بيتى سالور
الحوار المتمدن-العدد: 1815 - 2007 / 2 / 3 - 11:25
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تعليق أو إضافة لموضوع وفاء سلطان والكلام الداشر
تحية للعقل المتنور للأستاذة وفاء سلطان، لو كانت المرأة بالعالم العربي بهذا الوعي من زمان لما وصل العرب إلى ما هم فيه من تخلف. لكن غياب دور المرأة و الإنسان المتنور عامة ليس فقط سببا للوضع بالعالم العربي، و إنما نتيجة لاعتماد التجهيل و التضليل كوسيلة للستغلال ُأولي الأمر العرب لرعيتهم. كان ممكنا للكباش في الدول العربية أن تكون ذات فائدة في مسار تقدم بلدانهم، لكن الرعاة يحتاجون إلى الإبقاء على شعوبهم في الجهل و الخوف لتسهيل استغلالهم.فثمة ذوات عليا لا يصح المس بها كما لا يصح التشكيك في السحر حتى لا يُؤدي المرء نفسه بالتشكيك في القرآن. يستحسن إذن أن نجهل و نسكت و نخاف و لا نأمن جانبا لبعضنا ولا للغير، ونبقى همجا فقراء غريبين عن الحضارة و التمدن، نبصق في الشارع، ونبول في الأماكن العمومية ونرفض الآخر و نسيئ إليه ما استطعنا و نغرق في عقد الذنب ونحن مُذنَب في حقنا وتمضي أعمارنا في انتظار انصلاح حالنا مع رفض التحليل و إعادة التفكير في أمورنا. لقد بلغ اختلاط الأمور على العفل العربي إلىدرجة لم يعد معها العرب يميزون أي فرد اجتماعي يريدونه: الخاضع، الخنوع، المتواكل، الصابر الذي لا يهدد استمرار سيادتهم، أم المجتهد المعقلِن المواكب المساير لركب الحداثة المنفتح على الغير..فالجاهل لا يستطيع تجاوزتخلفه فبالأحرى أن يحقق لبلده الاستقلال عن الغرب أو منافسته اقتصاديا أو حتى الاستغناء عنه، و المتحضر المتقف قد يقلب الأوضاع السياسية بالبلد، لذلك وجب أن يُسلطَ على الإثنين سلاح ذو أكثر من حد: سلاح الدين، قائلين للمتنور أن المسلم إرهابي و للكبش أن المتنور ملحد مستلب يتبع الشيطان. و هكذا تُعتمد سياسة التفرقة الكلاسيكية من أجل السيادة التي تنتهِج في كل سياق صيغة مختلفة في تضليل الناس عن الاتجاه الحقيقي للصراع الإجتماعي، ففي البيت يكون الميز بين الذكر و الأنثى باعتبار الذكر ممثل للله على الأرض و بذلك يجب أن ينتكس له رأس المرأة، زوجة أو أختا أو حتى أما على الدوام و بالتالي تُقصى النساء، أي نصف المجتمع من هذا الصراع، لا حاجة هنا للتعرض لأشكال هذا الإقصاء على مستوى الكتاب المدرسي ووسائل الإعلام وباقي الأجهزة الإيديولوجية للدولة، و خارج البيت نكون أمام سلطة الإدارة و الأمن و مصالح الدولة فنكون أمام آخر لا تجمعنا به نفس المصالح، و بالتالي، لا يُرجى أن نتعامل معه كالرفيق في البناء لمصلحة البلد. هذا الارتباك في نوع العقلية التي تلائم أولي أمرنا كان لا بد أن ينعكس على مقرراتنا المدرسية وسياستنا التعليمة، إذ تارة تُقصى مادة الفلسفة من الكليات للحد من إعمال الذهن وانطلاق الفكر التحليلي، و تارة تُبدل الجهود للحد من تمكن الطرف الديني مخافة سطو الأصوليين على الحكم بعد أن سخرت كل اساليب و أدوات التجهيل لتفريخ أدوات التكفير أوصياء على الدين بالبلد، فتعود الفلسفة إلى منابر الكليات من جديد لتدارك الخطر. و هذا المشهذ الفصامي يعم كل أوجه حياتنا، ففي العرس لدينا يلتقي تجويد القرآن بالأغاني البديئة ، و تفرج الأب السلطوي رفقة إبنته وولده على الرقص العاهر مع الخمر مع توزيع الدعوات إلى الله هنا و هناك بإسعاد العروسين و متناقضات و متناقضات لا تعد ولا تُحصى حتى ألِفنا أن نعيش بها كما يعايش المعوق إعاقته دون أن يحبها ورغم ذلك يضعُه موقعه في موقف الدفاع عن نفسه كمعاق. ألِفنا أن نسمع تجويد أو ترديئ القرآن بصوت مزعج مع أللايك تو موف إت موف إت ونحن نتسوق، ألفنا الذكور تتشدق بالاستحياء و الأخلاق و تسير في الشارع تنبح وراء النساء في منظر مقرف، ألفنا الأزواج ترأس الأسرة و تعيش على حساب الزوجات ونفقتهن بقوة العنف الجسدي و التحكم الأخلاقي و الديني، ألفنا مشاهدة الإخوة تأكل إرث الأخوات ويمارسون عليهن الوصاية في ذات الوقت، ألفنا الرجال يلوكون حقوق الإنسان على المنابر ويقتلون زوجاتهم يوميا ذلا و استغلالا وتفريطا، ألفنا أن نرى النساء المثقفات تتدمر فيما بينها من إجحاف الإسلام في حق المرأة، ويتغزلن في الإسلام في محاضراتهن و أشعارهن خوفا على أنفسهن. ألفنا الأولياء الصالحين أغنياء البلد يزرعون البلد صوامع ويسافرون لقضاء عطلاتهم و نهايات أسبوعهم ومتى شاؤوا في فنادق الأمريكان ينفقون الملايير من مال البلد في غير البلد ،في الخمر و الويسكي: فلهم الدنيا ولغيرهم الآخرة.. حال العرب هذا ليس فقط يُفترض معه أن يرد الغرب الكراهية للعرب بالمثل و إنما أن يقاطعوهم حتى ولو لم يلمسوا منهم أي رفض، ذلك فقط درءا لما يعج بهالعرب من جهل و عنف و أمراض نفسية وأوساخ. لو كان العرب يفكرون، لأدركوا أنه حتى بترولهم ليس سببا ليتحمل أي كان بغضهم وسوء معاملتهم، فهم أدرى أن الغرب قادر بكل المعاني أن يغزوهم ويركعهم دون أن يستجدي حبهم أو حسن معاملتهم، وإدراكهم لهذا الأمر هو ما يجعل القادة العرب يتزلفون لأمريكا كل بشكله، في حين أنه، في بلده، يعتبر نفسه خليفة الله في أرضه. صحيح أن التخلف آلة تعيد إنتاج أدوات إنتاج التخلف باستمرار
تحياتي للأستاذة وفاء سلطان
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