من أجل أطفال أنفكو بخنيفرة ، فلندافع عن مجانية الصحة

وحيد عسري

الحوار المتمدن-العدد: 1812 - 2007 / 1 / 31 - 10:05
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    

شهدت الفترة الممتدة بين أواسط شهر دجنبر 2006 و بداية شهر يناير 2007 كارثة إنسانية بمنطقة أنفكو في جماعة أنمزي- تونفيت بخنيفرة، أمام أنظار القائمين على بلدنا. لقد تسببت موجة البرد القارس في إصابة العديد من الأطفال بأمراض مزمنة وإلى جانب انعدام بنية تحتية صحية ملائمة مات الأطفال. أقر فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالمدينة والسكان، وفاة 27 طفلا وفتاتين، إلى جانب إصابة مئات السكان بالتهابات رئوية حادة.في حين تنفي الدولة ذلك حيث تقدر عدد الوفيات بـ 11!!!! . السكان يصرون على أن الذين قضوا 29 في حين أن الدولة تنفي وتقول: فقط 11 ولنطوي هذا الموضوع !!!



إن ما وقع بمدشر أنفكو مثال على ما يقع بعشرات القرى المنسية: لاكهرباء و لا ماء ولا معيشة في المستوى. إن توفرت لهم الإمكانيات لنكروا هذا البلد ونزحوا إلى غيره كما فعل بعض سكان تالسينت شرق البلاد تعبيرا على البؤس الذي يعيشونه. هذا البلد الذي يدفع التعويضات الخيالية لخدامه، من جيوب جماهيره الفقيرة ، تعويضات عن السكن، التدفئة وعن التنقلات ... بالمختصر المفيد عن كل شيء يقومون به ،حتى الأكل والمشرب .



صحتنا بيعت ، وإذا أردت الصحة "خلص"





يصل عدد سكان قرية أنفكو إلى حوالي 1500 نسمة. تتشكل القرية من 250 أسرة يترواح عدد أفرادها من 5 و 6 أفراد . يبعد الدوار عن قيادة تانسفيت بحوالي 60 كيلومترا، معزول تماما لوعورة المسالك المميزة لهذا النوع من المناطق المميزة بالتساقط الكثيف للثلوج. إن درجة الحرارة تنخفض إلى 16 درجة تحت الصفر.إن الثلوج تعزل الساكنة عن العالم الخارجي لأزيد من 3 أشهر ممتدة (من نهاية شهر نوفمبر إلى بداية شهر مارس). للمنطقة إمكانيات غابوية، فالمنطقة ملئ بشجر الأرز التي تشرف على سرقته واقتلاعه لوبيات و مافيات أمام أعين السلطات المحلية أو بتواطؤ منها.

يعاني مدشر أنفكو من غياب أبسط التجهيزات الأساسية من طرق وكهرباء وقنوات مياه.يوجد بالدوار مستوصف صغير وهو مجرد بناية، يداوم به ممرض .المستوصف تنعدم فيه وسائل العمل الضرورية. لقد كتبت صحيفة مؤخرا(لوماتان الصحراء المغرب العربي) في افتتاحية لها تحت عنوان "أطفال ملقحون وأصحاء"، وكما عبرعن ذلك عدد من مسؤولي صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (يونيسيف)، أن المغرب يعد من بين الدول الأوائل التي كسبت رهان تعميم التلقيح على أطفاله، حيث بلغت نسبة الأطفال المستفيدين من عمليات التلقيح أزيد من95 بالمائة.

لا يكفي التلقيح للوقاية من الأمراض. إن السبب المباشر في الإصابة بالأمراض هو تلوث المياه و سوء التغذية. حيث تشير نفس الإحصائيات الرسمية أن 70 % من الأمراض لها علاقة مباشرة بهاذين العاملين.وقد أشارت الساكنة إلى هذا الأمر: سوء التغذية و البنية التحتية الصحية، في حين أن الدولة تحاول خداعهم بالقول إنه البرد القارس. لكن يستحيل على الغربال إخفاء الشمس، لقد كان رد الساكنة ختاما لكل نقاش: لقد ألفنا البرد القارس وعشنا فيه لزمن طويل.ليس للمغرب نظام صحي في المستوى فقد أشار تقرير منظمات الأمم المتحدة الخاصة بالصحة : نقص هائل في المعدات والأدوية،عدد الأسرة في البنيات العمومية لا يتجاوز 29 لكل 100.000 شخص .طبيب واحد لكل 2579 لكل شخص ومقابل طبيب لكل 1000 بالجزائر القريبة منا.زد على هذا 5% من أطفال المغرب يموتون قبل بلوغ خمس سنوات.

