أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالكريم يحيى الزيباري - قانون وسياسة















المزيد.....

قانون وسياسة


عبدالكريم يحيى الزيباري
(عèïçلكٌيم الٍيèçٌي)


الحوار المتمدن-العدد: 1792 - 2007 / 1 / 11 - 07:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


شرعنة الأموال في القانون المقارن
أعلن مؤخرا تقرير منظمة الشفافية العالمية والتي تتخذ من برلين مقرا لها، الصادر أوائل تشرين الثاني 2006، قائمة تضم 163 دولة استناداً إلى مستوى الفساد بين مسئولي القطاع العام ورجال السياسة والقطاع الخاص، وكانت هاييتي من أشد الدول فسادا، تلتها العراق في المرتبة الثانية، وتقاسمت فنلندا ونيوزلندا المرتبة الأولى بين أنزه الدول، وحذر رئيس منظمة الشفافية بيتر أوجين من(أن عملية إعادة إعمار العراق يمكن أن تتحول إلى اكبر فضيحة فساد في التاريخ).
أعلن المفتش العام الأمريكي لإعادة إعمار العراق أنَّ 72 سنتاً من كل دولار يبتلعها الفساد، فأين تذهب هذه الأموال؟ كيف سينسى الشعب العراقي مسألة اختفاء 8،8 مليار دولار في زمن بول بريمر؟ والتي لم يجد السيد المفتش العام تفسيراً لها في جلسة تحقيقية أمام لجنة مختصة من الكونغرس الأمريكي سوى التأكيد على أن تلك الأموال لا تتضمن سنتاً واحداً من أموال دافع الضرائب الأمريكي أي أنَّها أموال عراقية ولا ضرر في اختفائها أو سرقتها، وكان هذا التبرير كافياً لغلق التحقيق وإدخال السرور والسعادة إلى قلوب أعضاء الكونغرس الذين تأكدوا أنَّ أموالهم في حفظٍ من السرقة والاختلاس، وبينما أثيرت ضجة كبيرة حول الرشا في برنامج النفط من أجل الغذاء حين كشفت اللجنة التي تشكلت برئاسة فوكر رئيس المجلس الاحتياط الاتحادي السابق عن مخالفات لم تتجاوز بضعة ملايين الدولارات، ولكن الضجة التي أثيرت حول مليارات بريمر سرعان ما تم احتوائها،
منذ أكثر من عقدين انتبه العالم الرأسمالي إلى ظاهرة تداول الأموال الفاسدة، لكنه لم يتعامل بالجدية التي تستدعيها خطورة هذه الظاهرة، (أصدرت لجنة العمل المالي لغسيل الأموال والمعروفة باسم(F.A.T.F (Financial action task force on money laundering التي أنشأتها قمة الدول الصناعية السبع عام 1989 أربعون توصية عام 1990 تضمنت ضرورة مكافحة ظاهرة غسل الأموال محليا ودوليا، واهتمت بضرورة التوسع في الجرائم حصيلة الأموال المغسولة وعدم قصرها على أموال المخدرات فقط، بل يمكن أن تشمل – أيضا – كافة الجرائم الخطيرة التي يتحصل منها على قدر كبير من الأموال، وقد أكدت هذا الاتجاه توصيات المؤتمر الدولي لمنع ومكافحة غسل الأموال واستخدام عائدات الجريمة والذي انعقد في إيطاليا عام 1994 واقترحت إدراج جرائم أخرى كتجارة الأسلحة والذخائر والسرقة والابتزاز والاختطاف والاحتيال والتجارة غير المشروعة في الآثار وتجارة الرقيق الأبيض والدعارة والقمار) .
