أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عصام عبد الله - الحداثة والمرأة















المزيد.....

الحداثة والمرأة


عصام عبد الله

الحوار المتمدن-العدد: 1839 - 2007 / 2 / 27 - 12:55
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


دشنت الحداثة التونسية في منتصف القرن العشرين بصدور مجلة الأحوال الشخصية في 13 أغسطس عام 1956 ، بعد أقل من خمسة شهور علي إعلان الإستقلال في 20 مارس عام 1956. مما يؤكد أن الحداثة هي في الأساس إرادة سياسية ، وان ميلادها يقترن دوما بتحديث شرط المرأة .
ألغي قانون الأحوال الشخصية تعدد الزوجات والطلاق الأحادي الذي غدا حقاً للزوجين يفصل فيه القضاء، ورد للمرأة ، لأول مرة في تاريخ الفقه الإسلامي، أهليتها المدنية فأصبحت قادرة على اختيار شريك حياتها. كما أعطاها حق التصرف في جسدها بالتحكم في الإنجاب عبر الحق في الإجهاض وفي تحديد النسل ، وهو العامل الرئيسي في تسريع التنمية التي جعلت من تونس اليوم البلد العربي الوحيد بين البلدان العشرة المرشحة للدخول إلى نادي البلدان المتقدمة.
وهكذا مثلت قوانين الأحوال الشخصية نقطة حاسمة في تطور الإسلام التونسي المستنير ، منذ خير الدين، الطاهر الحداد،مؤلف "امرأتنا في الشريعة والمجتمع"، الطاهر بن عاشور،مؤلف تفسير"التحرير والتنوير" وابنه محمد الفاضل بن عاشور، "مؤلف" مجلة الأحوال الشخصية ، وفي مواجهة الهجمة الظلامية الشرسة ضد قيم التنوير والتحديث والتقدم .
وقد تعرض الطاهر الحداد (1899 – 1935 ) علي سبيل المثال ، للأتهام بالتكفير بعد صدور كتابه "امرأتنا في الشريعة والمجتمع" عام (1929) ؛ فهاجت أقلام المحرضين ضده وسبوه ولعنوه من فوق منابر المساجد، وألفوا الكتب في سبه وشتمه، لعل أشهرها كتاب "الحِدَاد على امرأة الحَدَّاد"، وهو عنوان كاف في دلالته على غرض السب والإهانة. وقد أثر هذا كله في حالته المعنوية والنفسية فمات كمدا وهو في ريعان الشباب. بيد أن أفكار "الحداد"، التي ناله بسببها ما ناله، كانت هي الأفكار الملهمة لمجلة الأحوال الشخصية التونسية التي صدرت في تونس عام 1957 فحققت للمرأة التونسية مكاسب غير مسبوقة .
الأطروحة المركزية للحداثة التونسية من بورقيبه إلى بن علي، كما يشخصها بدقة المفكر التونسي الكبير العفيف الأخضر ، هي القبول بمبدأ الواقع، أي التجاوب مع متطلبات الحداثة بتناغم مع الإسلام التونسي التنويري القائم على اجتهاد بدون ضفاف،عملاً بقول الشاطبي "حيث المصلحة فثم شرع الله". وهكذا ففي 1993 صدر قانون فريد في العالم العربي ألغى ركيزة المجتمع البطريركي:سيطرة الرجل المطلقة على المرأة. لم يعد الرجل هو رئيس العائلة وليس للمرأة والأبناء إلا السمع والطاعة. بل بات الزوجان كلاهما يديران العائلة بشراكة متساوية"في نطاق الاحترام المتبادل". منذ 2003 تبنت مدونة الأحوال الشخصية المغربية سنة هذا القانون التونسي ، والبقية تأتي ....
تعتبر تونس أن "حقوق المرأة جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان". ومن ثم فإن التشريع رافعة أساسية لتحديث شرط المرأة. لكنه يبقى حبراً على ورق إذا لم يواكبه دمجها في الحياة العامة. تمثل المرأة في تونس حالياً ثلث القوة العاملة. وهي نسبة لا وجود لها إلا في بلدان الاتحاد الأوربي. وتحتل 11% من مقاعد البرلمان و21% من مقاعد البلديات. إذا كانت شهادة المرأة نصف شهادة الرجل،في أرض الإسلام، فإن 24%من قضاة تونس نساء...
ان المشكلة تكمن إذا في تخلف التشريع القانوني في ما يخص وضعية المرأة في الفضاء العربي . فإصرار قوانين الأحوال الشخصية في المجتمعات العربية على فرض مبدأ الطاعة على المرأة، يعني ضمنيا وتصريحا أن المرأة دون الرجل، وأنها تابعة له وأن لا علاقة لها بصنع القرار في علاقتها الزوجية أو داخل أسرتها.. الخ، وبالتالي فإن صورة المرأة في معظم التشريعات العربية لا تتجاوز التبعية النسبية أو الكاملة، وهو ما ينفي عنها صفة الذات الفاعلة المستقلة والشريكة للرجل.
