غيفارا آزاد
الحوار المتمدن-العدد: 1799 - 2007 / 1 / 18 - 12:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تسعى الشعوب في يومنا الحاضر إلى اتخاذ مناهج وسبل متغيرة عن السبل السائدة في قرننا الماضي في حل قضاياه العالقة .فالشعوب ابتدأت بمرحلة عدم الإغاثة بالدولة أو أية كيانات أخرى لا تكون ساعية إلى اتخاذ مصالح الشعوب في غاياتها ووصلت إلى درجة التيقن لروح العصر و حقيقة السلطات ذات الفحوى البراغمائي والمعبرة عنها بأصل الداء لجميع معاناة الشعوب .
فقد استنفرت الشعوب منذ بزوغها والى يومنا الحالي كامل قواها من أجل إحلال السلام على أرض الواقع التي أمتلئتها الشاغرات الواسعة و في سبيل النيل من اللاعدالة واللامساواة الراسخة بمظلتها على حياة البشر. .إلا إن الهوة الشاغرة بين الشعوب والمجتمعات و لعدم استنادها إلى ركائز متينة و اعتمادها إلى ركائز تأخذ المصالح الطبقية والضيقة في الغاية, آلت بالشعوب إلى مخاض أليمة و تراجيدية, و استنزفت في كل مرة من محاولاتها جميع قواها الممتلكة" المادية والمعنوية" منها على حد السواء .
و لو استعضنا في نظرتنا هذه بمثال فإننا سنرى و بأعين ثاقبة , إن جميع الحروب التي خاضت باسم الشعوب أفاضت في النتيجة إلى الاستعاضة بسلطة مستبدة بدلا من الاستعمار ,مبررين جميع إجراءاتهم بمبرر الأمن القومي و السيادة الوطنية ,كما رأيناه في كل من سوريا وتركيا في نهايات حربهم التحررية و أمثلة عديدة أخرى من الحروب التحررية العالمية .ولم تستطع تلك المناشدات التأول بالوصول إلى آية الشعوب المخاض في البحث عن السلام والاستقرار الدائمين.
و يتبدى لنا في أهم القضايا السياسية والاجتماعية العالقة في يومنا الراهن و أثناء النظر إلى الخمول الشائع بين الأوساط الشعبية الواسعة , إنهم يكنون ازدراء شاملا من الوعود التي تعاهد لهم به , كل من السلطات و ممن يدعون في تمثيليتهم للشعوب .مما يجرنا بالمحال إلى استنباط دروس و نتائج متينة تكون مسؤولة عن سير توجهاتنا السياسية والاجتماعية الهادفة إلى الحلول الشاملة .
وحيث نجد في يومنا الحالي كما في التاريخ المنصرم , إن الشعوب لم تستند إلى آليات تكون كفيلة فيما كانوا بصدده .
و لم تستطع من إسلاط الضوء الكافي على أهم معالم العلل التي يعاني منها .وهي مازالت باقية متعذرة عن إيجاد العلة الرئيسية في الكثير من نواحيها من قبل فئة واسعة .
وإذا تمعنا النظر فسنجد إن السبب الرئيسي في كل علة من العلل التي عانينا منه والمستمرة بمعاناتنا في اليوم الحالي تتمحور حول السلطة حيث يقول عبد الرحمن الكواكبي في كتابه¬" طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد" الذي أشار فيه إلى أن أصل الداء هو الاستبداد و دواءه في الشورى الدستورية كما أعتبر إن الاستبداد ليس نظاما فحسب بل ثقافة سياسية و اجتماعية تنتجها السلطة وتوزعها على المجموع الاجتماعي .حيث ينطبق هذه الدلالة بمفهومها وتعبيرها الجوهري على حقيقة السلطات الحاكمة في الشرق الأوسط ,و شعوب المنطقة التي كانت دائمة الانتظار في إيجاد حلول شاملة لجميع معاناتهم على مر العصور .وهي لا تخفي ما تنتظره في يومنا الراهن .
و حقيقة الأمر تراهن لنا اليوم و بكل مقتضياتها إن الانتظار والاستغاثة بالدولة وبسلطتها لم تعد كافية وليست بالكفيل عن إيجاد الحلول الدائمة ما لم تقم الشعوب بأنفسها وبعيدا عن مخالب الدولة و سلطتها بتكوين مؤسساتها و الجلوس على طاولات الحوار و اتخاذها مبدأ الحوار فيما بين الشعوب لحل كافة المشاكل المتراكمة .و إن الوقت قد حان لتبادر شعوب المنطقة في تكوين مجمعاتها ومؤسساتها التي تكون بموضع الموجه لكل قضية من قضاياها ,وما حصل قبل يومين في تركيا من انعقاد مؤتمرا الذي ضم شرائحا من الشعبين الكردي والتركي من المثقفين وعامة الشعب تحت اسم" تركيا تبحث عن سلامها" لهو مثال قدوة في تحريك القوى الذاتية و الديناميكيات الداخلية و في اتخاذ جميع شعوب المنطقة هذه المبادرة في إطار مجتمعاتهم التي ينتسبون إليه .
وان ما ذكره المفكر عبد الرحمن الكواكبي "الاستبداد ليس نظاما فحسب بل ثقافة سياسية واجتماعية تنتجها السلطة وتوزعها على المجموع الاجتماعي" يعتبر موضعا مهما لانطلاقة شعوب المنطقة في بناء مؤسسات تكون ممثلة وبطريقة مباشرة عن الرأي الجماعي لذلك المجتمع والشعب .
وان العمل بمبدأ الاعتماد على الديناميكيات الداخلية و التي تمثلها شعوبنا المتنوعة في المنطقة ستكون الراهن الحق في حل جميع القضايا و الابتعاد عن أصل الداء الممثل في السلطة. و ستكون القوة الذاتية لكيان شعوبنا الكفيل بالنيل من تراجيدية العصر, أو لنقل تشاؤم العصر.
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