أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل حمداوي - جوزيف كورتيس ومدرسة باريس السيميائية,















المزيد.....

جوزيف كورتيس ومدرسة باريس السيميائية,


جميل حمداوي

الحوار المتمدن-العدد: 1774 - 2006 / 12 / 24 - 10:08
المحور: الادب والفن
    


يعد جوزيڤ كورتيس J.Courtès من أهم أعضاء مدرسة باريس السيميوطيقية إلى جانب ثلة من الباحثين الذين كانوا يدرسون في جامعات العاصمة الفرنسية ومؤسساتها العليا وكانوا تلامذة أندري جوليان گريماس A.J.Gremas، ومن هؤلاء الدارسين : ميشيل أريفي M.Arrivé وشابرول C.Chabrol وجان كلود كوكي J.C.Coquet وآخرين.
ولعل مايؤكد نعت هذا الاتجاه بهذه التسمية "مدرسة باريس السيميوطيقية" ماصدر عن أصحابها من كتاب جماعي معنون بـــ"السيميوطيقا: مدرسة باريس Sémiotique:l école de Paris" الذي يترجم أهم تصوراتها النظرية والمنهجية والتطبيقية.
فإذا نظرنا إلى جهود هؤلاء الدارسين ومنهم جوزيڤ كورتيس وجدناهم قد كرسوا كل جهودهم لدراسة منحى صعب في اللسانيات وهو المدلول أو جانب المعنى أو الدلالة أو التدليل La signification، واستكشاف جميع القوانين والقواعد الثاوية والثابتة التي تتحكم في توليد النصوص في تمظهراتها النصية واللامتناهية العدد والمختلفة على مستوى التنوع الأجناسي.وتطلعنا مكتبات هذه المدرسة بمؤلفات شتى معنونة بكلمة السيميوطيقا Sémiotique التي تحيل على الجانب التطبيقي على عكس السيميولوجياSémiologie التي تشير إلى التصورات النظرية لعلم العلامات.
هذا، وقد طبقت السميوطيقا النصية التطبيقية التحليلية على عدة نصوص مختلفة الأجناس: سردية وحكائية ودينية وقضائية وسياسية وفنية.....وكانت تنطلق هذه الدراسات السيميوطيقية من اللسانيات والأنتروبولوجيا حيث استلهمت أعمال ڤلاديمير بروب وكلود ليڤي شتروس ومنجزات الشكلانية الروسية.
وتستند مدرسة باريس السيميوطيقية ومنها أعمال كورتيس إلى تحليل خطاب النص بنيويا بطريقة محايثة تستهدف دراسة شكل المضمون للوصول إلى المعنى الذي يبنى من خلال لعبة الاختلافات والتضاد، وبهذا تتجاوز بنية الجملة إلى بنية الخطاب. وهنا لا أهمية للمؤلف وما قاله النص من محتويات مباشرة وأقوال ملفوظة وأبعاد خارجية ومرجعية، بل مايهم السيميوطيقي هو كيف قال النص ما قاله، أي البحث عن دال أو شكل المدلول أو المحتوى على طريقة تقسيم هلمسليف للدال والمدلول بطريقة رباعية: دال الدال ودال المدلول ومدلول الدال ومدلول المدلول.
ومن أهم الكتب التي ألفت ضمن مدرسة باريس هو كتاب جوزيف كورتيس" مدخل إلى السيميوطيقا السردية والخطابية Introduction à la sémiotique narrative et discursive: méthodologie et application" " الذي صدر عن دار هاشيتHachette للطبع بباريس سنة 1976م،وفيه يبسط صاحبه نظرية أستاذه گريماس السيميوطيقية في تحليل السرد والخطاب بصفة عامة. والكتاب عبارة عن مقاربة منهجية وتحليلية تطبيقية على غرار كتاب جماعة أنتروفيرنGroupe D Entrouvernes" التحليل السيميوطيقي للنصوصAnalyse sémiotique des textes" يحلل فيه كورتيس قصة شعبية فانطاستيكية فرنسية وهي" سوندريون" من الناحيتين: السردية والخطابية. كما أن الكتاب عبارة عن محاضرات جامعية أسبوعية ألقيت على الطلبة فيما بين1974 و1975م. وتنصب هذه المحاضرات المنهجية على دراسة هذه القصة الشعبية من زاوية نحوية دلالية مثل كلود ليڤي شتروس في دراسته للأساطير البدائية . وقد امتح كورتيس تصوراته النظرية والمنهجية في تطبيقه التحليلي من اللسانيات التوليدية التحويلية التي أرسى دعائمها الأمريكي نوام شومسكي ، والتي تربط المستوى السطحي بالمستوى العميق، كما عمل على تجريب مصطلحات أستاذه گريماس للتأكد من نجاعتها وكفايتها الإجرائية والتطبيقية.
هذا، ويتجاوز كورتيس سيمياء التواصل التي نجدها عند فرديناند دوسوسير ورولان بارت وجورج مونان وبرييطو وآخرين نحو سيميائية الدلالة التي أسسها أندري جوليان گريماس في دراساته وأبحاثة السيميوطيقية العديدة و خاصة كتابه" في المعنى Du sens". ويعتمد كورتيس في منهجيته السيميوطيقية على المقاربة الوصفية العلمية الرصينة التي تتكئ على الاستقراء والاستنباط منتقلا من مستوى إلى آخر جامعا بين التصور المنهجي والتحليل التطبيقي بشكل تعليمي بيداغوجي.
وإذا كانت اللسانيات الوصفية تهتم بالدال من خلال رصد بنى التعبير والشكل اللغوي للمنطوق، فإن السيميوطيقا لدى كورتيس تهتم بدراسة المحتوى أو المدلول عن طريق شكلنته أي دراسة شكل محتواه. فعلى مستوى شكل المدلول يتم التركيز على النحو والصرف والتركيب وعلى مستوى الجوهر يدرس الجانب الدلالي.
وعليه، فإن التحليل السيميوطيقي لمدرسة باريس غالبا ما ينصب على تناول المعنى النصي من خلال زاويتين منهجيتين : الزاوية السطحية التي يتم فيها الاعتماد على المكون السردي الذي ينظم تتابع تسلسل حالات الشخصيات وتحولاتها، والمكون الخطابي الذي يتحكم في تسلسل الصور وآثار المعنى. وفي الزاوية العميقة ترصد شبكة العلاقات التي تنظم قيم المعنى حسب العلاقات التي تقيمها، وكذلك تبين نظام العمليات التي تنظم الانتقال من قيمة إلى أخرى. وللتبسيط أكثر، فإن السيميوطيقي في تعامله مع النص الحكائي أو السردي يدرس على المستوى السطحي البرنامج السردي ومكوناته الأساسية كالتحفيز والكفاءة والإنجاز والتقويم مع التركيز على صيغ الجهات ودراسة الصور باعتبارها وحدات دلالية وصور معجمية مع إبراز مساراتها والأدوار التيماتيكية مع ربطها بالبنية العاملية والإطار الوصفي. وعلى المستوى العميق يدرس المكون الدلالي والمكون المنطقي باستقراء التشاكلIsotopies والمربع السيميائي Carré Sémiotique الذي يولد التمظهرات النصية السطحية سردا وحكيا. ويقوم هذا المربع السيميائي على تشخيص علاقات التضاد والتناقض والاستلزام. ومن خلال الاختلاف والتناقض والتضاد يولد المعنى في أشكال تصويرية مختلفة ويتمظهر على مستوى السطح بصيغ تعبيرية مختلفة ومتنوعة.
وإذا عدنا إلى كورتيس في كتابه الذي ترجمه زميلنا الدكتور جمال حضري- الباحث الجزائري القدير- وقد توفق في ترجمته أيما توفيق بسبب عربيته السليمة ودقته في ترجمة المصطلحات وتمكنه من الأدوات السيميوطيقية تصورا وتطبيقا سنجد إشارات مهمة إلى عدة مستويات تحليلية منهجية وتطبيقية أثناء التعامل مع النص محايثة وتفكيكا و تركيبا . ويتمثل المستوى الأول في التمظهر النصي الذي يتجسد في النص بكلماته ولغته وتعابيره التي تواجهنا بشكل مباشر وهذا يخرج عن إطار التحليل السيميوطيقي، لكن ما يهم كورتيس هو دراسة المحتوى من خلال التركيز على مستواه الشكلي عبر استقراء المستوى السطحي بوصف وحداته وعلاقاته صرفا ونحوا وتركيبا، والانتقال بعد ذلك إلى تحليل المستوى العميق برصد السيمات Sèmes والبنى الدلالية العميقة التي تولد كل التمظهرات الدلالية السطحية.
ولا يسعنا في الأخير إلا أن نقول بأن كتاب" مدخل إلى السميوطيقا السردية والخطابية" لجوزيف كورتيس كتاب منهجي تطبيقي غني بالفوائد السيميوطيقية النظرية والتحليلية البيداغوجية والتعليمية التي تسعفنا في مقاربة النصوص والخطابات قصد تحديد المعنى بطريقة علمية وصفية مقننة بمجموعة من المستويات اللسانية المنظمة قصد البحث عن القواعد التي تولد النصوص اللامتناهية العدد من أجل معرفة آليات التوليد النصي والخطابي وميكانيزمات الإنتاج السردي والحكائي والقصصي . أي إنه من اللازم البحث علميا ومنطقيا وشكلانيا عن البنيات الثابتة التي تولد المتغيرات النصية بطريقة منطقية ودلالية. ويعد الكتاب الذي يترجمه الدكتور جمال حضري إضافة مهمة في مجال ترجمة النظريات النقدية الحديثة والمعاصرة يمكن أن تستفيد منها المكتبة النقدية العربية التي في حاجة إلى تجديد حمولاتها النقدية وأدواتها في المقاربة والتحليل والوصف والتفسير.



#جميل_حمداوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنهج النقدي في كتاب الأدب والغرابة لعبد الفتاح كليطو
- فخرالدين العمراني مخرجا مسرحيا
- أطياف الظهيرة لبهوش ياسين أكبر رواية مغربية من حيث الحجم
- رواية مجرد لعبة حظ لغبراهيم درغوثي بين التجريب والتأصيل
- كيف تكون كاتبا روائيا وقصاصا متميزا؟
- الرواية العربية الفانطاستيكية
- السخرية في رواية اللجنة لصنع الله إبراهيم
- العالم العربي بين الثقافتين: الورقية والرقمية:
- بيداغوجيا المجزوءات في نظامنا التربوي المغربي
- جنوب الروح لمحمد الأشعري رواية الحنين إلى الماضي والعودة إلى ...
- الخطاب الأسطوري في رواية طوق السراب ليحيى بزغود
- الشطار لمحد شكري: بين السيرة الذاتية والأدب البيكارسكي
- حقوق الطفل بين المواثيق الغربية والإسلام
- الشراكة البيداغوجية
- لعبة النسيان لمحمد برادة بين الزمن الضائع والتجريب البوليفون ...
- تجليات التجديد في رواية - أبجدية الموت حبّا ً - لجاسم الرصيف


المزيد.....




- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...
- حديث عن الاندماج والانصهار والذوبان اللغوي… والترياق المطلوب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل حمداوي - جوزيف كورتيس ومدرسة باريس السيميائية,