لكن ضعف هذه التوصيات لم يرتكز على طريقة تشريعها فقط، بل على ضعف أداء لجان منظمة الأمم المتحدة بشكل عام، فليس لها إلا دور صوري فقط، حيث شملت نشاطات عصابات المافيا في تجارة الرقيق الأبيض، حيث شملت اللون الأبيض وتناست الملونين الذي تبيعهم شركات توفير الخدمة المنزلية في دول الخليج سابقاً وحالياً ووصلت التجارة إلى شمال العراق، نساء مقابل لقمة العيش فقط، وأجر زهيد من دول شرق آسيا كماليزيا والفلبين واندنوسيا والصين والهند، قد لا يعدون هذا اتجاراً بالرقيق لأنَّ ألوانهم ليست بالبيضاء، وكذلك حصر الأموال القذرة بنشاطات ربما لا تمثل إلا نسبة ضئيلة من مصادر هذه الأموال، متناسين عن قصد أو غير قصد، الأموال التي مصدرها الفساد الإداري، التي يجلبها معهم رجال حكومات فاسدة، فروا من بلدانهم بسبب انقلابات عسكرية ضدهم، أو انشقوا هم عن السلطة التي خدمها أحدهم أكثر من نصف قرن لأنَّه اكتشف في نهاية الأمر أنَّها سلطة غاشمة وغير شرعية، وفاسدة، تقوم بسرقة قوت الشعب، ولكنه لم يكتشف ذلك إلا بعد أن أجلسوه في البيت إما بسبب فساده، أو بلوغه السن القانونية، أو لأية أسباب أخرى، وحين يعود إلى درجة الصفر بالنسبة إلى الجاه فقط، لأنَّه سيكون قد اختزل أموالاً طائلة من جراء الفساد، وطمعاً في الشهرة وإرضاءً لضميره بأنَّه كان مخدوعاً رغم أنَّه كان الرجل الثاني للشيطان الذي يهاجمه اليوم طيلة عشرات السنين، وينخدع له المجتمع الدولي وتنطلي عليه الحيلة، وبدلاً من استنطاقه حول الأموال التي جلبها معه، تقوم الدولة المضيفة بمنحه حق اللجوء السياسي، ومرتباً ضخماً وتسهيلات كبيرة لاستثمار الأموال القذرة التي جلبها معه.
وجاء في الفقرة الأولى من المادة (324-1) من قانون العقوبات الفرنسي(غسل الأموال هو كل فعل يتمثل في تقديم المساعدة بأية وسيلة كانت لإضفاء الشرعية الكاذبة فيما يتعلق بمصدر أموال أو دخل لفاعل جناية أو جنحة، حققت له ربحا مباشرا أو غير مباشر ويعتبر غسيلا للمال أيضاً كل مساعدة لعملية إيداع أو إخفاء أو تحويل لمال تحصيل بشكل مباشر أو غير مباشر من جناية أو جنحة).
لكن أموال الفساد الإداري لا تندرج تحت أيٍّ من حلقات الفقرة الآنفة الذكر، هي عمولات يتقاضاها رجال السياسة أو رُشا يتلقونها لتسهيل بعض الأعمال في بلدانهم، وهم غير مطاردين من بلدانهم بسبب هذه الأعمال بل بسبب الخيانة العظمى التي سيتهمون بها فور مغادرتهم لبلدانهم، ولن يجرؤوا بالطبع على اتهامهم بالفساد الذي هم أول الضالعين فيه، واتهامٌ خطير كالخيانة العظمى قد يدفع رؤساء بعض الدول على التعاطف معهم تحت شعار انقد صديقك الظالم وهو على السلطة الهوينى هوينى، واستضفه وهو هارب بأموال شعبه، فلعل الأيام تدور ويفر الرئيس أو الوزير المستضيف ليحل ضيفاً على صديق مضيِّفٍ آخر، وهكذا ينصر الفساد بعضه بعضاً في دول العالم الثالث بتشجيع من دول العالم الأول بدعوى الديمقراطية وحقوق الإنسان في اللجوء.
