أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سليمان فواز الكفيري - المواطنة والديمقراطية والوعي














المزيد.....

المواطنة والديمقراطية والوعي


سليمان فواز الكفيري

الحوار المتمدن-العدد: 1855 - 2007 / 3 / 15 - 11:46
المحور: المجتمع المدني
    


متى يضطر المواطن الإنسان أن يلوذ تحت عباءة العشيرة أو القبيلة أو الطائفة أو حتى القومية؟. سؤال يطرح نفسه بإلحاح على كل مواطن.
إن المبادئ والمصطلحات السابقة لها ما يبررها تاريخياً، ولا أحد يستطيع أن يفصلها عن مبرراتها التاريخية تلك ولا أن يجرد المفاهيم من سياقها التاريخي العام. ولكن العودة إلى تنشيط الوعي القبلي والعشائري والأصولي, هل له ما يبرره الآن في هذه الظروف والمعطيات التاريخية؟! أعتقد أن تنشيط هذه المفاهيم والمبادئ مرتبط بغياب الديمقراطية وغياب المعنى الحقيقي للمواطنة وغياب مبدأ تساوي الجميع أمام القانون.
يقول عالم الاجتماع جوروفيتش وهو من مواليد روسيا ويحمل الجنسية الفرنسية (في مجتمع معقد قليل التوحّد ومنقسم بفعل كثرة من السلاسل التراتبية وكثرة التجمعات والأنظمة، يصبح الوجود الاجتماعي للوحدات الجماعية وأعضائها، النحن والآخرون مستحيلاً دون المعرفة السياسية، ويصبح معرَّضاً للتحول إلى حرب الجميع ضد الجميع).
لذلك لا بد من توفر عامل أساسي للعيش المشترك ألا وهو الوعي/الوعي المرتكز على مفهوم المواطنة ومفهوم الديمقراطية/.
أما مفهوم الوعي لا بدّ من القول بأن الضرورة المعرفية تقتضي أن نضع نصب أعيننا أنه ذلك النشاط العقلي/ الفكري النوعي الذي مارسه الإنسان، لا بقصد إدراك ماهية وجوده الذاتي ككيان سلبي منفعل، اعتماداً على ما يتمتع به من حساسية بدائية تتيح له التعامل مع محيط الطبيعة والتواصل مع بيئته الاجتماعية على نحو نمطي أحادي الجانب. وإنما لأجل التحرر من ربقة العبودية الإيديولوجية، والإفلات من قيود التمثلات المذهبية، والحيلولة دون الاندراج في قيم الجماعات الأولية من جهة، وشحذ قدرات ملكاته المعرفية، وتنشيط وظائف وجدانه التأملية، وتصعيد وتيرة أفكاره التجريدية من جهة أخرى. يؤكد الفيلسوف الغربي هربرت ماركوز: (أن كل فكر أصيل، شأنه شأن الفلسفة، لا بد له أن يخطو هذه الخطوة إلى التجريد. فما من إنسان يستطيع أن يفكر حقاً إذا لم يجرد انطلاقاًمما هو معطى، إذا لم يربط الوقائع بالعوامل التي سببتها، إذا لم يضع الوقائع موضع تساؤل. إن القدرة على التجريد هي حياة الفكر بالذات والبرهان على أصالته). هذا إضافة إلى تشييد القواعد المنهجية وتهيئة المنطلقات الأبيستمولوجية التي تشترط، لكي تكون مجدية نظرياً ومنتجة عملياً، معاينة الوضع التاريخي بكامل عناصره، وتحليل الواقع الاجتماعي بكل مكوناته، واستيعاب النسق الثقافي بمختلف مستوياته وعقلنه الإطار القيمي بمجمل مرجعياته.
إن استطالة ذراع القوة في الممارسة السياسية واشتداد وطأة القمع الذي توقعه ضد رموز الثقافة وأشكال تجليها، فكراً ومعرفة وإدراكاً. يؤدي إلى انحسار دور الوعي وتراجع وظيفته في المجتمع، مقابل انتشار مظاهر القوة واستشراء عدوانيتها الفجة، لذلك فإنّ استخدام السلطات السياسية للقوة يضطرها لاستخدام ترسانة أسلحتها الإيديولوجية المتنوعة لتبرير القوة العارية وتخدير الرأي الناقد بالاستعانة بجيش نخبتها المؤدلجة لإجراء عمليات غسل الأدمغة ونمذجة الآراء وتنميط الخيارات، عن طريق الإقناع الفكري المتواصل والإخضاع النفسي المستديم، الذي طالما تكفلت به مؤسساتها التعليمية والتربوية والإعلامية والدينية.
وغني عن البيان أن السلطات السياسية التي تستمرئ اللجوء إلى القوة لضمان استمرار سيطرتها، لا تعدم الحيلة أو الحجة التي تستخدمهما لإقصاء دور الثقافة وإلغاء وظيفة الوعي. ذلك لأن الثقافة- كما يقول أستاذ سوسيولوجية المعرفة في الجامعة اللبنانية الدكتور خليل أحمد خليل-(هي تحديداً، حق الفعل، حق الرأي، حق نقد الخطأ، وحق القول، والاختيار الحر للحاكم، وحق تغييره عند الضرورة أو عند الاقتضاء الدوري).
هذه الحالة حالة شاذة، ومما يزيد الشذوذ والانحراف فيها , هو استفحال ظواهر الانحسار المتزايد للوعي السياسي، واضمحلال الثقافة الديمقراطية لدى شعوب تلك البلدان، إضافة لإسهام الغالبية العظمى من النخب المتواطئة، بهذه الدرجة أو تلك، مع رموز السلطة السياسية إما طمعاً في مكسب أو خوفاً من مقلب، في ترويج مايسمى بثقافة الخضوع ,وثقافة الخضوع يُعرِّفها البروفيسور موريس دوفرجيه (في ثقافة الخضوع يعرف أعضاء النظام بوجوده، ولكنهم يظلون سلبيين إزائه. فهو خارجي نوعاً ما بالنسبة إليهم، وهم ينتظرون أن يقدم لهم الخدمات ويخشون عقوباته، ولكنهم لا يفكرون بأنهم يستطيعون تغيير عمليات النظام على نحو ملموس).
تحت وطأة السلطات المستبدة وانتشار ثقافة الخضوع سيواجه المجتمع الأزمة تلو الأزمة ويعاني المحنة تلو الأخرى، حتى تتصدع وحدته وتتحلل أواصره وتتشظى مكوناته وتتلاشى مقوماته، ويغدو تبعاً لذلك نهباً لنوازع العنف وأطماع التغالب. عندئذ يكون عبثاً أن تحاول السياسة إصلاح مثل هذا المجتمع. أفراده يرزحون تحت نير الجهل الثقافي والتخلف الفكري وأبعدت أغلبيته عن المشاركة في حماية أمنه وتقرير مصيره.
لأن من الشروط الأساسية للتغيير الديمقراطي وعي الإنسان بقيمته كمواطن له حقوق وعليه واجبات في حضرة دولة القانون والمؤسسات، فكلما شعر بضرورة ولائه الوطني وقيمه, وبأهمية انتمائه الاجتماعي، ازداد حرصه على التمسك بوحدة الجماعة وثبات استقرارها ودوام تقدمها.
من هنا نصل إلى النتيجة التالية , فالدولة التي تنشد الاستقرار في نظامها السياسي والتطور في كيانها الاجتماعي والارتقاء في عقلها الثقافي بحاجة ماسة إلى تفعيل دور الوعي السياسي على نحو خاص وتثويرالوعي الاجتماعي بوجه عام.
وخير ما نختم به كلامنا هو قول للفيلسوف بيير بورديو (إن التفكير في السياسة دون التفكير بشكل سياسي يؤدي في العمق إلى إخضاع السياسة لمقولات ذهنية بُنيت ضد السياسة، وبالتالي إلى خرق الحدود بين تلك المقولات)



#سليمان_فواز_الكفيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- إيطاليا .. العشرات يؤدون التحية الفاشية في ذكرى إعدام موسولي ...
- بريطانيا - هل بدأ تفعيل مبادرة ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا ...
- أونروا تستهجن حصول الفرد من النازحين الفلسطينيين بغزة على لت ...
- اجتياح رفح أم صفقة الأسرى.. خيارات إسرائيل للميدان والتفاوض ...
- احتجاجات الجامعات الأميركية تتواصل واعتقال مئات الطلاب
- الأونروا: وفاة طفلين بسبب الحر في غزة
- لوموند تتحدث عن الأثر العكسي لاعتداء إسرائيل على الأونروا
- لازاريني: لن يتم حل الأونروا إلا عندما تصبح فلسطين دولة كامل ...
- مميزات كتييير..استعلام كارت الخدمات بالرقم القومي لذوي الاحت ...
- تقاذف الاتهامات في إسرائيل يبلغ مستوى غير معهود والأسرى وعمل ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سليمان فواز الكفيري - المواطنة والديمقراطية والوعي