أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد شرف - الكاتب والأديب رداد السلامي انتزع حياته من مخالب الصقر














المزيد.....

الكاتب والأديب رداد السلامي انتزع حياته من مخالب الصقر


حامد شرف

الحوار المتمدن-العدد: 1858 - 2007 / 3 / 18 - 11:38
المحور: الادب والفن
    


الذين انتزعوا حياتهم من مخالب الصقر بعدما وضعوها قبالة الريح..هم قلةٌ من البشر.. الذين عبروا آخر نفق يوصلهم إلى حقل المعرفة.. هم قلة من البشر.. الذين أوصدوا أبوابهم ثم تركوا أنفسهم تنزلق إلى أقصى فكرة في التاريخ.. هم قلة من البشر.. الذين.. الذين.. لن أعدد أكثر. فهؤلاء القلة ليسوا سوى محاربين, غايتهم الوصول إلى ذواتهم بكل عفوية ونقاء وتدفق!.
هُم المستقبل.. حينما تمدُّ مجتمعاتهم بصرها إلى قامات الأشجار..
هم المستقبلُ.. حينما تتوقف حياةُ الناس في مجرى النهر ولا حراك..
هم المستقبل.. كلما أحسّ المرءُ بعطبٍ في أحاسيسه, وكذلك بفقدان بوصلته في صحراء الروح.
لا أخال أني أبتعد كثيرا فيما أعنيه, فأديبنا وكاتبنا رداد السلامي .هو واحد من هؤلاء المتورطين مع هذه القلة, هل قلت متورطاً..؟! إذا علينا أن نكون أكثر تألقا عندما ندخل معه في هذا التورط الجميل!! ونكون أقلّ صخبا عندما يطل علينا بحديثه القلق. أليس القلق هو الجزء الأكثر لمعاناتنا في الحياة الوطنية.
لم أكن أدرك هذا النوع من الحقيقة التي تتلبس هؤلاء الذين اختبرتهم الحياة في دروبها كقناديل, كان ينبغي عليّ الانتباه قليلا إلى منابع الضوء وهي تنبت في العظام, فليست الغفلة حياة أخرى تعيد الزيت إلى القناديل, وليس الاصطدام بالضوء يفتح مجرى في العتمة.. ربما لم تعد الحقيقة شفافة إلى تلك الدرجة.. أو قلعة محصنة الأسوار لقد سقط آخر حائط.. ولم يبق سوى العراء.
من هنا أدركت المغزى, الأرض لا تحلم لأن جاذبيتها فقدت الإحساس بالسعادة, ليس الإنسان وحده المسئول, إنها ذاكرته التي ملأت الأرض بأساطير السماء.. حتى لا تجد غصنا واحدا من شجرة في حقل يحلم بأن يشق الفضاء كي يصل إلى أحد النجوم في السماء.
من يكسر هذا الطوق؟!!, من يعيد إلى الأرض بكارة أحلامها؟!. كان هذا النوع من الأسئلة يتدفق في ذهني.. ليضعني على حافة الغرق. لم أجرؤ على الكلام كي لا تتحرك أفكاري فتسقط في اللجة, فقط جلست قرب غوايتي أتأمل أمطاري القديمة وهي تعود إلى غيمتها بعد أن رأت ذلك الرجل القادم من بعيد.
لا حقا عندما كنت أتذكر تلك اللحظات, لم أشك في أن ذلك الرجل ليس سوى رداد السلامي ..هو بعينه الذي كسر الطوق, وقرب الأحلام إلى الأرض, وأعاد الجذور إلى الشجرة, والنغمة إلى الصوت, والنعاس إلى الليل, والضوء إلى النهار, والفراغ إلى الفضاء, والجناح إلى العصفور.
ولكن أليس في هذا الفعل ما يشبه الحياة عندما يلجأ الناس إلى الصمت مثل مسجد لا تقام فيه الصلاة؟!, الحياة التي أعنيها لا يمكن أن تشبه حياة أحد, لأنها هي وصاحبها توأمان لا يمكن استعارتهما, أو التنازل عنهما بصك وكالة, وهكذا جاءت حياة رداد السلامي , لا لتقول ما نتذكره دائما, وإنما تقول لنا ما نسيناه جراء حريق الذاكرة, أو ما تساقط من أيدينا سهوا ونحن على تلة في طريق الحياة.
إن التمايز والتباين سمة العظماء المحصنين ضد الغير, لكنهم أمام حياتهم يشبهون المرايا الصقيلة حد الانكسار, ولا عجب في ذلك. ومن الخطأ الاعتقاد خلاف ذلك, فما نسميه تمايزا هو وثيق الصلة بالتفكير فمن وحي قرأة ما يكتبه وينثره على صفحات الورق جاء وليد تجارب لذا كان التأثير حاضرا لأنه يعبر عن كينونة الانسان .. وما نسميه مرايا هو وثيق الصلة بالشعور, وقد كانت تجربة رداد السلامي ترتبط بهاتين الصلتين برباط مقدس.. يصعب الفكاك، فالتجربة لم تتغذ فقط على مجرد مؤثرات ثقافية وإنما تمتاز بشيء يفوق ذلك, هو الإحساس بمنابع التفكير التي تجتاح الروح جعلتها في صراع دائم مع الأفكار وكذلك القلق الذي مرده الوجدان.
هذا القلق الفكري والوجداني ليس وليد اللغة الفكرية والأدبية عند السلامي فقط, إنه وليد شيء يتصل بالملامح, بحدة النظرات وقدرتها على قراءة الفكرة العابرة من طرف إلى آخر, أيمكن أن تكون هذه سمة المفكرين والمبدعين؟ ربما, ولكن قلة منهم من يذهب إلى آخر الشوط في قياس المسافة بين ما تراكم من أحاسيس في زاوية الشعور والمخيلة, وما تراكم من أفكار في زاوية التفكير والتعقل, وهل ثمة مسافة بالأصل, حتى يمكن القياس عليها؟ إنه الرهان الذي يقود المبدع إلى المغامرة, إلى غابة تملؤها الأشجار المتشابكة الكثيفة التي لا تعلم ما خلفها, ومن ذا الذي يختبئ خلفها, وأي كائن ينتظرك عند أطرافها. وحده الحدس هو الذي يضيء الطريق, وحدها اللغة هي التي تؤنس الوحشة والوحدة, وحدها الحياة التي تتبع آثارك كلما أشعلت الأفق بالضياء.
أليس هذا الرهان هو الدلالة الكبرى التي نستشفها من مسيرة رداد السلامي الكتابية والدلالات الكبرى عادة قليلة في الثقافة المحلية.. تلك التي تضيء ليلنا الدامس, وتعلق القناديل على الأرصفة والطرقات, لتلقي الفرح والسعادة في نفوس العابرين. قليلة هي في ثقافتنا, إنهم قلة موزعون على الخريطة الثقافية الوطنية .
قد يبدو اليأس والإحباط أكثر العوامل في الممانعة وعدم الظهور المبكر والسريع, ولكن فكرة الخلاص تبدو فكرة محببة إلى النفوس طالما لم نزل نبحث عن تلك الرموز التي تفضي بنا في نهاية المطاف إلى مثل تلك التجارب الفريدة في الحياة, لكن السؤال الأهم الذي يظل يراودنا حتى عندما نقع على كنز هذه التجارب هو: كيف يمكن التواصل مع هذه التجارب دون انتهاك قدسيتها؟ هذا هو في ظني السؤال المحك.
إذا كانت الكتابة بيتنا السري الذي نختبئ خلف أسواره عن عيون التمائم والأساطير, فإن الممرات المفضية إليه لا يمكن بلوغها إلا بالحدس, وما بين الكتابة والحدس رابط مقدس هو الولادة بامتياز. فهل حقا يا رداد هذه الولادة هي خلاصة العبور إلى ذواتنا؟!.
-------------------------------------------------
كاتب وناقد*



#حامد_شرف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد شرف - الكاتب والأديب رداد السلامي انتزع حياته من مخالب الصقر