غير أن أدوار المرأة تغيرت وتطورت داخل الأسرة والمجتمع، في حين أن التشريعات القانونية، لا تزال متخلفة على أكثر من صعيد، فهي واقعيا فاعلة اجتماعية وتشريعيا كائن مطلوب منه الطاعة. ومثل هذه الوضعية المتناقضة، حيث تلعب المرأة دور الشريك وتطالب في الوقت نفسه قانونيا بالطاعة، تعكس هوة بين الواقع الاجتماعي وقوانين الأحوال الشخصية في المجتمعات العربية، رغم أن المعروف أن القانون حاجة اجتماعية.
إلا أن تجارب عديدة أثبتت أن جرأة التشريعات القانونية وسن قوانين تقدمية تنسجم مع تطلعات المجتمع إلى التقدم والتنمية والتطور، يمثل حصانة قوية للمرأة وللأسرة وللمجتمع ككل، أي يمكن أيضا للمدونة القانونية أن تكون أقوى وأكثر تقدما من المنظومة الثقافية السائدة في المجتمع ومن الواقع الاجتماعي نفسه، إلى أن يتم التوازي بين البعدين بفعل تراكم التجربة الاجتماعية مع الزمن الذي يتيح للقيم والقوانين فرصة التغلغل والأستقرار.
النموذج الأبرز في ذلك ، مصر ، حيث حقق " مكتب الشلقاني للإستشارات القانونية " ، مكاسب كبيرة للمرأة المصرية ، في العقدين الماضيين ، وخاض معارك ضارية ضد الظلاميين في قضايا الخلع و إلغاء الختان وقوانين الجنسية ومحكمة الأسرة وغيرها . بالتوازي مع حملة إعلامية وثقافية واعية استقطبت تيار قوي من المثقفين والصحافيين والدعاة المستنيرين والقانونيين والنساء فضلا عن جهود المنظمات غير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني ، أسفرت في النهاية عن نتائج باهرة في وقت قصير .
وفي دراسته القيمة حول : ختان الذكور والإناث عند اليهود والمسيحيّين والمسلمين .. الجدل الديني والطبّي والإجتماعي والقانوني ، أورد الدكتور سامي عوض الذيب أبو ساحلية ، قرار المحكمة الإداريّة العليا المصريّة (1997) ، والذي لم ينشر حتي الآن رغم أهميته ، وّذكر بالتفصيل الدور الكبير الذي لعبه الأستاذ علي الشلقاني الكاتب والمفكر والمحامي الدولي وزوجته المحامية المعروفة مني ذو الفقار والناشطة في مجال حقوق الإنسان .
ان تعزيز الحقوق القانونية للمرأة المصرية ، وتقديم تفسيرات وشروح غير تقليدية للشريعة الإسلامية ، كان هو المنطلق لتحقيق ذلك ، وحسبما جاء في محاضرة منى ذو الفقار بمعهد الشرق الأوسط بالولايات المتحدة "لماذا تستخدم الشريعة لتقييد حرياتنا ولا تستخدم من أجل إطلاقها؟ إنها يمكن أن تصبح مصدرا للتحرير . فإذا تم شرح النصوص وتفسيرها بشكل صحيح، نجد أنها مصدر للتحرر، ومصدر للمساواة ومصدر للحرية." وكررت هذه النقاط العريضة في محاضرة آخري في جمعية المحامين الأمريكيين بواشنطن العاصمة ، مشيرة إلى أنها وزملاؤها من الناشطين وجدوا أن الشريعة الإسلامية تعطي المرأة المسلمة الحق في إنهاء عقد الزواج من جانب واحد. تقول : " لقد ناضلنا كثيراً من أجل تغيير القانون، وأفضل ما في تغيير القانون هو أنك حين تناضل من أجل تغييره فإنك تغير الأفكار السائدة أيضاً. إننا ندعو إلى تغيير العادات والتقاليد المتبعة، وبذلك نغير الثقافة السائدة." وكانت ذو الفقار قد شنت حملة ناجحة أخرى من أجل حصول أبناء المصريات المتزوجات من أجانب على الجنسية المصرية. ولكي يتحقق هذا التغيير، سجلت مقابلات مع أبناء المصريات الذين عانوا بسبب عدم حصولهم على الجنسية، ونشرت أشرطة المقابلات في جميع أرجاء البلاد. وصدرت قوانين جديدة خاصة بالجنسية في العام 2004. كذلك ركزت ذو الفقار على وجود أول قاضية مصرية بين أعضاء المحكمة الدستورية العليا "القاضية تهاني الجبالي" منذ 2003. ورؤية ذو الفقار هي أنه "بمجرد أن يتحسن الوضع الاقتصادي لأي امرأة، فقيرة أو لا حظ لها من التعليم، فإن حياتها تتغير تماماً." وعند ذلك الوقت فقط يمكن أن تصبح المرأة قادرة على الحديث عن المشاركة السياسية .



#عصام_عبد_الله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
- اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر ...
- “الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت ...
- جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عصام عبد الله - الحداثة والمرأة