أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منير بولعيش - قصيدة سياتل و شعرية الإحتجاج...















المزيد.....

قصيدة سياتل و شعرية الإحتجاج...


منير بولعيش

الحوار المتمدن-العدد: 1880 - 2007 / 4 / 9 - 10:56
المحور: الادب والفن
    


(هؤلاء الشباب الذين ترونهم أمامكم بسراويلهم الممزقة... بوجوههم التي تتسع للأقراط...
و بأحذيتهم المقطعة... لا تحكموا عليهم، لديهم قلوب واسعة و لديهم أدمغة تفكر )

مقطع من الكلمة التأبينية التي ألقاها
والد: كارلو جولياني (أيقونة الحركات المناهضة للعولمة) في جنازة ولده.





أولا و قبل الإسهاب في الحديث عما أسميه ب(قصيدة سياتل)، لا بد و رفعا للبس و الغموض أن نعطف قليلا و في نفس الإطار للحديث عن السياق الكبير الذي تمخضت عنه هذه القصيدة، و هو ما يعرف في أبجديات المهتمين بشأن الحركات المناهضة للعولمة ب (جيل سياتل )، هذا الإسم الذي صار لصيقا بهذه الحركات في مختلف وسائط الميديا العالمية، بعد المظاهرة التي شارك فيها ما يقارب من 40 ألف رافض ضد إطلاق جولة تفاوض جديدة لمنظمة التجارة العالمية في نونبر 1999 بمدينة سياتل الأمريكية، المظاهرة التي شكلت بحق انعطافة مفصلية في مسار الحركات المناهضة للعولمة، هذه الحركات البكر و المتكونة في مجملها من شباب هامشي حركهم (بالإضافة إلى أفكارهم التي تمتح في الغالب من الفكرين: الأنارشي و الماركسي) إيمانهم العميق بالمصير المشترك للإنسان و بالعدالة الاجتماعية و الديمقراطية...
و برغم كل ما راج عن عفوية هذه الحركات و افتقادها لمشروع نضالي واضح، إلا أنها و مع استمرار معاركها و نجاحاتها بدأت تعزز صفوفها سنة بعد أخرى بأسماء كبيرة من المثقفين و الداعمين، الذين نذكر منهم على سبيل التمثيل لا الحصر: الفلاح و الفيلسوف الفرنسي (جوزي بوفيه ) و المحامي و السياسي الأمريكي (رالف نادر ) و رئيس تحرير لوموند ديبلوماتيك (إيجينيو رامونييه ) الذي أسس حركة (أطاك ) سنة 1988 و عالم اللسانيات (ناعوم تشومسكي ) و الروائي البرتغالي الحائز على جائزة نوبل (خوسي ساراماغو ) و (إيريك توسان) مؤسس لجنة إلغاء ديون العالم الثالث و الأرجنتيني (أدولفو بيريز أسكفيل ) الحائز على نوبل للسلام و البرازيلي (أوديد غراجوف ) مؤسس المنتدى الإجتماعي العالمي ببورتو أليغري، بالإضافة إلى العديد من المثقفين الشرفاء، الذين يحاولون بلورة سياق تنظيمي للحركة و تشكيل تكتل رفض مكون من الحركات السياسية و الإجتماعية التقدمية بهدف خلق عولمة بديلة و إعادة ترسيخ ثقافة الإحتجاج و تقديم بدائل جديدة عوضا عن البديل النيوليبرالي الزائف.

قصيدة سياتل:
الحديث عن الهموم الجمالية لجيل سياتل هو حديث مركب باعتباره أيضا معالجة في المجمل لانعطافة تاريخية استثنائية، بالإضافة إلى أنه لا يمكن مقاربة هذه الحالة دون ربطها ببعض المنعطفات الإنسانية الأساسية المشابهة و ما كانت تفرزه وقتها من حساسيات جديدة و اقتراحات و أشكال فنية تناسب المرحلة (ثورة جيل 68 مثلا و تأثيراتها الجلية آنذاك على مختلف الميادين)، لذا كان من الطبيعي جدا لمرحلة (سياتل ) أن تفرز أيضا قصيدتها المتفردة (يجب الإشارة هنا أن الأمر لا يتعلق بالشعر فقط، بل يتعداه إلى مختلف الأجناس الفنية كالموسيقى و أفلام الفيديو مثلا و الغير فنية كوسائط الإتصال و شبكة الإنترنيت و بروز ما يسمى بالهاكرز)، هذه القصيدة التي لا تخص فقط (جيل سياتل ) وحده، بل إنها تختزل الأرض كلها بدفاعها عن قيمتي الرفض و الإحتجاج و أيضا بالتقاطها لمظاهر الإفلاس في العالم و إصرارها على أن تكون جملة اعتراضية لا علاقة لها بالتصنيفات النقدية و لا بقوالب النظريات الجامدة و لا بالتهويمات الخارجة من الأبراج العاجية، فالشعر الذي ألقي و يلقى في المظاهرات المتعددة هنا و هناك، يظل لحد الآن شعرا عفويا و متفاوتا من الناحية الفنية، لكنه و مع ذلك يعبر عن مرحلة مفصلية يجتازها العالم، مرحلة تزداد نضجا و اتضاح رؤية معركة بعد أخرى، هذا النضج الذي يطال أيضا هذه القصيدة التي قد تكون في أحد جوانبها (الجانب الغائي و المتعدي ) تتقاطع مع قصيدة مرحلة المد الماركسي، لكنها تتمفصل عنها و بشكل مطلق في كونها لا تنطلق من حزب معين و لا تمدح قادة تاريخيين و ليست بوق دعاية لأية نظرية جامدة، (قصيدة سياتل ) قصيدة خاصة تنطلق من الذات لكنها تجتهد كي تتقاسم الكثير مع الحس المشترك، ببلورتها لذائقة شعرية مقاومة لا تلغي فردية الشاعر و خصوصياته و دون أن تسقط في تقريرية سياسية فجة، إنها بتعبير آخر: قصيدة مكتوبة بوعي سياسي لكنها ليست قصيدة سياسية بالمعنى التقليدي المباشر. شعراءها ليسوا نجوم منابر و أغلفة، بل شباب هامشي تضيع أسماءه و أصواته في صخب مظاهرات سياتل و بورتو أليغري و جنوة... ، قصيدة تعبر عن أحلام كبيرة و توق إلى أفق بديل و انزياح كامل عن اللهجة السائدة: لهجة الفراغ و العدم و النهايات التي كرستها بقوة مرحلة ما بعد الحداثة و عرابها (فرانسوا ليوتار ).
إذن و كتلخيص للكلام السابق يمكن لي القول، أن قصيدة سياتل تبدوا اليوم، كمن تحاول تمثيل مرحلة تاريخية جديدة و ذلك بدفاعها عن مبادئ إنسانية شاملة و شجبها انهيار إرادة الأخلاق في العالم و أيضا بوقوفها في صف الرفض و صف من لا صوت لهم، ضد كل الجهات المتحكمة في خيوط اللعب، مما يجعلني وعلى عكس ما قد يعتقد البعض، لا أقارب هذه القصيدة باعتبارها ظاهرة مناسباتية عابرة أو بديل جمالي رومانسي مؤقت يتحرك وفق برنامج دُورِ الأزياء الفصلية: صرعة تفرغ الركح لصرعة أخرى، قصيدة سياتل صرخة احتجاج تستمد ديناميتها من الإيمان اللاّمتناهي لهؤلاء الشباب بالتغيير و بعالم (يوتوبي) خال من كل أشكال الإستغلال البغيضة للإنسان، هذا الإيمان الذي يتجلى و بشكل واضح في هذا المقطع الإستهلالي من البيان الصادر عن المنتدى الإجتماعي العالمي ببورتو أليغري: (احتشدت القوى الإجتماعية من مختلف أنحاء العالم هنا في بورتو أليغري، المنتدى الإجتماعي العالمي، نقابات و حركات و منظمات غير حكومية، مثقفون و فنانون، نقيم معا تحالفا عريضا لخلق مجتمع جديد، مختلفين عن منطق الهيمنة و السيطرة الذي تعتبر فيه السوق الحرة و الأموال المقياس الوحيد للثروة، إذا كانت ديفوس تمثل تمركز الثروة... الفقر... و تدمير الأرض، فإن بورتو أليغري تمثل الأمل في أن بناء عالم جديد أمر ممكن، يكون فيه الوجود الإنساني و الطبيعة مركز اهتمامنا ).



#منير_بولعيش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منير بولعيش - قصيدة سياتل و شعرية الإحتجاج...