أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - جليل عباس علي - وظيفة المفتش العام بين ضابط الامن و محامي الشعب















المزيد.....

وظيفة المفتش العام بين ضابط الامن و محامي الشعب


جليل عباس علي

الحوار المتمدن-العدد: 1882 - 2007 / 4 / 11 - 11:22
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


لتسهيل عملية التغيير الاجتماعي الديمقراطي ينبغي على المشرعين عدم الاكتفاء بتشريع القوانين فمهمة التغيير الديمقراطي تتطلب ثلاث مهام تشريعية الاولى سن القوانين و الثانية مراقبة تنفيذها و الثالثة التواصل مع الجماهير لتقييم القوانين الصادرة و معرفة مدى فائدتها في ضوء المصلحة العامة , و من الامور التي اثارت فقهاء القانون و علماء الاجتماع هي مسألة عدم رغبة الناس للانصياع لاحكام القانون و ميلهم الى التمرد على احكامه حيث لا يشعر المواطنون في معضم البلدان أنهم ملزمون أخلاقيا بالامتثال للقانون و لكن عندما يسن القانون من قبل هيئة تشريعية منتخبة وفقا لقاعدة شعبية واسعة فان هذا الميل نحو التمرد يميل الى الخفوت . لذلك فان شرعية القوانين التي تصدرها الحكومات تتفاوت حسب شرعية قاعدة هذه الحكومات نفسها , و لحل مشكلة عدم الانصياع للقوانين التي تشرعها الحكومات يقترح ماكس ويبر انه لكي تكتسب القوانين الشرعية فبامكانها ان تستعين بمرجعية دينية او تقليدية (مثل أيات الله في ايران او الملكية البريطانية) او شخصية قيادية ساحرة ( مثل لينين او جورج واشنطن) و حيث ان هذه الوسيلة ليست متوفرة في كل زمان و مكان و لا يمكن للحكومات ان تخلق الشخصيات الدينية او القيادات الساحرة فلن يكون امام الحكومات الا دعم المؤسسات و تدعيم الشرعية بتوسيع القاعدة الشعبية فالمسئول الحكومي لن يستطيع القيام بأي شيء بصفته الرسمية بدون تفويض قانوني فالمسئولين لا يطلب منهم شيء سوى الالتزام بالقوانين و الالتزام بالقوانين من قبل المسئولين ليس بالامر اليسير فخلال فترات التاريخ كان اولئك الذين يملكون السلطة يستخدمون القانون لخدمة مصالحهم و يقومون بتسخير مؤسسات الدولة و اجهزتها لاشباع رغباتهم و رغبات المقربين منهم على حساب باقي طبقات الشعب و بالتاكيد فان الطبقات المسحوقة و الفقيرة من الشعب هي الضحية دوما وابدا.
و لرفع مضلومية الفقراء و الكادحين و رفع الضيم عنهم ضهرت في التاريخ الاسلامي وضيفة امين المظالم حيث كان بعض الخلفاء المسلمين يخصصون يوما لرد المظالم و لنظر شكاوى الناس بانفسهم و أسسو ديوان المظالم لنظر شكاوى الناس يوميا. الا ان ديوان المظالم هذا اختفى مع خفوت شعلة الحضارة الاسلامية على ارض المسلمين .
و في اوربا ضهرت وضيفة (الاومبيدسمان) او (Ombudsman) هي كلمة من مقطعين هما (Ombuds) تعني في اللغة الاسكندنافية القديمة الوكيل او المندوب و كلمة (man) و التي تاتي بمعنى الانسان من ضمن معاني عدة و كان اول مكتب لمندوب او وكيل الشعب تأسس في عام 1809 في السويد تحت اسم وكيل العدالة و كانت مهمته تحقيق العدالة بين الشعب و الحكومة . و وضيفة محامي الشعب او وكيل الشعب انتشرت في بادءى الامر في الدول الاسكندنافية و منها الى الدول الاوربية . فالمفتش العام في اسبانيا يطلق عليه محامي الشعب ( Defensor del Pueblo ) و ذلك حسب المادة 54 من الدستور الاسباني و محامي الشعب الحالي هو السيد (ENRIQUE MÚGICA HERZOG) الذي كان وزيرا للعدل قبل ان يشغل منصبه الحالي و يتمتع بالمؤهلات العالية و السمعة الرفيعة في المجتمع الاسباني اذ يوجب الدستور الاسباني ان يكون محامي الشعب من الشخصيات رفيعة المستوى حيث نصت المادة 54 من الدستور الاسباني على انه " ينظم الدستور مؤسسة محامي الشعب كممثل رفيع المستوى عن البرلمان يتم تعيينه من قبلهم للدفاع عن الحقوق المذكورة في هذا الباب و لذلك يقوم بالاشراف على نشاط الادارة ويقدم تقريره الى البرلمان."
و يتم انتخاب محامي الشعب الاسباني لمدة خمس سنوات باغلبية ثلاثة اخماس اعضاء البرلمان و لا يجوز ان يخضع لاي سلطة او اوامر من اي سلطة و يؤدي واجباته باستقلالية تامة و يتمتع بالحصانة اثناء تاديته لواجباته.
و في العراق ضهرت وضيفة المفتش العام في عام 2004 حيث جاءت تسمية المفتش العام بموجب الامر 57 الصادر من سلطة الائتلاف المؤقتة الا ان الامر 98 جاء بتسمية جديدة لدائرة المفتش العام للسجون و المعتقلات العراقية حيث اطلق عليه في النص الانكليزي المنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 3985 و الصادر في تموز من عام 2004 حيث اسمى الامر 98 دائرة المفتش العام للسجون و المعتقلات العراقية ( Iraqi Ombudsman for Penal and Detention Matters) و ليس بين الاومبيدسمان العراقي و زميله الاسكندنافي من شبه اللهم الا في الاسم لا غير فوضيفة الاومبيدسمان العراقي او المفتش العام هي من الوضائف الجديدة في الدوائر العراقية و لكونها متكونة من مقطعين الاول مفتش و الثاني عام فانها قد اوحت للمواطنين للوهلة الاولى انها استمرارا لوضيفة ضابط امن الوزارة التي كانت من الوضائف ذات الوقع المرعب على اسماع الموضفين و المواطنين على حد سواء . زاد من هذا الاعتقاد ان المفتشين العمومين العراقيين و في جميع الوزارات لم يحاولوا ان يبينوا للمواطنين مهمتهم او يحاولوا ان يقدموا خدماتهم للمواطنين بشكل سلس و بدون ارعاب المواطنين فانقلبت مهمتهم من خدمة المواطنين الى التجسس على الموضفين و المحاولة للحصول على المعلومات بشكل اخبار سري او خط ساخن للاخبار عن الموضفين المرتشين و الموضفين غير النزيهين بشكل عام فقاموا بتحويل انفسهم من مفتش عام الى ضابط امن الوزارة
و اتباعا للمبدا العام و القاعدة الفقهية " العبرة للمقاصد و المعاني و ليس للالفاظ و المباني" فالافضل ان نترك مسالة الاسماء و ننضر الى محتوى هذه الوضيفة المهمة و الحديثة حيث نرى ان الامر 57 قد نظم احكام دائرة المفتش العام و الذي تم بموجبه انشاء مكاتب مستقلة في الوزارات العراقية المختلفة للتحقيق و التدقيق و التفتيش و التقييم و اية نشاط اخر لمراجعة الاداء الوضيفي و فقا للمعايير المهنية المعترف بها و يتم اختيار المفتشين العموميين بغض النضر عن انتماءاتهم السياسية مع الاخذ بالاعتبار سياسة تطهير العراق من حزب البعث و يتم الاختيار بناء على نزاهتهم وقدراتهم القيادية القوية وقدراتهم الثابتة عملياً في أعمال المحاسبة أو التدقيق المالي أو التحليل المالي أو القانون أو تحليل سبل وأساليب الإدارة أو الإدارة العامة أو التحقيق أو إدارة جهاز العدالة الجنائية أو المجالات الأخرى وثيقة الصلة بذلك، وعلاوة على ذلك يجب على المفتش العمومي أن يمتلك المعرفة والمهارات والقدرات والخبرة على القيام بإجراءات التدقيق والتحقيق. و مع ان الامر 57 أشترط ان يتم تعيين المفتش العام من قبل رئيس الوزراء و يخضع تعيينه للمصادقة من قبل البرلمان باغلبية الاصوات لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد , الا ان الامر المرقم 19 لسنة 2005 و المنشور بالوقائع العراقية بالعدد 3995 الصادر في عهد حكومة أياد علاوي عدل امر تعيين و اعفاء المفتش العام ليجعله منوطا بقرار من رئيس الوزراء استنادا على اقتراح من هيئة النزاهة العامة و بذلك الغى سلطة البرلمان في مسألة تعيين المفتش العام التي منحها له الامر 57 الصادر من سلطة الائتلاف ليجعل امر التعيين من صلاحية رئيس الوزراء فقط .
و حدد القسم الخامس من الامر57 مهام المفتش العام بثمانية عشر مهمة اهمها ضمان النزاهة والشفافية والكفاءة و تلقي الشكاوى المتعلقة بأعمال الغش والتبذير وإساءة استخدام السلطة و منع أعمال الغش والتبذير وإساءة التصرف وعدم الكفاءة .
و بموجب القسم الثالث من الامر فان المفتش العام يقوم برفع تقاريره الى الوزير المختص و هو ليس بالجهة الرقابية كما ان المفتش العام لا يخضع للوزير المختص ليرفع تقاريره اليه فكان الاولى ان يرفع تقاريره الى مجلس النواب و الجهات التحقيقة المختصة كالقضاء و ديوان الرقابة المالية و هيئة النزاهة , كما ان الاولى ان يكون لزاما على المفتش العام رفع تقارير دورية الى مجلس النواب للاطلاع على سير اعمال الوزارة المختصة و نشاط المفتش العام داخل الوزارة و هذا لا يعني ان يكون عين مجلس النواب على الوزارة و انما يكون حارسا للحقوق و محاميا للشعب و ليس محاميا للوزير المختص كما حدده الامر 57 او ضابطا للامن كما يعتقده الكثير من الناس و ليصل المفتش العام الى هذا الهدف السامي فمن الضروري القيام بالتالي: -
1. نشر الثقافة القانونية و بيان مهمته لموضفي الوزارة قبل غيرهم من المواطنين.
2. على المفتش العام او من ينيب عنه ان يتواجد في استعلامات الوزارة و ليس خلف الابواب المغلقة و ان يجعل اتصال الناس به سهلا يسيرا ليسمع شكاوى الناس بشكل مباشر و ليس عن طريق الايميل كما نلاحظ ذلك على جدران الوزارات الداخلية فكيف يراسله بالايميل الطبقات الكادحة و المسحوقة من الشعب التي لا تجد قوت يومها.
3. بيان مهمة المفتش العام عن طريق نشر اعلانات بالتلفزيون و الصحف اليومية و شرح مهمته كمحامي للشعب و ليس ضابط امن الوزارة.

اما على الامد البعيد فالافضل هو تعديل التشريع ليكون اختيار المفتش العام من بين المواطنين المشهورين بالنزاهة و الاستقامة و الافضل اختيارهم من بين القضاة و نواب الادعاء العام المتقاعدين و موضفي الدولة المتقاعدين و المحامين الكبار السن ممن لا تشوبهم شائبة و ان يكون تعيينهم لمدة اقصاها خمس سنوات غير قابلة للتجديد حتى لا تكون لهم مصلحة بالتجديد و ان يكون مجلس النواب هو السلطة الوحيدة لتعيينهم و عزلهم و محاسبتهم او على الاقل اعادة العمل بالامر 57 باعطاء مجلس النواب قرار المصادقة على تعيين رئيس الوزراء للمفتش العام .



#جليل_عباس_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جريمة غسيل الاموال في التشريع العراقي
- الاتجار بالاطفال في التشريعات العراقية


المزيد.....




- أوامر التوقيف بحق نتنياهو.. رئيس البعثة الأممية لحقوق الإنسا ...
- السيسي وبايدن يبحثان هاتفيا التصعيد العسكري في مدينة رفح ووق ...
- واشنطن -لا تؤيد- تحقيق المحكمة الجنائية الدولية بشأن إسرائيل ...
- الخارجية الأميركية تتهم 5 وحدات إسرائيلية بانتهاكات جسيمة لح ...
- اعتقالات بتهمة -التطرف-.. حملة جديدة على الصحفيين في روسيا
- من إسرائيل وأميركا.. محاولات لمنع -أمر اعتقال نتنياهو-
- إسرائيل تلوح بإمكانية الانسحاب من الأمم المتحدة
- -من أجل فلسطين-.. حملة اعتقالات تعصف بالجامعات الأميركية
- الخارجية الأمريكية: حددنا 5 وحدات إسرائيلية ارتكبت انتهاكات ...
- مصدر إسرائيلي يحذر: مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وقادة إسرائي ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - جليل عباس علي - وظيفة المفتش العام بين ضابط الامن و محامي الشعب