أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عوف بامجلي - صورة الزعيم














المزيد.....

صورة الزعيم


عوف بامجلي

الحوار المتمدن-العدد: 1825 - 2007 / 2 / 13 - 06:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



وميزة أخرى حباها الله عز وجل لزعمائنا واستطاعوا أن يتميزوا بها ويحصدوا ودَ شعوبهم ويحققوا بها الغلبة على أعدائهم وإن سألت عنها في آسرة النواظر وفاتنة المناظر إنها صورة الزعيم القائد الرمز المناضل الوحيد الأوحد ولن يرقى لمثله أحد... ففي جولة بسيطة على الدول العربية تجدها مقسمة على قسمين، القسم الأول دول محتلة يملأها جنود الاحتلال أو من ينوبهم والقسم الثاني دول تملأها صور الزعيم... كل زعيم بحسب استطاعته ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها... لقد عطف حكامنا على رعيتهم وسمحوا لهم بتدوال صورهم وتعليقها على الجدران... فهي إن كانت – أي الجدران- عتيقة فإن الصورة ستضفي عليها مسحة من الوقار وروحاً من عبق التاريخ.. وإن كانت جديدة فلا غنى لها عن صورة الزعيم لتبدوا مقبولة فهي ارقى لمسات الجمال وصيحات الفن... واستجابت الشعوب لآذان الصور فعلقوها على سياراتهم طرداً لعين الحاسدين... وفي محلاتهم حرزاً من اللصوص... وفي مكاتبهم إثباتاً للنزاهة والاستقامة... وعلى صدورهم رقيةً من الشيطان... وفي شركاتهم لرفع الإنتاج ... وفي ( ) لرائحة عطرة ... وفي السجون ذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع... وليست كل الشعوب بنفس المستوى في هذا الحظ الوافر بل إن بعضها أفضل من بعض طبقاً لما أنعم الله عليها من زعماء وذريات تماماً مثل نعمة النفط... فبينما هناك شعوب لا تجد إلا صورة زعيم واحد تجد شعوباً أخرى ترفع صورة زعيمها وأبو زعيمها وجده وإبنه... وأحيانا تتعدى القرابة المباشرة إلى العم أو أحد الأقارب الآخرين وربما في بعض الحالات ترفع صور الزعيم الراحل والزعيم الحالي بنفس الخط الأفقي وليس بينهما قرابة إلا قرابة الكرسي... وهذا النوع من الوفاء النادر نجده متجلياً في أبي مازنٍ محمود بن عباس نغبطه عليها ولا نحسده... ومن عجائب الصور هذه أنك لا تسأمها فمهما تكررت في اليوم والليلة وتعددت أساليبها من التلفزيون إلى الجرائد إلى الفوتوغرافية.... الخ فإنك لا تسأمها أبداً... إنها لا تبلى أبداً مهما تكررت على الناظر وكل يوم تراها جديدة وكلما ذبلت صورة (معاذ الله) تبدلت صورة غيرها.

كنت في زيارة إلى مدينة صنعاء.. وقد فتنت بجمال بيوتها وتناسق بناءها القديم، وتزامن تلك مع فترة انتخابات الرئيس وبصحبة مجموعة من الأوربيين والذين كانت الدهشة واضحة في وجوههم وكأنهم صدموا بهذا الجمال الأخاذ للمدينة..فقد قال أحدهم وكأننا عبرنا بآلة الزمن إلى ماض قديم... إلا أنهم أبدوا بعد ذلك تذمراً شديداً من بعض التصرفات التي وصفوها بأشنع الأوصاف لأنهم لم يتمكنوا من التقاط أي صورة تذكارية ولو لبيت واحد من بيوت صنعاء من دون أن تشوهه (حسب كلامهم) صورة الزعيم... وامتعض أحدهم قائلاً: لقد جعلوا هذه التحف النادرة كأنها مقالب قمامة (كلامهم أيضاً) فقلت في نفسي ولم أبدها لهم: موتوا بغيظكم ماذا سيستفيد اليمن من صوركم الرخيصة .. وانقلبوا خاسئين... إلا أني في الحقيقة ألتمس العذر لهم حيث أني لم أجد صوراً لزعيمهم وإلا كنت قد أسرعت في رفعها أيضاً على جدران البيوت التي يريدون التقاط الصور لها... وفي المقابل ترى الزائر العربي عندما يذهب في زيارة إلى أي مدينة غربية يقف مذهولاً أمام التقدم الحضاري والرقي التكنولوجي والتقدم في مختلف الجوانب ويسأل نفسه في ذهول.. كيف إستطاع هؤلاء تحقيق هذا التقدم برغم أنهم لا يرفعوا صور زعمائهم... إلا أن الملاحظ أن حياتهم خاوية ليس لها معنى وقد انتشرت بينهم الرذيلة بشكل فاحش... ولو علقوا صورة زعيمهم لاستقاموا على الطريقة حسب آراء بعض المجتهدين..

واعتقد جازما أن زعمائنا معترفين بالفضل لصاحب اختراع الكاميرا السيد القدير جورج استمان في عام 1888م والذي استطاع بحق أن يقدم للحكام والشعوب خدمة لا تقدر بثمن.. وتعتبر ضمن العلم الذي ينتفع به... ولذلك فعندما يذهب الزعيم ليكرم الجندي المجهول فهو في نيته أن يكرم هذا المخترع الفذ.. إلا أنه لا يريد إظهار ذلك للعامة لعدم تقديرهم لأهمية الموضوع... ولا يريد إظهار ذلك أيضاً للغرب خصوصاً أمريكا التي ينتمي إليها المخترع حتى لا يصابوا بالإعجاب بأنفسهم ...

وفي إحصائيات غير دقيقة صدرت مؤخراً تظهر فيها أن عدد الصور التي طبعت لزعيم عربي تساوي عدد حالات الإكتئاب المزمن في الصين وماليزيا... وأن جمع وتكويم صور زعيم آخر ستساوي أربعة أهرامات من قياس هرم خوفو... أو بارتفاع مركز التجارة الدولي قبل ضربه.

وفي الأخير أقترح قراءة القصة القصيرة التي بعنوان "صورة الزعيم " للدكتور أسد محمد برغم عدم تقديرها لقيمة الصورة إلا أنها جيدة من وجهة نظرٍ أدبية خالصة، وأقتطف هنا إجزاء منها فبعد أن التحق الطفل الصغير في الحضانة لأول يوم رجع إلى بيته مغموراً بالفرح: "يقلب وريقات كتاب حضانته ، عندما اقتربت منه أمه ، جثت على ركبتيها بجانبه ، وراحت تهجّي له الحروف بدافع إثارة انتباهه وتعليمه ، شرد وهو ينظر إلى لوحة غلاف الكتاب الداخلية ، ثم عبثت يداه بالدفتر الوحيد الذي سحبه من حقيبته ، طلبت منه أن يردد وراءها ، فتثاءب ، ثم كرر بعض الحروف بصوت خافت غير آبه لجهد أمه ، وفجأة سألها :
- ماما ، ماما ، لماذا هذه الصورة هنا ، ومكررة هنا بالقرب من الشمس ؟

أشار إلى صورة الغلاف ، وقارنها بالصورة التي ترافق الحروف التوضيحية في الصفحة التي تحاول شرح حروفها له .

لم تجبه ، وطلبت منه أن يردد ما تلفظه بدقة ، فكرر السؤال نفسه ، عندئذ اضطرت للجواب بصوت خافت " هذه صورة الزعيم " ، فسألها : - لماذا وضعوها بالقرب من الشمس الحارة مثل النار ؟ تلعثمت الأم ، همهمت ، ثم أرغمته على تكرار كلمة "ضابط" كمثال على حرف الضاد ... رمشت صغيرها الذي راح يلعب بقلم الرصاص غير مكترث لما تردد من حروف لم يستسغها" وبعد محاولات جاهدة من الأم لتصرف ابنها عن الشرود والتفكير بالصورة وعناده الشديد "نظرت الأم إلى صورة الزعيم بالقرب من صورة الشمس ، ثم رمقت وجه ابنها البريء مرتبكة ، ولديها خشية من سؤال أكيد قد يطرحه أمام المعلمة حول الصورة"

عوف أبو مجلي






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- شاهد كيف تدفقت مياه فيضانات إلى مقصورة مترو بنيويورك بعد أمط ...
- إسرائيل توسّع نفوذها في السويداء بدعوى-حماية الدروز-
- تقرير: تدمير الأراضي الرطبة يهدد العالم بخسائر تفوق 39 تريلي ...
- 5 أسئلة لفهم سبب الاشتباكات في السويداء
- الجزائر: البرلمان يناقش تعديل قانون مكافحة تبييض الأموال وتم ...
- شاهد.. أرسنال يخطف هدف الهلال السعودي ووست هام يضم موهبة سنغ ...
- 30 شهيدا في غزة وأزمة الوقود تهدد المستشفيات المتبقية
- كينيا تسهل تأشيرات الدخول لمعظم الدول الأفريقية والكاريبية
- كاميرا الجزيرة ترصد آثار اعتداءات المستوطنين على الممتلكات ا ...
- -ميتا- تطارد لصوص المحتوى في منصاتها


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عوف بامجلي - صورة الزعيم