مشروع الحكم الذاتي وارث الماضي

عماد امسمير

الحوار المتمدن-العدد: 1891 - 2007 / 4 / 20 - 12:33
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    

يروج المغرب بكل قوة لمشروع الحكم الذاتي في الصحراء, حيث قامت الدبلوماسية المغربية بزيارة أكثر من ثلاثين دولة لعرض هذا المشروع وقد قالت الإدارة الأمريكية بأنه يحمل عدة عناصر ايجابية, كما رحبت به كل من فرنسا واسبانيا في حين اعتبرته جبهة البوليساريو متناقض مع حق تقرير المصير, وانتقد محمد عبد العزيز زعيم جبهة البوليساريو الموقف الاسباني المتنصل من مسؤوليته التاريخية.
وفي حالة موافقة جبهة البوليساريو على الدخول مع المغرب في حوار مباشر حول كيفية تطبيق الحكم الذاتي, وان كان أمرا مستبعدا لكون جبهة البوليساريو قد قدمت مشروع آخر للأمم المتحدة يتضمن مقترح تطبيق الاستفتاء في الصحراء, ويبقى هذا الحل مواجها بكثير من المصاعب خصوصا تلك المتعلقة بإرث الماضي, فالمغرب متواجد في الصحراء منذ 1975 وأعطى لهذه الأقاليم وضع خاصا في جميع مناحي الحياة, هذا الوضع استغل من طرف أعيان هذه الأقاليم وأصحاب الحظوة للاغتناء والارتزاق بل إنهم كانوا يساومون الدولة من أجل تكديس الثروات وانتزاع الامتيازات, ففي مدينة السمارة وحدها مثلا توجد 4000 "كارطية" وهي بطائق الإنعاش الوطني التي تساوي الواحدة منها 1400 درهم في الشهر, محتكرة من طرف الأعيان وأصحاب السلطة الذين يوزعونها على أبنائهم وعائلتهم, في حين مازال معطلو المدينة من حملة الشواهد العليا منذ سنة 2003 ينتظرون التوظيف أو على الأقل الحصول على هذه "الكارطيات". فكيف لهؤلاء الأرجل السوداء أن تتخلى عن مناصبها لمن يستحقها من أبناء المنطقة أو للقادمين من تندوف؟
خاصة إن علمنا أن السلطة في الأقاليم الصحراوية تتعامل مع سكانها بنوع من الترابية في الاستفادة من الامتيازات والوظائف حسب الانتماء إلى هذه القبيلة أو تلك, ففي مدينة السمارة مثلا يأتي في المرتبة الأولى البويهات وهم عرش من قبيلة الركيبات ثم يليهم العروسيين وباقي أعراش قبيلة الركيبات في المرتبة الثانية ثم قبائل ثكنة في المرتبة الثالثة, ويأتي في المرتبة الرابعة قبائل المخيمات الذين تم توطينهم خارج مدينة السمارة إبان سياسة التوطين والإدماج التي نهجها إدريس البصري وزير الداخلية إبان حكم الملك الراحل الحسن الثاني, ويأتي في المرتبة الخامسة سكان المدينة الذين غالبيتهم من عائلات الجنود والقوات المساعدة والشرطة والموظفين وغيرهم,فهل سيأتي الحكم الذاتي ليكرس السياسة القديمة؟ الذي تقضي بأن القبيلة الكبيرة هي التي تأخذ حصة الأسد من المناصب والامتيازات, أم أن الحل سيشمل كل مواطني الصحراء دون تمييز بينهم, حتى لا يطبق الحل بمفهومه الضيق.
إن الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب, يجب قبل أن يحل المشكل الذي عمر في دواليب الأمم المتحدة أكثر من ثلاثة عقود, أن يحل كل المشاكل التي يعاني منها سكان الصحراء بكل مكوناتهم.

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل