسكي محدد سلفا بوضوح


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حيدر عوض الله - انتحار معلن