أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - درويش محمى - الكرد والعرب واليهود والسلطان العادل














المزيد.....

الكرد والعرب واليهود والسلطان العادل


درويش محمى

الحوار المتمدن-العدد: 1888 - 2007 / 4 / 17 - 10:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من المفارقات العجيبة، ان يجتمع شخص محرر القدس مع من احتلها في ذاكرة واحدة، فبمجرد ذكر كلمة الكرد يقفز السلطان العادل وبصحبته البعبع اسرائيل الى الذاكرة العربية، صلاح الدين الايوبي الرجل الذي شغل العالم وما يزال، وانزل في قلوب اعداءه الرهبة والاحترام، وفي افئدة مريديه الطاعة والالتزام، وحكم مصر وبلاد الشام، وفتح بيت المقدس فتحا مبينا، وهزم الغزاة الصليبيين شر الهزيمة، واسرائيل الدولة الصغيرة جداً جداً، التي احتلت قدس كل القدس، ولم تهزم منذ اكثر من ستة عقود، وانتصرت المرة تلو الاخرى، على خصومها العرب، من محيطهم الى خليجهم .
احدهم حرر القدس والاخر احتلها، مقولة قد تشكل حجة واهية لذاكرة البعض في الجمع بين المتناقضين، لكن الامر المحير حقاً، هو الجمع بين الكرد احفاد الايوبيين مع احفاد اسحاق عليه السلام، ووضعهم في نفس الخانة والمرتبة من الخطورة والعداء للعرب، وما يعنيه ذلك من اجحاف وظلم كبيرين، فالكرد واليهود لا يجمعهما عرق ولا دين، ولا صداقة ولاسفارة، ولا جيرة ولا حدود، ولا حتى اكلة الفلافل التي تجمع اليهود وابناء عمومتهم العرب، ولارابطة الدم" السامية" ولا كلمتي شلوم والسلام التي تطلق وتقال صباح مساء هباءا منثورا، وعلى العكس الشيئ الوحيد الذي يجمع الكرد واليهود، هو انتمائهم للشرق، مع فارق بسيط، الكرد شعب مرابط لم يبرح ارض ابائه يوما ما، واليهود عادوا الى ارض الميعاد بعد قرون من الهجرة، كما ان الكرد لم يستوطنوا ارض الغير بل استوطنت ارضهم وعربت وتركت وفرست، والكرد لم يغزو ارض الغير لا فاتحين ولا مغتصبين، بل فتحت ارضهم وتعرضت للخراب وانتهكت حرياتهم واغتصبت اعراضهم، واليهود يمتلكون الاسلحة النووية والكيمياوية وجيشاً قوياً، والكرد تعرضوا للاسلحة الكيمياوية ولا حول لهم ولا قوة، واليهود يعملون على تهويد القدس، والكرد تعربت قدسهم كركوك، كما ان اليهود كانوا وما زالوا يعادون الاسلام والمسلمين، والكرد شعب مسلم مسالم، لا يناصبهم العداء الا اخوة لهم في الدين من امة لا الاه الا الله .
لا تقتصر حالة الغبن والاجحاف بحق الكرد وجدهم صلاح الدين، على الذاكرة العربية الظالمة وحسب، بل تتعداها الى اجتهاد البعض من ارباب الذكاء من العرب، بينهم ساسة وكتاب ومفكرين،لابتكار بدعة جديدة تتمثل بدعوة 40 مليون كردي للانصهار في جسم الامة العربية على طريقة صلاح الدين الايوبي، وهذا الاجتهاد العنصري يتميز بالسذاجة لامور عدة، فمقومات الامة الواحدة متوفرة لدى الكرد كما هي لدى العرب ان لم تكن اكثر، فالكرد قوم يجمعهم العرق والثقافة واللغة والتقاليد والجغرافية والتاريخ المشترك والطموح المشترك، كما ان التشرذم والتمزق الحاصل اليوم في العالم العربي، لايؤهله ليكون بالعاً لغيره من القوميات، الامر الساذج الاخر، اعتبار صلاح الدين الايوبي مثالاً للانصهار في العروبة، امر صارخ فيه الكثير من الجهل والظلام المبين، فزمن السلطان العظيم كان زمن الصراعات الدينية، ولم يكن مفهوم القومية قد وجد اصلاً، ولانه كان مسلماً تقياً اخلص لربه ودينه كان جزءاً من الصراع الديني، ولايوجد دليل واحد يثبت العكس، وصلاح الدين لم يحارب تحت لواء القومية، ولو فعلها فرضاً، وباعتباره سلطاناً تميز بالعدل والحكمة، لحارب وبدون ادنى شك لرفع لواء قومه من الكرد، والخلط بين الاسلام والعروبة، من الاخطاء الفاحشة التي يقع فيها دعاة الانصهار، فالاسلام والعروبة امرين مختلفين رغم ان العرب استخدموا الاسلام كأداة للتوسع والانتشار، والسلطان صلاح الدين كان مسلما ومعظم الكرد يدينون بالاسلام ويخلصون لدينهم، لكن هذا لا يعني بتاتاً التنازل عن قوميتهم في الوقت الذي يصر الاخر على قوميته ويتمختر بها .
للانصاف اقول ان الذاكرة الكردية ليست بافضل من الذاكرة العربية، فصلاح الدين يوسف بن ايوب لا يملك للاسف قلوب ابناء جلدته من الكرد كما ملك قلوب الاخرين، فهو جد لنا ونحن احفاده، وفيه من الرجولة والشهامة، والعدل والاستقامة، والخصائل الحميدة، ما يجعل الكرد يفتخرون به وبفرسانه، الذين قهروا الغرب والشرق بشجاعتهم وسماحتهم، انه لامر مؤسف حقاً ان لا يذكره الكرد الاعابرا، ربما لجهلهم بحقائق الامور، او ربما لما عانوه على ايدي العرب والفرس والترك من ظلم واجحاف، وهم اخوة لهم في الاسلام، الدين الذي اخلصوا له وضحوا من اجله وتفانوا، والسلطان الايوبي خير مثال على الحقيقة التاريخية تلك، على اخلاص الكرد لامة محمد، والعكس غير صحيح .
يخطأ العرب بمطالبتهم للكرد ان يكونوا كصلاح الدين ويتنازلوا عن هويتهم، فصلاح الدين لم يتنازل عن هويته، لان الهوية وقتها كانت للدين، واخلاصه لدينه كان اخلاصا لملته، ويخطئ الكرد وهم يلومونه على تقاعسه عن تحريرهم، وكلا الطرفين الكردي والعربي يخلط الماضي بالحاضر والواقع بالخيال، فصلاح الدين كان ابن عصره، وعصره لم يكن الا عصر الديانات وصراعها، وكان حقاً افضل رجال عصره بامتياز .
"قم ياصلاح الدين لقد عدنا" قالها الجنرال الفرنسي غورو، وهو يركل قبر السلطان صلاح الدين الايوبي بحذائه، بعد ان دخل دمشق غازياً في العشرينات من القرن الماضي، اهل الغرب الصليبيين ومنذ القدم، كانوا اخلص منا لعدوهم السلطان الايوبي العادل، سواء في كرههم او احترامهم له، ولا اعتقد ان غورو بتصرفه اراد اهانة السلطان العادل، بل اساء الى كل من ورث عن السلطان الكردي تراثاً عظيماً متكاملاً من العدل والشجاعة والانصاف والسماحة، ولم يعمل بها، وكم تمنيت لو كنا نحن المسلمون في نفس المرتبة من الصدق والوفاء لرجل مثل صلاح الدين الايوبي، لكان حالنا اليوم افضل من هذا الحال، وماكان لغورو ان يصل الى مرقد ولي من اوليائنا الا راكعاً خاشعاً، ولما هودت القدس ولا كركوك تعربت، ولما شبه البعض صدام بصلاح الدين، ولا برر البعض مأساة حلبجة، المدينة الشهيدة مرتين، مرة يوم ضربت بالاسلحة الكيمياويةعام 1988، ومرة عندما كان نصيبها من شهداء حرب تحرير فلسطين 1948هو الاكبر بالنسبة لباقي المدن العراقية .





