أطول فيلم بدائي في مغرب الحداثة

عمر علوي

الحوار المتمدن-العدد: 1835 - 2007 / 2 / 23 - 09:58
المحور: الادب والفن
    

في مغرب الحداثة اليوم، تتنفس الشوارع عقيدة الغابة، وحيثما تولي وجهك ترى الشوارع مترعة بأناس عراة يسترون عوراتهم بجلود الحيوانات، ويضعون على رؤوسهم أكاليل الورق وفي أيديهم العصي والعظام، وهم يتصايحون إذ لا لغة لهم نعرفها.
الأكيد أنك إذا أمعنت النظر خلت نفسك وقد قادتك خطاك خطأ وبمحض الصدفة إلى مكان تصوير لفيلم يحكي حكاية الإنسان البدائي القديم، إنسان الصراع والصيد، والطريدة هنا هي تلك التاء المربوطة التي توضع في وثائقنا الإدارية بين قوسين كما توضع أحلام وتطلعات شعب بكامله.
في مغرب الحداثة اليوم تتنفس عقيدة القتل، وحيثما تولي وجهك تداهمك من حيث لا تدري، ترسانة من الأسلحة التي تشهر في وجه كل امرأة، وإذا قدر لك أن تستمع إلى أحد هؤلاء وهو يعرض لك رقة عواطفه اتجاه تاء مربوطة إثر حكاية حب، فإنه لا يتورع عن أن يرشقك بكلمات تجد الرقابة نفسها مضطرة لحذفها ، فتلك المرأة التي قاسمته الوسادة والسرير، وعانقت معه رغيف اللذة وشهد اللقاء، يعرض للآخرين فتوحاته متباهيا: لقد طحنتها، زلعتها ...علما أني ذكرت أخف أسلحته رأفة بمشاعر القراء المتحضرين.
في كل لقاء أو صلاة (بلغتنا) وفي كل معركة أو نزال ( بلغتهم) يحلوا لهؤلاء المقاتلين، أن يحولوا جسد المرأة إلى مسرح عمليات عسكرية.
هؤلاء المقاتلون يمتحون معجمهم من بين سكاكين الجزارين. والمرأة بلغتهم هي أرطال من اللحم أو بتعبيرهم ( طرف).وفي أحسن الأحوال يستنجدون بأسواق الخضر أو بحديقة الحيوانات ليعبروا عن رغبتهم في الصيد، وهو ما أهملته مديرية المياه والغابات التي توزع الرخص على الصيادين والقناصة، متجاهلة هذه الشريحة العريضة من الصيادين، الذين يملؤون الساحات والشوارع ويخاصرون الدروب وأعمدة الكهرباء، ناصبين شباكهم لتاءات أو لأرطال لحم أو لكيس قمح سيقدمونه لمطحنة السرير.
أليس هذا استثمارا عظيما يحسب في حسنات دولتنا الكريمة بدل الزيادة في الأسعار ونهب الصناديق ؟
أليست الدولة مدعوة إلى التفكير في شرطة لحماية الحداثة، حداثة تحترم هذا الكون المترع بالأسرار، الذي تختصره وثائقنا في تاء بائسة محاصرة؟
الجواب يعرفه المغاربة، فدولتنا المصونة مشغولة بحراسة المواطنين،فلا ضير من جعلهم ينصرفون عن مشاكستها بهذه الهواية النبيلة، هواية الصيد والرماية.في أفق الوصول إلى الاحتراف.

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل