أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - فريد هرمز دلّو - هل الاحتلال الأجنبي هو البديل للدكتاتورية؟















المزيد.....


هل الاحتلال الأجنبي هو البديل للدكتاتورية؟


فريد هرمز دلّو

الحوار المتمدن-العدد: 534 - 2003 / 7 / 5 - 04:11
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

[العراق أمام منعطف خطير ومخاض كبير]

واجه العراق وشعبه أعتا دكتاتورية استبدادية في تاريخه ومنذ نشأة ما يسميّ بالحكم الوطني في عام 1921. وكافح الوطنيون العراقيون بكافة اتجاهاتهم الإثنية والقومية والاجتماعية والحزبية بشجاعة وبسالة منقطعة النظير من أجل الخلاص من النظام الدكتاتوري, نظام الفرد والعائلة والعشيرة, وبناء العراق الديمقراطي الفيدرالي على أنقاضه. ولم يدر في خلد وتفكير وجدول عمل القوى الوطنية الحية في المجتمع العراقي أن تتخلص من أبشع وأشرس دكتاتورية لتحل محلها العساكر الأجنبية, الأمريكية والإنكليزية, التي باتت غاياتها وأهدافها معروفة للقاصي والداني في العالم كله وغدت مفضوحة حتى قبل الاحتلال الذي أعاد العراق, في واقع الأمر, إلى ما يشبه ولاية في عهد الولاة العثمانيين. فأين هي إذن وعود بوش وإدارته وتوني بلير وحكومته في "تحرير" العراق وإقامة الديمقراطية فيه وتسليم دفة شؤونه إلى حكومة عراقية مؤقتة؟ إن إدارة الرئيس الأمريكي بوش التي كانت تتحدث قبل أن تشن حربها عن ما يسمى ب "تحرير العراق" اعتقدت بان الشعب العراقي تنطلي عليه الأكاذيب التي أصبحت اللغة الرسمية لتلك الإدارة في التعامل مع الشعب الأمريكي ذاته ومع القضايا والشؤون الخاصة بشعوب العالم وكذا الحال في مجال العلاقات الدولية. فلقد تغيرت, وبلمح البصر, نبرة المحتلين الأمريكيين والبريطانيين حيال مسألة الحكومة المؤقتة وحتى الإدارة المؤقتة وصاروا يركزون قولهم على الاحتلال وسلطة الاحتلال, وخاصة بعد أن حصلوا, تحت ضغط ومناورات ومساومات وتهديدات, على موافقة مجلس الأمن الدولي على مشروعهم الذي كرس الاحتلال وإدارة سلطة الاحتلال لشؤون العراق وهو ما استند إليه السيد بريمر, الحاكم الأمريكي الجديد للعراق في تبريره استبعاد تشكيل حكومة ديمقراطية عراقية مؤقتة وصار يتحدث عن إدارة مؤقتة تكون في خدمة سلطة الاحتلال تعين من قبله وحدد شهر تموز/يوليو كزمن لتعيينها. وفي واقع الحال, وكما يتضح من سياق الأحداث, فأن الأمر لا يعدو أكثر من تنصيب فريق من الموظفين يتم تعيينهم وعزلهم متى ما شاء السيد بريمر. وفي هذا الشأن تجدر الإشارة إلى تصريحات وأحاديث نائب وزير الدفاع الأمريكي فولفوفتس Wolwowitz المعروف بميوله الصهيونية المتحمسة ونفوذه وسطوته في البنتاغون الأمريكي وفيها يقول بأنه كان خطأ فاحشاً أن سمحت الولايات المتحدة بإقامة حكومات في دول البلقان بعد الحرب المعروفة على يوغسلافيا وتفكيك عراها وقيام دول جديدة في أعقاب الحرب. وكان Wolwowitz يشير إلى العراق وينصح بعدم السماح بتشكيل حكومة عراقية مؤقتة مشدداً على أن تدير سلطة الاحتلال شؤون العراق لمدة لا تقل عن خمس سنوات. وفعلاً فأن هناك تكهنات عديدة حول نية المحتلين في البقاء في العراق لفترة قد تدوم لعدة سنوات ولحين ترتيب الأوضاع لتصبح مطابقة للذوق السياسي الأمريكي وملائمة لشهية كبريات الشركات والمؤسسات الأمريكية العملاقة التي تقف وراء إدارة بوش وتعمل على إدامة سلطتها لفترة انتخابية جديدة تحقيقاً لمصالحها في استغلال ونهب ثروات العراق النفطية تحت واجهة إعادة إعمار العراق وتقديم المساعدات الإنسانية له وبناء البنية التحتية التي هدمت جزء كبيراً منها غاراتهم وقنابلهم غير المجربة من ذي قبل. وعودة إلى الوراء, وبالضبط في بداية التسعينات من القرن الماضي تؤكد بأن المخابرات المركزية الأمريكية, وهو ما نشرته جريدة النيويورك تايمز في عددها الصادر في 10 نيسان/أبريل 2003, أي قبل الحرب, جهدت في البحث عن قدرات العراق النفطية واحتياطيه من النفط وتكاليف إنتاجه يضمن جهودها الواسعة الأخرى في عدد من بقاع العالم. وتؤكد الجريدة بأن (CIA) أفلحت في سرقة الخرائط الجيولوجية من وزارة النفط العراقية في عام 1990 في مسعى يهدف إلى استكمال دراساتها وبحوثها. وتظهر تلك الخرائط الجيولوجية المسروقة بأن احتياطيات كبيرة جداً وواعدة لم تكن قيد الاستثمار. وبناء عليه قررت (CIA) بأن العراق هو المرتع الخصب الذي يستوجب التركيز عليه. وكاستمرار لخطط ودوافع إدارة بوش الأب قررت إدارة الابن, واستناداً إلى الدراسات والبحوث المنوه عنها, بأن العراق يجب أن يكون هدفها الأول مستفيدة, بالإضافة إلى غناه النفطي, من فضائح وجرائم وعزلة نظام صدام حسين المكروه من الشعب العراقي ودول المنطقة الأمر الذي يوفر لها إمكانية النصر السريع عليه وبالتالي وضع اليد على فرص الاستثمار واستغلال قدرات وثروات العراق وخاصة النفطية التي يسيل لها لعاب الشركات الأمريكية ذات السطوة والنفوذ. ومن خلال نظرة فاحصة سريعة إلى تركيب وتكوين الإدارة الأمريكية الحالية نجد بأن أغلب عناصرها المتنفذة والفاعلة تبوأت مراكز المسؤولية الأولى في المؤسسات النفطية الأمريكية ولها باع طويل في السياسة والشؤون النفطية العالمية. وليس من قبيل الصدف أن تسيطر إدارة الاحتلال في أول خطوة وأول نشاط لها على وزارة النفط العراقية ومنشآتها الأخرى في بغداد وكركوك والبصرة تاركة الوزارات والدوائر الأخرى عرضة للنهب والسلب والحرائق والفوضى غير آبهة وغير مكترثة بمصلحة الشعب العراقي ومصلحة اقتصاده من قريب أو بعيد .
لقد تزعمت الولايات المتحدة الحملة من أجل فرض الحصار والعقوبات الأخرى على لعراق في بداية التسعينات وهي العارفة قبل غيرها بأن الحصار الاقتصادي والحظر التجاري يطيل من عمر الدكتاتورية ويحرم الشعب وقواه الوطنية من سلاح النضال من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للسكان. وأظهرت الوقائع الثابتة بأن الحصار الاقتصادي وطيلة عقد من السنين كان مفروضاً على الشعب وليس على صدام حسين وعائلته وحاشيته. وبعد الاحتلال مباشرة سارعت الولايات المتحدة إلى فرض مشروعها الخاص برفع الحصار لأسباب ذكرت ’نفاً وملخصها وضع اليد على العوائد النفطية والتصرف بها لصالح الشركات الكبرى وخاصة تلك التي ترتبط بوشائج قوية بالإدارة الأمريكية والبنتاغون. فقد حظيت مجموعة "BECHTEL" وهي من سان فرانسسكو بالرعاية الأولى كمقاول رئيسي لتنفيذ إعادة إعمار العراق وبكلفة تزيد على أل 100 مليار دولار أمريكي. وللعلم فأن الاتفاق مع مؤسسة "BECHTEL" تم عقده قبل عامين من الحرب على العراق, الأمر الذي يؤكد بأن الخطط الحربية أو لربما قبل ذلك. وأحال البنتاغون مقاولات لها علاقة بخدمات الحقول النفطية على شركة هاليبورتن  (Halliburton) وبما يتجاوز سبعة مليارات دولار. وكان "جيني" النائب الحالي للرئيس بوش, المدير التنفيذي للشركة الأخيرة بين عامي 1995 و2000, وما يزال يتسلم التعويضات من تلك الشركة لقاء خدماته وحصته من رأس المال والأرباح. وتحال جميع المقاولات بصورة سرية تنتهك قواعد التجارة العالمية والتي تتطلب أن تحال المقاولات في مثل حالة العراق طبقاً لمناقصات مفتوحة وعلنية تتوفر فيها شروط المنافسة الحرة. وقد احتج عدد من رجال القانون والتشريع في الكونغرس الأمريكي وطالب بإجراء التحقيق في أمر الإحالة والغموض والسرية التي أحيطت بالعقود المذكورة. وتتخذ سلطة الاحتلال التدابير اللازمة لخروج العراق من منظمة الدول المصدرة للنفط "الأوبك" بغية إطلاق يدها في تقرير معدلات الإنتاج وحرية التصرف بالعوائد النفطية. وحسب ادعاءات الإدارة الأمريكية فإن العراق مدين بما يقرب من 200 مليار دولار وديونه الأخرى المترتبة عليه نتيجةً لغزوه الكويت يضاف إليها تعويضات الغزو والاحتلال الأمريكي – البريطاني التي ستكون باهظة جداً. وتتجه نية الإدارة الأمريكية من خلال سلطة الاحتلال نحو خصخصة المؤسسة النفطية العراقية لتقوم الشركات الأجنبية وخاصة الأمريكية بالسيطرة على جميع مراحل العمليات النفطية من الإنتاج إلى التسويق. وإذا ما تحققت الخصخصة فإن العراق سيعود إلى الحالة التي كان عليها منذ الانتداب البريطاني في بداية العشرينات إلى الخمسينات من القرن الماضي وسيحرم القطاع الحكومي من الجزء الأكبر من العوائد والإيرادات النفطية اللازمة لتطوير الاقتصاد وتحسين حالة الشعب.
لم تكن الدوافع المعلنة للحرب الأمريكية – البريطانية على العراق وهي "نزع أسلحة الدمار الشامل" سوى الغطاء والبرقع. وتشير جميع الوقائع والشواهد إلى أن الدوافع الرئيسية في الغالب الأعم هي السيطرة على نفط العاق وإخضاع المنطقة كلها للنفوذ العسكري والسياسي والاقتصادي الأمريكي أساساً وضمان أمن إسرائيل الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة. وقد أتضح بأن العراق كان الحلقة الأولى في مسلسل رهيب قد يشمل سوريا ولبنان وإيران وكوريا الشمالية وكوبا وغيرها من الدول التي يراد إخضاعها وبسط النفوذ الأمريكي عليها. وفي ذات الوقت تجد الإدارة الأمريكية في تحقيق تلك السيناريوهات مخرجاً لا بد منه لإنقاذ الاقتصاد الأمريكي وانتشاله من حالة الركود والانكماش المفضي إلى التوترات الاجتماعية في المجتمع الأمريكي. فالاقتصاد الأمريكي شهد تدهوراً ملحوظاً وتبحث الإدارة الأمريكية عن سبل لإيقاف هذا التدهور ومنها شن الحروب للسيطرة على جزء كبير من ثروات العالم وزيادة وتوسيع نطاق الاستثمارات الأمريكية وتشغيل شركاتها التي تعرض وما يزال عدد كبير منها إلى الإفلاس وما نجم عن ذلك من بطالة واسعة شملت الملايين من العاملين وتجاوزت نسبتها أل 6% أو يزيد من القادرين على العمل. وبلغ العجز في الميزانية الفيدرالية حوالي 500 مليار دولار, وهو معدل لم تشهده أمريكا خلال أكثر من نصف قرن. هذا فضلاً عن تدني مستويات الإنتاج وإيقاف مئات المشاريع في المدن لعدم كفاية الأموال اللازمة وامتناع الحكومة الفيدرالية عن تمويلها وحرمان مئات الألوف من العمال المسرحين من إعانات البطالة وارتفاع الأسعار المنفلت ومصادرة أموال الضمان الاجتماعي لحاجة الحكومة الفيدرالية إلى المال وتقليص الضمان الاجتماعي والصحي وتدهور سوق الأسهم والسندات تدهوراً فظيعاً ترك آثاراً مروعة على الملايين من أصحاب تلك الأسهم والسندات من ذوي الدخل المحدود ويتحول نظام الضرائب لصالح كبار الأغنياء قطعاً. ويتم كل ذلك في مقابل أضخم ميزانية عسكرية تفوق كثيراً ميزانيات التسلح في عهد الحرب الباردة.              
إن الوعود المعلنة من قبل الإدارة الأمريكية حول ما يسمى ب "تحرير العراق" سرعان ما انكشفت وافتضحت بعد إتمام عملية الغزو والاحتلال. فلم يشهد الشعب العراقي في كل تاريخه الحديث وضعاً مزرياً للغاية كالذي يعيشه اليوم. فقد أمست البطالة تشمل 90% من السكان وخاصة بعد نهب وحرق الوزارات والمؤسسات والدوائر وأمام أنظار قوات الاختلال التي تخلت كلية عن التزاماتها طبقاً لاتفاقيات جنيف وحيث تنص الأخيرة على أن يقوم المحتلون باتخاذ كل ما من شأنه أن يحفظ آمن واستقرار المواطنين في البلاد المحتلة. وفي هذا الصيف الحار والقارض حرم الشعب من الكهرباء والماء والغذاء والمؤسسات الصحية التي ترعى شؤون المرضى والمصابين والجرحى وجميع الحالات الصحية الأخرى. ولم يتم حتى اليوم إيقاف الجريمة المنظمة والمروعة لحياة وأمن وسلامة المواطنين. وهناك دلائل وشواهد لا تحصى تؤكد أن قوات الاحتلال تقف موقفاً متفرجاً وحتى تشجيعياً حيال الجريمة المنظمة والتخريب المنظم كما حصل مع مركز المواصلات في بغداد, وذلك بغية إغراق البلاد بالفوضى واتخاذ ذلك مبرراً ودليلاً على أن الشعب العراقي غير قادر على حكم نفسه بنفسه. وهذا ما حدا بسلطة الاحتلال, وهي تتخذ من الفوضى السائدة ذريعة, لتغيير موقفها من تشكيل حكومة مؤقتة وتلجأ إلى المماطلة والمراوغة وكسب الوقت.
ويبرز سؤال آخر: لماذا الانفراد والسرية في التحقيق مع عدد من أقطاب النظام الدكتاتوري وعدم إشراك العراقيين من المعارضة الوطنية في التحقيق ؟ أليس من حق العراقيين المشاركة في التحقيق مع مجرمي الحرب الذين أساموا الشعب العراقي العذاب المرير لأكثر من ثلاثة عقود ؟ ومن غير الإدارات الأمريكية خلقت صدام حسين وجهزته بتكنولوجيا أسلحة الدمار الشامل الكيماوية والبايولوجية التي استخدمها في حربه ضد إيران 1980-1988 وفي حلبجة الكردية وتحت إشراف الخبراء الأمريكان من أل (CIA). وهو ما أكدته جريدة النيويورك تايمز؟   
إن وسائل الإعلام الأمريكية تعمد في الوقت الحاضر إلى القيام بحملة مكثفة ونشيطة وواسعة النطاق تهدف إلى فضح جرائم صدام حسين ونظامه الدكتاتوري. فهل هناك من أسباب لهذه الحملة غير كسب ود دول العالم وتأييدها للحرب والغزو والاحتلال؟ وإلا لماذا التزمت الإدارات الأمريكية ووسائل إعلامها جانب الصمت الرهيب وهي العارفة قبل غيرها بكل الجرائم البشعة والمنظمة والمعاناة القاسية التي تعرض لها الشعب العراقي بأسره؟ ومن غير الولايات المتحدة من خلق زاهدي إيران وبينوشيت شيلي وسوهارتو إندونيسيا ...الخ من الدكتاتوريات التي أغرقت شعوبها بالدماء وحكمت عليها بالفقر والفاقة والمرض والجهل في مقابل المصالح الاستغلالية الأمريكية؟ 
إن من يتابع مجريات التطور في التاريخ الحديث سوف لن يجد في جميع قارات العالم بلداً خضع لمشيئة السياسة الأمريكية إلا وعانى شعبه من الذل والهوان والفاقة والمرض وتدهور أحواله الاقتصادية والمعيشية وقيام حكومات استبدادية مناوئة للديمقراطية وحريات الشعب. فكيف يمكن أن يصدق المرء بأن الإدارة الأمريكية تنوي إقامة الديمقراطية في العراق وهي نفسها شرعت القوانين الجديدة الرامية إلى قمع وإسكات المعارضة في داخل الولايات المتحدة. ومن لم يسمع باعتقال الآلاف من المتظاهرين الأمريكيين المناهضين للحرب ضد العراق وتعذيبهم وإعطاء الصلاحيات لوزارة الأمن الداخلي, وهي وزارة استحدثت مؤخراً, بالإنصات على المكالمات التلفونية واقتحام البيوت بحثاً عن وثائق وكتب ومراسلات تعارض سياسة إدارة بوش وحربها ذات الأهداف المكشوفة؟ ومن لم يسمع باعتقال واحتجاز المئات من العرب وإجراء التحقيق معهم واستجوابهم في حملة شعواء ترمي إلى تأجيج مشاعر العداء للعرب وتكريس العنصرية. وتعمد وزارة الأمن الداخلي ووزارة العدل ودائرة المدعي العام إلى وضع الحجز على أموال العراقيين والعرب في البنوك بحجة استخدامها في تمويل العمليات الإرهابية. ومن لا يعرف بأن الإرهاب في العالم هو من صنع ونتاج السياسة الأمريكية دون سواها؟
إن الجدل الذي دار على نطاق واسع قبل وأثناء الحرب خاصة يلقي الأضواء على مواقف العديد من القوى والعناصر السياسية العراقية والعربية وفي أنحاء أخرى من العالم. وانخرطت في هذا الجدل تيارات سياسية عراقية واسعة. ومن المؤسف حقاً أن نرى بعض التيارات والقوى العناصر راهنت على الاختلال كسبيل وحيد للإطاحة بالنظام الدكتاتوري البغيض. وشمل ذلك حتى عناصر وقوى محسوبة على التيار الديمقراطي واليساري, وفي جلية الأمر أن هؤلاء, ولأسباب تتعلق بالانهيار النفسي والإحباط أو قلة وضعف الوعي لتجربة التاريخية لحياة الشعوب والدول, فضلاً عن الأسباب الأخرى المتعلقة بالمصالح الضيقة والآنية والقصيرة النظر, صاروا يعلقون الآمال على الإمبريالية والرأسمالية التي غدت أكثر شراسة بمئات المرات بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ومجموعته. والحال, هل تغيرت طبيعة الاستعمار والرأسمالية الاستغلالية والاستعبادية والاسترقاقية؟ وقطعاً إن احتلال    العراق هو بدون أدنى ريب عودة إلى الكولونيالية القديمة وسيعاني الشعب العراقي إذا ما قدر للاحتلال أن يدوم لآماد طويلة.ومعاناة فظيعة لا تقل عن معاناته في ظل دكتاتورية صدام حسين الاستبدادية الجائرة. ولكن بإشكال وأساليب أخرى مختلفة تبتكرها إدارة الاحتلال في ظل الظروف الجديدة المتغيرة.
ماذا يتوجب أن تكون عليه مواقف وسياسات وتوجهات القوى الحية في المجتمع العراقي في مواجهة المأساة والحالة الصعبة الراهنة والحيلولة دون إبقاء الشعب العراقي, على اختلاف أطيافه وتلاوينه الإثنية والقومية والدينية والاجتماعية, في الحالة المزرية التي يعيشها اليوم وإنقاذه من المحنة والسير في طريق الاستقلال والتقدم والازدهار والاستقرار والعيش بسلام مع دول المنطقة ودول العالم كله؟

• قبل كل شيء آخر يستلزم الأمر توحيد الخطاب السياسي لجميع القوى والأحزاب والتيارات في مواجهة الحالة الملموسة الراهنة.
• التوجه الحازم نحو الجماهير العراقية لتعبئتها ورص صفوفها وتوحيدها حول الأهداف الراهنة المتعلقة بالاستقلال والسيادة الوطنية والأمن والاستقرار وبناء الاقتصاد.
• تحريك الشعب وتهيئته لخوض النضال من أجل إقامة الحكومة الديمقراطية المؤقتة التي سترسي الأساس للمطالبة بإجلاء القوات الأجنبية وإنهاء الاحتلال وترك الشعب العراقي يدير دفة شؤونه بنفسه.
• ويتعين الأخذ بالحسبان موازين وتناسب القوى والوضع الملموس حيال مسألة التعامل المرن والواعي مع سلطة الاحتلال والاستفادة بقدر المستطاع من وجود قوات الاحتلال في مواجهة وقهر بقايا المقاومة للنظام القديم ولحين ترتيب أوضاع القوى الوطنية والديمقراطية واتفاقها على الوجهة القادمة والتطور الديمقراطي اللاحق للعراق.
• وخلال ذلك كله يتوجب الشروع بحملة نشيطة واسع لتثقيف الشعب بالثوابت الوطنية والقيم الديمقراطية والإنسانية وأصوليات وآليات العمل السياسي المنظم والهادف ونبذ العنف السياسي والتطرف الديني والحزبية الضيقة والانفتاح على جميع القوى والتيارات والاتجاهات المهتمة بمصلحة فوق كل شيء.
• السعي والعمل الجاد من أجل اجتثاث جميع مخلفات النظام الاستبدادي القديم وتصفية مؤسساته الإرهابية.
• التحضير الواسع, ووفقاً للأصول الديمقراطية المألوفة, لإعداد مسودة الدستور الديمقراطي ومن ثم إجراء انتخابات ديمقراطية تحت إشراف دولي تتمخض عنها حكومة ديمقراطية وبرلمان ديمقراطي يصادق على الدستور الجديد.
• وفي سياق ذلك كله يتوجب إبداء الحذر واليقظة حيال دسائس وفتن وتخريبات بقايا القوى المقهورة من النظام السابق القديم والقوى الخارجية وعملائها في الداخل ومحاولاتها لإشاعة الفرقة والتنابز والاحتراب في ما بين القوى الوطنية والديمقراطية التي يعلق شعبنا الآمال عليها في السير قدماً على طريق التطور الديمقراطي اللاحق وسد الطريق نهائياً على عودة القهر والاستبداد والقمع.
• لتتآزر جميع القوى والتيارات والعناصر الشريفة في جهد موحد من أجل الحياة الحرة الهانئة للشعب العراقي التواق إلى غدٍ سعيد.
الخامس من حزيران 2003                                             د. فريد هرمز دلّو



#فريد_هرمز_دلّو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أمريكا تزود أوكرانيا بسلاح قوي سرًا لمواجهة روسيا.. هل يغير ...
- مقتل أربعة عمال يمنيين في هجوم بطائرة مسيرة على حقل غاز في ك ...
- ما الأسلحة التي تُقدّم لأوكرانيا ولماذا هناك نقص بها؟
- شاهد: لحظة وقوع هجوم بطائرة مسيرة استهدف حقل خور مور للغاز ف ...
- ترامب يصف كينيدي جونيور بأنه -فخ- ديمقراطي
- عباس يصل الرياض.. الرئيس الفلسطيني وزعماء دوليون يعقدون محاد ...
- -حزب الله- يستهدف مقر قيادة تابعا للواء غولاني وموقعا عسكريا ...
- كييف والمساعدات.. آخر الحزم الأمريكية
- القاهرة.. تكثيف الجهود لوقف النار بغزة
- احتجاجات الطلاب ضد حرب غزة تتمدد لأوروبا


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - فريد هرمز دلّو - هل الاحتلال الأجنبي هو البديل للدكتاتورية؟