أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خيري منصور - فوبيا الحقائب














المزيد.....

فوبيا الحقائب


خيري منصور

الحوار المتمدن-العدد: 1919 - 2007 / 5 / 18 - 12:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عرف العالم عدة أنماط من الفوبيا، منها فوبيا المصاعد لمن يخافون من عطل مفاجئ يتركهم معلقين في أقفاص يشح فيها الاوكسجين ومنها فوبيا المرتفعات التي تقترن بالخشية من السقوط، ولكل حرب اهلية فوبيا خاصة بها تجعل الناس يرتعدون هلعا إذا قرعت طبولها.
أما فوبيا الحقائب، فالمهاجرون أدرى بها وبأثقالها، وبما يتمزق أو يضيع منها في المسافات بين المنافي.
وحين كتب محمود درويش أن وطنه ليس حقيبة وهو ليس بمسافر، لامس هذه الفوبيا التي لا تتعلق بالذاكرة الفلسطينية فقط، فالعربي عرف الهجرة منذ بواكير حضارته، سواء في البحث عن الماء والكلأ أو العلم أو الفتوحات والتبشير بالرسالة.
فوبيا الحقائب تصيب هؤلاء الذين ولدوا في مكان، ولثغوا بالكلمة الاولى في مكان آخر وتعلموا المشي في مكان ثالث الى آخر هذه المتوالية من الترحال!
وقد سمعت من كهل فلسطيني قذفته أمواج التهجير الى ثلاث قارات أنه يكره شكل الحقيبة، لأنه يذكره بالترحال ولم يكن هذا الكهل شاعرا أو كاتبا لكنه يصلح مادة شعرية بامتياز، لأنه قال بأن ما لا يمكن حشوه في الحقائب بين الثياب والكتب ولوازم الاطفال هو الذكريات، فالبيوت التي يعيش فيها الناس زمنا يتركون بصماتهم على قبضات أبوابها، وقد يشبه صرير تلك الأبواب سعالهم وهم يحاولون ضبط قنوات الدمع أمام الآخرين.
واذا كانت الالياذة الفلسطينية تبحث عمن يضع النقاط الضالة فيها على الحروف، فذلك لأن التراجيديا لا تزال ناقصة، والترانسفير لم يكتمل، ما دام هناك استيطان يشترط تهجير اهل الدار كي يحل مكانهم غرباء، يأتون وهم يجرون جذورهم وراءهم كالذيول.
وما من فلسطيني تجاوز الخمسين من العمر إلا وغيّر عشرة بيوت على الأقل، بدءا من البيت الأول الذي حوله الغزاة من بيت انساني حميم الى بيت عنكبوت.
وما يسمى التغريبة الهلالية، بلغ كمال البدر والاكتمال بعد ان تجاوز هلال الغربة، سواء كانت شرقية، كما سماها القادمون من أقاصي الغرب أو غربية كما سماها السهروردي المقتول.
ما من حقيبة تتسع لوطن أو حتى لذكريات انسان طاعن في الغربة والسن وقد لا تتسع حقائب العالم كله لحنين يتنامى بين هجرة وأخرى، في عصر اصبح جديرا بأن يسمى عصر الهجرات.
فالخائفون يهاجرون بحثا عن ملاذ آمن، والجائعون تمتلئ بهم شعاب الجغرافيا بحثا عن رغيف بعد ان أتت الغربان على حقول حنطتهم، تماما كما رسم فان جوخ هذا المشهد.. الذي قرر ان ينتحر فيه.
ومن حق المشردين في الأرض ان يكرهوا الحقائب والاعلانات عنها وعن أنواعها، لأنهم جربوا كيف تتساقط منها بيوت وذكريات واطلال.
وعصرنا الذي ازدحمت فيه شتى أنماط الفوبيات، عليه ان يخصص حيزا للحقيبة، فهي البطل في أفلام المخدرات والكومبارس في مسرحية السياح، لكنها قرين الهجرة لمن قدر لهم ان يعيشوا في المسافة بين مسقط رأس ومسقط روح.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- اختفت منذ 82 عامًا.. اكتشاف سفينة حربية يابانية من الحرب الع ...
- نظرة على معاناة عائلة للحصول على طبق واحد فقط في غزة
- غزة: مقتل أكثر من 1000 فلسطيني لدى محاولتهم الحصول على مساعد ...
- إردام أوزان يكتب: وهم -الشرق الأوسط الجديد-.. إعادة صياغة ال ...
- جندي يؤدي تحية عسكرية للأنصار في سيطرة ألقوش
- 25 دولة غربية تدعو لإنهاء الحرب في غزة وإسرائيل تحمل حماس ال ...
- -إكس- و-ميتا- تروّجان لبيع الأسلحة في اليمن.. ونشطاء: لا يحذ ...
- عاجل | السيناتور الأميركي ساندرز: الجيش الإسرائيلي أطلق النا ...
- سلاح الهندسة بجيش الاحتلال يعاني أزمة غير مسبوقة في صفوفه
- السويداء وتحدي إسرائيل الوقح لسوريا


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خيري منصور - فوبيا الحقائب