أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد حسنين الحسنية - الثورة ضرورة و ليست طاعون















المزيد.....

الثورة ضرورة و ليست طاعون


أحمد حسنين الحسنية

الحوار المتمدن-العدد: 1830 - 2007 / 2 / 18 - 09:12
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


يقرأ المرء بكل أسف لبعض المعارضين رأي مفاده أن على النظام الحاكم الحالي أن ينصاع لرأي المعارضة و يقوم بتعديل الدستور الحالي تبعا لرأيها، أو حتى كتابة دستور جديد، و إلا فإن الثورة، لا قدر الله، قد تندلع و يحدث ما لا يحمد عقباه.
كلمات أولئك المعارضين تحمل في ثناياه، ليس فقط تهديد النظام الحاكم من عواقب الرفض و المتمثلة في الثورة، و تخويفه بها، بل أيضا تحمل خوفهم هم أيضا من الثورة، مثلهم مثل النظام الحاكم، و إن إختلفت أسباب خوف كل طرف، فالنظام الحاكم من السهولة بمكان معرفة أسباب خوفه من أي تغيير فما بالك بثورة، أما أولئك المعارضين فإن كلماتهم تحمل لنا نوعيتهم، إنها النوعية المعارضة المحافظة، إنها نوعية الجبرتي المؤرخ الذي لعن في كتاباته التغيير الذي تم مع ثورة 1805 و الذي قلب العالم الذي أحبه رأسا على عقب، و أدخل مصر عصر الحداثة و التقدم العلمي و الإجتماعي. و مثلهم كمثل أولئك المعارضين المحافظين في 1919، و الذين تحلقوا حول أنفسهم بزعامة عدلي يكن في حزب الأحرار الدستوريين، من كبار الملاك و كبار رجال الأعمال و كبار المثقفين و كبار الموظفين، الخائفين من التغيير الجذري الإجتماعي و الإقتصادي، و الذين أرادوا أن يحصروا ثورة 1919 في مجرد المطالبة بالإستقلال عن بريطانيا، لا في الحراك الإجتماعي و تغيير وجه مصر إجتماعيا و ثقافيا، فقد خافوا من تغلب فكر الصاعدين من الطبقات المكافحة، الوسطى و البسيطة، على عالم السياسة و الثقافة و الإقتصاد.
إن كل من يتخوف من التغيير الجذري في مصر اليوم هو مثل أولئك المحافظين، إنهم جبرتية العصر الحالي أو العدليين كما أسماهم خصومهم بعد 1919.
أريد أن أسأل أولئك المعارضين المزيفين، أنصار الركود، المتخوفين من التغييرات الجذرية، هل بضع تعديلات في الدستور هي التي ستغير الوضع الحالي؟؟؟ هل كتابة دستور جديد هو الذي سيحد من سلطة الأسرة الحاكمة فعليا؟؟؟ و أشدد دائما على كلمة فعليا، فما أجمل النصوص على الورق لكن الواقع شيء أخر.
كما أريد أيضا أن أسأل قيادات الأقباط المسيحيين في مصر و خارجها، هل حذف المادة الثانية من الدستور هو الذي سيغير الأوضاع السيئة التي ترزحون تحتها؟ أم أن التغيير الفعلي هو في تغيير جذري يحدث في عقلية الشعب المصري بعد عقود من غسيله على يد فئات أتت بفكر دخيل على مجتمعنا؟ إنني أسألهم هل من يقوم بإحراق كنائسكم و مساكنكم و متاجركم، قرأ الدستور المصري من أساسه؟ إنه ربما لا يعلم حتى كيف يخط إسمه.
هل الشعب اللامبالي اليوم و المصاب بالإحباط كذلك، يعرف شيء، في معظمه عن المواد التي يطنطن بها القانونيين المعارضين؟ إنه أيضا في أغلبه لا يعرف في شيئا عن تلك المواد، لأنهم أغرقوا ثلثه في ظلام الأمية و البقية غارقة مع غيرها في ظلمات وضع إقتصادي بائس نعاني منه جميعا، تم إغراقنا فيه عمدا حتى لا نفيق.
إن جبرتيي العصر و عدلييه، يعيشون في أبراج عاجية، و إنفصلوا عن الواقع الشعبي، و يشهد على ذلك النتائج المخجلة في الإنتخابات البرلمانية الأخيرة، ففي كل الإنتخابات السابقة أكانت رئاسية أم برلمانية أم محلية أم نقابية لم يستطيعوا الوقوف أمام قوى التطرف و الفساد.
و للأسف فإنهم مستمرين في ذلك الإنفصال عن الواقع، فمناقشاتهم بيزنطية و حوارهم فوقي، و خوفهم من التغيير العميق الذي يمس جذور المجتمع عميق.
فيا من تدعون أنفسكم بالتنويريين، و يا من تقولون بأنكم مشاعل الإستنارة و الحرية و المساواة و العدالة، و لكنكم تتخوفون من قومة الشعب و هبته، و تطلبون متوسلين بضع طلبات عقيمة التأثير من النظام الحاكم، و تخوفونه من هبة شعبية تقلب عالمه و عالمكم، فالنظام الحاكم و لا شك يعلم بخوفكم من التغيير العميق، دعوني أسألكم: أليست مرحلة بناء مصر الحديثة التي بدأها محمد علي الكبير موضع فخركم لليوم؟ فهل جاء ذلك البناء الحداثي نتيجة تغير داخلي سلمي في البناء العفن القديم الذي بكاه الجبرتي و رثاه طويلا؟ هل كان التغيير في مصر وليد فكرة أحد أبناء المدرسة القديمة أي نتيجة فكرة أحد أمراء المماليك أو أحد مشايخ الأزهر أو أحد إقطاعيي الإلتزام؟ أم كان عبر ثورة شعبية جعلت المصريين يختارون حاكمهم لأول مرة في تاريخهم الحديث؟ و هل تمكن محمد علي الكبير من الشروع في البناء الجديد منذ أول يوم، أم إنه قام أولا بتحطيم اساس القديم المنخور، فإجتث الأمراء المماليك، ثم بعدهم الإقطاعيين من الملتزمين، ثم إستدار فقص أجنحة مشايخ الدرهم و الدينار، فحد من سلطة الأزهر على بقية الطوائف الدينية، و وضع يده على الأوقاف بعد أن رأى فساد مشايخ الأزهر و تكالبهم على الدنيا؟
إن درس 1805، و الذي أراه أعمق بكثير من درس 1919، يعلمنا أن التغيير لا يأتي أبدا من داخل الأنظمة القديمة المتحللة، بل بضربة قوية تأتي بدم جديد فوار نتيجة ثورة شعبية، و أن الدم الجديد لن يكتب له البقاء و النجاح دون أن يقوم أولا بإستئصال الدم القديم الفاسد الراكد، ليبدأ بعد ذلك في مرحلة البناء.
إن التغيير أستطيع أن أجمله في معادلة بسيطة:
ثورة تأتي بدم جديد – إستئصال النظام القديم من جذورة – الشروع في مرحلة البناء.
إنها معادلة بسيطة يسهل تطبيقها على أي نهضة لتثبت صدقها، فالنهضة الروسية على يد بطرس الأكبر الذي يعد أول حاكم في التاريخ يدخل بلاده قسرا العصر الحديث، كان هو الدم الجديد، رغم أنه من الأسرة الحاكمة و لكنه إختلف لأسباب تتعلق بنشأته، و لم ينجح بطرس الأكبر إلا بعد أن قام بإستئصال المعارضين من النظام القديم سواء من طبقة النبلاء أو في داخل الكنيسة الأرثوذكسية، و كان من أولئك المعارضين الذين إستأصلهم ولده الوحيد، ثم شرع بعد ذلك في إدخال روسيا و الشعب الروسي عالم الحداثة.
و الثورة الفرنسية، التي تنال إعجاب أي تنويري بمبادئها السامية، حرية إخاء مساواة، لم تكن إلا عملية إتيان بدماء جديدة و إقتلاع لأسس النظام السابق المتحجر، والشروع في بناء مواطن فرنسي جديد، و لقد كانت تلك العملية من القوة بدرجة إن قوى الرجعية الملكية لم تسطيع، برغم عودتها على حراب الإنجليز لعرشها، من إعادة المجتمع الفرنسي لما كان عليه قبل ثورته، لذلك لم تعمر الملكية البربونية الرجعية طويلا، و عاد الشعب الفرنسي ليطيح بها.
الثورة الفرنسية تعلمنا، إن الخطوات الثلاث للتغيير، عندما تكون قوية، فمن الصعوبة بمكان أن تعود العجلة للوراء، و حتى لو عادت فإنها تكون عودة وقتية ضد طبيعة المجتمع، لذلك ما يلبث المجتمع أن يفرض قوته فيتقدم للأمام مطيحا بتلك القوة التي تريد فرض إرادتها على إرادته، فالنصر النهائي للأقوى منهما، إنه النصر للمجتمع دائما.
فيا أيها التنويريين المصطنعين، و يا أيها المعارضين من الجالسين على وسائد مخملية، يا من تتخوفون من التغيير الحقيقي، دعوني أقول لكم إنكم رغم تخوفكم هذا من الثورة الشعبية، فإنكم تعيشون على زاد فكري خلفته لكم ثورات شعبية، إنكم تعيشون في مصر على زاد ثورة 1805 التي أهملتموها، و ثورة 1919، و بالطبع الثورة الفرنسية و الوحدة الإيطالية و ثورة سيمون بوليفار في أمريكا اللاتينية و تراث غاندي الثوري السلمي، فليست الثورة حصرا على العنف، و غير ذلك من ثورات التنوير و التحديث. الثورة ضرورة في أوضاع كالتي نعيشها، و ليست طاعون يجب تجنبه.
نقول لكم، نظروا و تناقشوا و ترجوا النظام الحاكم، أما نحن فسنعمل بناء على نظريتنا، سنعلم على إشعال ثورة شعبية سلمية تنويرية حداثية، سنعلم على إجتثاث النظام القديم، ثم على بناء مواطن مصري حديث و دولة مصرية حديثة، هذا هو تراثنا و هذه خطتنا، من أراد الإنضمام إلينا فلينضم، و من أراد البقاء مع مجموعة المعارضين المحافظين الذين يرتعدون من التغيير الحقيقي، و الذين كانت نتيجة معارضتهم، تقدم لقوى الظلام و الفساد، فليبقى، و لن نخاف من السير وحيدين، لإننا واثقين إن ذلك سيكون وقتيا، لأن الشعب المصري سيعرف من يريد حقا مصلحته الحقيقية و من يتاجر بها و يخاف من التغيير الحقيقي للأفضل.




