أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - بشار مرشد - الصداقة النادرة .. في زمن المصالح العابرة














المزيد.....

الصداقة النادرة .. في زمن المصالح العابرة


بشار مرشد

الحوار المتمدن-العدد: 8446 - 2025 / 8 / 26 - 14:50
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ب.م

#المقدمة:
الصداقة الحقيقية ليست مجرّد كلمة عابرة، بل هي كنز نادر أشبه بعنصر مشعّ يضيء الحياة. قد يمرّ الإنسان بعشرات المعارف، لكن الأصدقاء الحقيقيين قلائل، يظهرون في المواقف الصعبة قبل الأفراح، ويفهمونك من أول إشارة دون شرح مطوّل. إنهم يختلقون لك العذر عن الخطأ قبل أن تعاتب نفسك، ويجعلونك تشعر وكأن الأرواح تتناجى وتتخاطب بصدق لا يُترجمه الكلام. في اللغة العربية، تم التفريق بين درجات الصداقة؛ فالصاحب هو من يرافقك في الحياة اليومية، والصديق هو من يصدقك القول والمشاعر، أما الخليل فهو من تغلغل حبه في قلبك ووصل إلى أعمق أسراره. هذه الصداقة تمنح شعورًا بالانتماء والحماية والطمأنينة، وتتجاوز حدود المصلحة لتغدو رابطة روحية. ولهذا فهي من أثمن ما يمكن أن يهبه القدر، وواحدة من أندر التجارب الإنسانية التي تعطي للحياة معناها الأعمق.

#الأساس الغريزي والرابط الأخوي:
الصداقة الحقيقية تنشأ أحيانًا من شعور داخلي فطري، شعور بالارتباط والراحة النفسية مع شخص ما، كأن روحك تتعرف على روح أخرى من أول لقاء. ومع مرور الوقت، يتحول هذا الانجذاب الطبيعي إلى رابط أخوي متين؛ حيث يتعلم الصديقان فهم احتياجات بعضهما، ودعم بعضهما في اللحظات الصعبة.
إن هذا الرابط الأخوي يجعل الصداقة الحقيقية نادرة ومميزة، فهي تحتاج إلى الوفاء والتفهم والتسامح لتستمر وتزدهر، فتتحول من لقاء عابر إلى منارة هادئة تضيء حياة من يشاركك هذا الانسجام الأخوي.

#البعد الفكري والقيمي للصداقة:
إلى جانب الرابط الأخوي والانسجام الداخلي، تلعب المشاركة الفكرية والقيم المشتركة دورًا جوهريًا في استمرار الصداقة الحقيقية. فالأصدقاء الذين يشتركون في الاهتمامات أو المبادئ أو رؤى الحياة، يجدون أرضية صلبة للحوار والنقاش البنّاء.
الصداقة الحقيقية ليست مجرد توافق في الآراء، بل هي أيضًا احترام الاختلافات وتقدير وجهات النظر المختلفة دون أن تهتز الثقة أو المودة. وهنا يظهر البعد القيمي؛ فالصدق، والوفاء، والدعم المتبادل، والاحترام، تصبح هي القيم المشتركة التي تحمي الرابط وتمنحه القوة والثبات. بهذا المزج بين الانسجام الداخلي والمشاركة الفكرية، تتحول الصداقة إلى رابطة متكاملة تُضيء دروبًا من الفهم المتبادل والطمأنينة.

