شادي عفيفي المصرى
الحوار المتمدن-العدد: 1911 - 2007 / 5 / 10 - 11:45
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الـكـنـيـسـة الـتـي فـي خـاطري
بداية إني أكتب عن الكنيسة التي في خاطري لأن كنيستي حقًا مازالت وستظل في خاطري وقلبي وكل كياني.
• الكنيسة التي في خاطري يقودها فكر لاهوتي مستنير يميزه تفرد العقل ولهفة الروح وحب الآخر وفهم الحياة؛ والتطلع لمجتمع صحي أفضل.
• الكنيسة التي في خاطري تقتحم الصعاب والمجهول والمحرمات، وتلغي من قاموسها كلمات تحمل معاني التكفير والإدانة والمصلحجية والفهلوة والزعامة والاستغلال.
• الكنيسة التي في خاطري تعمل ليل نهار نحو تفعيل حقوق الإنسان في مجتمعنا بما فيها من قضايا مدنية واقتصادية وثقافية و اجتماعية هامة مثل: المرأة- الطفل- ذوى الاحتياجات الخاصة- المسنين- الأيتام- قضية البطالة – الزواج وتكوين الأسرة؛ هي كنيسة تقود المجتمع، وتدير بفن فلسفة التأثير والتأثر بينها وبين المؤسسات الأخرى.
• الكنيسة التي في خاطري علمها قلب أحمر اللون فهي مصدر الحرية ويزينه خط أخضر لأنها مصدر الحياة.
• الكنيسة التي في خاطري تتحداني فتقتل الملل والرتابة، و تدعوني فتفجر بداخلي طاقات الإبداع وتساعدني علي كسر سياسة القولبة أو العقلية النقلية؛ لتََبنى فلسفة ابتكار وتجديد ونقد وتحليل علي أساس أن كل هذه متطلبات أساسية للروحانية الحقة.
• الكنيسة التي في خاطري لديها فهم صحيح للروحانية؛ فلا تقصرها علي بعض أفعال معينة أو أشخاص معينين؛ بل تفهم أن الفرق بين الروحانية والجسدانية هو التوجه الداخلي نحو الفعل.
• الكنيسة التي في خاطري تفهم أن عمق الخطية الأنانية؛ وهو السبب الرئيسي لكل الانتهاكات التي نشاهدها في حياتنا أو حولنا؛ وأن السبيل الوحيد للخلاص هو عطاء الذات بنعمةٍ للآخر؛ الأمر الذي رأيناه في خلاص السيد المسيح لنا؛ وتُفعل هذا اللاهوت في داخلها و خارجها.
• الكنيسة التي في خاطري تقود المجتمع وكل فرد نحو موطن سلام؛ أمان؛ فرح؛ هذه المفردات التي نسي إنسان العصر معناها وليس بمقدوره الإحساس بها.
• الكنيسة التي في خاطري تجعلني إنسانًا فأحب الله والناس ونفسي وكل شيء و تدعو وتٌفَعل نقد الذات ونقد الآخر بهدف البناء لا الهدم؛ فالفرق شاسع بين " النقد" و " النقض"..
• الكنيسة التي في خاطري تعلمني كيف يضحى الفرد لأجل الجماعة، وكيف تعمل الجماعة لخير كل فرد فيها.
• الكنيسة التي في خاطري تفهم أن كل ما هو خير للإنسان ويحقق إنسانيته يوافق مجد الله؛ أي أنها ترفض فلسفة تحقير الإنسان بزعم تمجيد الله؛ هذا الأمر الذي هاجم فيه نيتشه المسيحية؛ هي الكنيسة التي لا تخلط بين فساد إرادة الإنسان وعدم قدرته علي خلاص نفسه، وبين قدراته الفائقة وملكاته الغير محدودة علي اعتبار أنه مخلوق علي صورة الله، وأن الإنسان لديه جزء إلهي أصيل و مبدع.
• الكنيسة التي في خاطري تحترم رأيي ولا تحجر عليه وتفهم أن الإنسان أهم من الوصية؛ وأن الطريق الحقيقي لتفعيل الإيمان بصورة عملية ليس فقط فهم الوصية والكتاب بل أيضًا وحتماً فهم الإنسان؛ فأساس إيماننا هو المسيح، والكتاب هو الشاهد عن المسيح؛ فمحور الحياة المسيحية علاقة بشخص وليس علاقة بوصية.
• الكنيسة التي في خاطري تفهم تاريخها ورسالتها ومجتمعها المعاصر وتضع رسالتها التي هي بشارة مفرحة في ثوب يتماشي مع هذا العصر بمتغيراته وتحدياته الكثيرة؛ فتواكب العصر بل وتقوده، وترفض كل اسلوب قديم من شأنه أن يشتت الرسالة أو يحطمها ويجعل منها مجرد ثرثرة وتكرار؛ هي الكنيسة التي تفهم ديناميكية الرسالة والتي تتضمن في عمقها تعددية و دعوة لفهم المجتمع والتواصل معه.
• الكنيسة التي في خاطري تحترم الآخر وتدعوني لاحترامه مهما كان دينه أو جنسه أو لونه أو عرقه أو طبقته الاجتماعية... إلي آخر هذه الاختلافات؛ فلا أجرحه؛ بل تدعو بحب لفن الحوار البناء، هذا الفن الذي عندما أراد الله سبحانه أن يعلمنا إياه؛ عبر إلينا؛ أظهر لنا مشيئته من خلال السيد المسيح ..
• الكنيسة التي في خاطري " لا تحتكر الله " بل تفهم أن إله الصليب والخلاص هو نفسه إله الخلق والعناية، وأن كل البشر هم أبناء لله بكيفية ما؛ الأمر الذي نراه في أعمال النعمة العامة التي نعني بها أن البشر خلقوا علي صورة الله سبحانه، وإن كان المسيح بحق هو الطريق والحق والحياة؛ فليس لنا إمكانية حصر الطرق والأساليب التي بها يعمل المسيح في قلوب البشر.
• الكنيسة التي في خاطري تفهم أن التواضع الحقيقي هو اكتشاف الذات في طريق خدمة الآخرين، وأن الكبرياء المقنن هو الإدعاء بأن الإنسان لا يملك أي شيء مما يؤثر سلبًا علي حياة الفرد والجماعة معًا.
• الكنيسة التي في خاطري ترفض سياسة رد فعل الأزمة، وتكف عن العمل بمبدأ الحكم قبل الفهم.
• الكنيسة التي في خاطري هي تلك التي لها وجود مؤثر علي المستوي الاجتماعي بل والسياسي؛ الأمر الذي لا يتنافي مع مناداتنا بأهمية الفصل بين الدين عن الدولة؛ فتخرج الكنيسة من عزلتها وهروبها إلي شعار" الإنجيل الكامل للإنسان الكامل".
خاطر / شادي عفيفي
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