أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فؤاد بلحسن الخميسي - قول في الحداثة















المزيد.....

قول في الحداثة


فؤاد بلحسن الخميسي
كاتب وباحث

(Belahcen Fouad)


الحوار المتمدن-العدد: 1825 - 2007 / 2 / 13 - 06:46
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



لا بد لبحث مفهوم الحداثة من تحديد اٍلى ماذا نشير عندما نتحدث أو نناقش هذا المفهوم ، هل اٍلى الحداثة بوصفها حقيقة تاريخية حضارية- مادية("عمرانية" بحسب تعبير ابن خلدون ) أم بوصفها حقيقة تاريخية ثقافية (نظرية) أم اٍليهما معا؛أي بوصفها حقيقة تاريخية وجودية تتضمن الثقافي و الحضاري.
لماذا هذا التمييز؟
لأنه عندما نقصد الحديث عن الحداثة كمعطى ثقافي فاٍننا نستحضر في أذهاننا الخصائص التالية:
- الإتكاء على قدرات العلم و العقل الاٍنساني بهدف مقاربة القضايا الاٍجتماعية.
- التأكيد على مفاهيم معينة من قبيل التقدم ، و الطبيعة ، و التجربة المباشرة.
- أصالة الاٍنسان، وبالتالي أنسنة المجتمع و القطع مع الميتافيزيقا (أنسنة الطبيعة)؛ أو بمعنى آخر نزع الروح الدينية عن العالم .
- الإتكال بشكل أساسي على المنهج التجريبي و الحسي قبال المنهج القياسي و الفلسفي ، فالحداثة هنا تمثل" الوضعية" البنية المنهجية لديناميتها.
بينما عندما نقصد الحداثة كمعطى حضاري فاٍننا نستحضر الخصائص التالية:
- في المجال السياسي ، كان هناك الدفاع عن الحقوق الطبيعية الاٍنسانية بواسطة حكومة القانون و نظام الحيلولة دون الاٍنحراف نحوالاٍستبداد- عن طريق منح السلطة للشعب، والديمقراطية ، و شرعنة التعدد الفكري و السياسي.
ولما كانت الحداثة وليدة تاريخ ما بعد سلطة الكنيسة- أو هي ذاك التاريخ- تكون العلمانية ، باعتبارها أهم إفرازات هذا التاريخ، واحدة من أهم خصائص الحداثة كمعطى حضاري. من هذه الزاوية ، الدين اٍن كان له وجود فلابد من أن يكون مرجعه أمرا شخصيا- مؤطرا في اٍطار العبادات و الأحكام الفردية - لا حاجة اجتماعية.
- في مجال الاٍجتماع ، تم الاٍعلان عن ولادة المجتمع الصناعي على أنقاض المجتمع الاٍقطاعي .
بهذا التمييز نكون قد ابتعدنا عن القراءات الاختزالية التي كثيرا ما عرفت الحداثة بالعقلانية – و كأن خارجها يفتقر اٍلى التعقل – أو بالفردانية – رغم أن هذه الأخيرة مجرد مبدأ من مبادئ التطبيق على حد تعبير الفيلسوف طه عبد الرحمان - أو بالديمقراطية- وهي ليست إلا مطلبا أساسيا من مطالب الحداثة- أو بالعلمانية- رغم أنها لا تمثل سوى خاصية من خصائصها الواقعية - أو بالقطع مع الثرات - و كأن الحداثة ولدت من العدم وهي التي نزعت نزعة سلفية بامتياز بالنسبة للثرات اليوناني في عملية وصال حميمية- وغيرها من التعريفات.
بعد هذا التمييز ، يأتي السؤال عن علاقة التحديث بالحداثة.
لا شك أن التحديث يمثل مطلبا و حاجة دائمتين لكل الكيانات الثقافية المتخلفة؛ وعلى طول التاريخ؛ على اعتبار أنه المدخل الوحيد للتواجد الكريم في أي عصر. و اٍذا كانت الحداثة الثقافية تحديثا على مستوى النظر بلحاظ الفكر القروسطوي ، و الحداثة الحضارية تحديثا على مستوى الواقع نسبة اٍلى المجتمع الاٍقطاعي في أبعاده السياسية و الاٍقتصادية و الاٍجتماعية؛هل يصح القول أن مرحلة ما بعد الحداثة تمثل تحديثا ما بعد حداثي؟
ما دامت السماوات و الأرض ، من يضمن استمرار عصر الحداثة اٍلى ما لانهاية؟ سؤال يطرحه – و عن حق- كل من يريد أن يقول كلمته في استقلال عن اختيار الحداثة. هو سؤال "الثرات و الحداثة و التحديث".
اٍلى أي مدى يجب أن يأخدنا هذا السؤال الأخير. ما لا يمكن اٍغفاله هو أن الحداثة الحضارية- اليوم - هي سيدة الارض. و قديما قيل لا يمكنك أن تكون في مستوى خصمك أو أن تكون في مستوى أعلى منه إلا إذا ملكت قدْر ما لديه او أكثر من ذلك . هنا قد لا نجانب الصواب اٍذا قلنا لا مجال لمن يسعى اٍلى قول كلمته الحرة و تأصيل فعله الحضاري إلا أن يقتبس من الحداثة- كما فعلت هي مع غيرها من قبل. فليست الحداثة ملكا خاصا أو مجالا منغلقا على نفسه ، و اٍنما هي نفسها تراثا مشتركا و مجالا مفتوحا- يقبل الأخذ و الرد؛ و الإقباس و الاٍقتباس. و تبدو قولة أحد المفكرين العرب و المسلمين في هذا الصدد سديدة- و إن بدت من غريب الكلم - جاء فيها "بدون الحداثة يستحيل العرب أعرابا والمسلمين كفارا".
فالموقف السلبي من الحداثة لن يمضي بعيدا ولن يكون ذو أثر كبير إذا انبنى على النقد الأخلاقي لها فحسب - و إن كان هو من أول الأولويات - ما دامت الحداثة لا تتنصل عن الأخلاقية كلية من جانب ، و ما دامت الحداثة هي التعبير الآخر عن حضارة العصر، أي موقع القوة و السلطة من جانب ثاني. فسؤال الأخلاق في تداول الحداثة يتعين ان لا يأخذ أكثر مما يستحق ، فما كانت للحداثة الحضارية أن تقوم لها قائمة بعيدا عن الأخلاق .
بيد أن هذا لا يحجب حقيقة أن العولمة باتت تطرح هذا السؤال بقوة في ظل اجتياح قيم السوق . فاٍعلان استقلال" الدولة" بمعنويات (أخلاقيات) خاصة – متميزة عن تلك التي يعتنقها الأفراد- من قبل ماكيافيلي مثـّل إعـلانا مبكرا باستقلالات مبكرة ستجد لها موعدا مع التاريخ لاحقا . و بالفعل ،ها نحن أمام استقلال جديد من هذا النوع: معنويات السوق .
سؤال أخير: الى أي حد الطريق اٍلى الحداثة أو اٍلى ما بعدها يمر عبر بوابة الغرب؟
لنسمع ما يقوله درس فلسفة التاريخ في هذا المقام :
أما الحداثة – ثقافية كانت أم حضارية- فلا شك أن السعي اٍلى تمثلها في مجال تداولي لكيان ثقافي أو حضاري غير الذي نشأت فيه يمثل عملية استنساخ لن يكون مصيرها بأحسن من مصير النعجة " دُولي". فلا أعتقد أن التاريخ سيختار يوما أن يعود بنفسه اٍلى الوراء. لن يفلح في هذا المسعى لا السلفوي المتدين و لا الحداثوي المتعلمن، باعتبار أن كليهما يمثلان حالة رجعية بامتياز. فالأول يسعى جاهدا اٍلى العودة الى الخلف حيث حضارته التاريخية مستدبرا لتحديات الحداثة، و الثاني يسعى اٍٍلى الاٍحتضار داخل الحداثة معتقدا أنه يحتضنها أو يعض عليها، ضاربا بعرض الحائط خصوصيات مجتمعه. إذ لم يطلعنا التاريخ ، القديم و الحديث ، و إلى اليوم على تطابق مسارين- و بالأحرى أكثر- من مسارات التحديث (سواء في مجال الثقافة أو الحضارة)، و إنما هو يشهد بتواصل بينها تارة لفائدة هذا و تارة لفائدة ذاك.
و أما ما بعد الحداثة فهي بالتأكيد المرحلة التي ستأتي حتما حينما تصبح الحداثة تلي أفعال الماضي في تركيبة الجُمل . مرحلة ستقوم على أكتاف النهضوي - إسلاميا كان أم اشتراكيا أم قوميا - لا الغوغائي من هذا الفريق أو ذاك اللذان يمثلان طَرفَا التطرف بعيدا عن توسّط الحكمة .



#فؤاد_بلحسن_الخميسي (هاشتاغ)       Belahcen_Fouad#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الناس يرتدون قمصان النوم في كل مكان ما عدا السرير!
- ترامب عن ملفات جيفري إبستين: لا أريد إصابة أشخاص غير مذنبين ...
- أنقاض رومانية اعتُقد أنّها لكنيسة قديمة.. لكنّ الأدلّة تروي ...
- فيديو لمطاردة جنونية لرجل يقود شاحنة قمامة في شوارع مدينة أم ...
- ترامب يقيل مفوضة مكتب إحصاءات العمل بعد تراجع توقعات نمو الو ...
- مأساة في الساحل الشرقي للولايات المتحدة: فيضانات مفاجئة تودي ...
- ما هي اتفاقية خور عبد الله التي تلقي بظلالها على العلاقات ال ...
- من يقف وراء التخريب في شبكة السكك الحديدية الألمانية؟
- كابوس يلاحق المسلمين في بريطانيا.. ما الذي يجري؟
- حاكم إقليم دارفور يحذر من خطر تقسيم السودان


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فؤاد بلحسن الخميسي - قول في الحداثة