أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كريم الاسدي - بشرية تحرق مهدها















المزيد.....

بشرية تحرق مهدها


كريم الاسدي

الحوار المتمدن-العدد: 1866 - 2007 / 3 / 26 - 11:48
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


بشرية تحرق مهدها

نداء الي المثقف العالمي صاحب الضمير!

كريم الاسدي


هل عرفتم اي بلد يذوي، اي بلد يتهدم، اي بلد يحترق، اي بلد يموت؟!
انه العراق!
هل عرفتم أي شعب يحاصر، أي شعب يعذب، أي شعب يهجر، أي شعب ينقرض؟!
انهم العراقيون!
هل عرفتم أي تاريخ يشوه، أي تاريخ يسرق، أي تاريخ يتعرض لمحاولة الالغاء؟!
انه تاريخ بلاد الرافدين!
هل عرفتم أي شجر يعطش، أي شجر يهمل، اي شجر تضرم النار فيه؟!
انه النخيل
هل عرفتم أي الاثار تسرق، اي الاثار تحطم، اي الاثار تهرب؟
انها اثار ما بين النهرين!
هل عرفتم أي المياه تقام عليها السدود، أي المياه تلوث، أي المياه تلك التي يصبغها الدم؟!
انها مياه دجلة والفرات!
هل عرفتم أي العواصم تطوق، اي العواصم تستباح، أي العواصم تهتك، وأي العواصم تحرق؟!
انها بغداد!
هل عرفتم أي ارض تحتل، اي أرض تنفتح للقتلة والأفاقين، واي ارض تدنس وتهان؟!
انها ارض سومر وبابل واشور وعراق الزمن العباسي!
هل عرفتم أي الشعراء الذين يعاد موتهم كل يوم؟!
انهم المتنبي والشريف الرضي والجواهري والسياب وحشد غفير من اقرانهم من جلجامش حتي الان.
لماذا اذا كل هذا الصمت والذي يذوي ويتهدم ويحترق ويموت، ويحاصر ويعذب، ويهجّر وينقرض ويشوه..
ويتعرض لمحاولة الالغاء الكلي، ويعطش ويهمل وتضرم النار فيه، ويسرق ويحطم، ويهرب الي خارج المكان والزمان.
هو العراق والعراقيون وبلاد الرافدين والنخيل واثار ما بين النهرين ودجلة والفرات وبغداد وسومر وبابل واشور وعراق الزمن العباسي.
ملاحم الادب، ايها الادباء، اصلها العراق.
قصائد الشعر، ايها الشعراء، اصلها العراق.
اصول اللغات، ايها اللغويون، منبتها العراق.
مدارس النحو، ايها النحويون، منشأها العراق.
اسس العلم، ايها العلماء، شيدها العراق.
مباديء الفن، ايها الفنانون، بدأ بها العراق.
مسلات القانون، ايها القضاة المحليون والدوليون، ابتكرها ودونها العراق.
افلاك النجوم والكواكب، ايها الفلكيون وعلماء الفضاء، رسمها في بدء البدء العراق.
ابتكارات الفيزياء والهندسة، ايها الفيزيائيون والمهندسون، ابتكرها العراق.
تعاليم الطب، ايها الاطباء، علمها العراق.
قواعد الرياضيات وقوانين الحساب، ايها الرياضيون والمحاسبون، موطنها العراق.
اسس العمارة والري، ايها المعماريون وساسة الماء، ابدعها العراق.
المعادن والخامات الاولي، ايها الكيمياويون، اول ما استخرجها وصهرها العراق.
نواة المسرح الاولي، ايها المسرحيون والممثلون، انبتها العراق.
الاغاني والاناشيد، ايها الملحنون والمطربون، اول ما اطلقتها حنجرة العراق.
الاديان والشرائع، ايها الائمة ورجال الدين، تأسست ونادت بدعوات الحب في العراق، ومن العراق خرج ابراهيم الخليل ابو الاديان السماوية جميعها.
المذاهب الاسلامية كلها، يا اتباع المذاهب الاسلامية كلها، نشأت وتبلورت في العراق.
الكتابة، كأعظم اختراع بشري، ربط الارض ببعضها والارض بالسماء، ايها الكتاب واهل الكلمة، اجترح معجزة اختراعها العراق، فكان الخط السومري الذي اخذ منه الفينيقي واليوناني.
انه العراق اقول لكم!
انه العراق!
هل نذكر باسماء والقاب منحها العالم للعراق، وحملها العراق بكل جدارة واستحقاق، وهل نحسب علي المتعلقين بالماضي وامجاده؟!
هناك اسماء للعراق اتفقت عليها لغات عديدة وشعوب عديدة تؤكد ريادة هذا البلد ورعايته للحضارة الانسانية، ومن هذه الاسماء مهد البشرية و مهد الحضارات و جنة عدن ، وما ان تذكر اسم ميزوبوتاميا او بلد النهرين او بلاد الرافدين حتي يتبادر مباشرة الي ذهن المثقف العالمي احد الالقاب تلك التي تصف العراق بباديء الحضارة الانسانية ومبدعها ومربيها.
من يستطيع مثلا ان يمسح من ذاكرة التاريخ عبارة تقول: بلاد الرافدين مهد الحضارة الانسانية.
تسمع هذه العبارة بالانكليزية والفرنسية والالمانية والاسبانية والايطالية وكل لغات الارض الكبيرة.
لقد تعودنا ان نسمع ونشاهد المثقف العالمي وهو ينتصر لمثقف آخر وقع عليه بعض الحيف ولشعب عاني من بعض الجور، فما الذي حل بالمثقف العالمي بازاء الشعب العراقي؟!
تذكر جماعات ثقافية وهيئات انسانية عالمية دائما بما انجزه افراد مجموعة بشرية معينة تعرضت لاضطهاد ما، قد تكون هذه المجموعة دينية مثل اليهود او قومية مثل الارمن، ولكننا لا نجد من يذكر بفضل العراق لا كمكان يتعرض الي الاحتراق ولا كشعب يتعرض الي الابادة.
اصوات مفردة محتجة يظهر صداها ويتبدد في فجاج الزمان والمكان العميقة، اصوات من هنا وهناك، يكاد لا يجمعها جامع ولا يوحد نغماتها موحد، تضيع وسط دوي الطائرات وانفجار القنابل واباطيل وسائل الاعلام المسموعة والمرئية والمقروءة.
ان خمسين انسانا بريئا يقعون ضحية عمل ارهابي لمرة واحدة في بلد اوروبي مثلا يستأهلون اهتمام العالم كله. تنكس اعلام دول وتعقد جلسات تشاورية لمكاتب ومجالس امن عالمي واقليمي وقطري، وتقام المآتم وتشعل الشموع وتهتز الدنيا كلها. ولا انتقاد هنا، لا لوم ولا مؤاخذة، انما الانتقاد يأتي حينما يتكرر هذا الحدث يوميا في العراق، وتمر عليه الاعين مرور الكرام كما يقال، ويتعود العالم سمعه وكأنه حدث روتيني.
هل الدم العراقي رخيص الي هذا الحد؟!
هل كرامة الانسان العراقي هينة الي هذه الدرجة؟!
هل عجز العالم بالفعل بمفكريه الاحرار وكتابه العظام وفنانيه المبدعين وعلمائه الافذاذ واكاديمييه المقتدرين، وساسته المحنكين، هل عجز هؤلاء بالفعل عن ايجاد حل للمشكلة العراقية؟
واذا كان ما يحدث عقابا للعراقيين فهل من الممكن ان نتساءل: اي ذنب واي جريرة اجترح الشعب العراقي حتي يستأهل كل هذا العذاب؟!
الم يكن الشعب الكريم والمضياف علي ارضه، والمحب للغريب، والسامع والملبي لنداء العدالة الانسانية، والمستعد علي الدوام لمساعدة الاخرين؟!
الم يكن بنوه مضرب المثل في الاستقامة والشهامة ونبل السلوك والانتصار للمظلوم والحنو علي الضعيف، سواء كانوا داخل بلادهم او خارجها؟
الم يتميز العراقي بحبه للمعرفة والعلم وعشقه للادب والثقافة وكأن هذه المسألة ارث يحمله العراقيون في دمهم وفي جيناتهم، ولطالما اثبتوا جدارتهم العلمية والادبية بل وتفوقهم سواء كانوا داخل العراق في معاهده وجامعاته ومؤسساته المختصة ام كانوا طلبة واساتذة في الجامعات الاجنبية؟
ونحن نتحدث عن امجاد العراق ومنجزاته التي اجترحها وقدمها للبشرية قديما وحديثا، نقول ان العراق بامكانه تقديم المزيد من هذه المنجزات حاضرا ومستقبلا لو تمتع بفرصة حقيقية عادلة.
فالي وقت قريب ـ بل اكاد اقول الي الان ـ اغني علماء وادباء ومهندسون واطباء وفنانون عراقيون المشهد العالمي وتمكنوا من اضافة ابداعات واكتشافات مهمة لتصب في نهر العطاء الانساني.
هذا البلد العريق الجميل المعطاء لم يزل يشكل وعدا مهما وخيرا للانسانية كلها، رغم ما لاحقه من الرزايا والكوارث والعقبات علي مدي تاريخه الحديث وعلي الاخص في الخمسين سنة الاخيرة.
امنح ايها العالم فرصة عادلة للعراق، وستشاهد كيف يفيض هذا البلد بالخير والحب والجمال والابداع لما فيه مصلحة للانسانية برمتها.
ايها المثقفون في كافة انحاء الارض
ايها المثقفون العرب خارج العالم العربي او داخله.
ايها المثقفون العراقيون خارج العراق او داخله.
العراق بلدكم جميعا بما انه مهد البشرية: انه وطن الانسان وليس وطن العراقيين وحدهم. العراق يحترق امام اعينكم وانتم صامتون صمت المقابر.
جثث الابرياء العراقيين تتناثر في الشوارع وتطير اشلاء في الهواء كل يوم وأنتم غائبون عن الوعي والاعتراض المؤثرين والجادين والعميقين.
يحدث هذا وكأن العراقيين اغراب عن هذا الكوكب وطارئون عليه!!
يحدث هذا وكأن العراق لم يكن قطعة من هذه الارض، رغم انه في مركزها!!
يحدث هذا وكأن الانسان لا يتألم هناك، ولا تنفجع الام بفقد ولدها، ولا تتألم الزوجة بفقد زوجها، ولا يعاني الاب لرحيل ابنه، ولا تجرح الكرامة الانسانية جراء كل هذه الاستهانة بحياة الانسان!!
اين هو المثقف العربي داخل البلاد العربية، واذا كانت الانظمة العربية قد صادرت صوته وحدت من نشاطه، فأين هو المثقف العربي في الخارج والذي يفترض فيه ان يمتلك حرية نسبية، فمن صادر حريته ومن سطا علي ضميره ومن اغتاله وهو قيد الحياة؟ واين هم المثقفون العراقيون في الداخل والخارج من محنة بلدهم وازمته، واذا كان مثقفو الداخل قد ارتبكوا وغلبوا علي امرهم، فما الذي عطل مثقفي الخارج من الانتصار لشعبهم وبلدهم وهم ان تعاونوا فيما بينهم واستعانوا بالمثقف النزيه عربيا وعالميا فبامكانهم ان يجدوا الف طريق وطريق.
اين هي القوات الدولية التي دخلت العراق مع سبق الاصرار، ومن يعفيها من مسؤوليتها في حفظ امن البلاد وسلامة الاهالي والممتلكات، سواء دخلت هذه القوات محتلة ام باسم نشر الديمقراطية ومباديء الحرية؟!
الم يلزم القانون الدولي القوات الغازية او المحتلة بالمحافظة علي الامن وارساء السلام في البلد المحتل؟
فلماذا يكون العراق استثناء في هذه القاعدة؟
اين هو صوت المثقفين المبدعين الاحرار المعترض علي الدول التي قررت احتلال العراق ونفذته ومهدت ـ بهذا وقبل هذا وبعد هذا ـ لكل هذه الجرائم في بلاد الرافدين؟!
اين هو صوتهم في الاعتراض علي المخطط الرهيب لاشعال نار الفتنة الطائفية والعرقية والمذهبية في العراق؟ ولا سيما ان الشعب العراقي قد اتعب وانهك نفسيا واجتماعيا واقتصاديا خلال عقود من الاحتراب والحصار والقمع والتجويع مما سهل استفزاز انسانه والتلاعب بمشاعره وعواطفه.
اين هي الاكف التي تتعاضد لينطلق الصوت الانساني الواعي النبيل الحر معترضا وكاشفا ومدويا ومنتصرا للحياة الانسانية، لكرامة البشر وللسلام العادل في ربوع الكوكب الارضي؟!


ہ كاتب عربي يقيم في برلين



#كريم_الاسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فيصل بن فرحان يعلن اقتراب السعودية وأمريكا من إبرام اتفاق أم ...
- إيرانيون يدعمون مظاهرات الجامعات الأمريكية: لم نتوقع حدوثها. ...
- المساندون لفلسطين في جامعة كولومبيا يدعون الطلاب إلى حماية ا ...
- بعد تقرير عن رد حزب الله.. مصادر لـRT: فرنسا تسلم لبنان مقتر ...
- كييف تعلن كشف 450 مجموعة لمساعدة الفارين من الخدمة العسكرية ...
- تغريدة أنور قرقاش عن -رؤية السعودية 2030- تثير تفاعلا كبيرا ...
- الحوثيون يوسعون دائرة هجماتهم ويستهدفون بالصواريخ سفينة شحن ...
- ستولتنبرغ: -الناتو لم يف بوعوده لأوكرانيا في الوقت المناسب.. ...
- مصر.. مقطع فيديو يوثق لحظة ضبط شاب لاتهامه بانتحال صفة طبيب ...
- استهداف سفينة قرب المخا والجيش الأميركي يشتبك مع 5 مسيرات فو ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كريم الاسدي - بشرية تحرق مهدها