البرلمان : التعيينات و تكافؤ الفرص

عبدالهادي مرهون

الحوار المتمدن-العدد: 559 - 2003 / 8 / 10 - 03:29
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    

 
منذ عامين دب في مفاصل الحياة الإنسانية في المملكة نشاطا مكثفا عكس مقدار الأمل الذي يعتمر في نفوس المواطنين وتوقهم إلى حياة تصان فيها كرامة الفرد وتحفظ حقوقه الإنسانية ويتمتع بالمساواة في الحقوق والواجبات ويحظى بفرص متكافئة مع أقرانه واخوته وتمثل ذلك النشاط في تقدم العلوم والآداب وحيوية المطالب الشعبية وممارسة صحية للمطالب والحقوق ونشاطا مكثفا للجمعيات السياسية والمهنية والنقابية وحرية في التعبير والممارسة نأمل أن تتسع وتتقدم لا أن تتراجع وتضيق 0
وفي الوقت الحاضر يحتاج مشروع الإصلاح والتحديث إلى توفير كل العوامل الملائمة لينمو باعتباره الضمانة الأكيدة لمستقبل مشرق لهذا الوطن وذلك عبر تقديم مختلف صور الدعم والمساندة اللازمين لانجاحه ليشكل حاجة مجتمعية تراكمية لمكتسبات وحقوق تسهم في الارتقاء بشعور القاعدة العريضة من المواطنين بأن مكاسب عملية التحول الديمقراطي الإصلاحية سوف تأتي بصورة تراكمية متدرجة مع مضي الوقت وتبلور وتعزز المطالب الشعبية والوطنية في اتصالها بالمكاسب والمنافع المتحصلة منها وبالتالي فان ممارستها ترسي أسس وتقاليد ديمقراطية في المجتمع 0
لكن ما هي الوسائل الملائمة والمتاحة لنمو المشروع الإصلاحي ؟ 00 أول هذه الوسائل تفعيل المبادئ الدستورية التي كفلت المساواة في الحقوق والواجبات وتكافؤ الفرص حيث تقول المادة 4 من الدستور ( العدل أساس الحكم والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين ، والحرية والمساواة والأمن والطمأنينة والعلم والتضامن الاجتماعي وتكافؤ الفرص بين المواطنين دعامات للمجتمع تكفلها الدولة ) 0
ان تلك المادة غابت عن التفعيل في المجتمع لمن لاحظ ذلك خلال الأشهر الماضية في التعيينات التي تمت في أجهزة الدولة ومرافقها المختلفة كما هو الحال أيضا في عدد من المؤسسات والشركات الكبرى في المملكة 0
انه من الأهمية بمكان إعادة تصحيح الوضع الناشئ عن ممارسة ذات الأساليب الإدارية السابقة وعلى الأخص منها استمرار العمل " بنظام الامتيازات " الذي ساعد على تكريس الأمراض الاجتماعية والانتقاص من حقوق أعداد غفيرة من المواطنين في الحصول على حقوقهم الطبيعية التي نص عليها الدستور كالعمل في كافة مرافق الدولة ومؤسساتها دون قيود أو تمييز أو تهميش ، وهي ممارسة لا تتفق مع المادة 16 فقرة ب من الدستور " المواطنون سواء في تولي الوظائف العامة وفقا للشروط التي يقررها القانون " ، فلا التعيينات جاءت وفق الدستور ولا راعت أنظمة الخدمة المدنية التي نصت على تكافؤ الفرص التي يجب أن تتحقق من خلال آلية الإعلان عن الوظائف و إجراء الاختبارات على المتقدمين ، بل تمت في الظلام دون مراعاة للمساواة وشكلت خرقا لمواد الدستور ، بل و كرست الأوامر الإدارية الفوقية و المحسوبية التي تجعل البعض قريب وأفضل والآخر بعيد و أسوأ 0
ان الاستمرار العمل بنظام الامتيازات و الإخلال بالمبدأ الدستوري الخاص بمبدأ تكافؤ الفرص سوف يتسبب في حرمان عملية التنمية الوطنية من الاستفادة من العناصر المؤهلة والكفوءة ، لا لشيء إلا لكونهم من مواقع معينة أو لأنهم يحملون أسماء معينة ، وليس أدل على ذلك من الأداء المتعثر لكثير من الإدارات الرسمية والمؤسسات والشركات الكبرى التي كان ينبغي أن يتم تعيين القائمين عليها في العلن لاختيار القيادات الإدارية الأكفأ ، فكانت النتيجة إدارات ضعيفة بعضها موصوم بممارسة الفساد بحيث نتج عنها نتائج مالية وخيمة على تلك المؤسسات والشركات أدت فيما أدت إلى خسائر باهظة للاقتصاد الوطني عدا عن مساهمة هذا النظام بشكل رئيسي في تفاقم مشكلة البطالة التي ينوء تحت وطأتها المجتمع وتراوح حولها المؤسسات الرسمية منذ أعوام عبر معالجة لا تلامس جوهر الأسباب 0
ومن ذلك نرى ان أكبر دعم لمشروع الإصلاح يمكن أن يقوم به المسئولون والمعنيون هو إنهاء العمل بنظام الامتيازات وتفعيل مبادئ الميثاق والدستور الخاصة بتحقيق تكافؤ الفرص والعدل والمساواة في الحقوق والواجبات ، فالمادة 18من الدستور تقول " 000 يتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة ، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة " 0
فمتى نرى ذلك على أرض الواقع في التعيينات التي تمت وتلك التي ستتم في البرلمان أولا الذي أقسم أعضاءه المنتخبين على صيانة الدستور و ثانيا في مختلف مؤسسات وإدارات المملكة والشركات والمؤسسات العامة ؟
 

النائب الأول لرئيس مجلس النواب-البحرين
[email protected]

#عبدالهادي_مرهون (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات