أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رشيد عبد النور - هل تنبغي قطيعة العرب ؟















المزيد.....

هل تنبغي قطيعة العرب ؟


رشيد عبد النور

الحوار المتمدن-العدد: 1844 - 2007 / 3 / 4 - 06:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كنت في ضيافة اسرة عربية سورية كريمة ، في بلدة ادلب ، القريبة من حلب ، وكان مضيفي ، قد اخذني في جولة على التلال القريبة صباح ذلك اليوم ، كان الربيع ساحرا ، وقد اجزل عطاياه الكريمة على تلك البقاع فبدت خلابة حقا . على ربوة خضراء انظم الينا بعض ابناء عمومته ، مرحبين ومهتمين بي كضيف ، اشار احدهم الى ناحية الشمال قائلا ، تلك حلب ، اما الى الجنوب ، وعلى مقربة فبلدة ، سراقب ، التي اشتهرت بنسيجها وازيائها الفولكلورية الاخاذة ،واستطرد ، ان الناس في ادلب وحلب وسراقب مسلمون ، ولكن هناك ، واشار الى جهة ما ، ثمة قرى وبليدات " شيعية " .....:!!
" لا مؤاخذة ، يابو علي ، ابن عمي لايقصد شيئا ..." تدارك مضيفي الرئيس ، اجبته مبتسما بهدوء " لا عليك ... دعه يقدم لي ايضاحاته الكريمة والمفيدة ....
في المساء ، اجتمع افراد الاسرة وبعض الاقارب ، الذين قدموا لقضاء الامسية في صالة الضيوف في بيت عائلة صديقي ومضيفي ، وما ان تبادلنا التحيات ومقتضيات التعارف والترحيب حتى ابدى الجميع تضامنهم مع العراق ومحبتهم للشعب العراقي وتمنياتهم من الله بعون هذا الشعب المسكين وجلاء غمة الاحتلال الامريكي اللعين عنه ، حتى ان احدهم لم يملك نفسه من الهتاف، وكان مضيفي وصديقي قد غادر الصالة لجلب مزيدا من القهوة ،" الله ينصر اخواننا المجاهدين السنه ويخزي الشيعة ومن والى امريكا " !
كانوا ،وكنت معهم، يومذاك، بانتظار عرض جلسة من الجلسات الاولى في محاكمة صدام حسين المنقولة على بعض القنوات ، ابدى الرجال اعجابهم ببطولة صدام واعربوا عن كراهيتهم وتشكيكهم في المحكمة وشرعيتها وجديتها وتحمسوا في ذلك ، وكان اكثرهم حماسة واندفاعا " ابو احمد " عم صديقي ومضيفي ، ومن ضمن ماقاله " هل ، كان في العرب رجلا مثل صدام ، ذاك البطل المغوار الذي لا يخاف في الحق لومة لائم ، هل فيهم من تجرأ على اسرائيل وقصفها بالصواريخ غيره .... لكنه استدرك .... لكن اين يذهبون ... ان هذه الامة و لاتعدم رجالا وابطالا ، واذ يتصورون انهم انهوا صدام فهاهو السبد يفعل ( كذا ).... بامهاتهم ، و(...) اخوات اسرائيل وامريكا !!، قلت للعم المشتعل انفعالا " أي سيد... يا ابو احمد؟" اجاب متعجبا ... "ولو يابو علي ... سيد حسن نصر الله ، ومين غيرو؟!"وطنت نفسي وقلت اذن فها نحن امام المعاناة العربية ومفاعيلها في العقل العربي ... سمك على لبن على تمر هندي ... كما يقول المثل .، لكنني آثرت التريث بانتظار المدخل المناسب . سالني الحضور عن رأيي وبدوا متلهفين لان يسمعوا مني، وانا العراقي الذي يحل عندهم ضيفا ، خصوصا بصدد بطولة صدام ولا شرعية اسقاطه او محاكمته وكانوا ، بلا ريب ، يتوقعون مني ان ازيد حماسهم اشتعالا ومشاعرهم اتقادا ، لكن الكلمات التي بدرت مني كانت اشبه بصقيع يصب على جذوة حماستهم ، بوغتوا بها اولا ثم تململوا ثم ما لبثوا ان انصتوا وبدأ بعضهم ، خصوصا العم " ابو احمد "يمسك ذقنه باصابعه او يمسد لحيته وهو يتمعن في الارض كمن يزن كلماتي " صدام حسين ليس بطلا ايها الاخوة ، وهو الذي جاء بالمحتلين كما انه لم يكن يتحلى باي قدر من الشجاعة ! ثم ان صدام شيء وسيد حسن شيئا اخر "سردت العديد من الامثلة والحكايات التي تفند ادعاء صدام بالبطولة ، حتى كما يفهمها هو وامثاله ، أي حتى على مستوى الجرأة الشخصية والاندفاع والتهور وبينت لهم ان أي منهم لو كان يقود العراق او سوريا او أي بلد او جيش عربي يبغي من خلاله او به تحرير فلسطين او مواجهة اسرائيل وامريكا فكيف سيعده ويهيء رجاله ، هل سيكسر شوكتهم ويثلم كرامتهم ؟هل سيجعلهم يبللون ملابسهم الداخلية عند مرآه ويبتلعون اهانات اولاده وحراسه وهم يصفقون له ويعلنون بهجتهم بالاهانة ؟ هل ستبقى لهؤلاء، بعد ذلك ، رجولة او نخوة ؟وكيف سيواجه بهم الاعداء ، الا تعتقدون ان مثل هذا المسلك هومسلك الخؤون الغادر وليس المخلص الحريص ، قلت ، ايها الاخوة ثم ها انا اراكم تنعمون بخيركم وتتفقدون حقولكم ومزارعكم العامرة وتستمتعون بجلسات السمر ليلا في بيوتكم الامنه وتتحدثون الى اخوانكم واولادكم وذويكم ، ما هو رايكم لواضاع عليكم طاغية مجنون وبدد كل ما تتنعمون به من خيركم بلا طائل او مسوغ سوى اهواءه وما يعن له ، بل و اوصلكم ، عبر ضغط وعذاب يومي وضنك لا يطاق ، الى ان تتمنون ان ياتيكم عدوكم ليخلصكم من براثنه سال بعضهم " وهل كانت الحال كما تخبر ايها الاخ الكريم ؟" قلت واتعس بما لايقاس ، والا اخبروني ، لو كان الشعب يدافع عن حياة حرة يحياها وكرامة يشعر بها ورغد من العيش يحرص عليه اكانت امريكا قد اجتاحت العراق واقتحمت بغداد بمثل هذه السهولة ام ان العراقي كان هو فعلا المستجير من الرمضاء بالنار ؟!"......تواصل الحديث بيننا طوال تلك الليلة وتشعب ، وكان ذا شجون كما يقولون ، شجون عربية وعراقية ، وكنت المس كلما تقدم الوقت وتطرقنا الى المزيد من الوقائع التي نعيش والحوادث والمقارنات الى المزيد من التقارب والتلاقي او ، على الاقل ، التفهم والتساؤل ...