وكما يقول المثل(بعد خراب البصرة) يستشري الداء وينتشر كالنار في الهشيم ولا ينتبه لها دول العالم الثالث، إلا بعد أن ينبههم أسيادهم من العالم الآخر حول ضرورة سن القوانين لتنظيم جانب من جوانب الحياة، ويقومون بإرسال خبراء واستقبال بعثات لتنظيمهم في دورات يعودون منها أغبى مما كانوا، لأنَّه بسبب الفساد والمحسوبية لن يذهب في البعثة الرجل المناسب، بسبب شروط تتعلق بانتماءات حزبية أو وساطات ومحسوبيات لأقربائه أو لدور جده أو أبيه في ثورة مشبوهة أودت بآخر رغيف خبز للفقراء، فتأتي عملية سن القوانين متأثرة بالغرب غير مؤثرة في الوسط الذي وضعت من أجله، لأنَّها ربما تقتبس حرفيا من قوانين شعوب تعيش حياة مختلفة، فبينما لا يوجد قوانين رصينة تنظم حركة التجارة العادية في البلد، قد تجد وزيراً يتأثر بنصيحة صديق، ليس له من الثقافة إلا ادعاءه بأنَّه عاش في السويد كذا سنة، ولديهم قوانين تنظم التجارة الالكترونية، فيأتي الوزير ويشرع لنا قانوناً ينظم نوعا من التجارة ليس له أصلٌ ولا فرع ولا وجود في بلدنا، أو يقترح نظاماً تربويا اشتهر بنتائجه الناجحة في ألمانيا فينصح الوزير بضرورة ابتاع هذا النظام وداوليك في الوزارات كافة.
في دول العالم الثالث لن تنجح فقرةٌ واحدة من القانون الفرنسي، لأنَّه لا يوجد متابعة للأشخاص المنفذين للمشاريع العملاقة، وكل من لديه القدرة على دفع مبلغ 500 دولار كرسوم لمسجل الشركات له الحق في تأسيس شركة، فما يهم هو الـ500 دولار التي ستعود إلى خزينة الدولة، وكل مسئولٍ يفلح في استعادة أموال أكثر للخزينة العامة هو الأفضل، والبقية لا تهم لأنَّه مخلص للدولة ويخاف على خزينتها أكثر مما يخاف على ماله الخاص، كثيرون أسسوا شركات مقاولات، علماً أنَّ أحدهم قد لا يجيد القراءة بشكل جيد، وشركته تتألف من شخصٍ واحد، ومقرها وهمي وأسماء موظفيها وهمية، وبالرغم من ذلك يقومون بتنفيذ مشاريع ضخمة، بأموال زهيدة فيعود الفارق إلى خزينة الدولة، ومن هناك يختلس في أنظمة حسابية تعمل في ظل رقابة عقيمة، وفيما لو اقترح أحدهم ضرورة تقنين الشركات ومراقبة الاستثمارات الضخمة والإيداعات الكبيرة في البنوك، ووضع قيود على خروج رؤوس الأموال، سيظن البلهاء أنَّ هذا الإجراء سيؤثر سلباً على التنمية الاقتصادية ويقلل من إيرادات الدولة، لكن العبرة في التنمية ليست في الكثرة والوفرة فحسب، فكثير الإنتاج مع سوء التوزيع يضيع كالهباء، والإيرادات الكثيرة مع رقابة فاسدة وعقيمة ستعلم مسئولينا فنونا من السرقة والاختلاس قد يعجز الشيطان نفسه عن كشفها، إن نظام مراقبة الذين يقومون بعملية شراء ضخمة وتنفيذ مشاريع عملاقة، من خلال دائرتي ضريبة العقار والدخل ودائرة التسجيل العقاري، وتقنين عمليات تسجيل الشركات، وأية إجراءات أخرى بعد استشارة ذوي الاختصاص من أصحاب الشركات ورجال الأعمال ورؤساء غرف التجارة، على العكس ستساعد في استقرار وازدهار الأعمال، لأنَّ منجزات التنمية التي استندت على الفساد سرعان ما ستتبدد وتضيع وتتبعثر لتصب في جيوب الفاسدين الذين يعملون على تقويض سلطة الدولة، وهو ما يحدث في بعض دول أمريكا اللاتينية ككولومبيا وبوليفيا التي جرى فيها انقلابان عسكريان خلال 24 ساعة، وعشرات الانقلابات خلال السنة الواحدة.
ومن ثم تتابعت دول عربية في استصدار قوانين للحد من شرعنة الأموال، وبقيت القوانين حبرا على الورق، لأنَّها لم تدعم مراقبة الأموال الداخلة والخارجة، ولا تفهم تأثيرات حركة رؤوس الأموال على المدى البعيد، ما يهمهم فقط زيادة الإيرادات، والمبالغ المستحصلة كرسوم على الأموال المتحركة، وقد ينظر إليها بأنَّها قد تساعد في تشغيل بعض الأيدي العاملة مما قد يساعد في تقليل نسب البطالة، ولكن هذه المشاريع أو حرية التجارة قد تؤثر سلباً على مشاريع محلية صغيرة، وتقلل أرباحها مما يضطرها للتخلي عن بعض الأيدي العاملة، وبالمقابل تحت الأموال المتحركة قد تغادر البلاد لغرض استثمارها في بلد آخر يعطي فرصا لتحقيق أرباح أكثر، ومن بلدٍ إلى آخر، غير ناظرين بعين الاعتبار إلى الأضرار التي قد يسببوها على المدى البعيد، فنظام استيراد المحاصيل الزراعية في العراق وارتفاع المستوى المعاشي للعائلة القروية التي كانت تعتمد الزراعة كمصدر للعيش، سيجعل العراق في المستقبل القريب يخلو أو يكاد من الأراضي الخضراء والمزروعة، وهو قد لا يظهر خطره اليوم، وبينما يجب على الدولة تشجيع الزراعة المحلية، تراها تشجع استيراد المحاصيل الزراعية من دول الجوار، فأن يربح التاجر القريب من دوائر صنع القرار خير من أن يربح القروي الكادح، والتاجر يدفع ضرائب كمركية تعود على الدولة بالربح السريع، لكن ألا تنظر الدولة إلى الأموال الخارجة، نظام السوق المفتوح والأسواق الحرة يخدم الدول المنتجة والصناعية بالدرجة الأولى، ويؤذي ويضر باقتصاديات الدول المستقبلة، وهذه بديهية معلومة للجميع، ولا يختلف عليها اثنان، ولكن بسبب الرُشا والفساد الإداري والأموال القذرة التي من خلالها يتم شراء ذمم النفوس الضعيفة التي تتمركز في دوائر القرار، يحدث ما يحدث اليوم من شيوع البضائع الفاسدة، والأجهزة الكهربائية غير معلومة المنشأ، والحدود مفتوحة على مصراعيها.



#عبدالكريم_يحيى_الزيباري (هاشتاغ)       عèïçلكٌيم_الٍيèçٌي#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القضاء وظيفة أم سلطة؟


المزيد.....




- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة
- سيناريو هوليودي.. سرقة 60 ألف دولار ومصوغات ذهبية بسطو مسلح ...
- مصر.. تفاصيل جديدة في واقعة اتهام قاصر لرجل أعمال باستغلالها ...
- بعد نفي حصولها على جواز دبلوماسي.. القضاء العراقي يحكم بسجن ...
- قلق أمريكي من تكرار هجوم -كروكوس- الإرهابي في الولايات المتح ...
- البنتاغون: بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة سيبدأ قريبا جدا
- البنتاغون يؤكد عدم وجود مؤشرات على اجتياح رفح


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالكريم يحيى الزيباري - قانون وسياسة