وفاء البياري
الحوار المتمدن-العدد: 8410 - 2025 / 7 / 21 - 13:37
المحور:
الادب والفن
وفاء البياري:
رواية عين التينة كتبت بتفاصيل مشوقة ولغة جاذبة جمعت بين خيال الكاتب وحقائق ثابتة تاريخية وعلمية وجغرافية.. ارتكزت على سردية الحوار بين شخصية حنان التي تعيش خارج الوطن والسارد (صديق الجامعة سابقا) الذي يعيش داخله وما يجمع بينهما من ملامح الوطن المتمثلة بأجدادهم الذين عاشوا في (بيسان قبل النكبة).
ص1-19: التقاء حنان والسارد في رام الله بعد حصولها على فيزا هدفها الأول زيارة (بيسان) التي رأتها حنان بعيون جديها ووالديها من خلال حديثهم ووصفهم المتكرر لبيسان الجميلة حتى بات الوطن يسكن فيها وتسكن فيه روحيا دون أن تراه سابقا بأم عينيها.
ص 20-27: يبدأ الكاتب بسرد تفاصيل رحلة الحافلة التي بدأت من رام الله حتى بلوغها المقصد (بيسان) مستعرضا العديد من العوائق التي واجهوها خلال الرحلة كحواجز الاحتلال مثلا (حاجز قلنديا)، ووصفه لمشاهد الطبيعة الخلابة لبلادنا وذكره لأسماء العديد من القرى والمدن الفلسطينية خصوصا تلك المكتوبة على أعلى يافطات المحلات التجارية والعمارات في مدينة رام الله كتوثيق للمسميات " وكأنها مدينة كل المدن والقرى الفلسطينية".
ص28-46: عبر هذه الصفحات تطرق الكاتب إلى (فلسفة الحياة) من خلال التأمل ومحاكاة الطبيعة وكان ذلك من خلال شخصية (مها الراقصة) ابنة القدس التي ورثت عن والدها حركات (الرقص الصوفية) المستوحاة من جلال الدين الرومي.. " فالرقص طريقة لمحاكاة الطبيعة والابتعاد عن مشاغل الحياة" ص 28،. سلط الكاتب الضوء من خلال (الحوار بين حنان والسارد) على العديد من الأسئلة المثيرة المحفزة للتفكير على سبيل المثال ما يخص الملكية والكواشين والورثة الذين تضاعفت أعدادهم بعد الهجرة القسرية في حالة تحرر البلاد وعودة الأراضي لمالكيها.
ص47-64: حديث الكاتب عن عيون الماء في فلسطين، الذي اعتقد بنو إسرائيل أنها من معجزات موسى حتى تحولت ينابيع فلسطين لمزارات لأمثالهم.. رغم أن تفسيرات القرآن توضح أن العيون المقصودة هي في مصر شرق محافظة السويس " فعيونهم في الخارج ومن الخارج" ص61،. حديث الكاتب عن (جدلية عين التينة والدرباشية) وذلك من خلال الحوار الذي دار بين شخصية وحيد المرشد الجولاني السوري الأصل وبين السارد.. الأول يؤكد أنهما سوريتان حسب الموسوعة السورية والسارد يؤكد أنهما فلسطينيتان حسب الموسوعة الفلسطينية.
ص65-83: يأخذنا الكاتب بين سطور هذه الصفحات لذلك الوصف الممتع لعين التينة وبركتها الجميلة المحاطة بتنوع الأشجار مثل الكينيا والعليق والبوص والصفصاف والتين الذي سمي باسمها، وطيورها المحلقة وأجوائها الرائعة وطبيعتها الخلابة.. خصوصا إنها جزء من حفرة الإنهدام مما أكسبها وجود مياه غنية بالمعادن فتحولت إلى مشاف طبيعية.. وربما أطلق الكاتب اسم الرواية (عين التينة) بدل بيسان مثلا لكثرة أحداث وتفاصيل الرواية في هذا المكان والبركة.
ص84-90: أسهب الكاتب في حديثة عن جدلية (اللون الأزرق) الموجود في الطبيعة كلون السماء والبحر وبعض العصافير والفراشات والنباتات والضفادع وغيرها.. ليعود يؤكد أن كل ما ذكر ليس في الحقيقة بأزرق اللون.. مفسرا ذلك بإثباتات علمية ص86 طارحا بذلك العديد من الأسئلة المثيرة منها مثلا " هل الخطان الأزرقان يعنيان من الفرات إلى النيل؟ ربما يريد الكاتب أن يشير الى دلالة رمزية سياسية لهذا الشأن تعود إلى الاحتلال المقيت.
ص90-95: يشير الكاتب أيضا الى تلك الجماعات من الفتيان والفتيات (الزرق) الذين يتكلمون العبرية، ويهتفون بكلمات تشير إلى أن بلادنا ملك خاص لهم وحدهم، يجولون فيها كما يشاؤون ويمنعون أصحاب الحق من التجوال فيها (كما حدث في بركة عين التينة في الرواية وذاك الاشتباك الكلامي الذي حصل بين مجموعة الفتيان وركاب الحافلة الذي انتهى بقدوم الشرطة ومن ثم إجراء التحقيق التعسفي.
ص96-125: حديث الكاتب عن عائلة أل سريق وبيهم الذين باعوا سهل الحولة لشركة يهودية أيام الحكم العثماني، فكان لهذا الشأن أثر سلبي في سيطرة اليهود على اراضي وقرى السهل، وطرد سكانها منها في عهد الانتداب. توثيق أسماء العديد من قرى سهل الحولة من قبل الكاتب ص115 وقيام اليهود بتجفيف بحيرة الحولة بحجة القضاء على الملاريا.. فكانت النتيجة تجدد الديدان والحشرات وعودة الطيور المهاجرة ( وظهور ضفدع الحولة الفلسطيني).
ص126-143: تسليط الضوء على (قرية الغجر) ومحاولات العدو تقسيمها لتشتيت العائلات، تماما كما قسموا (باقه) وغيرها من القرى لشرقية وغربية.. وكذلك حديثه عن مواجهة المشروع الصهيوني في (الجولان المحتل) لإقامتهم (مزرعة المراوح) الطاردة لكل ما هو حي من بشر وطيور وزرع وتشويه كامل للطبيعة.
وأخيرا في (ص137) شعور حنان بفرحة عارمة عند دخول الحافلة أرض بيسان وإن شعرت بالبداية بذاك الاختلاف في ملامحها التي بدت غريبة عنا، ولا تشبهنا فيكفي تلك الرائحة المنعشة والمميزة لهواء بلادنا وجمال طبيعتها وغطاؤها النباتي، وما بقي فيها من بقايا حجارة سوداء لبيوت دمرها الاحتلال أيام النكبة.
نهاية الرواية كانت مفتوحة الأفق أمام القارئ.. اعتقد هنا أن الكاتب ربما يريد أن يؤكد على حتمية العودة من بلاد الشتات (خارج الوطن) إلى داخله ورجوع الحق إلى أصحابه الشرعيين مهما طال الزمن.. ليعود لم شمل العائلات الفلسطينية في حضن واحد وهو الوطن الأمّ فلسطين الخالدة.
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