في مناسبة اخرى ابدى لي صديق سوري آخر ، وهو طبيب اسنان مهتم يالشان السياسي ضيقه وانزعاجه مما يسمع عن اضطهاد ومطاردة بل وقتل والتنكيل بالعراقيين المسلمين من السنه على يد الشيعة ، سالته عما يعرفه عن العراق عموما والشيعة خصوصا فاوجع قلبي بطبيعة ما يعرف ومدى ما يحتاجه هو وغيره من جهد مثابر وسعي دؤوب لكي تكون معارفه ومعلوماته تلك ليست صحيحة يالضرورة ، بل معقولة على الاقل ، وضربت له مثلا جاهدت لكي لا اخدش، من خلاله ، كبرياءه المعرفي واعتداده بنفسه ، قلت هل تعرف ما المقصود بان بنبز احد الشوام " من الشام " شخصا آخر فيعيره بانه " با حسن " قال لا ... .... فلست شاميا " قلت الم تسمع بهكذا اهانه؟ قال بلا ولكنها من المفردات العامية القديمة والمنقرضه والتي كف العوام عن تداولها الا فيما ندر ..... قلت اذن اسال شاميا عن معناها قال فافعل ان كنت تعرف شرحت له ما عرفت من خلال بعض الاخوة السوريين الذين روى لي احدهم انه سال، قبل عشرة اعوام ونيف ، امام احد المساجد ، ذات جمعة عن معناها، بعد ان سمعها مرارا واخذته الريبة بشانها، فوعده ان يجيبه بعد الصلاة ، ثم انه ، أي الامام ، انتحى به ، بعد الصلاة ، ركنا قصيا وحدثه كمن يطلعه على سر خطير ، وبعد ان لعن الشيطان وتعوذ منه كثيرا ان البعض يشتم البعض الاخر بالقول " با حسن " جهلا وحماقة وهو كفر وان لم يكن مقصودا ومتعمدا وهو ما يرجع باصوله الى الامويين فالمقصود هو " ابا الحسن " يقول صديقي ، السوري ان الامام استحلفه ، يومذاك ،الا يخبر احدا بان هذا الايضاح قد صدر عنه !
لقد اثمرت ليلة السمر التي قضيتها في ادلب السورية صداقات اعتز بها ، وما زال حبل الود والمراسلة بيني وبين من كان اشدهم حماسة لصدام..."ابو احمد " ممدودا ولقد عرف ابو احمد الكثير مما وددت ان يعرف وكذلك صديقي طبيب الاسنان ، وهؤلاء كالكثيرين بل الملايين من العرب لا يعرفون عنا ولا يسمعون من اخبارنا الا مايصلهم وبالطريقة التي تصلهم ووفقا لاهواء وغايات من يوصل الخبر والمعلومة ، فاذا اضفنا الى ذلك بعد تاريخي وتكوين عقائدي لن نستغرب هتافات انصار حركة فتح قبل ايام وهم يشتمون حركة حماس " شيعة ... شيعة "، ويبدو لنا مما سردت ، ان ذهنية الانسان العربي العادي تواجه في فهم الواقع العراقي والتعامل معه بصورة سوية وعادلة الغاز او اشكالات تستعصي على افهامها وتحتاج الى توضيح واضاءة ، وهذه الاشكالات هي : صدام ، الاحتلال الامريكي ، الشيعة ، واذا كان بعضها مشكل معاصر وراهن كصدام ونظامه والاحتلال الامريكي وتداعياته ، فان بعضها ذو جذور تاريخية ، كالشيعة ومضمون التشيع ودوره التاريخي او ميزته كروح عراقية ، ان كل هذا يحتاج الى جهد وتوضيح واضاءة ام اننا نعتقد ان ما نعرفه يعرفه الجميع وان ما هو بديهي بالنسبة لنا هو كذلك بالنسبة للاخرين ؟!
ان غالبية الشعوب العربية هي شعوب مظلومة ومغلوبة على امرها وهي احوج الى الاخّوة والتضامن منها الى الكراهية او اللعن والعداء ، واننا مثلما ننتمي الى جغرافيتنا ولا نستطيع عنها فكاكا ، ننتمي الى تاريخنا ، بل هو مكون اساس بالنسبة لنا ، ولذلك فان ما نسمعه من لوم وتقريع ، واحيانا شتم وسباب ، بحق العرب ووعي العرب ، واقصد كشعوب ، لا ينم الا عن عجز ولا يعبر الا عن جهل وهروب عن مواجهة المشكل ، والافضل لنا والاجدر بنا ، ان نعرف ونعمل على اساس ان الشعوب العربية كانت وماتزال ترزح تحت تشويه تاريخي ظالم لوعيها وادراكها وانها تتعرض اليوم لتجهيل اشد وتحميق امّر عبر ماكنة اعلام جهنمية تستمد مادتها ، اصلا ، من مجرمين صغار ، من العراقيين ، يضخون لها يوميا من الوقائع الزائفة والمجريات الباطلة ما يبغون من خلاله ان يشيدوا موقعا لايستحقونه ويحققون حضورا ليسوا جديرين به على حساب العراق والشعب العراقي ووحدته وحاضره ومستقبله ، بل وعلى حساب الشعوب العربية ووعيها ومستقبلها . وان مواجهة هؤلاء وطردهم من ساحة التاثير التي يستثمرون ظلامها كجرذان لا تعيش الا في الظلام تسليط اضواء الحقيقة الباهرة عبر فعل اعلامي منهجي ، مدرك ومركز ، وحينذاك يمكن لنا ان نحقق ، على الاقل ، بعض الرضا عن انفسنا ، لاننا قد بذلنا ، بعض ما تستحقه قضيتنا من جهد !



#رشيد_عبد_النور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلنا - صابرين -.... من المحيط إلى الخليط !
- الكذب المصفط والصدق المخربط ... قراءة في اداء قناتي بغداد وا ...
- ! الحرب الاهلية قائمة بالفعل ... ولكن من طرف واحد
- ولكن الشيعة لا بواكي لهم


المزيد.....




- الرئيس الصيني يستقبل المستشار الألماني في بكين
- آبل تمتثل للضغوطات وتلغي مصطلح -برعاية الدولة- في إشعار أمني ...
- ترتيب فقدان الحواس عند الاحتضار
- باحث صيني عوقب لتجاربه الجينية على الأطفال يفتتح 3 مختبرات ج ...
- روسيا.. تدريب الذكاء الاصطناعي للكشف عن تضيق الشرايين الدماغ ...
- Meta تختبر الذكاء الاصطناعي في -إنستغرام-
- أخرجوا القوات الأمريكية من العراق وسوريا!
- لماذا سرّب بايدن مكالمة نتنياهو؟
- الولايات المتحدة غير مستعدة لمشاركة إسرائيل في هجوم واسع الن ...
- -لن تكون هناك حاجة لاقتحام أوديسا وخاركوف- تغيير جذري في الع ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رشيد عبد النور - هل تنبغي قطيعة العرب ؟