أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حنان بديع يوسف - على هامش الحياة














المزيد.....

على هامش الحياة


حنان بديع يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1836 - 2007 / 2 / 24 - 12:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حدث أن تجرأ أسعد رجل في العالم مؤخرا وأخيرا على كشف سر السعادة بكل ثقة دون الحاجة إلى إصدار كتاب ضخم ينضم إلى مئات الكتب التي صدرت وتمت ترجمتها إلى لغات العالم البائس المهموم .
ورغم أنه ليس للسعادة قانون ولا منطق ولا ثمن، ورغم أن الحظ يبدو أحيانا " كدقيق فوق شوك نثروه.. ثم قالوا لحفاة يوم ريح اجمعوه ""
إلا أن الراهب البوذي ماثيو ريكارد يحيا سعيدا بل هو الأسعد على الإطلاق بعيدا عن مسألة الحظ والظروف بفضل نظريته التي تقوم على مهارة السيطرة على الذهن الذي هو مطواع .
إذن..
السعادة مهارة ذهنية ليس إلا لم نتعود على ممارستها وبناء عليه فان هذه السعادة التي نلهث خلفها دون جدوى بين أيدينا جميعا بدون استثناء، فقط يكفي أيها القارئ أن تستيقظ صباحا معافى لتكون أسعد من مليون شخص سيموتون في الأيام المقبلة وبالتالي عليك أن تقرر فقط أن تكون سعيدا!
في الحقيقة هي نظرية فريدة وناجعة والأجمل أنها تحت الطلب إذا تمكن الذهن من التغلب بالفعل على العوامل التي تسبب شعور الناس بالاكتئاب، فأن تتمرن على السعادة أمر يمكن إتقانه لكن الإبحار فوق أمواج المصائب والكوارث والمشاكل القادرة على كسر شراع أي مركب مهما بلغت مهارة قبطانه يبدو أشبه بالمستحيل خاصة مع أصحاب الحظوظ العاثرة فهل يمكن لهذا الذهن العبقري الذي هو سيد الموقف أن يسعد بالشوك ويترك أمر الدقيق المنثور في محاولة عبقرية للقبض على هذه السعادة بأي ثمن.
وهل يبدو الأمر مقنعا ؟
هو كذلك إذا استشهدنا بتجارب كثيرة أجراها علماء النفس والتي تدل على الدور الخطير الذي تلعبه الهيمنة على العقل البشري.
ومنها تجربة غريبة من نوعها أجريت على سجين في الهند كلن قد حكم عليه بالإعدام شنقا ، حيث أقنع العالم السجين بالموافقة على قتله بطريقة أقل ألما من الشنق وذلك عن طريق سحب دمه حتى آخر نقطه فيه ثم مدده على سريره بعد أن قام بتعصيب عينيه وتظاهر بإحداث خدش صغير في ساقه كي يوهمه بأنه بدأ بسحب دمه ، علق العالم قربة ماء مثقوبة بإحدى قوائم السرير فبدأت القربة بالتنقيط وأخذ العالم يتحكم بتواتر قطراتها محاولا إقناع السجين بأنه على وشك أن يخسر دمه كله .
مات المريض عندما توقفت القربة عن التنقيط علما بأنه كان بصحة جيدة وبأنه لم يخسر في حقيقة الأمر قطرة دم واحدة !
فإذا كانت أكبر قوة تملكها الطبيعة تتمركز في العقل البشري وأكبر قوة يملكها الإنسان تتمركز في برمجته لهذه القوة ، فلم لا نبرمج عقولنا على الفرح والسعادة إذن ؟
في الواقع نحن لا نحتاج كتب تفسير أمر السعادة أو مفهومها العصي ولا إلى تمارين يومية على هذه الرياضة الروحية القاسية فيكفي أن نعي أن في الألم دافع أقوى للتمسك بالحياة ربما لأنها نقيض الفرح ثم تصبح السعادة قرارا نتخذه وليس ظرفا نعيشه هذا إذا ما كانت حياتنا ملكا لقراراتنا الحرة.
والشعراء خير مثال على هذه السعادة المازوشية فما الذي يستفز مشاعرنا ويقرص قريحتنا بل ويغرس الشوك في قلب أفئدتنا سوى الألم والحزن ،فالكاتب أو الفنان مبدع والمبدع إنسان متألم يصرخ بطريقته الخاصة ليس إلا.. ويبتدع سعادته من وهم الألم ..
السعادة بثوانيها الهاربة لذيذة بلا شك كطيف شهي سرعان ما نلتهمه ثم نتجشأ ونسترخي ونتدلع طالبين نظريات جديدة تفسر لنا هروب هذه السعادة التي تبخرت بلقمة واحدة .
نعم نحتاج إلى بعض الألم لا لنبقى سعداء لكن لنبقى على قيد الحياة بشهية مفتوحة للانقضاض على أية رائحة توحي بوليمة سعيدة.
وهي نظرية يحتاجها أولئك الذين يعيشون على هامش هذا الألم..
وهامش السعادة..
بل وهامش الحياة.

حنان بديع
[email protected]









الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- هل تعتقد أن بوتين يريد السلام مع أوكرانيا؟.. ترامب يجيب لـCN ...
- لندن وبروكسل توقعان اتفاقية دفاعية
- صحيفة: القادة الأوروبيون استغربوا عدم رغبة ترامب في فرض عقوب ...
- اتفاقيات ثنائية تشهدها قمة بريطانية أوروبية هي الأولى بعد -ب ...
- من باريس إلى ستوكهولم ـ حزب -البديل- وأشقاؤه في أوروبا
- ترامب: روسيا وأوكرانيا ستبدآن محادثات وقف إطلاق النار -فورا- ...
- -مصر أم قطر؟-.. مشروع قانون في إسرائيل لحظر وساطة دولة عربية ...
- ضجة في الجزائر وفتح تحقيق عاجل بسبب سؤال عن -قيام إسرائيل-
- اتصال بوتين وترامب.. تمهيد لحل بأوكرانيا
- أسباب جفاف الشفاه


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حنان بديع يوسف - على هامش الحياة