أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منال صبري - دنيا بعين صغيرة















المزيد.....

دنيا بعين صغيرة


منال صبري

الحوار المتمدن-العدد: 1831 - 2007 / 2 / 19 - 02:41
المحور: الادب والفن
    


كعادة الطفلة الصغيرة منى تجلس هي و الصغار بجانب جدهم
ممسكاً مسبحته متمتما بكلمات خافتة وفجأة يبتسم في وجة منى قائلاً لها :
حفيدتي الجميلة منى متشوقه كعادتها لأن أقص عليها حكايات السندباد والشاطر حسن
فتنظر له منى بكل لهفة قائلة : نعم يا جدي أريدك أن تقص لي حكاية من حكاياتك
فيحتضنها جدها ويطلب من باقي أحفاده الإنصات لباقي الحكاية
وتمر ساعات وراءها ساعات وينتهي الجد من حكاية القصة
وبعدها يشتد الضجيج من قبل الصغار
ليعاود الجد العجوز ممسكاً مسبحته متمتما بدعائه وتسبيحه
ويمر اليوم ويأتي المساء وكعادة منى
تجلس بجانب شرفتها تناظر القمر
وتسأل نفسها قائلة : يا ترى متى يأتي يوما وأصبح فيها فتاة كبيرة ؟
وبعد لحظات يغلبها النعاس و تأوي إلى فراشها
مستغرقة في أحلامها البريئة ..
وتمر الساعات وتشرق شمس الصباح ويستيقظ الجميع في المنزل وتدور عجلة العمل اليومي
وتستيقظ منى وتجلس أمام المرآة تمشط شعرها قائلة :
يا ترى متى سأكبر وأصبح فتاة كبيرة وأزيل هذه الضفائر الصغيرة
وأرتدي ملابس كملابس الكبار ...؟
قد عاشت منى كأي فتاة صغيرة لا تعرف سوى اللعب والضحك
تنظر للدنيا بابتسامة بريئة كبراءة وجهها الصغير
مرت السنوات تتلوها سنوات لتتحقق أمنية منى وكبرت وأصبحت فتاة كبيرة فاتنة .. تفيض بالأنوثة
تجذب كل من يراها أو يتحدث معها ..
ويأتي صباح يوم جديد كله تفاؤل وفرحة على منزل منى
لتذهب إلى فراش جدها لتقبله وتجلس بجانبه قبل أن تستعد للذهاب للجامعة
فقد تركت السنوات آثارها على وجهه هالات وتجاعيد الشيخوخة
ولكن الضحكة ما زالت لا تفارق وجهه ...
تتقدم منى بجانبه وتقبله في لهفة قائلة له : صباح الخير يا جدي
فيحتضنها جدها بكل اشتياق قائلا لها : صباح جميل كوجهكِ يا منى
فتضحك منى وتمسك بيد جدها وتقبلها قائلة له :
لن يتبقى على موعد المحاضرة الأولى سوى بضع دقائق يا جدي
الآن سأذهب للجامعة ولنا موعد لتحكي لي حكاياتك المعتادة
فضحك الجد بصوت عال قائلا : أما زلتِ تتذكرين يا منى ؟
فتضحك منى قائلة : ولن أنسى أبدا يا جدي
سلاما حتى أعود
هاهي منى التي كانت تحلم بالحرية والفرار من أسر الضفائر الصغيرة
عاشت حياتها الجامعية كأي فتاة
تعرفت على شاب زميل لها أحبته وتمنت أن يكون شريكا لحياتها المقبلة
رسمت عليه آمالها وأحلامها
بثها كلمات معسولة لم تتعود على سماعها إلا أثناء متابعتها لبعض الأفلام الرومانسية
امتلأ قلبها بالسعادة وازداد الشوق بقلبها للقائه من جديد ..
لن تعلم يوماً بأن وراء هذه الكلمات إنسان أخر لا يعرف معنى الحب الحقيقي
ولا يعرف ما هو معنى الإخلاص ...
شاب غرفته ممتلئة بصور المطبوعات الملونة لنساء فاتنات يرتدن أزياء باهرة
ومنى ما زالت في حلمها تحلم بيوم ترتدي فيه الفستان الأبيض بأزراره اللامعة وحزامه العريض
فمتى ستفوق منى من غلفتها وتعلم بأن الدنيا اختلفت كثيرا عما كانت وهي صغيرة
متى ستغير منى نظرتها للحياة ؟؟
وتأتي لحظة تجلس فيها منى أمام والدتها وهي تفرد أمتار النسيج الوردي ثم تطويها
غير مبالية بملاحظة منى لها
في تلك اللحظة تحلم منى بأنها ترتدي فستان من نفس نوع النسيج الوردي
وبالوسط حزام رفيع والذيل واسعا يزدان الصدر بكرانيش صغيرة
تنعقد أطرافها في ربطة عند نهاية الرقبة
ينسدل على جسدها ويكشف جزءاً من كتفها
وفجأة تدخل عالم كله ورود ورياحين وهذا الشاب يقف في انتظارها
وبكل جرأة يقترب منها ويقبل يداها ويدعوها للرقص معه على أنغام رومانسية ساحرة
وفجأة تنهض على صوت والدتها تناديها قائلة :
ما بكِ يا منى سارحة ...لا تنصتين لي ولا لكلماتي
فترد منى قائلة لها : لا يا أمي سارحة بالاختبارات فقد اقترب موعدها
وتستأذن والدتها في أن تذهب لحجرتها لتكمل مذاكرتها
وتجلس منى كعادتها لتكمل رسم أحلامها الوردية
تتمنى أن يأتي الصباح سريعاً لترى هذا الشاب الذي سلب قلبها
وجعلها تشعر بقمة الحب .. ترى الدنيا جنة خضراء زاهية جمالها يسحر كل من ينظر لها أو يتأملها
وبالفعل تشرق شمس صباح جديد
لتذهب منى لجامعتها تتسارع دقات قلبها .. ويجف حلقها أحست أنها غير قادرة على التفكير
هكذا يحدث لها عندما تراه أمامها تتلعثم ماذا ستقول له ...
وبكل خجل تقترب منه ويقترب منها ليراها أمامه فتاة جميلة جذابة تفيض أنوثة
وكعادته يبثها من كلمات الغرام ما يجعل أي قلب فتاة يلين لتصبح هائمة به وبغرامه
لاحظ خجل منى المستمر طلب منها كثيرا أن تغير من نفسها
وأن تتعامل معه كما تتعامل الأنثى مع الرجل الذي تحبه
فشل في اقناعها أن ترتدي الملابس التي تظهر مفاتنها وجمالها
وهاهي تأتي لحظة تقترب فيها مجموعة فتيات تعلو ضحكاتهم بدون حياء ..
لتأتي منهم واحدة لتقترب من الشاب قائلة له : لك عطر خاص أعرفك منه
فيضحك الشاب بكل سخرية قائلا : الكل يعرفني من عطري
ومنى ما زالت تشاهد ما يحدث وهي بقمة الحزن والألم ...
ما هذا الذي تراه ... ما هذا الذي يفعله هذا الشاب مع الفتيات دون حياء أو خجل ...؟!!
حتى أنه لن يكتفي بالضحكات والمداعبات المستمرة للفتيات
بل احتضن واحدة منهم وبكل جرأة اصطحبها بعيداً عنهم
منى لن تستطيع تحمل المنظر فعبرت عنه بدمعة حزينة سقطت من عيناها
أهذا هو الشاب الذي كلما رآها أقسم لها بأنه لن يرى فتاة في جمالها ...؟!!
وأنوثتها وسحرها ...!!!
أهذا هو الشاب الذي أعطته قلبها ..؟
ما رأته منى في ذلك اليوم قطرة في بحر مما رأته في ذاك اليوم
الذي اعتبرته منى يوم انتهاء حبها لهذا الشاب ..
مرت لحظاته عليها بكل حزن وألم
كانت المشاهد تدور أمامها وكأن قلبها تخترقه طلقاتٍ من الرصاص ليتحول في لحظة إلى أشلاء
في ذاك اليوم اتصلت بها احدى صديقاتها وطلبت منها أن تأتي حفلة عيد ميلادها
ولكن ما لا تعلمه منى ولن تتوقعه بأن ترى هذا الشاب في الحفلة
يجلس مع احدى الفتيات يداعبها ويشرب معها الخمر بلا حياء
ظهر بصورته الحقيقية ... الصورة التي كان يخفيها عنها
الصورة التي جعلت منى تدرك للمرة الأولى بأنها ما عادت صغيرة ...
في لحظة واحدة أسقطت تجربة الحب الوحيدة التي عاشتها في حُب هذا الشاب المتهور
الذي لن يشعر بها ولا بحبها الطاهر البريء
لن يرى غير الفتيات والجري ورائهن لاشباع رغباته الدنيئة
لن يعرف معنى الإخلاص وكيف يوفي لقلب أحبه وأخلص له
فشلت منى في اختيار الإنسان الذي يستحق حبها ...
وافتقد هذا الشاب أسمى وأنبل مشاعر حب حقيقية يتمنى أي إنسان أن يفوز بها
قتل حب في عمر الزهور ورغم مرور الوقت لم يدخل رجل آخر في حياة منى
وهاهو أتى يوم أخر محمل بالأسى والحزن
يوم وفاة جدها ... وفاة وموت الابتسامة الوحيدة التي كانت تملأ حياتها
اقتربت منى لتنظر لوجهه وهو على فراش الموت
ما زال هادئ والابتسامة الوديعة تغلب عليه
اقتربت منه وقبلت جبهته ...
سافرت عيناها عبر السنين وهي تتأمل ملامحه
لتغلبها الدموع وتجري على خديها



#منال_صبري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منال صبري - دنيا بعين صغيرة