تقرير: د. إبراهيم مكاوي
بئر السبع
عقدت حركة "العودة" العالمية للتضامن مع حقوق اللاجئين الفلسطينيين، مؤتمرها الأول في مدينة تورونتو في كندا بين 20-22 حزيران 2003، لتؤكد من جديد تمسكها بالدفاع عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين باعتباره الحلقة المركزية والجوهرية في القضية الوطنية الفلسطينية. يعتبر المؤتمر نقلة نوعية في نشاطات حركة "العودة" كونه يجمع بين الأكاديمي والسياسي في مشروع نضالي تحرري لا يقبل المساومة، يضع بكل ثقة ووضوح حق العودة إلى الوطن وتقرير المصير في مركز الصراع العربي الصهيوني. لقد شارك في المؤتمر حوالي 450 شخص يمثلون تنظيمات وأطر سياسية وباحثون تجمعهم قناعاتهم المشتركة بعدالة قضيتنا وبضرورة أممية القضية الفلسطينية كونها عامل أساسي في نضال الحركة العالمية ضد العولمة ورأس المال.
ولا بد من الإشارة بأنه قد سبق هذا المؤتمر بأيام قليلة فقط، مؤتمر "أكاديمي" حول اللاجئين نظمته الحكومة الكندية عُقد في العاصمة أتوا، ومع كونه "أكاديميا" الاّ انه هدفه كان دراسة ونقاش إمكانيات وبرامج توطين اللاجئين وليس التمسك بحق العودة. وكما هو معروف فإن للحكومة الكندية باع طويلة في مشاريع التوطين. ويعتبر مؤتمر أتوا الثالث من نوعه حيث شارك فيه أكاديميون صهاينة إلى جانب أكاديميين عرب وفلسطينيين بما فيه فلسطينيون من الداخل! مؤتمر "العودة" بالمقابل جمع بشكل ثوري بين التحليل الأكاديمي العلمي وبين الموقف السياسي المبدئي ألا وهو التمسك بحق العودة وتقرير المصير.
لقد جائت مشاركتي في مؤتمر "العودة" كممثل عن حركة أبناء البلد في فلسطين المحتلة عام 1948، حيث تطرقت ورقتي التي قدمتها للمؤتمر إلى القضايا الأساسية التالية:
1) مفهوم الكيان الصهيوني كمشروع استيطاني استعماري رأسمالي في الأساس
2) أهمية البعد القومي العربي للقضية الفلسطينية
3) التطهير العرقي عام 1948 واستعمار من تبقوا في الوطن كمشروع صهيوني متكامل
4) الحلقة المفقودة في دور فلسطيني الداخل في معركة العودة -- بلورة برنامج عملي
5) رفض الاندماج في الكيان الصهيوني ومقاطعة مؤسساته وعلى رأسها البرلمان
6) "إسرائيل" كنظام فصل عنصري في حدود 1948، ولكن أكثر من ذلك في كل فلسطين
7) دويلة "خارطة الطريق" في الضفة وغزة هي بديل نهائي عن حق العودة
كان تحليلنا للوضع وموقفنا المبدئي صريحا وواضحا وجرئ حيث كان الالتفاف حوله والتضامن معه، وبالذات من جمهور تعوّد على سماع "خطاب المواطنة" من الداخل، مشجع جداً باعتباره صوت حقيقي وغير مساوم يعبر عن حقيقة الذي يدور في فلسطين الاحتلال الأول. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فأن طرحنا للأمور بوضوح وبدون تهور وعنتريات غير مسؤولة هي عادة عبارة عن نشاز من "بطولات الانترنت"، كان له صدى وإقبال واسع من عناصر كثيرة تسمع بموقفنا للمرة الأولى. الملفت للنظر انه عندما تطرح موقفك المبدئي بدون مواربة ومحاولة إرضاء "الطرف الأخر" ليقبل بك من جهة، ودون صراخ فارغ لتثبت أنك أكثر "راديكالية" من جهة أخرى، يكون الالتفاف الشعبي والتضامن من المواطن الغربي العادي أكثر صدقاً وتضامناً حقيقياً مع قضيتنا.
مواضيع محورية أخرى تم نقاشها في المؤتمر:
1) الجذور التاريخية للمقاومة الفلسطينية والتحولات في الخطاب الفلسطيني من حركة تحرر وطني إلى خطاب "دولة" حتى التخلي عن حق العودة
2) تقييم مصير منظمة التحرير الفلسطينية بعد تخليها عن ميثاقها الوطني واستبدال نفسها "بسلطة" في خدمة الاحتلال
3) حق العودة مقدس وقانوني وممكن – سلمان ابو ستة
4) حركة التضامن مع القضية الفلسطينية في الغرب – ريتشارد بيكر
5) النضال الفلسطيني وحركة مناهضة العولمة والامبريالية
6) محدودية وخطورة الاكتفاء بالمقارنة السطحية بين الكيان الصهيوني ونظام الابارتهايد العنصري في جنوب أفريقيا
7) دور المرأة الفلسطينية في مسيرة التحرر الوطني والعلاقة بين الوطني والنسوي
8) استراتيجيات عمل مستقبلية وتحضير للمؤتمر القادم
قرارات المؤتمر:
1. تعريف حق العودة: حق العودة الفلسطيني هو حق تاريخي، قومي وجماعي، متجذّر في الحق الفردي والجماعي الغير قابل للانتهاك، حق الأفراد والشعب كله في بيوتهم وممتلكاتهم الأصلية ووطنهم، وإعادة الأملاك إلى أصحابها الشرعيين، بغض النظر عن أي اتفاقيات، أو تطورات في القانون الدولي والأطر السياسية. هو حق يتجاوز الأجيال والكيانات السياسية، وهو غير قابل بأي شكل من الأشكال إلى الإنكار أو التسوية. وحق العودة لا ينفصم عن حق تقرير المصير الجوهري وغير المشروط، لكافة أبناء الشعب الفلسطيني، بغض النظر عن أماكن سكناهم أو ولادتهم.
2. خارطة الطريق: يرفض مؤتمر العودة 2003 يرفض مشروع "خارطة الطريق" الأمريكية، والتي تهدف إلى قمع الحقوق الإنسانية والوطنية للشعب الفلسطيني. يعبر المؤتمر عن دعمه لنضال الشعب الفلسطيني الذي تتصدره الانتفاضة في هذه المرحلة، لتحقيق أهداف المقاومة الوطنية، التي تشمل ولكن لا تنحصر في، إنهاء الاستعمار الصهيوني، ممارسة حق العودة، وتحقيق تقرير المصير. لا يعترف مؤتمر العودة بأية قيادة فلسطينية مفروضة، منتخبة أو معينة، في تنازلها عن أيٍ من الحقوق الوطنية الفلسطينية، وخصوصاً حق العودة.
3. "إسرائيل/فلسطين": مؤتمر العودة 2003 يقر الامتناع فوراً عن استعمال المصطلح "إسرائيل/فلسطين"، أو أيٍ من مشتقاته في جميع الوثائق الرسمية التي تخص "العودة".
4. المعتقلون السياسيون: مؤتمر العودة 2003 يطالب بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين في السجون الإسرائيلية وفي سجون السلطة الفلسطينية.
كلمة أخيرة: في حين عبرت قرارات المؤتمر عن الروح المعنوية العالية التي سادت ورشات العمل ونقاشات المؤتمر المختلفة على مدار ثلاثة أيام متواصلة، حيث جائت القرارات المذكورة أعلاه تتويجاُ للموقف الجذري الذي أجمع علية المشاركون، فإن المؤتمر يتوجه بدعوة عامة إلى كافة التنظيمات والأطر الشعبية والسياسية التي ترى في هذه القرارات ما يمثل موقفها من حق العودة والقضية الفلسطينية، أن تتبنى قرارات المؤتمر.
كنعان