#درويش_محمى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نانسي بلوسي في ديارنا !
- مرشحي لانتخابات الرئاسة السورية
- الديمقراطية التي اتى بها المحتل هي الحل
- سجون وشجون السيادة الوطنية
- أسوء كارثة في العالم
- صراع قيم الاستبداد وقيم الديمقراطية
- زيارة شيمون بيرز الى دولة قطر و الاتجاه المعاكس
- الجنرال قوس قزح
- حالة شاذة غير طبيعية
- انعدام الخيارات والفرصة الاخيرة
- لو ولو ......يا عرب
- بيكر - هاملتون .. خطة فرار أميركية
- من قال ان دراكولا روماني الاصل
- الخطير في خطاب نصر الله الاخير
- الاسد والمعركة المصيرية
- حروب نصرالله وأحلام الجنرال العجوز
- القانون السوري لا يحمي المغفلين ولا المبدعين
- صدام وحكم الاعدام
- النقاش العقيم حول جدوى الديمقراطية
- الكرة في ملعبكم يا اخوان


المزيد.....




- قُتل في طريقه للمنزل.. الشرطة الأمريكية تبحث عن مشتبه به في ...
- جدل بعد حديث أكاديمي إماراتي عن -انهيار بالخدمات- بسبب -منخف ...
- غالانت: نصف قادة حزب الله الميدانيين تمت تصفيتهم والفترة الق ...
- الدفاع الروسية في حصاد اليوم: تدمير قاذفة HIMARS وتحييد أكثر ...
- الكونغرس يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا بقيمة 95 مليار ...
- روغوف: كييف قد تستخدم قوات العمليات الخاصة للاستيلاء على محط ...
- لوكاشينكو ينتقد كل رؤساء أوكرانيا التي باتت ساحة يتم فيها تح ...
- ممثل حماس يلتقى السفير الروسي في لبنان: الاحتلال لم يحقق أيا ...
- هجوم حاد من وزير دفاع إسرائيلي سابق ضد مصر
- لماذا غاب المغرب وموريتانيا عن القمة المغاربية الثلاثية في ت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - درويش محمى - الكرد والعرب واليهود والسلطان العادل