عليعل والعنف الطائفي

كريم عبد مطلك

الحوار المتمدن-العدد: 1920 - 2007 / 5 / 19 - 10:27
المحور: كتابات ساخرة
    

شيخ قارب عتبة الثمانين من عمره تنبؤك الأخاديد التي حفرتها السنين في وجهه انه قد خاض معترك الحياة بصلابة وهو يحتفظ بذاكرة يحسده عليها الكثيرون فلا يترك شارة ولا وارده إلا علق عليها بتعليقات ظريفة ذلك هو جاري العزيز عباس الفزع ، سألته قبل أيام مازحا : ما رأيك بالعنف الطائفي ؟ فأجابني على الفور : يعيش عليعل فقلت مستغربا : من هو عليعل هذا وما علاقته بسؤالي قال: لقد حدثت قبل عشرات السنين خصومة بين عشيرتين أدت إلى نزاع مسلح سقط جراءه العديد من ابناءهما قتلى فتحرك الخيرون من اجل إصلاح ذات البين من الوجهاء والأعيان وتدخل مدير الناحية والقائمقام فلم تفلح جهودهم ووصل الأمر إلى متصرف اللواء ( المحافظ حاليا ) فأمر بجمع طرفي الخصومة وطرح عليهم الصلح واستعداده لتقديم أموال وأراضي وخدمات فكان جوابهم الرفض فاسقط في يده حتى جاءت ساعة الفرج عندما همس أحد الحاضرين في أذانه قائلا ( محد يحله غير عريف عليعل ) فقال المتصرف متسائلا : عريف عليعل حرس المتصرفة ؟ فأتاه الجواب سريعا نعم هو ، فأرسل في إحضاره ، وما إن اقبل حتى اشرأبت الأعناق نحو هذا العسكري وهو يهز عصا التخبتر بيده وساد الصمت الذي مزقته كلمات تحيته ( السلام عليكم ) فردوا التحية ثم التفت إلى احد أطراف النزاع قائلا : كم قتيل لديكم ؟ أجابوا ( عشر زلم ) فسأل الطرف الأخر وأنتم ؟ قالوا عشرين فقال ( هاي سهلة ) ثم أردف ( عشر زلم مقابل عشر زلم والعشرة الباقين فصل الزلمة مية دينار ) – حسب العرف العشائري آنذاك ثم توجه بكلامه إلى الطرف الأول قائلا ادفعوا لهم ألف دينار ، وما إن أكمل كلامه حتى وقف الطرفان مصفقين هاتفين ( يعيش عليعل ) وبدت علامات الدهشة على وجه متصرف اللواء حتى بددتها كلمات الشخص الذي همس في أذنه ( استاد لا تتعجب فعريف عليعل منهم وبيهم).
وما أن أكمل عباس الفزع حكايته حتى سألني ( هسه انته شتكول ؟)
قلت : ادعوا الله أن يوفق الحكومة وقواتها العسكرية فتنجح خطتها الأمنية في وقف نزيف الدم كما وفق عريف عليعل من قبل ، فردد الشيخ : آمين ..... آمين .

#كريم_عبد_مطلك (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات