أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الامارة - الطرق على آنية الصمت .. البريكان في كتاب جديد /3















المزيد.....

الطرق على آنية الصمت .. البريكان في كتاب جديد /3


علي الامارة

الحوار المتمدن-العدد: 1907 - 2007 / 5 / 6 - 05:17
المحور: الادب والفن
    


الطرق على آنية الصمت ... البريكان مجددا / 3

في الباب الاول من الكتاب يتناول الناقد بواكير قصائد البريكان المنشورة في نهاية الاربعينات وفي الخمسينات فيدرس تلك القصائد العمودية عروضيا وايقاعا شكليا واسلوبا ولغة شعرية مقسما الفصل الاول من الباب الى الوزن الشعري ثم موسيقى الاصوات ثم يبحث في شعرية القافية واثرائها لايقاع القصيدة ثم ينتقل في الفصل الثاني الى لغة الشعر في قصائد تلك الفترة ومن ثم يختم الباب بالفصل الثالث بالبحث عن الصورة الشعرية فيها ..
في موضوع الوزن لا يقف الباحث عند نوع التفعيلة او البحر الذي اختاره الشاعر لقصيدته وانما يركز على الظواهر الوزنية الاخرى مثل الزحاف والقبض والخبن والتدوير ويحاول تبرير هذه الظواهر وتبيين اثرها الفني على اثراء الدلالة وتكثيف الشحنة العاطفية او الاحساس بالحزن والاغتراب ففي موضوعة الزحاف يختار قصيدة ( الاكليل ) حيث يحاول الشاعر فيها من خلال كثرة استخدام زحاف القبض بما يخدم موضوعها وتناغمها مع نسقها البنائي .. واحيانا يستخدم البريكان اكثر من بحر في القصيدة العمودية الواحدة مثل قصيدة ( مصرع خيال ) المنشورة في مجلة الاديب البيروتية 1950 حيث ينتقل من بحر الخفيف الى الى بحر المتقارب مع البعد الموسيقي بين البحرين لان الخفيف من البحور الممزوجة والمتقارب من البحور الصافية ما جعل كل مقطع من القصيدة وحدة موسيقية مستقلة يقول الباحث ( ان التشكيل الموسيقي المتغير في هذه القصيدة عبر عن مضمونها ) و لاسيما ان البريكان كما ذكر في حواره مح الشاعر حسين عبد اللطيف في مجلة المثقف 1970 لا يعترف بوجود أي مضمون شعري لا يتضمنه الشكل فنرى الانتقال في الايقاع الموسيقي حاد وواضح ففي مطلع القصيدة نقرا :
يا جنون الرياح ، ياظلمة الليل ، ويا وحشة النجوم العرايا
ما لهذا الوجود ، ينهد في النوء ، وينهار في مطاوي رؤايا
وهكذا يستمر هذا المقطع متهاديا على بحر لخفيف ثم ينعطف الى بحر المتقارب :
نرى نغمة من ضمير السماء
تمطت بصدر الزمان المبيد
ارى كل منطلق في خطاي
يضيق ، وكل طريق يميد
ثم في المقطع الذي يليه يعود الى تفعيلة الخفيف وبعدها يعود الى المتقارب فيرى الباحث ان هذا الاختلاف العروضي جاء ( للوصول الى الانسجام بين المستوى الموسيقي والمستوى الدلالي للقصيدة لتشكيل مستوى الصورة ) ثم يتكلم عن التدوير ويعده دالا على الزخم العاطفي الشديد في القصيدة ، وارى ان بحر الخفيف هو اكثر البحور استجابة وميلا الى التدوير فلا اكاد اقرا قصيدة في الشعر العربي قديمه وحديثه كتبت على بحر الخفيف تخلو من التدوير منذ معلقة الحارث بن حلزة اليشكري ( آذنتنا ببينها اسماء ).
ويبدو لنا من مطالعة بواكير البريكان الشعرية وتنوعها الايقاعي انه كان مازوما بموضوعة الوجود واسئلته والاغتراب وعزلة الانسان وتصحره وقد ذكر هذه الموضوعات في قصائده الاولى العمودية ، ولكنه سرعان ما ادرك ان مواضيعه هذه لا تسعها قيود وزنية فكانت استجابته لانفتاح النص او تخفيف قيوده استجابة سريعة توازي طموحه للحرية كشاعر صاحب نص مقيد بالوزن ومنفتح بالرؤى وكانسان يريد ان يتحرر من الاخر انطلاقا الى فسحة الوجود ، لان المواضيع الشعرية التقليدية قد تتماهى مع غنائية الوزن الشعري – القيد – او الايقاع الموسيقي ، اما مواضيع البريكان الابعد عن الغنائية فتتماهى مع التمرد على الوزن وايقاعاته الجمالية الظاهرية .. فكانت الجمالية الشعرية وفعاليتها عند البريكان تاتي من ايقاع الفكرة لا من ايقاع الشكل لتتخذ او تبحث لها عن شكل اخر تصنعه الفكرة الشعرية ذاتها .. ان قوته الشعرية ذات سحب داخلي للنص الشعري وذات موجه دلالي يسوغه عمق مواضيعه واستجابة ذاته الشعرية لها واستجابة نصه لهذه الذات المحلقة .. من هنا كانت الريادة في التمرد على الشكل التقليدي للقصيدة اقرب الى نفسية البريكان وافكاره الشعرية او لنقل ان البريكان كان اقرب الى الريادة مقارنة بالغنائية في شعر السياب مثلا التي تتناغم مع الايقاع الموسيقي في الشعر وهذا ما يؤكده طهمازي ( انهمك البريكان في موضوعات الاسطورة والمطولات قبل السياب .. وقد كان في تلك الفترة – نهاية الاربعينات – من الشعراء المتطرفين في التجديد اكثر من غيره .. ) وبعد ان يناقش الباحث طريقة استخدام البريكان للبحور الشعرية التي كتب قصائده عليها ينتقل الى الموسيقى الداخلية للنص لان موسيقى الشعر كما يؤكد الباحث ( لا تعني التشكيل الخارجي فقط ( الوزن ) وان هناك بنية موسيقية للمفردة متاتية من اصواتها ووضعها داخل السياق وما يشكله من علاقات تجانس او تضاد لخلق نسق موسيقي ) ويشخص الباحث بعض الظواهر الموسيقية المتنوعة التي تقف الى جانب الوزن لانتاج دلالة القصيدة البريكانية ، كتجانس الاصوات وتكرارها سواء على مستوى حروف المفردة الواحدة او تجاورها مع المفردات الاخرى ، او التناغم الحروفي والصوتي بين العبارت والجمل او الاشطر الشعرية وتوزيع الحروف توزيعا ايقاعيا .. وكذلك ظاهرة تكرار الكلمة الواحدة او تكرار العبارة ، وظاهرة الجناس ، ويحاول الباحث ان يجد روابط دلالية فاعلة بين هذه الظواهر الايقاعية الثلاث – تناغم الحروف والتكرار والجناس – ويقدم امثلة من شعر البريكان .. وهذا التحليل الصوتي لشعر البريكان يذكرنا بتحليل د قاسم راضي في بحثه المعنون ( جغرافيا التصحر الانساني – قراءة في شعرية البريكان ) حيث يقوم بتحليله وفق منهج صوتي/ دلالي مستفيدا من مفهوم التوازي الذي وظفه ياكوبس وليفي شتراوس في نقدهما قصيدة ( القطط ) لبودلير .
حتى القافية في شعر البريكان لم يغفل الباحث استخدامها الفني الخاص من قبل البريكان فيناقش اثراءها لايقاع القصيدة بوصفها ( مرتكزا عميق التشابك مع السمة العامة للعمل الشعري .. ) ويقسمها الى شكلين الاول هو التقفية الداخلية ، فلا يعدها تزويقا او تلوينا موسيقيا وانما ( نسق بنائي يعكس حبكة نسيج النص وتلاحمه ) .. وفي قراءتنا لشعر البريكان العمودي
لم نجد عنده تقفية داخلية مقصودة مثل تلك التقفيات التي التي تعتمدها بعض القصائد مثل قصيدة ( يا نديمي ) للجواهري التي تتساوى فيها فوافي اشطر القصيدة او كل مقطع منها ، وانما التقفيات الداخلية عند البريكان عفوية غير مقصودة ولكن السياق الشعري ياتي بها احيانا لاثراء الايقاع العام للقصيدة واغنائها بنائيا ..
اما التقفية الخارجية ( القافية العامة للبيت الشعري ) فيقسمها الباحث الى موحدة ومتعددة فيرى ان القافية عند البريكان ( موحدة في القصائد التي تدور حول معنى واحد يستدعي رباطا تقفويا ثابتا ) ولكني ارى ان التنوع في القوافي ضمن القصيدة الواحدة عند البريكان هو السبب نفسه الذي استدعى نصه الى التمرد على الوزن .. فكان هذا التنوع هو التمرد المبكر على القافية الذي جاء متسلسلا ومتدرجا بدا بتنويعها ثم تذويبها لاني ارى ان التمرد على القافية هي الخطوة الاولى الاستعدادية لضرب هيكل القصيدة ( المقدس ) ولتهديم جدارها الشكلي الذي تكرس لاكثر من 1500 سنة .. وقد جاء هذا ( التهديم ) من بؤرة الفكرة الشعرية التي تضيق ذرعا باي شكل - قيد – شعري تلك الفكرة التي تدأب على خلق ايقاعها الداخلي السرابي الذي يراه القارئ او يحسه ولا يلمسه وهذا ما اراه واحدا من اهم الاسباب في نجاح قصيدة النثر ورسوخها وتحولها من قوة مطرودة الى قوة طاردة .. لقد كانت الشعرية المجردة في القصيدة في ايقاعاتها ومظاهرها الخارجية مسوغا فنيا وجسرا لعبور القصيدة الى الضفة الخالية من المظاهر الشكلية لللايقاع ..
وهذا لا يقلل من اهمية راي الباحث الذي يرى ان التنوع في الموضوع عند البريكان يتطلب التنوع في القافية فهذا يمكن عده خطوة على طريق تمرد القصيدة على القافية ..
ثم ينتقل الباحث الى خاصية كل حرف وتقييمه الصوتي وعلاقته بخروجه من الجهاز الصوتي عند الانسان ويحاول ربطه بالحالات النفسية والمضامين التي تستدعي حروفياتها وتشكلاتها الصوتية ..

لغة الشعر عند البريكان

وبطريقة الاكاديمي الحذر يدرس الباحث اللغة الشعرية في قصيدة البريكان العمودية باعتبارها الركيزة الاساسية لفهم الرؤيا الشعرية التي يقدمها الخطاب الشعري فيقسم دراسته الى نقاط تشمل الفضاءات التي تحقق من خلالها اللغة الشعرية حضورها وفاعليتها في النص .. فيبدا بحركة الزمن داخل النص الشعري حيث ان البريكان يطوع الزمن لفاعلية نصه فيجعله زمنا شعريا خارجا من تجريديته او كما يقول الباحث ( يظهر بشكل يتجاوز الآنية او الحضورية الراهنة التي تكون داخل حيز مكاني وزماني محدود ) ويذكر ان البريكان كان يركز على الحاضر واشاعة استمراريته في النص لذلك كان ينجذب لاستخدام الفعل المضارع لانتاج دلالة الحاضر ويوضح الباحث ذلك بجدول لعدد مرات استخدام الفعل المضارع قياسا بغيره من الافعال ويعززه بمقولة البريكان في مجلة المثقف 1969 ( انني منذ اواخر الاربعينات ملت الى استعمال المضارع للايحاء بنوع من الاستمرارية والحضور ) كما يضع الباحث جدولا اخر يبين سيادة الفعل الماضي في بعض القصائد على اساس ان الشاعر يسرد ما يعلمه الماضي بصيغة الحاضر كما يقول مطاع صفدي ( الماضي في حقيقته هو الآن الذي لم يعد موجودا ) كما يقر الباحث ان هناك قصائد تخلو او تكاد من الفعل .. وكما ارى ان القصيدة عند البريكان تختار فعلها تبعا لمضمونها ومعالجتها الدلالية عبر ادواتها الفنية مع دقة استخدام الزمن عند البريكان بل حتى تصريحه عن استخدام الفعل المضارع بكثرة في بواكير شعره جاء بعد فترة من مراجعته لتجربته الشعرية أي انه لم يكن يقصد هذا الاستخدام قبل كتابة النص ولكن طبيعة المضمون والمعالجة وجهت الزمن الشعري داخل النص باتجاه الماضوية او الحاضرية او المستقبلية ..
وفي الجزء الثاني من معالجته فصل لغة الشعر يناقش الباحث تركيب الجملة في قصيدة البريكان ، فيذكر ان الفاظه سهلة وواضحة فهو لا يعتمد الالفاظ اللغوية القاموسية او البلاغة اللفظية والصياغات المبالغ بها ، ويركز على العمق الفني والروحي للغة وكما يقول البريكان في مجلة المثقف ( انني اطمئن الى الكلمة بقدر ما تسعني ، اريدها بقدر ما تستطيع ان تمتص من ذاتي ، اقع عليها اذ لا موقع على سواها ) وهذا يعني ان البريكان يشحذ مفردته ويصقلها لكي تناسب مكانها الفاعل في جملته وهذه الدقة في سبر غور المفردة بهذا التموضع المكاني الفريد لها هو ما ميز الجملة الشعرية عند البريكان باضاءتها المفرداتية اولا ثم امتدادها الى اضاءة الجملة الشعرية..
كما ان الباحث يشخص طول الجملة الشعرية عند البريكان وما يتطلبه هذا الطول من طرق واساليب لمدها في الفصل بين المسند والمسند اليه كالفصل بين الفعل وفاعله او بين القول وجملته او بين النداء وجوابه ولكن كل هذا الحشو اللغوي الذي يمط الجملة كان له مسوغه الفني والدلالي طبعا بما يخدم اللغة الشعرية كما ان حركة الضمائر في نصوص البريكان تدور ( في فلك واحد تكون بؤرته في اغلب الاحيان ذات الشاعر ) وذلك لان الذات الشاعرة البريكانية ذات متسائلة مندهشة تلامس باسئلتها تخوم الوجود والعدم
يتبع ..



#علي_الامارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطرق على آنية الصمت .. البريكان في كتاب جديد / 2


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الامارة - الطرق على آنية الصمت .. البريكان في كتاب جديد /3