لبنى الجادري
الحوار المتمدن-العدد: 1850 - 2007 / 3 / 10 - 13:02
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
تتجلى قدرة الخالق في خلقه للبشر أشكالا وأنماطا مختلفة ، ويظهر هذا واضحا في سلوكهم وتصرفاتهم ... فقد أعطى هذا الاختلاف ( الميزة ) ، لاختلاف الأذواق واختلاف الآراء واختلاف سلوكهم نحوها ، مما يجعلنا نميز الجيد وغير الجيد من بين الأشكال المقدمة في الحياة . ونظرا لأختلاف اليد في أصابعها ، فلا عجب من أختلاف الأفراد في سلوكهم وتصرفاتهم ..لذا أعتمد الباحثون وعلماء النفس والأجتماع على هذه الخاصية في الفرد الأنساني لدراسة شخصياتهم ، فعلم الشخصية ، علم يدرس ما وراء المجهول ، حيث نرى ما لامكن رؤيته علانية ، بل نستدل عليه من خلال جملة من التصرفات والمواقف التي يجد المرء نفسه جزءا منها وتقاس تصرفاته بشكل لا إرادي
وأحتار علماء النفس والاجتماع عند دراستهم للصفات البشرية ، من أن يضعوا تسلسلا يولي أهمية لأحداها على الأخرى ، ولم يتوصلوا الى حلول منطقية مقنعة ، سوى إدراجهم كل الصفات التي تدل على رمز معين تحت مسمى واحد ، فمثلا وضعوا كل ما يوحي الى الشجاعة بصفات ( كالبطولة ، البسالة ، القوة ، الأصالة ..الخ ) تحت عنوان الشجاعة .
ومن أشهر العلماء الذين يمكن أن نتطرق إليهم ، ليكونوا مثالا جيدا ، هو العالم الإغريقي الشهير ( أ بقراط ) ، الذي قسّم الصفات البشرية تحت ثلاثة مسميات هي :
1- الشخصية الصفراوية / وهي الشخصية التي تتمثل فيها صفات الغيرة والحقد والخبث وإيذاء الآخرين والمراوغة ، وجميع الصفات التي تحمل في طياتها النوايا السيئة للغير من ( مشاعر ورغبات مكبوتة
2- الشخصية السوداوية / وهي الشخصية المتشائمة ، المكتئبة المتباكية الضيقة الأفق اليائسة ..الخ .
3- الشخصية الحمراوية / وهي الشخصية التي تميل الى القتل والإيذاء وتحمل الميول العدوانية لدى الأفراد الذين يمثلونها
ثم جاء بعد ( أبو قراط ) ، علماء كثر تناولوا الشخصية في دراستهم ، منهم على سبيل المثال
إ- العالم إلبورت : الذي قسّم البشر حسب سماتهم .. إذ قال أن الفرد عبارة عن مجموعة من السمات مثل سمة
الشجاعة ، الخجل ، العدوان ... ، ويمكن تحديد تصرفات الفرد وفق مجموعة من السمات أو من
خلال سمة واحدة .
ب- العالم شلدون : وقد قسّم الناس وفق أنماطهم الجسمية الى 3 محاميع هي :
1- نمط الجسم الضعيف / النحيف ، ويكون ضعيف الجسم غير مكتنز باللحم ، تظهر عروقه وأوردته ، ويكون أصفر اللون ، كثير التشكي والتعرض للأمراض ، ذو مزاج متقلب ، تراوده الوساوس والشكوك والتردد غالبا .
2- نمط الجسم السمين / ويمتاز بقصر القامة على الأغلب ، وامتلاء البطن ن ويكون هذا الشخص ،عاطفي في اتخاذ قراراته وتحركه مشاعره ودموعه ، وهو ذو تفكير ، غالبا ، ما يكون متسرعا وتتغير قراراته حسب الموقف المتواجد فيه ، ويميل مع من يميل .
3- نمط الجسم الرياضي / وهذا النوع من الأفراد يمتاز ببنيته الجسمية المتناسقة وبالطول وتناسق الأطراف العليا والسفلى ، وهم ذوو رؤوس كبيرة وجبهة عريضة وعالية وعيون واسعة وحادة
، ويمتازون بالشجاعة والعقل الراجح والاتزان والقدرة على القيادة وحل المشكلات بطريقة علمية وفق خطوات محددة مسبقة ، ويملكون الجرأة والطموح والتحدي ....
** إضافة الى هؤلاء العلماء ، فقد وردت الشخصية في اهتمام كل عالم نفس واجتماع ، فجاءت نظرياتهم كل حسب نظرته للحياة ، مثل ( فروم ، كارول ، وفرويد صاحب النظرية الفرويدية ، هورني ، أيزن ،...الخ )
أهم شخصيات المؤسسات العامة /
يعد المجتمع العالمي بشكل عام والمجتمع العربي بشكل خاص ن من المجتمعات التي إتضحت فيه الشخصية وفقا لمجالات العمل التي يتواجد فيها الأفراد وهي :
أ- الشخصية الحازمة الصارمة / وهي التي تمتلك حق القرار وإصدار الأوامر والانفراد بالرأي واعتبار كل ما يؤمن
به صحيحا ، ولهذه الشخصية مساوئ كثيرة في العمل منها ، عدم تقبل آراء الآخرين وعدم الأخذ بمعرفتهم والابتعاد عن مبدأ المشاركة ، والأنفراد بالرأي والقرار .
ب- الشخصية المنقادة / وهي التي تنفذ الأوامر والقرارات دون مناقشة ، حتى وإن كانت هذه القرارات خاطئة وضارة بمصلحة العمل العامة .
ج- الشخصية المناقشة / وهي التي تملك مبدأ المجازفة والتحدي في النقاش واتخاذ الطريقة المنطقية في الحوار بهدف الارتقاء بمجال العمل بأقل وقت ممكن وأقل جهد ممكن .
د- الشخصية المعترضة / وهي التي تخالف الرأي وتخالف القوانين وتمنع عن تقبلها وتبنيها ، وبالتالي العمل على معارضتها مما يشكل تعطيل للعمل العام .
ومع ذلك يمكننا أن نرى الأفراد متباينين في اتجاهاتهم وميولهم ورغباتهم وأفكارهم كنتيجة لمبادئ مجتماعتهم وتربيتهم وسلوكهم وماأكتسبوه من الآخرين
** وهناك مصطلحات ومعايير تدخل وتؤثر في شخصياتنا منها :
أ- الاتجاهات / وهي مؤشرات خارجية تعبر عن اتجاه واحد ، كاتجاهاته نحو الفن ، أو نحو العلم ، أو نحو الحياة ،وأتجاه الفرد نحو العمل ...الخ .
ب- الميول / وهي متغيرة بتغير الظروف، فالفرد يحق له أن يميل نحو اللون الأحمر مثلا ، ولكن ليس بالضرورة أن يتبنى هذا اللون ، والميول عادة واضحة ، ولكنها ذات اتجاهين ، إذ يمكن أن يسير معها أو آن يتركها .
ت- الرغبات / وهي موجهة ، يحتاج أصحابها الى إشباعها ، فالرغبة نحو الجنس الآخر أو الزواج ، وهي رغبات متواجدة عند جميع الناس، إلا أن درجة التطبّع بها والتحكم بها تبقى بيد الأفراد ، على عكس الرغبات الفسيولوجية التي من الواجب إشباعها ن كالحاجة الى الطعام والنوم وغيرها من الحاجات التي تدعم الفرد في بقاءه حيا
ث- الحاجات / وهي نوعان :
· حاجات فسيولوجية / يمكن للجميع أن يشترك فيها ( جميع الكائنات )
· حاجات اجتماعية / وتأتي من خطوات متتابعة في الحياة لتصبح تراكما وموروثا فرديا ، ومنها الحاجة للأمن والحاجة للحب والحاجة للعمل والتقدير وحب الذات
** وهناك عوامل عدة تصوغ شخصية الفرد وتتأثر بها منها :
أ- العوامل الاجتماعية والأسرية /
تلعب الأسرة دورا فعالا في بناء شخصية أفرادها ، إذ تتكون شخصية الفرد الصغير حسبما يُقدم له من نماذج اجتماعية داخل محيطه الأول ، فإذا كانت شخصية الأب صارمة ، حادة ، عدوانية ، أثر ذلك سلبا على شخصية إبنه النامي ، وبالعكس ، فلو كانت شخصية الوالدين هادئة متجانسة في ردود أفعالها وانفعالاتها ، تكونت شخصية الولد بما تحمله تلك الصفات .
ب- العوامل الاقتصادية / وتعد من العوامل المهمة في تكوين وإنماء الشخصية ، فالفرد المكتفي ماديا ،
يسعى دائما الى التجانس والعمل والمخاطرة ن ويستطيع آن يندمج في مجتمعات متنوعة يكتسب منها الخبرات .
ج- العوامل الثقافية / من أقوى العوامل التي تدخل في بناء الشخصية هي الثقافة المتوازنة ، وهي
تعطي حماية للفرد حين يحولها في شخصيته، فيصبح واثقا من خطواته ومتمكنا من أداء عمله بشكل أكثر انضباطا .
* كما ويلعب ( التعلم ) عاملا مهما في تكوين الشخصية ، إذ يستفيد المتعلم من كم المعلومات المتوفرة لديه في تشذيب وتنظيم أموره الحياتية والأخلاقية في التعامل مع الآخرين .
#لبنى_الجادري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