#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نعم تحرري مدني، و لكن لا أحب أمريكا
- جبهة معارضة جديدة، و إلا فإنتظروا إتفاق مكة مصري
- المرسوم البيبرسي، أقدم قانون ساري للإضطهاد الديني
- حق القدم السعودي في مصر و الحرية الدينية المفقودة
- لماذا لم و لن يظهر محمد يونس مصري؟؟؟
- شرعية ثالثة، لا تعديلات دستورية
- تحاولوا أن تزرعوا عقدة ذنب إسلامية


المزيد.....




- -يعلم ما يقوله-.. إيلون ماسك يعلق على -تصريح قوي- لوزير خارج ...
- ما الذي سيحدث بعد حظر الولايات المتحدة تطبيق -تيك توك-؟
- السودان يطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن للبحث في -عدوان الإم ...
- -عار عليكم-.. بايدن يحضر عشاء مراسلي البيت الأبيض وسط احتجاج ...
- حماس تبحث مع فصائل فلسطينية مستجدات الحرب على غزة
- بيع ساعة جيب أغنى رجل في سفينة تايتانيك بمبلغ قياسي (صورة)
- ظاهرة غير مألوفة بعد المنخفض الجوي المطير تصدم مواطنا عمانيا ...
- بالصور.. رغد صدام حسين تبدأ نشر مذكرات والدها الخاصة في -الم ...
- -إصابة بشكل مباشر-.. -حزب الله- يعرض مشاهد من استهداف مقر قي ...
- واشنطن تعرب عن قلقها من إقرار قانون مكافحة البغاء والشذوذ ال ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد حسنين الحسنية - الثورة ضرورة و ليست طاعون