لم يكن الأطفال الذين ماتوا بحاجة سوى إلى معاينة طبية صحية و بعض الأدوية الرخيصة لا غير، بالإظافة إلى الأغطية اللازمة لاتقاء برودة الجو بمنطقتهم. إن المنطق الرأسمالي الموجه للسياسة الصحية بالمغرب الرامي إلى تحويل الحصول على الاستشفاء إلى سلعة لها ثمنها، عبر خفض الميزانيات الموجهة للقطاع و خفض العاملين به ، من أجل هدف واحد هو تشجيع ولوج القطاع الخاص ومنطق الأداء مقابل على الحصول على الخدمة .لقد كان مرسوم 1999 الخاص بالأداء في المستشفيات بداية مسلسل هجوم الدولة على صحتنا و إنضافت غارة أخرى عندما بدأت الدولة تطبيق مدونة التغطية الصحية لضرب التمويل السابق للصحة المرتكز على الميزانية ( كانت الدولة تتحمل الجزء الأكبر منه).



التنمية بقرار من القلة هو تنمية الوهم



قال مسؤولون:

وزير الصحة : ضرورة فك العزلة عن هذه المناطق، كغيرها من المناطق الأخرى، أكد أنه سيتم اتخاذ جملة من الإجراءات لبناء مستوصف قروي بالمنطقة إذا أظهرت الدراسة الوبائية الحاجة إلى ذلك.

سيبنون المستوصف إذا بقي في الميزانية شيء لم ينهب .

قال عامل مدينة خنيفرة أثناء زيارته للمنطقة بعد الحادثة ( لا أعتقد أنه زاراها من قبل ): لقد تم وضع مخطط طرقي لسنوات2006 و2007 و2008 بهدف الربط بين جماعات تونفيت وأكوديم وألمزي وأنفكو وترغيست, وذلك على طول81 كيلومترا بقيمة مالية تبلغ118 مليون درهم. وقد انطلقت بعض الأوراش سنة2006 , فيما تنطلق مشاريع أخرى مع بداية سنة 2007 . ويتعلق الأمر على الخصوص بتغيير مسارات بعض المقاطع الطرقية من أجل تفادي الفيضانات وسيول الأمطار.

نجيب نحن كما يجيب الواقع : هذا كله كلام فارغ ،فقد عرف دوار "أنفكو" نفس الفاجعة خلال سنة 1980، أدت إلى مقتل 80 شخصا بعد إصابتهم أيضا بزكام حاد( حسب المغربية).ماذا كان رد الفعل ؟ كان جواب المسؤولين آنذاك نفس جواب اليوم : " سنفك العزلة عن المنطقة سنوفر البنية التحتية اللازمة ...".

لقد دل ماحدث بمدشر أنفكو زيف شعارات " التنمية المستدامة " فقد مرت 26 سنة ولم يلحظ ساكنة المنطقة أي تغيير. إن فقد شعارت لإدامة الفقر و الحرمان. وفي هذا الصدد فقد سبق ان احتجت ساكنة منطقة أيتزرالتابعة لمدينة خنيفرة سيرا على الأقدام ل3كلم منتصف سنة 2005، لنفس الأسباب: مد الطرق و الكهرباء و الصحة .فكان الجواب نفسه "نعدكم أننا سنقوم بـ... وسنفعل اللازم..." .

على الجماهير القروية أن تعي أن الدولة لن تلبي شيئا من مطالبهم ولو مات نصف الشعب .أصلا الدولة تتمتع بالنظر إلى الباطرونا وهي تقتل العمال و تجوعهم، إن سياستها تقتل شبابنا بتركه يهاجر بدل توفير مناب شغل لهم . إن الدولة منشغلة بإكمال بيع القطاعات الاجتماعية الاستراتيجية للشركات الكبرى الأجنبية منها و المحلية. على القرويون أن ينظموا صفوفهم إلى جانب رفاقهم ( ساكنة أيتزر و طاطا و إفني وتالسينت ...) في تنسيق ديمقراطي يخوض نضال بلائحة مطالب على رأسها : الصحة المجانية.



فلنشهر بالفاجعة و لنطالب بالخدمات الاجتماعية العمومية المجانية



هل سنبقى صامتين أمام هذا القتل المقصود. مقصود لأن الكادحين يعدمون المال لتدفئة الأمعاء الخاوية فما بالك بتوفير التدفئة.

إن مسؤولية الدولة واضحة في تقتيل ممنهج لشعبنا : القضاء على الصحة و التعليم المجانيين عبر خوصصتهما. وتقديم خيرات البلد للشركات الرأسمالية الكبرى بهدف تحقيق الربح.

في حين أن مسؤوليتنا أعظم : فلنتضامن مع أهالي قرية أنفكو .فلنحتج بقوة على هذا النسيان المقصود. فلنتضامن مع الأطفال القتلى بخوض نضالات شعبية تطرح على رأس مطالبها : من أجل مجانية الصحة و تعميمها على كل ربوع المغرب ، مداشره، قراه .

فلندافع عن الخدمة الاجتماعية العمومية المجانية من صحة و تعليم وشغل ....



وحيد عسري

#وحيد_عسري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات