أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - سي محمد طه - قراء سوسيو انتروبولوجية للعيش المشترك بزاكورة (الكنازطة) : تراݣت او الهدية نموذجا.














المزيد.....

قراء سوسيو انتروبولوجية للعيش المشترك بزاكورة (الكنازطة) : تراݣت او الهدية نموذجا.


سي محمد طه

الحوار المتمدن-العدد: 8516 - 2025 / 11 / 4 - 02:47
المحور: قضايا ثقافية
    


التعاريف :

إن الـ convivialité (العيش المشترك أو التآلف الاجتماعي) ليست مفهوماً واحداً ذا تعريف موحّد، بل تختلف دلالتها بحسب مقاربة كل عالم اجتماع أو أنثروبولوجي وزاوية تحليله للظاهرة.

1. إيفان إيليش (Ivan Illich, 1973):
يرى إيليش أن convivialité هي قدرة المجتمع على تمكين الفرد من أن يعيش في استقلالية ذاتية، في إطار علاقات تقوم على التعاون والتبادل المتكافئ.
فالمجتمع المتآلف هو ذلك الذي يتحكم أفراده في أدواتهم التقنية والاجتماعية والعمرانية دون أن يخضعوا لهيمنتها أو لسلطتها.

2. ميشال مافيزولي (Michel Maffesoli, 1988):
ينظر مافيزولي إلى convivialité بوصفها شكلاً من أشكال التضامن المبني على العاطفة، القرب الجسدي، والمشاركة في الحياة اليومية.
إنها أخلاق جمالية يعيش فيها الناس لحظات مشتركة، وأجواء موحَّدة، وشعوراً مؤقتاً بالانتماء، دون أن يتقاسموا بالضرورة نفس القيم أو العقائد.

3. ريمون ليدرو وجان ريمي (Raymond Ledrut & Jean Remy):
تتجلى convivialité في السياق الحضري كقدرة على التعايش السلمي داخل الفضاء العام، أي التسامح مع الاختلافات الاجتماعية، وبناء فضاءات مشتركة رغم التنوع الطبقي والثقافي.
إنها تقوم على فكرة المدنية الحضرية (la civilité urbaine)، أي الاعتراف المتبادل، واللباقة، والمساعدة المتبادلة في حدودها الدنيا.

4. مارك أوجيه، أولف هانرتز، سيثا لو (Augé, Hannerz, Low):
يربط هؤلاء الأنثروبولوجيون convivialité بفكرة التواجد المشترك (co-présence).
فـمارك أوجيه يرى أن convivialité تتجسد في “الأماكن الأنثروبولوجية” التي يصنع فيها الناس معنى لحياتهم من خلال القرب والتفاعل، في مقابل “اللامكان” (non-lieu).
أما أولف هانرتز وسيثا لو فيعتبران أن convivialité الحضرية تقوم على التعرّف على الوجوه المألوفة، وطقوس الجيرة، والاعتراف الاجتماعي المتبادل.


---

تحليل الصورة :

الوصف :
تُظهر الصورة مشهداً من طقس العطاء الجماعي المتجذر في الممارسات الاجتماعية الريفية بالمغرب، وهو ما يُعرف بـ"الهدية" (الهدية / لْهَدْيَة)، وهي هبة تضامنية تُقدَّم بمناسبة الزواج.
تدور هذه الواقعة في قرية الكنازطة بالجنوب الشرقي للمغرب، حيث يُقدَّم الكبش كرمز للعطاء الطقوسي من أسرة إلى أخرى تُقيم العرس. ويُقام الحدث في فضاء عمومي مفتوح أمام الجميع، ضمن احتفالية تُعرف باسم تارغت (Tarragt).

بحسب إيفان إيليش:
إن تقديم الكبش يمثل شكلاً من التنظيم الذاتي للمجتمع المحلي؛ إذ تتكفل العائلات بتنظيم الزواج عبر تعبئة مواردها وشبكاتها الخاصة دون أي تدخل خارجي (لا مؤسساتي ولا ربحي).
إنها تضامن محلي يقوم على مبدأ المشاركة، والعطاء المتبادل، والتعاون — وهو ما يعكس convivialité منتَجة ذاتياً.

بحسب ميشال مافيزولي:
يركز مافيزولي على البعد العاطفي الجمعي المتجلي في طقوس الأعراس، حيث تعيش الجماعة حالة من الاندماج الوجداني يتلاشى فيها الفرد داخل شعور جماعي بالانتماء.
الهدية هنا تمثل مشاركة وجدانية، وعطاءً نابعاً من الفخر والبهجة والشرف.
إن convivialité تتجسد في الاتحاد الوجداني والرمزي بين الناس، عبر الموسيقى والاحتفال والطقس الجماعي.

بحسب جان ريمي:
الأساس هنا هو التعايش المتناغم. convivialité تتحقق من خلال المشاركة الجماعية في الطقس داخل فضاء عمومي مفتوح (يسمى “العَرْگ” — ساحة ترابية).
الحدث يُعبّر عن تعايش إيجابي تُنظم فيه "الهدية / تارغت" العلاقات الاجتماعية وتُعيد إنتاج التضامن بين الأسر.
إن الاعتراف المتبادل والمدنية الرمزية للعطاء هما مظهران من مظاهر convivialité.

بحسب أوجيه، هانرتز، ومارسيل موس، وفيكتور تيرنر:
تتمثل convivialité هنا في الحضور الطقوسي المشترك.
فالعطاء (ذبيحة، طعام، هدايا) يحمل قيمة رمزية تربط الأفراد اجتماعياً. وكما يقول مارسيل موس، فإن العطاء ليس مجانياً، بل يخلق التزاماً ثلاثياً: أن تعطي، وتتلقى، وتردّ.
هكذا تصبح convivialité دورة زمنية من التفاعل الاجتماعي.
خلال الزواج، يتحول الفضاء القروي إلى مكان طقوسي جماعي، حيث تتجسد convivialité من خلال حضور الأجساد، وتبادل النظرات، وإيماءات العطاء.


---

الخلاصة :

إن الصورة تُجسد نموذجاً لـال convivialité الريفية الجماعية المبنية على الهدية (الهدية)، وهي ممارسة اجتماعية تقوم على التضامن القروي، والشرف، والانتماء.
الزفاف، باعتباره طقس عبور، يشكل لحظة كثافة اجتماعية تعيد فيها الأسر القروية تأكيد روابطها الجماعية من خلال الحضور، والعطاء، والمشاهدة، والمشاركة.
إنها convivialité متعددة الأبعاد — عاطفية، رمزية، واقتصادية — تُترجم قوة الروابط الاجتماعية في السياق القروي للكنازطة، تاگونيت، زاكورة (جنوب-شرق المغرب).
المقال كتبته بالفرنسية و ترجمته للعربية






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين إليش و قليش نحن على حقيقتنا
- البشرية في ازمة : الابادة الجماعية احدى تجلياتها
- عن اي رأسمالية نتكلم ؟


المزيد.....




- ترامب يحذر من أنه قد يمانع في تمويل نيويورك إذا أصبح ممداني ...
- إيطاليا: انهيار جزئي لبرج تاريخي في روما يودي بحياة عامل روم ...
- السودان: باريس تدعو لوقف إطلاق النار وتدين انتهاكات قوات الد ...
- اقتحامات واسعة ومواجهات في عدة مناطق بالضفة
- صراعات صغيرة قد تُشعل حربا عالمية لا يتوقعها أحد
- نجاح بلا هوس.. لماذا تفشل طاحونة تطوير الذات؟
- آبل تدرس وقف خاصية الشفافية في أوروبا
- كوريا الشمالية تطلق صواريخ بالتزامن مع زيارة أميركية للحدود ...
- ترامب يهدد بحرمان نيويورك من التمويل إذا فاز ممداني
- فيديو.. انهيار مبنى أثري أثناء ترميمه ومقتل عامل


المزيد.....

- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - سي محمد طه - قراء سوسيو انتروبولوجية للعيش المشترك بزاكورة (الكنازطة) : تراݣت او الهدية نموذجا.