أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - ابراهيم تبروز - وجه الحقيقة المسكوت عنه بخصوص مستقبل الصحراء















المزيد.....

وجه الحقيقة المسكوت عنه بخصوص مستقبل الصحراء


ابراهيم تبروز

الحوار المتمدن-العدد: 1856 - 2007 / 3 / 16 - 06:10
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


سأنطلق في مقالي هذا من الرد على موقف فلسفي لميشل فوكو يضع فيه الحقيقة وعملية إنتاجها رهن إشارة السلطة٬ وذلك ضمن منظور أحادي البعد تظهر فيه الحقيقة تابعة وخادمة لشكل من أشكال السلطة. وفي هذا الرد لا أزعم النفي المطلق لهذا القول٬ فمن الأكيد أن سيادة حقيقة ما وذيوعها راجع بالأساس إلى توافقها مع إرادة السلطة المهيمنة٬ لكن الحقيقة في حد ذاتها لها منطقها الداخلي الذي يحكم نموها وانبثاقها فهي الأخرى قوة وسلطة بحد ذاتها وإن اقتصر نفوذها و مفعولها داخل المجال الرمزي. فعندما تظهر حقيقة ما فإنها تواجه عادة بنوعين من الاستجابة : إما الاعتراض و إما الاعتناق٬ وهكذا تنقسم قوى المجتمع إلى مدافعة ومعارضة٬ لتنتظم كل منهما مشكلة سلطة. نخلص إذن إلى هذا النوع من التفاعل الجدلي بين الحقيقة والسلطة والذي تمثل فعاليته ونشاطه تسارع التقدم في التاريخ. لكن المتأمل اليوم في طبيعة هذا التفاعل فيما يخص قضية الصحراء والخطاب المروج حولها٬ لا يسعه إلا أن يخلص إلى هيمنة كفة السلطة على كفة الحقيقة فالمفارقة المتحصلة داخل هذا الخطاب هي إعطاء الأولوية للإطار السياسي وللرقعة الترابية على إنسان المنطقة٬ هذا الأخير الذي يصرح كل من النظام المغربي و جبهة البوليساريو بأحقيته في تمثيله وكذا الوصاية على حماية مستقبله. أما صوت المعني الأول و الذي من شأنه خلق جدل حقيقي٬ إلا وهو صوت إنسان المنطقة وجوارها فغائب ومقصي تماما. و بهذا الصدد لا يمكن للمثقف أن يعتزل القول الثقافي حتى يسلم من إملاءات السلطة٬ فالكف عنه إنما هو الانبطاح الأفدح ﻹملاءاتها والتواطؤ اللاواعي معها. بل كل ما عليه هو أن يتجند لامتلاك رؤية شمولية تصب في خدمة الإنسان دون أي تخندق جزئي بخصوص هذا الأخير والعمل على إشاعتها٬ وإن كان ذلك متعذرا فعلى المثقف أن يبحث على الأقل عن الصوت الغائب وأن يعمل على جعله يحضر حضورا فعالا داخل الحوار والصراع الدائر حول الحقيقة.
الصوت الغائب اليوم بخصوص قضية الصحراء فيما أعتقد والذي أراه ينسجم مع خدمة أعمق مصالح ساكنة المنطقة وجوارها هو صوت التحذير من المستقبل الحالك والمظلم الذي تنتظره٬ و لا وسيلة لاستبعاد حلكة هذا المستقبل وتفاديه الا باستحضاره وتمثيله وبالكشف عن بوادره٬ أما تركه ضمن المسكوت عنه فإنما يتيح له فرصة النشوء والتكون في هدوء دونما أدنى مقاومة. أود أن أقول ببساطة أن لاسبيل لتلافي الأخطار المحدقة بهذه الربوع العزيزة سوى بالتنبيه إليها والكشف عن المنطلقات الممكنة لتشكلها حتى يكون مجتمعنا في بعده الإنساني لها بالمرصاد. وبالفعل يبدو أن خطاب السلطة بنوعيه السالفين يتفاديان أي حديث عن هذه الاحتمالات المرعبة لمستقبل إنسان المنطقة وبوادره الراهنة٬ فلا أحد اليوم يتحدث عن ما قد تؤول إليه الأوضاع من ترد وسوداوية، وكل يغني لليلاه ويزين لها صورة المستقبل الواعد والوردي. لكن و قبل الخوض في تفاصيل هذه الاحتمالات السوداوية التي تتربص بالمنطقة٬ نحن مدعوون بداية الى الوقوف على المسوغات والدواعي الكفيلة بتبيان إمكانية تحقق هذا الاستشراف الانذاري. إن المتأمل اليوم في طبيعة العلاقات الدولية التي باتت تربط بين أطراف المنتظم الدولي٬ لا يسعه إلى أن يسجل تراجعا مهولا فيما يخص احترام أسس الشرعية الدولية.ولا شيء اليوم أدل على ذلك أكثر من شطحات ونطحات الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط ٬ وبالأخص في العراق الذي أحالته إلى وضع فوضوي مميت٬ لا نكاد نجد له من منطق ييسر لنا فهمه سوى ربطه برغبة قوية في استمرار المسلسل الاستنزافي الذي تديره طغمة أو مافيا عسكرية وسياسية أمريكية رفقة أذنابها ودماها التي تحركها داخل هذه الفوضى و التي أتت على أرواح العراقيين وعلى طاقات العراق العلمية والمؤسساتية و الطبيعية وأحلت محلها دمارا شاملا.
هذه الأوضاع وأخرى مجاورة لها كتلك الخاصة بالاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وبارتهانها لتبقى دوما بؤرة نزاع يشبه الورم السرطاني الذي لا تخدم استدامته سوى استنزاف طاقات المنطقة المحيطة برمتها ٬ حيث تشكل إسرائيل أرنب سباق التسلح الدائرة رحاه في الشرق الأوسط والذي تعتبر الولايات المتحدة وطغمتها العسكرية المستفيدة الأولى منه إضافة إلى روسيا والصين وبريطانيا...
هذه الأوضاع لا نجد ما يحول بيننا وبينها في هذه الربوع خاصة وأن المنطقة تكاد تعرف إشباعا على مستوى التسلح فمن الاستراتيجي لمصادر تصنيعه صهره في حرب ضروس. وإذا أضفنا إلى هذا المعطى معطى آخر يتمثل في ثروة الجزائر النفطية ونظيرتها المحتملة في صحراء إنسانها دون ذكر تلك المعروف أصلا تواجدها، فإننا لن نزداد إلا تأكدا من وشك مآل شبيه بالمآل العراقي.
ولايفوتنا أن ننبه إلى معطيات أخرى قد تؤدي إلى اختلاط الحابل بالنابل هاهنا في الصحراء ألا وهي:
- المعطى القبلي والمناوشات التي نسمع عنها من حين لآخر والتي تحدث باسمه ولأسباب عديدة من أهمها التنازعات على الأراضي البور الفلاحية.
- المتتبع اليوم للأوضاع عن كثب لا يسعه إلا أن يلحظ لجوء الكثير من المواطنين إلى جمعية الصيد للحصول على السلاح.
- ثمة عنصر آخر قد لا يبالي به الكثيرون ألا وهو الألغام المتناثرة في بقاع كثيرة داخل المنطقة والتي قد لا يكون من المستبعد أن تستغل من طرف بعض الجهات في إشعال فتيل تناحر مجهول الهوية ما عدا أن تكون هويته هي خدمة مافيات اقتصاد الحرب والاستنزاف بنوعيه: البشري والطبيعي.
- انفتاح المنطقة حدوديا على عدة واجهات غير مأمونة الجانب خاصة فيما يتعلق بالتهريب الذي نجده لا يقف عند حد معين وما يثير التخوف هو كونه قد يشمل السلاح.
قد يتوقف الآن القارئ عن مواصلة تتبع تفاصيل هذا المقال٬ لآنه قد يرى فيما قدمته لحدود الآن مجرد فتات لا يقوى على تزكية مزاعمي بخصوص استشراف مستقبل المنطقة الذي وصفته بالحالك، غير أنني مع ذلك سأدعوه إلى تأمل الوضع الراهن والموقف الذي يتخذه قطباه٬ فجبهة البوليساريو المرتهنة لخدمة توجهات جنرالات الجزائر غير قادرة على أن تخطو خطوة إلى الأمام نحو التأسيس لحل أكثر جذرية يجنب المنطقة أهوال حرب ستأتي على الأخضر واليابس بل ستأتي على أرواح الأطفال والنساء والشيوخ ولعلها لن تستثني إلا خدام إشعال فتيلها. وإذا كانت البوليساريو مرتهنة لجنرالات الجزائر وهؤلاء يقتنون أسلحتهم من نفس الجهات عموما التي يقتني منها المغرب سلاحه فهو ما يضعنا أمام استفهام عميق وعريض بخصوص هذه الجهات الفاعلة ضمن المنتظم الدولي ومدى جديتها في الاسهام في الدفع بقضية المنطقة الى بر السلم وبر الحل النهائي والديموقراطي المعقول. وإذا ما أردنا المقارنة بين طرفي النزاع من حيث جديتهما في طي الملف فلا شك أننا سنرجح كفة الدولة المغربية خاصة وأن طبيعة النظام القائم تفرض عدم الخوض في أي مغامرة قد تكون عاصفة إلى حد لا يمكن التحكم في نتائجه٬ ولعل هذا ما أملى على الدولة المغربية أن تخطو خطوة ما في سبيل حل هذه المعضلة وأقصد هنا مشروع الحكم الذاتي. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو لماذا هذا الإحجام التام لمثقفي المنطقة عن أي مساءلة لهذا المشروع ولجملة الإجراءات التي سبقت صياغته؟ وسؤال آخر لماذا اكتفت الدولة المغربية بإعلان الخطوط العريضة لهذا المشروع ثم سارعت بعرضها على الدول الفاعلة في المنتظم الدولي دون أن تخص ساكنة المنطقة والمغاربة عموما قبل ذلك بما يجعلهم على إطلاع بتفاصيل هذا المشروع ؟
فإذا كان هذا هو الحال بالنسبة لقطبي النزاع فأين موقع المواطن( المعني الأول به) من الفعل داخل هذا المعترك؟ خاصة و أن حضوره الفاعل حيوي لكلا القطبين حتى لا يصبح مثل الريشة بحيث تحركه رياح العلاقات الدولية أينما شاءت٬ وربما عصفت باستمراريته في نهاية المطاف. لا اقصد هنا بالمواطن الصحراويين قصرا و إنما ما أسميته أعلاه إنسان المنطقة وجوارها أي كل إنسان من شانه أن يطاله الضرر بدون وجه حق عند أي بلبلة قد تعرفها المنطقة. الواضح أن جميع من يدخل في هذه الدائرة قد نحا منحى من ثلاثة إما الصمت وما يقع تحت ظلاله و إما الانخراط الدعائي المجاني بجانب احد القطبين المذكورين أعلاه. و لعل ما تفتقده المنطقة أكثر اليوم وان كان الوقت قد آل إلى النفاذ بهذا الصدد٬ فهو ذلك الصوت الذي يستطيع التعبير عن هواجس و توجسات الساكنة مما قد تحمله الرياح وقد لا يطيقونه أو يشتهونه كأن يدخلوا في دوامة اقتتال ضروس لا يعرفون لها وجها من قفا ولا رأسا من عقب سوى ميليشيات قبلية وأخرى عميلة للخارج وهذه مغربية وتلك جزائرية ثم تنضاف القاعدة ليكتمل ديكور مسرح الدم٬ و الذي سيكون شعاره الأوفى ما عبر عنه المثل المغربي׃" أن صرنا نطلب سلة دون عنب"٬ أو ما قد عبرت عنه إحدى عجائز العراق من كونها باتت قانعة برشفة ماء وكسرة خبز يابس إن كان حمام الدم الذي غرق فيه العراق سيتوقف .
إنني أدعو كل الضمائر الحية وأدعو المجتمع المدني العالمي قاطبة ٬و أدعو المجتمع المدني الجزائري الشقيق وأدعو كافة أطياف المجتمع المدني المغربي والصحراوي إلى الحراك العاجل في اتجاه تشكيل جبهة مدنية موحدة تأخذ من بين أولى أولوياتها تجنيب المنطقة أي حرب كارثية قد تعصف بثروات المنطقة البشرية و الطبيعية وبدمائها و بنفطها لتتحول إلى أرصدة في جيوب مافيات اقتصاد الحرب الداخلية منها و الخارجية.



#ابراهيم_تبروز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - ابراهيم تبروز - وجه الحقيقة المسكوت عنه بخصوص مستقبل الصحراء