أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - هشام الدجاني - اصوات يهودية تتعاطف مع الألم الفلسطيني وتتبنّاه















المزيد.....

اصوات يهودية تتعاطف مع الألم الفلسطيني وتتبنّاه


هشام الدجاني

الحوار المتمدن-العدد: 569 - 2003 / 8 / 20 - 03:46
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


    الحياة     2003/08/17
مؤلف الكتاب، مارك هـ. ايليس، كاتب يهودي أميركي جريء، يحاول في كتابه هذا البحث عن هوية لليهود في القرن الحادي والعشرين، خصوصاً في مرحلة ما بعد "المحرقة". ولعله من الكتّاب اليهود القلائل الذين تحدثوا عن الشعب الفلسطيني، وعن الالتزام الأخلاقي للإسرائيليين ويهود الشتات على حد سواء تجاه الفلسطينيين. وهذا ما جعل البروفيسور إدوارد سعيد يصفه بالعقل الجريء والعميق والمثقف الذي حاول أن يكسر التقاليد الجامدة والصيغ المقبولة. أما المفكر اليهودي المعروف نعوم تشومسكي فوصف كتابه بأنه "إلهام لنا جميعاً".

ومارك ايليس هو عالم لاهوت قبل كل شيء، متعمق في الديانة اليهودية، وهذا ما مكّنه من أن يُفنّد كثيراً من الأساطير الدينية التوراتية القديمة، والأباطيل المعاصرة على يد المتدينين اليهود المتزمتين. وهو يعترف بأن ثمة اشكالية في أن يكون المرء يهودياً أحياناً: ذلك أن شعور الآخرين تجاه اليهود، والحساسية الداخلية المتعلقة بيهودية اليهود لا يتركان إلا حيزاً ضئيلاً للسكينة والهدوء. كان ذلك صحيحاً عندما كان اليهود فقراء ومقهورين، وهو يصح اليوم ونحن نمارس النفوذ والقوة، على حد تعبيره.

يعتقد المؤلف (الذي سيصدر كتابه قريباً بالعربية عن "دار الحوار الثقافي" في بيروت)، أن تاريخ الشعب اليهودي بكامله قد تضاءل شأنه كثيراً بغزوه فلسطين، والذي أضحى الآن غزواً كاملاً. و"كيهود، نعيش الآن مرحلة ما بعد المحرقة، وما بعد إسرائيل، فإن كلا الحدثين يؤكد ازدواجية صعوبة وإمكان الحياة اليهودية في القرن الحادي والعشرين".

وهو كيهودي ولد في الولايات المتحدة وترعرع، شأن آخرين من جيل ما بعد "المحرقة" في مناخ من الأخلاقية والعدالة، كان يتألم من استمرار النزعة العدائية لإسرائيل وتصاعدها. وأثار غضبَه قصفُ المروحيات الإسرائيلية للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية المحرومة من أية وسائل دفاعية. ورأى أن هذه الآلات التي لا هدف لها إلا الدمار والموت قد حددت إطار الحياة اليهودية المعاصرة. إنها تعبر عن القوة من دون احساس بالأخلاقية أو المبادئ الإنسانية، أو على حد وصفه: "ما نقوم به هو ما نعبده". ويتساءل المؤلف بجرأة: هل أصبحنا نحن كيهود أمة تمارس القمع؟ وهل فقدنا دروس "المحرقة" التي علمناها للعالم؟ وهل التهديد واستخدام القوة هما الوصية التي أردنا أن نوصلها إلى أولادنا؟

من الضروري أن نفهم كيف مهد نجاح صهيونية الدولة وتعاظم رواية المحرقة لإسرائيل في الولايات المتحدة أرضية العمل لحركة استيطان متطرفة دينياً، متزايدة الأهمية، مترافقة مع قومية علمانية متطرفة بعد حرب 1967. فقد جعلت الحركات الدينية من القدس ومن "يهودا والسامرة" غنيمة حرب، وراحت تبني المستوطنات بتشجيع من الحكومة الإسرائيلية. وعزز بناء المستوطنات هذا من قوة الاصوليين المتدينين لدى الحكومة الإسرائيلية وفي الطيف السياسي الإسرائيلي.

يقول المؤلف إنه لم يجر في الولايات المتحدة على صعيد عام ووطني أي نقاش عقلاني حول إسرائيل، وكذلك الأمر داخل الجالية اليهودية. وحقيقة التوسع الإسرائيلي، من البحر إلى نهر الأردن، في منطقة تضم أكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني، غير معروفة لمعظم الأميركيين وكذلك معظم اليهود. و"الذاكرة اليهودية" التي يعتبرها المؤلف جزءاً من "الحياة اليهودية" أخفت تاريخياً، وفي الوقت الحاضر، الكثير من جوانب الحقيقة. إن قمع الفلسطينيين يمثل التمزيق الأشد في هذا العالم وفي التاريخ. وهذا يطرح مسألة جوهرية، وهي ما إذا كان تفويض اليهود بالسلطة على حساب شعب آخر يمثل معالجة للشعب اليهودي من صدمة المحرقة أو مكافأة له. وهل لا يُشفى اليهود من صدمتهم إلا بصدمة الطرد والاذلال للفلسطينيين؟!

ويتساءل المؤلف بحيرة: لماذا لا تناقش سياسة الاستيطان التي ترعاها إسرائيل في الحياة اليهودية؟ ولماذا ينظر اليهود إلى إسرائيل وكأنها تشبه أية دولة أخرى من حيث رغبتها في الهيمنة والتوسع؟!

لقد كان هناك تقليد في معارضة الصهيونية، في الحياة اليهودية، بل حتى في أوساط الصهاينة أنفسهم. بيد أن هذا التقليد بات معظمه موضع النسيان أو الاستبعاد المتعمد. ولا يعرف إلا قلة من اليهود، ومن غير اليهود بالطبع، أن جودان ماغينس أول رئيس للجامعة العبرية، ومارتن بوبر المثقف التوراتي الكبير، وحنه ارينت الفيلسوفة العقلانية، كانوا جميعاً من المعارضين للدولة اليهودية في فلسطين. وكانوا يدعون بدلاً من ذلك إلى اتحاد تعاوني بين اليهود والعرب.

ألقت العقود التالية على حرب 1967 بظلالها الثقيلة على العلاقة بين اليهود والفلسطينيين، الأمر الذي سبب انقسامات داخل المجتمع اليهودي. وثنائية المحرقة وإسرائيل أضافت بعداً جديداً إلى النقاش اليهودي، وهو الفلسطينيون. وفي رأي المؤلف أن الحياة اليهودية في فجر القرن الحادي والعشرين تأتي بعد المحرقة وإسرائيل، وان البعد الخارجي/ الداخلي للفلسطينيين هو بعد مركزي في تفرق الحياة اليهودية، كما أنه يمكن أن يكون مفتاح قابليتها المتجددة للحياة والنمو. ومع هذا نجد كثيراً من المفكرين اليهود اللامعين من أمثال غرينبيرغ ويروشالي يلتزمون الصمت تجاه آمال الفلسطينيين وأحلامهم تجاه القدس، وكأن الفلسطينيين غير موجودين.

ويطرح المؤلف هنا مسألة مهمة: هل أدت صدمة المحرقة، والتي باتت من طقوس اليوم أكثر من أي وقت مضى، إلى شفاء الشعب اليهودي من عقدته التاريخية؟ وهل أدى دعم الغرب لإسرائيل إلى أن يتخلص اليهود من الخوف والغضب والانكسار، تلك المشاعر التي غالى كثير من الكتّاب والفنانين في تصويرها؟

وهل يمكن اليوم لاندمال الجروح بين اليهود والفلسطينيين أن يصبح جسراً يتجاوز "عقدة المحرقة"؟ أليس السبيل الوحيد للشفاء من هذه العقدة هو الرغبة في العيش مع الفلسطينيين في وطن متجدد لكلا الشعبين، خلق دولة ثنائية القومية قائمة على المواطنة بدلاً من الهوية العرقية أو الدينية؟

أسئلة جريئة يطرحها المؤلف. وهو يرى أن بعض المفكرين اليهود البارزين والمتنوعي الآراء، من أمثال يروشالي وروسكيس وايرينا كليبفيز وسينثيا اويك يفكرون فعلاً بهذا الاتجاه. ويعترف المؤلف بوجود تيار يهودي قوي معادٍ لهذا التوجه. ويصل الأمر ببعضهم إلى حد اعتبار السلام مع الفلسطينيين بمثابة "خيانة" لذكرى "المحرقة"! في حين تجد كليبفيز الجرأة على القول إن التحدي الذي يواجهه الفسلطينيون اليوم هو بمثابة "محرقة" خاصة بهم. وقد تساءلت الكاتبة: هل النازية وحدها أمّ الشرور في نظرنا نحن اليهود؟ وهل أي شيء لا يماثلها يعتبر أخلاقياً من جانبنا؟ هل هذا ما فعلته "المحرقة" بالشعور الأخلاقي اليهودي؟ وتستطرد: إن اليهود مدعوون إلى الشعور بالغضب عندما يرون تمزيق الحياة العادية للفلسطينيين" إن تدمير الحياة الفلسطينية على يد يهود بات جزءاً من تاريخنا الذي ينبغي أن نتذكره.

كتاب غني يربط التاريخ اليهودي القريب بالتاريخ المعاصر، ويقارن بين المُثل التي كانت سائدة بالأمس وبين المفاهيم الخطيرة المتداولة اليوم. ومع هذا ثمة أصوات يهودية مدافعة عن الحقيقة داخل إسرائيل وخارجها لا بد أن نسمعها، أو نقرأ عنها على الأقل.

 



#هشام_الدجاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- لا، جامعة هارفارد لم تستبدل العلم الأمريكي بالفلسطيني
- جامعة أمريكية ستراجع علاقاتها مع شركات مرتبطة بإسرائيل بعد ا ...
- سيئول تتهم بيونغ يانغ بتدريب -حماس-
- تغطية مستمرة| بلينكن يصل إسرائيل وشرطة نيويورك تعتقل عشرات ا ...
- رحلة إلى ماضٍ برّاق... معرض لفرقة -أبا- السويدية في مدينة ما ...
- فيديو: شرطة نيويورك تقتحم جامعة كولومبيا وتفض اعتصام قاعة ها ...
- رئيسة جامعة كولومبيا تطالب الشرطة بإخلاء الحرم الجامعي من ال ...
- كم دقيقة ينبغي أن تمشي لتعزز قوة دماغك؟
- العلماء يعثرون على عيب حيوي في اللحوم النباتية
- الجيش الروسي يحصل على قناصات جديدة تعد من أفضل بنادق القنص ف ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - هشام الدجاني - اصوات يهودية تتعاطف مع الألم الفلسطيني وتتبنّاه