#اختبار الصديق الحقيقي في المواقف الصعبة:
الصداقة الحقيقية تُختبر عندما تواجه الحياة صعوبات، فاللحظات السهلة لا تكشف حقيقة الروابط. يظهر الصديق الحقيقي في الأوقات التي تحتاج فيها إلى الدعم، من يستمع بصبر دون حكم، ويقف بجانبك دون انتظار مقابل.
المواقف الصعبة تكشف معادن الناس؛ فالصديق الوفي يظل حاضرًا، يُساندك في اتخاذ القرارات، ويشاركك تحمل المسؤولية أو الألم. أما من يختفي أو يهرب في اللحظات الحاسمة، فهذه تصرفات تكشف أن الرابط لم يكن قائمًا على الوفاء أو الثقة، بل كان مؤقتًا أو قائمًا على المصالح العابرة. إن القدرة على الصمود معًا أمام التحديات، ومشاركة الأعباء دون ضجر أو شروط، تمنح الصداقة عمقًا لا يمكن أن يصل إليه أي رابط قائم على المصلحة.
المقارنة بين الصداقة الحقيقية وصداقات المصلحة:
*تقوم الصداقة الحقيقية على الانسجام الروحي، والرابط الأخوي، والوفاء المتبادل.
*الثقة والوفاء هما الأساس.
*الصديق يظل حاضرًا في الشدة قبل الرخاء.
*النقاش والاختلاف لا يهزان الرابط، بل يعمّقان الفهم المتبادل.

أما في صداقات المصلحة، فغالبًا ما تنبني على احتياجات ظرفية أو مصالح مشتركة مؤقتة.
*يظهر الصديق فقط عند الحاجة أو المنفعة المباشرة.
*في اللحظات الحرجة، قد يهرب أو *ينسحب تاركًا الآخر لمواجهة مصاعبه بمفرده.
*الروابط تتلاشى عند تغيّر الظروف، وقد تتحول هذه العلاقات المزيفة أحيانًا إلى منافس أو حتى عدو إذا تعارضت المصالح.

هذه المقارنة توضح لماذا الصداقة الحقيقية نادرة وقيمة؛ لأنها لا تقوم على الظروف العابرة، بل على أسس راسخة من الاحترام والدعم المتبادل.

#الخاتمة:
الصداقة الحقيقية كنز نادر، تتشكل من مزيج متوازن من الانسجام الروحي والرابط الأخوي والتقارب الفكري. هي رابطة تُختبر في المواقف الصعبة، ويظهر معدنها حين يثبت الصديق وقوفه إلى جانبك دون انتظار مقابل، بينما تصطدم صداقات المصلحة بزوال الظروف.
إن قيمة الصداقة الحقيقية لا تُقاس بالكم، بل بالعمق والثبات، فهي تمنح الإنسان شعورًا بالأمان والقبول، ومعنى أعمق للحياة. ولذا، يظل العثور على صديق حقيقي تجربة نادرة وثمينة، تستحق الرعاية والوفاء، لأنها إحدى التجارب الإنسانية التي تضيف للحياة إشراقًا وطمأنينة لا تضاهى.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العالم الرقمي.. تواصل وحوار أم تهجّم وصراع؟
- الاستقلال والسيادة الحقيقية... هل تُبنى أم تُعطى؟


المزيد.....




- -مفيش زي الأم يا جدعان-.. آسر ياسين يشارك توضيحًا من والدته ...
- مفاوضات السلام في أوكرانيا: هل تحجب واشنطن معلومات استخبارات ...
- الأردن: استدعاء نائب من حزب جبهة العمل الإسلامي بتهمة -تلقي ...
- قرار قضائي في اليونان يُجمّد ترحيل أربعة سودانيين رغم قانون ...
- هكذا يتهافت أطفال غزة على طرودٍ تنزل من السماء قد تسدّ رمق ب ...
- إيران تتوعد بالرد على طرد سفيرها من أستراليا.. وعراقجي: -ألب ...
- فرنسا على صفيح ساخن: تصويت بحجب الثقة يهدد حكومة بايرو ويزيد ...
- معادن الكونغو ومنطقة الساحل تسيل لعاب ترامب والصين
- الجيش الإسرائيلي يؤكد أنه استهدف كاميرا لحماس في غارتين قتلت ...
- غضب عارم في وسائل التواصل بعد وصف براك تعامل الصحفيين اللبنا ...


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - بشار مرشد - الصداقة النادرة .. في زمن المصالح العابرة